المشهد اليمني الأول/
الثاني عشر من ربيع الأول، يوم بزوع نور النبوة المحمدية، ورحمة السماء بأهل الأرض، وسبيل الهداية للبشرية جمعا، وقارب النجاة من بحر الضلال والجاهلية التي كانت تعم البلاد، فتدفع القوي لأكل الضعيف واستعباده، وجعلت الآباء يئدون بناتهم خشية الفقر والعار، وعمت الحروب أرجاء الأرض التي جعلها الله دارا للحياة الدنيا وسكنا آمنا للعالمين إذا ما التزموا بتشريعاته سبحانه وتعالى.
كان مولد النبي الخاتم محمد صلوات الله علية وآلة حدثا مفصليا في مجرى الكون بأسره، فهو خاتم الأنبياء، وهادي الناس إلى نعيم الدنيا والآخرة، وواضع حجر أساس العدالة الإلاهية وحقوق الإنسان وقوانين القسط بين أمم الأرض، فكان مولده هو النور الذي حجبته ظلمات العقائد الباطلة التي صنعها الإنسان لنفسة بما يرضي غرائزه الحيوانية حتى ولو كانت على حساب أبناء جلدته، وهو ما عمل عليه بنو إسرائيل الذي عملوا على إخفاء وطمس وتشويه كل الشرائع السماوية على مدى الأزمان وهو ما حدث حاليا لكن بأساليب حديثة ومتطورة.
لم يتمكن أعداء الإسلام على مدى التاريخ من طمس وإخفاء معالم الرسالة المحمدية، وتولدت لديهم قناعة بعدم القدرة على هذا لكنهم لجأوا إلى أسلوب التشويه وعملوا وبكل قوة على فصل الأمة عن نبيها وآل بيته الأطهار، ليقينهم بأن حالها سيكون الأضعف وسيتمكنون على توجيهها واقتيادها إلى الهلاك.
ومن أجل أن يحكموا تنفيذ مخططاتهم الخطيرة، استنهضوا وصنعوا من أبناء الأمة علماء يحرمون ما يرد الصهاينة ويحلون ما يريدون أيضا، فكان من أولوياتهم، تحريم الاحتفال بمولد الرسول الأعظم، لإبعاد المسلمين عن قائدهم وعدم السماح لهم باستذكار سيرته ونهجه النبوي الذي يعرفون خطورته على وجودهم الخبيث على الأرض.
علماء الوهابية يحرمون الاحتفال بالمولد ويحلون التطبيع مع الكيان الصهيوني
تمكن الصهاينة وبشكل قوي من غرس الفكر التكفيري الوهابي في بلاد الحرمين الشريفين، وإنتاج وتفريخ مشائخ صهاينة بثوب إسلامي متشدد، ليعملوا على تشوية الإسلام المحمدي وتنفير البشرية من خير الإسلام، فصور الدين الإسلامي بأنهٌ “الإرهاب”.
وجعلوا الجماعات التكفيرية، والأحزمة الناسفة، والانتحاريين، وكأنها الدين الحنيف، وعمدوا وبشتى الوسائل على إبعاد المسلمين عن رسولهم، فكذبوا على الرسول الكريم، ونسبوا إلية مالم يقله، واعتبروا الاحتفال بمولده الشريف شركا وتظليل وانحراف عن الدين.
وهو ما جاء على لسان أكبر المتلبسين بالإسلام مفتي البلاط السعودي ورئيس هيئة ما يسمى كبار العلماء في السعودية، عبد العزيز بن عبد الله آل الشيخ، الذي اعتبر أن اقامة الموالد والاحتفالات بمناسبة مولد رسول الله صلوت الله عليه وآله شركية لا أساس لها من الدين، وهو نفسه يطالب، كما افادت صحيفة عكاظ، أن يكون اليوم الوطني السعودي هو يوم عبادة وشكر لله.
ولم يكتفي بالتحريم فقط، بل حذر من الاحتفال بمولد الرسول الأعظم، في خطبة بشهر يناير من العام 2015،من بدعة الاحتفال بالمولد النبوي، الذي اعتبره من البدع والخرافات التي ما أنزل الله بها من سلطان.
وفي انكشاف وأضح لعلماء الصهيونية، وعدوان خطير على الإسلام المحمدي الذي حرم إقامة علاقات مع أعداء الله ورسوله، ومن أجل إرضاء أمراء آل سعود وآل زايد الذين يجاهرون بحب الصهاينة الغاصبين ويعملون بكل قوة على تمكينهم من السيطرة على الأراض المقدسة، وفي طعنة صهيونية جديدة للإسلام لكنها أشد إيلاماً حيث تأت من أقدس مكان للإسلام.
وهو الحرم المكي الذي يسيطر عليه علماء الصهيونية، استخدم عبد الرحمن السديس منبر رسول الله للدعوة إلى اقامة علاقات مع الصهاينة الغاصبين للمقدسات في فلسطين المحتلة، وحسن الحوار والمعاملة معهم، في دعوة واضحة للسعودية للتطبيع مع الكيان الصهيوني.
واعتبر محللون سياسيون خطبة السديس بمثابة إعلان مضلل، ظاهره التسامح، وباطنه الترويج لجريمة التطبيع، ودليلا واضحا على قرب إعلان السعودية التطبيع مع الصهاينة، التي فتحت مجالها الجوي لعبور الطائرات الصهيونية إلى الإمارات، وهو ما أشاد به نتنياهو.
وفي الإمارات انهمك علماء الدين الرسميين خلال الفترة الأخيرة، في تبرير التطبيع مع الكيان الصهيوني، والسعي لتسويقه على المستوى الشعبي، فالداعية وسيم يوسف، والمعروف بصلاته القوية بمؤسسة الحكم، يعمل وبكل جهد على الترويج للتطبيع، وتعتبره الخيار الأفضل، وعبر حسابه على تويتر نشر يوسف، وما يزال ينشر العديد من التغريدات، التي ترى أن قرار التطبيع، يخدم فلسطين كما يساهم في إحلال السلم في العالم حد زعمه.
الاحتفال بالصهاينة وتجريم المولد الشريف..
يتزامن ذكرى المولد النبوي الشريف لهذا العام في ظل تهاوي انظمة العمالة والخيانة العربية، وهرولتها نحو التطبيع العلني مع الصهاينة الغاصبين، وإظهار العلاقات التي كانت قائمة لعقود خلت في السر إلى العلن، فقد احتفل النظام الإماراتي وبشتى الوسائل، بإعلان ولاءه للصهاينة.
وكأنها مناسبة دينية وشعائر من أصول الدين، وهو ما سار عليه نظام آل خليفة في البحرين عند توقيع اتفاق الخيانة مع الصهاينة قبل أيام، فقد رفعوا أعلام الصهاينة، وزينوا ناطحات السحب بصور ورايات المجرمين الذين ينتهكون أعراض ودماء الفلسطينيين منذ عشرات السنوات.
وفي المقابل تعمل هذه الأنظمة بشتى الوسائل على تحريم إحياء علاقات الأمة الإسلامية بنبيها ورسولها وقائدها محمد صلوات الله عليه، وتسلط علمائها ووسائل إعلامها، على طمس سيرته وسننه وأوامره، وتخوين كل من يدعوا إلى الرجوع إلية وتذكير الناس به، كما تعمل على قمع وسجن كل الأحرار في مناطق سيطرتها الذين يحاولون التعبير عن حبهم لرسول الله (ص) في عداء واضح للإسلام، وتجرد علني عن مبادئه وقيمة وأخلاقه.
قائد المستضعفين وإحياء المولد النبوي الشريف
وفي ظل كل هذه المتغيرات الخطيرة التي تصب في مصلحة الصهيونية العالمية، وأذنابها، شاء الله سبحانه وتعالى أن يهيئ للأمة الإسلامية قائدا محمديا، يعيد إليها هيبتها ويحيي أصالتها وقيمها ومبادئها السمحاء، ويحبط ويعري مخططات الأعداء، ويكشف خبث وكيد الصهاينة، فكان السيد الشهيد حسين بدر الدين الحوثي – رضوان الله عليه- هو أول المحذرين من خطورة المرحلة التي وصل إليها الأعداء من استهداف الدين، فعمل بكل قوة على توعية الناس وإرشادهم.
لكن الأعداء عرفوا خطورته على مشروعهم التدميري، فشنوا عليه الحرب وقتلوه، لكنهم لم يحسبوا حسابا لمكر الله سبحانه وتعالى الذي هيئ قائدا جديدا للمرحلة وشبلا حيدريا جديرا بقيادة الأمة وإعادتها إلى مكانها الطبيعي بين أمم الأرض، فكان السيد القائد عبدالملك بدر الدين الحوثي، الذي واصل مشوار الشهيد القائد، وبذل المستحيل في سبيل حماية الدين وإحياء روحه السمحاء، وإفشال مخططات الأعداء.
ومنذ أن مكن الله تعالى لعباده المستضعفين في الأرض، عملوا وبكل جهد على إحياء شعائر الدين، فكان من أولويات القيادة إحياء علاقة اليمنيين برسولهم الأكرم صلوات الله علية وآله الطيبين التي تربطهم به علاقة قوية، فهم من نصروه عند هجرته وجاهدوا معه ونشروا الإسلام المحمدي في أرجاء الأرض، وهاهم اليوم يجاهدون قوى الاستكبار والعدوان من أجل دينهم ورسولهم، يحيون كل الشعائر التي عمل العدو على طمسها وفي مقدمتها المولد النبوي الشريف.
قائد الثورة السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي، جعل من ذكرى مولد الرسول الأعظم أقدس مناسبة، ففيها يلقي أعظم كلماته التي تتطرق إلى جميع قضايا الأمة، مدافعا عنها، وحاميا لها، ومعيدا إليها روح الإسلام المحمدي، فلا يخلوا خطابا من خطاباته من التأكيد على الموقف الثابت من قضية الإسلام الأولى فلسطين المحتلة، ويرد على كل الحملات الصليبية المستهدفة للإسلام والمسلمين.
وما حدث قبل أيام من رد قوي لقائد الثورة على الرئيس الفرنسي الذي تحامل على الدين الإسلامي، لموقف مشرف لكل من ينتمي للإسلام الأصيل، خصوصا وأنهُ القائد العربي والإسلامي الوحيد الذي يتصدى لهذه الهجمات التي تستهدف الدين وتحاول النيل المسلمين.