كتب/ عباس السيد: السعودية تحرق أوراقها في اليمن
بعد المجزرة المروعة في صالة العزاء ، لم يعد أمام شلة الشرعية في الرياض سوى التفاوض مع السعودية لمنحهم إقامة دائمة، فالعودة إلى اليمن – سواء كانت بقرارات شخصية أو عبر مفاوضات سياسية أو عبر المدرعات السعودية – أصبحت بمثابة الذهاب إلى حبل المشنقة لتنفيذ حكم القصاص طوعا.
أحرقت السعودية معظم أوراقها في اليمن ، وحكمت على مرتزقتها وعملائها بالإعدام ، من خلال المجزرة المروعة التي راح ضحيتها أكثر من 700شهيد وجريح بينهم عدد كبير من القيادات الحزبية والشخصيات الاجتماعية ، السبت الماضي في صنعاء .
بشاعة الجريمة التي لم يسبق لها مثيل في النزاعات الدولية أو المحلية ، لن يبقى لذوي الضحايا عذر أو مبرر للتقاعس عن الأخذ بالثأر . فالضحايا كانوا في مراسم عزاء ، لا في ميدان معركة .
خلال أكثر من عام ونصف ، ارتكبت السعودية الكثير من المجازر وقتلت الآلاف من المدنيين اليمنيين . لكن هذه الجريمة شكلت نقطة تحول في طبيعة الحرب والنزاع وقواعدها ، وتداعياتها المستقبلية على العلاقة بين الأطراف والقوى اليمنية المتنازعة . وعلى مستقبل العلاقة بين اليمن والسعودية أيضا .
– وباستثناء حادثة تفجير جامع النهدين التي لم يتضح مدبروها حتى الآن – ظلت قيادات الفرقاء ورموزها بعيدا عن دائرة الاستهداف المباشر ، بل أن بعضها تمتع بنوع من الحماية من قبل خصومه .
وحتى حين يقع البعض من هذه الرموز القبلية في الأسر ، خلال مواجهات مسلحة ، أو يعتقل بتهم خطيرة ، يتم الإفراج عنه لاعتبارات مختلفة .
وانطلاقا من تلك الأخلاق والقيم ، أرخى أنصار الله قبضتهم – بطريقة ما – مكنت عبدربه منصور من الفرار والوصول إلى عدن . وكذلك الأمر في حالة وزير الدفاع محمود الصبيحي الذي تم أسره في مواجهات عسكرية لاحقة .
كما أن خروج اللواء علي محسن من مقر الفرقة الأولى مدرع بعد مواجهات مسلحة ، ثم وصوله سالما إلى السعودية ، لم يكن ليحدث لو كانت التصفية أو الأسر هي نية خصومه .
لقد نسفت السعودية بجريمتها الحمقاء كل القواعد والقيم التي حافظ عليها الفرقاء اليمنيون في كل حروبهم وخصوماتهم ، وبذلك زجت بحلفائها من اليمنيين في معركة أخرى مع خصومهم في الداخل اليمني . وهي معركة أصعب بكثير من تلك التي يخوضونها من أجل السلطة .
معركتهم ستكون مع ذوي الضحايا ، وهم هذه المرة يختلفون عن أهالي الضحايا في عرس واحجة أو عرس سنبان . وليسوا كالضحايا الفقراء في سوق مستبا أو سوق خلقة . لأ أقصد أن الضحايا في صالة العزاء أغلى وأهم ممن سبقوهم ، لكن سقوط عدد كبير من الرموز والقيادات والشخصيات الاجتماعية سيجعل جذوة الثأر متقدة .
وسيكون الثار من شلة الرياض معركة بلا قواعد ، بلا مكان ولا زمان ، ليس فيها مفاوضات ولا دعم دولي .
aassayed@gmail.com
نقلا عن الثورة