مقالات مشابهة

الفصائل المسلحة المدعومة إماراتياً تسعى لشق الصف الفلسطيني وخلخلة النسيج الاجتماعي

المشهد اليمني الأول/

تواترت في الآونة الأخيرة تقاريرُ إعلاميةٌ تتحدَّثُ عن دور القيادي السابق في منظمة التحرير الوطني الفلسطينية، محمد دحلان، في إبرام اتّفاقيات التطبيع بين حكومة الكيان الصهيوني وعددٍ من الدول العربية، وأثارت تلك التقارير تكهنات وتحليلات متعددة حول الأثر المحتمل لذلك الدور المزعوم على مستقبل رئاسة السلطة الفلسطينية، بقيادة الرئيس محمود عباس.

من بين تلك التقارير المثيرة للجدَل ما نشرته صحيفةُ “إسرائيل اليوم” حول إزاحة عباس قبل أن تتراجع وتعدل الخبر الذي قوبل برفض سياسي وشعبي فلسطيني عبر مواقع التواصل.

ونسبت الصحيفة للسفير الأمريكي لدى إسرائيل، ديفيد فريدمان، حديثاً حول تفكير الإدارة الأمريكية في استبدال الرئيس الفلسطيني بالقيادي محمد دحلان.

ودفعت الضجة التي أثارها الخبر الصحيفة للتصريح بأن مراسلها (أرئيل كاهانا) ارتكب خطأ مطبعياً، مضيفة أن واشنطن لا تفكر في إزاحة عباس، أَو إعادة هندسة القيادة الفلسطينية، وزاد تعديل الخبر من حيرة المعلقين وتكهناتهم بشأن المقصد الأَسَاسي من كلام السفير الأمريكي، خَاصَّة أنه ركز خلال الحوار على انتقاد سياسات السلطة الفلسطينية.

هناك من رأى في الخبر تصريحاً حقيقيًّا خرج قبل أوانه وفضح ما يحاك في الكواليس، وثمة من اعتبره زلة لسان في حين عده آخرون دليلاً على حدوث تغيير في الموقف الأمريكي إزاء دحلان، الذي لطالما روج له كقائد صاحب رؤية مختلفة.

وكان محمد دحلان أحد أهم المسؤولين داخل السلطة الفلسطينية قبل أن يغادرها، ويستقر في الإمارات ويصبح مستشاراً ومن أهم المقربين لولي العهد محمد بن زايد، ففي العام 2011م طالت دحلان جملةً من الاتّهامات من حركتي فتح وحماس، وقرّرت آنذاك اللجنة المركزية لحركة “فتح” فصل دحلان وإنهاء أية علاقة رسمية له بالحركة وإحالته إلى القضاء، على خلفية قضايا مالية وجنائية، ويظهر دحلان كواحدٍ من الشخصيات الفلسطينية القليلة المؤيدة للتقارب بين الإمارات وإسرائيل.

وكشفت صحيفة “يديعوت أحرونوت” العبرية، في سبتمبر الفائت، أن مستشار الأمن الوطني، الإماراتي طحنون بن زايد، والقيادي السابق بحركة فتح الفلسطينية محمد دحلان، كانا على متن طائرة المساعدات الإماراتية التي هبطت في مطار “بن غوريون”، ورفضت السلطة الفلسطينية استلامها، وكانت الطائرة، بحسب الصحيفة، تابعة لدحلان، الذي يعمل مستشاراً لولي عهد أبوظبي محمد بن زايد، في رحلةٍ سريةٍ ضمن مساعيه لخلافة عباس في رئاسة السلطة؛ كونهُ يحظى بالدعم “الإسرائيلي” والمال الإماراتي.

إلى ذلك، استغرب مراقبون الوضع الناشئ في الضفة الغربية المحتلّة بعد اتّفاقيات التطبيع العربية الأخيرة مع الكيان، إذ يلاحظ انتشار كثيف للسلاح تعززه أطراف معينة من شخوص وعشائر وفصائل فلسطينية، ومصدره الاحتلال بالدرجة الأولى، وضحيته شعب يكتوي بنيران الاحتلال، ويمكن تلخيص المشهد في الضفة الغربية هذه الأيّام بالمحزن والكئيب، فخبر تبادل كثيف لإطلاق النار وبمختلف أنواع الأسلحة، والنتيجة قتيل أَو عدة قتلى، خبر بات يتكرّر كَثيراً على مسامع الفلسطينيين في مخيمات وقرى ومدن الضفة المحتلّة.

فخلال الأشهر الأخيرة تزايدت وبشكل ملحوظ الاشتباكات العائلية وإطلاق النار في مناسبات مختلفة، شهدت عدة مناطق استعراضات عسكرية تحت عناوين مختلفة، وباتت المخيمات مرتعاً لتجار السلاح وحَمَلته، وهو ما دفع إلى التحذير من فوضى تقود إلى حَـلّ السلطة الفلسطينية وعودة الحكم العسكري الصهيوني.

ففي يوم أمس الأول، لقي مسلح محسوب على تيار القيادي محمد دحلان مصرعه وأُصيب عدد من المسلحين والمواطنين، جراء اشتباكات مسلحة شهدها مخيم بلاطة شرق نابلس شمال الضفة الغربية المحتلّة، وحسب الأجهزة الأمنية، فإنَّ الوفاة نتجت عن إصابة ذاتية أثناءَ محاولته إلقاءَ عبوة متفجرة في الشجار والاشتباكات المسلحة التي شهدها المخيم.

بعدها، تجددت اشتباكاتٌ عنيفةٌ بين مسلحين على إثر شجار بالمخيم، وأسفرت الاشتباكات عن وقوع خمسة إصابات وإلحاق أضرار بالممتلكات، وأكّـدت مصادر محلية أن الاشتباكات وقعت على إثر تمزيق شاب فلسطيني لصورة جدارية تجمع دحلان وبن زايد، تطورت إلى عراك فاشتباك بين مجموعتين من المسلحين أسفرت عن قتيل وسبعة جرحى، وتسود المخيمات عُمُـومًا حالة من التوتر وتُسمع بين الحين والآخر أصوات إطلاق نار متقطع وانتشار مكثّـف للمجاميع المسلحة مجهولة التوجّـه.

يعتقد الكثير من الناشطين أن هذه الأجواء المشحونة تنذر بحرب أهلية حقيقية؛ كونها تستهدف بنياناً أُسِّسَ على أن يكون تجمعاً فلسطينياً لمقاومة الاستيطان والاحتلال، محملين دحلان ومن خلفه الإمارات وحكومة الكيان مسؤولية المساعي التي تهدف إلى تمزيق وحدة الصف الوطني الفلسطيني وخلخلة نسيجه الاجتماعي، إذ لم يقتصر التأزم على مستوى العائلات التي تشهد ساحاتها إحيَـاءً للنعرات والثأرات والخصومات،

بل توسع ليشمل القوى السياسية والأمنية بعد الاتّهامات التي تفيد أن عناصرَ أمنيةً بمِظلة فتحاوية محسوبة على تيار دحلان، تتلقى دعماً إماراتياً غيرَ مسبوق، كما تقوم بتخزين السلاح وتتاجر به، الأمر الذي أثار حفيظة زملائهم المحسوبين على تيار الرئيس عباس، ويمكن أن ينفجر الوضعُ في أية لحظة