المشهد اليمني الأول/
ليس من المبالغة القول إنَّ السعودية، والإمارات، والبحرين تحبس أنفاسها بانتظار نتائج انتخابات الرئاسة الأميركية، فهل يستمر شهر العسل في البيت الأبيض مع بقاء ترامب أم تعود العلاقة إلى ما كانت عليه في زمن أوباما من فتور وعدم ارتياح؟
ساعات تفصلنا عن نتائج الانتخابات الأمريكية إذا لم يطرأ أي تطور دراماتيكي. ساعات يترقّبها الخليجيون، ومن شأنها أن تحدد مصيرهم على المستوى السياسي والاستراتيجي للسنوات الأربع القادمة.
ليس من المبالغة القول إنَّ الثلاثي الخليجي (السعودية، الإمارات، البحرين) يحبس في هذه الأثناء أنفاسه، منتظراً النتائج. هل يستمر شهر العسل بوصول ترامب أو تعود العلاقة إلى ما كانت عليه في زمن أوباما من الفتور وعدم الارتياح والاضطرار إلى التكيف مع الواقع الجديد الذي دفع الخليجيين إلى التسريع في التطبيع مع “إسرائيل”، خشية عودة المفاوضات مع إيران وإعادة العمل بالاتفاق النووي، في خطوة استباقية بغرض رمي الأوراق الانتخابية في سلة ترامب من جهة، والاحتماء بـ”إسرائيل” عبر تشكيل تحالف استراتيجي معها في مواجهة إيران من جهة أخرى.
إيران ونفوذها وقوّتها أكثر ما يقلق الخليجيين، وإعادة العمل بالاتفاق النوويّ يعني إطلاق يد طهران اقتصادياً وسياسياً، وهذا بطبيعة الحال ما لا ينسجم مع السياسية الخليجية التي أخذت على عاتقها مواجهة النفوذ الإيراني في المنطقة.
من جانب آخر، لم يرسل بايدن أي رسائل طمأنة للخليج، بل على العكس، انتقد هذه الدول، ووصفها بالاستبداد والاستئثار بالسلطة وانتهاك حقوق الإنسان، وأكَّد ضرورة إعادة تشكيل العلاقة معها، وأهمية تصحيح الاعوجاج في العلاقة التي أرساها ترامب طوال السنوات الماضية.
إذاً، هو واقع جديد بانتظار الخليجيين في حال فوز بايدن، ما سيحتّم عليهم التكيّف وتقديم التنازلات؛ تنازلات سيحدّد حجمها وماهيتها الدور الذي يراد للخليج أميركياً أداؤه في المرحلة القادمة، وسقف الخطاب، وحدود العلاقة التي يريد بايدن إرساءها مع حلفائه.
ربما من المبالغة الاعتقاد بأنَّ بايدن سيحدث تغييراً جذرياً في علاقة البيت الأبيض مع الخليج؛ الحليف التقليدي للولايات المتحدة في المنطقة، ولكنه لن يطلق اليد للقادة في هذه الدول، كما فعل ترامب في الحرب على اليمن، إذ تغاضى عنها ودعمها، فيما يعد بايدن بإنهائها فوراً، في قرار من شأنه أن يدفع السعودية مضطرة إلى التفاوض مع حركة “أنصار الله” بشروط جديدة، وربما لتقديم التنازلات، ناهيك بتقليص مبيعات الأسلحة وتقييدها بتصحيح أوضاع حقوق الإنسان.
وفي هذا السياق، يقول مصدر بحرينيّ قريب من السلطة إنَّ الفترة القادمة قد تشهد تغيرات على مستوى الأزمة السياسية التي عصفت بالبلاد منذ العام 2011، ما يؤشر إلى أنَّ المرحلة القادمة، في حال فوز بايدن وجلس في البيت الأبيض، قد تفتح ثغرة في جدار الأزمة البحرينية، بعد أن أغلقت السلطة لسنوات أبواب الحوار مع المعارضة، وظلت مغلقة موصدة منذ وصول ترامب إلى الرئاسة الأميركية.
كذلك، من المتوقّع أن تمارس إدارة بايدن ضغوطاً على أبو ظبي لإنهاء الأزمة الخليجية، والجلوس على طاولة الحوار مع قطر، إذ لم يعد خافياً أنَّ الإمارات ترفض إعادة العلاقة مع الدوحة، بسبب تشابك الملفات الإقليمية، واستمرار دعم الأخيرة للإخوان المسلمين، والتحالف مع تركيا؛ العدو اللدود لأبو ظبي في المنطقة.
في كلِّ الأحوال، بين ترامب وبايدن، يتحضَّر الخليجيون جيداً لاحتمالين أفضلهما وصول ترامب و4 سنوات جديدة من الرخاء، مقابل 4 سنوات عجاف في حال فوز بايدن، على قاعدة التكيف والتّنازل والانتظار إلى حين. إنها قواعد مارسها وأتقنها الخليجيون مع حلفائهم البريطانيين سابقاً، فهم الذين يجيدون فن التكيف مع الحليف.
______
وفاء العم – الميادين