المشهد اليمني الأول/
بعد حادثة “الفرحاتية” التي تسببت بمقتل 12 شخص في محافظة صلاح الدين العراقية في 12 أكتوبر 2020 على يد مجهولين ، والتي أدت الى موجة من ردود الفعل واسعة النطاق داخل المجتمع ، أعلن موقع “المونيتور” يوم أمس في خبر نشره ، أن مجموعة تعرف باسم “مجتمع أهل السنة” في صلاح الدين ، تنسب عمليات القتل هذه الى قوات الحشد الشعبي ودعت المجموعة خلال بيان لها ، إلى طرد قوات الحشد الشعبي من مختلف أنحاء محافظة صلاح الدين.
ويأتي هذا الاتهام المزعوم وغير المؤكد في الوقت الذي قامت فيه الخلايا السرية لعناصر داعش التكفيرية وفلوله الإرهابية ، بتحركات واسعة النطاق خلال العام الماضي لزعزعة استقرار مناطق وسط العراق من خلال شن هجمات عمياء على المدنيين لإثارة الفتنة العرقية والطائفية ، الأمر الذي أدى إلى شن مرحلة جديدة من عمليات تطهير هذه المناطق من العناصر التكفيرية من قبل الجيش وقوات الحشد.
لكن السؤال الذي يطرح نفسه هو ، على ما تستند أسس المعارضة الجديدة للحشد الشعبي ، أو بمعنى آخر ، هل موجة المعارضة هذه لها أساس حقيقي أم أنها مؤامرة ملفقة من قبل قوى أجنبية؟
دومينو المؤامرات ضد الحشد الشعبي في المناطق المتنازع عليها
خلال الشهر الماضي تم البدء بتنفيذ مؤامرات أمريكية وصهيونية وسعودية لإخراج الحشـد الشعبي من المناطق المتنازع عليها المنصوص عليها في المادة 140 من الدستور العراقي ، وأبرزها جاء خلال اتفاق وُقّع بين الأكراد وحكومة مصطفى الكاظمي حول الإيزيديين في سنجار.
ففي 9 أكتوبر 2020 ، وقعت الحكومة المركزية العراقية وحكومة إقليم كردستان اتفاقية لإدارة مدينة سنجار ، تنص على أنه يجب على جميع المجاميع والقوات إخلاء سنجار ما عدا قوات الجيش العراقي وقوات حكومة إقليم كردستان. لا شك أن المحور الرئيسي لهذا الاتفاق تمحور حول معارضة وجود الحشد الشعبي ، لكن اللافت أنه بعد يوم واحد فقط من اتفاق “سنجار” طالبت بعض الجماعات السنية بانسحاب قوات الحشد الشعبي من المناطق السنية.
الآن وبعد الاتهامات الجديدة التي وجهتها بعض القوى السياسية السنية ، يتضح أن هنالك مؤامرة واضحة وجارية تحت عنوان دومينو المؤامرات لإخراج قوات الحشد الشعبي من المناطق المتنازع عليها بين الحكومة المركزية في العراق وحكومة إقليم كردستان. وإستنادًا الى هذه المؤامرة يتم تنفيذ مؤامرة أمريكية صهيونية بذريعة التسوية بين حكومة الإقليم وبغداد.
خلق أزمة لإحياء داعش
يمكن إعتبار الجانب الآخر المهم فيما يخص المؤامرة الجديدة لمعارضة استمرار تواجد الحشد الشعبي في المناطق السنية ، هو فيما يتعلق بخلق أزمة لإحياء الإرهاب في شمال العراق. وحقيقة الأمر أن الأمريكيين توصلوا الآن إلى استنتاج مفاده أن الرأي العام ، وكذلك النظرة السائدة للتيارات السياسية العراقية ، تدعو إلى انسحاب القوات الأمريكية من العراق. بالإضافة إلى ذلك ، فإن قرار البرلمان العراقي الصادر في 5 كانون الثاني (يناير) 2020 ، والذي ينص على ضرورة إنسحاب جميع القوات الأجنبية من العراق ، هو محور آخر يجعل من المستحيل فعليًا على واشنطن البقاء في العراق.
في ظل هذه الظروف يسعى الأمريكيون إلى خلق أزمات جديدة وإحياء الجماعات الإرهابية في مختلف أنحاء العراق ، مما يمهد الطريق أمامها للبقاء في البلاد بذريعة مكافحة الإرهاب. لكن في غضون ذلك ، كانت قوات الحشد الشعبي أهم الجهات داخل العراق منذ 2017 ، حيث لعبت دورًا رئيسيًا في دحر الإرهاب في البلاد. لذلك تسعى واشنطن الآن إلى تمهيد الطريق بكل الوسائل الممكنة لإضعاف الحشد الشعبي وإبعاده عن الساحة السياسية العراقية. لأن الطريقة الوحيدة التي تمكنهم من إعادة تنفيذ استراتيجية إحياء داعش في العراق هي سحب قوات الحشد الشعبي من المناطق السنية.
وفي هذا الصدد ، قال محمد كريم ، عضو البرلمان العراقي ، لـ “المونيتور” إن الحشد يعتقد أن الوقت ما زال مبكراً للإنسحاب من المناطق التي كانت سابقاً تحت سيطرة داعش ، حيث يحاول تنظيم داعش احتلال بعض المدن المحررة. ووصف كريم أن دعوات سحب الحشد الشعبي من المدن السنية هي تكتيك ابتزازي من قبل الأحزاب السياسية التي فقدت شعبيتها وتحاول خلق توترات أمنية وطائفية لكسب التعاطف قبل الانتخابات المبكرة المقرر إجراؤها في 2021.
ومما يثبت حقيقة القول اسابق، هو إعتراف عمار حكمت ، نائب محافظ صلاح الدين ، الذي على الرغم من دعوته إلى انسحاب القوات الأمنية – بما في ذلك قوات الحشد الشعبي – من المحافظة ، مع ذلكقال في مقابلة مع المونيتور بأن “القوات المحلية غير كافية” لتأمين المساحة الشاسعة لمحافظة صلاح الدين.
أهل السنة الى جانب الحشد الشعبي
في تحليل المؤامرة الجديدة ضد الحشد الشعبي ، من جملة الأمور التي تثير التساؤل هو ما إذا كان المواطنون العراقيون السنة يريدون حقًا أن تغادر الولايات المتحدة العراق أم لا. حقيقة الأمر هي أن نواب السنة الحقيقيين أشادوا مرارًا وتكرارًا بدور الحشد الشعبي في إنقاذهم من تنظيم داعش الإرهابي. كما شدد زعماء العشائر السنية في خطاباتهم مرارًا وتكرارًا على الدور الإيجابي للجنرال سليماني والحشد الشعبي في إنقاذهم من الإرهاب.
على سبيل المثال ، قال الشيخ خالد الملا ، رئيس رابطة العلماء السنة العراقيين ، عن قاسم سليماني: “عندما احتلت داعش المناطق السنية في العراق وتركت الولايات المتحدة والدول العربية العراق وحده لداعش لاحتلال بغداد ، قال الحاج قاسم سليماني: لن أسمح لداعش باحتلال بغداد. يظهر هذا النوع من المواقف بوضوح أن المطالبة بطرد الحشد الشعبي هي بالأحرى نتيجة مؤامرات ودعايات كاذبة ، ولا تمثل أبدًا إرادة الجمهور العراقي السني.
كما قال قاسم الكوريتي قائد اللواء 41 لقوات الحشد الشعبي في بيان يوم 18 تشرين الأول إن “أحد مواقع الحشـد في منطقة بلد تعرض لهجوم عسكري وتمت محاصرته من قبل عناصر تنظيم داعش وهم يحاولون صد الهجوم وكسر الحصار ؛ واضاف ان “عناصر من القوات المحلية من العشائر السنية تعاونوا مع القوات الامنية والحشد الشعبي”.