المشهد اليمني الأول/
الصواريخ مُقابل الذهب.. طائرة إيرانية “محظورة” تَحُط في مطار كاركاس مُحمّلةً بمعدّاتٍ عسكريّةٍ ثقيلةٍ خرقًا للحِصار؟ لماذا لم يُنفّذ مبعوث ترامب تهديداته بإسقاطها؟ وهل يَلفُظ سِلاح العُقوبات الأمريكيّ أنفاسه الأخيرة مع قُرب رحيل الرئيس الأمريكي؟
بعد بِضعَة أيّام من تهديد إليوت أبرامز المبعوث الأمريكيّ لكُل من إيران وفنزويلا بضربِ وتدمير أيّ صواريخ إيرانية بعيدة المدى تَصِل إلى فنزويلا، هبطت أمس، وبسلامٍ، طائرة تابعة لشركة “قشم فارس” الإيرانية المحظورة أمريكيًّا، في مطار كاراكاس الدّولي.
حُمولة هذه الطّائرة التي توقّفت في مطار الحبيب بورقيبة في تونس، والرأس الأخضر، قبل الوصول إلى وِجهَتها الأخيرة، ما زالت غامضةً، فهي طائرة الشّحن الأولى التي تُغادِر طِهران إلى فنزويلا بعد انتِهاء قرار أمني بحظر بيع أو شراء أسلحة ثقيلة من أو إلى إيران.
المصادر الأمريكيُة تقول بأنّ الطّائرة ربّما تحمل مَعدّات عسكريّة إلى فنزويلا من ضمنها صواريخ، ولكنّ المستر أبرامز المعروف بتشدّده لم يُنفّذ تهديداته التي أطلقها أثناء حديثه إلى محطّة “فوكس” الإيرانية بقصف الطّائرة أو منعها من الهُبوط، وتفريغ حُمولتها بالتّالي.
التّعاون بين الدّولتين، فنزويلا وإيران، الموضوعتين على قائمة الحِصار والعُقوبات، ابتداءً من إرسال إيران لعدّة ناقلات مُحمّلة بالمشتقّات النفطيّة، وانتهاءً بإرسال المعدّات العسكريّة، وربّما الصّواريخ البعيدة المدى، التي يُمكن أن تُستَخدم في ضَربِ مُدنٍ أمريكيّةٍ في حالة تعرّض فنزويلا المُحاصرة لأيّ هُجوم أمريكي، يَبلُغ ذروته هذه الأيّام، ومُرشّح للتّصاعد في الأيّام المُقبلة.
ترامب فَشِل في تغيير النّظامين في إيران وفنزويلا سواءً عبر العُقوبات، أو استِخدام القوّة العسكريّة، وها هو يقترب من نِهاية ولايته الرئاسيّة الأولى دون أن يُحقّق طُموحاته في هذا المِضمار، تمامًا مِثل جون بولتون، مُستشاره السّابق للأمن القومي، الذي وعد المُعارضة الإيرانية أثناء حُضوره لمُؤتمرها السّنوي في باريس قبل عامين بعقد وحُضور مُؤتمرها المُقبل، أيّ بعد عامٍ في حينها في طِهران.
إيران اتّفق معها البعض أو اختلف، لم تَصمُد في مُواجهة العُقوبات الأمريكيّة وتطوير منظومات صواريخ وطائرات مُسيّرة في إطار صناعةٍ عسكريّةٍ مُتقدّمةٍ فقط، وإنّما أيضًا كسرت الحِصار والعُقوبات، ووقفت إلى جانب حُلفائها بقوّةٍ، فالتّقارير الاستخباريّة الأمريكيّة تُؤكّد أنّها أرسلت 12 ناقلة نفطيّة مُعظمها إلى سورية المُحاصرة التي تُعاني نقصًا في البنزين والمازوت عام 2019، وأرسلت قبل أيّام حواليّ ثلاثة ملايين برميل لإخراج دِمشق من أزمة الوقود التي تعيشها حاليًّا.
ما يُقلِق واشنطن أنّ إيران تحصل على الذّهب كثمنٍ لهذه الشّحنات النفطيّة والصاروخيّة إلى فنزويلا، ما يُمكّنها من تجنّب العُملة الأمريكيّة (الدولار) واستِخدامه، أيّ الذّهب، في شِراء حاجيّاتها الضروريّة من المواد اللّازمة لتطوير صِناعتها العسكريّة، إلى جانب تمويل الأذرع العسكريّة الحليفة في أكثر من دولة شرق أوسطيّة، مِثل حزب الله في لبنان، وأنصار الله في اليمن، وحركتيّ حماس والجهاد الإسلامي في قِطاع غزّة المُحتل.
سِلاح العُقوبات الأمريكيّة الذي بالغت باستِخدامه إدارة ترامب يَلفُظ أنفاسه الأخيرة لأنّه وجد من يعرف كيف يتعاطى بفاعليّةٍ معه، ويُطوّر قُدراته، ويُلبّي احتِياجاته الأساسيّة ذاتيًّا، وكلمة السّر السّحريّة هُنا هي “الصّمود” وعدم الاستِسلام، وهي كلمة مُفتاحيّة لا يُريد معرفتها مُعظَم الزّعماء العرب للأسَف.