المشهد اليمني الأول/
تستمر المحاولات الإماراتية لإثارة القلاقل وتأجيج النزاعات وخلق حالة من الفوضي في المنطقة العربية، حيث تسعي أبو ظبي لتسخير كل طاقاتها وإمكاناتها المادية والبشرية لخدمة مشاريعها التخريبية في المنطقة وفق ما يري مراقبون.
ويتعمد النظام الحاكم في الإمارات إلى إقامة علاقات مشبوهة مع شركات مواقع التواصل الاجتماعي العالمية بغرض التغطية على انتهاكاته وممارساته القائمة على التجاوزات، حيث تستضيف الإمارات مقر مكتب تويتر الإقليمي في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا منذ العام 2015.
وتسعى من خلال ذلك للتأثير علي توجهات الموقع العالمي من خلال غلق حسابات لمعارضين أو حذف الوسوم المعارضة لسياسة الإمارات والأنظمة التي تدعمها في المنطقة.
عبث الإمارات بالتحريض
وفي تطور لافت، كشفت أوساط حقوقية إماراتية أن النظام الحاكم في دولة الإمارات حرض سرا إدارة مكتب تويتر الإقليمي في تويتر بهدف إغلاق عشرات الحسابات المعارضة.
وذكر الناشط الحقوقي الإماراتي عبدالله الطويل أن سلطات النظام الإماراتي رفعت عبر مكتب تويتر في دبي قائمة لكثير من الحسابات المعارضة من أجل إغلاقها.
وأوضح الطويل أن كان من بين الحسابات التي استهدافها حساب شؤون إماراتية المعارض وحساب الناشط إبراهيم آل حرم وحسابات أخرى لنشطاء اماراتيون النصيب من الإغلاق التعسفي.
وأكد الطويل أن خطوة النظام الإماراتي تندرج في إطار تكميم الأصوات المؤثرة الرافضة لإشهار التطبيع الإماراتي الإسرائيلي والكاشفة لمؤامرات أبوظبي.
وتتُّهم الإمارات بالتدخل في سياسات “تويتر” من خلال حذف صفحات، ووسوم متصدرة، واختراق حسابات معارضة، كما باتت تحتضن كتائب إلكترونية – بحسب اتهامات “فيسبوك” – تسهم في الترويج للسياسات القمعية في كل من السعودية ومصر.
وتصاعد الغضب مؤخرا ضد موقع “تويتر” بعد أن شهد حذف وسوم أطلقها ناشطون عرب، وتصدرت حينها الترند العالمي.
وسبق أن قالت إمباكت الدولية لسياسات حقوق الإنسان إن شركتي فيسبوك وتويتر تُضطرا إلى الالتزام بسياسات تفرضها حكومات في الشرق الأوسط عليها مقابل السماح لهما بتقديم خدماتهما داخل حدود بلدانها؛ الأمر الذي يُهدد أمن وسلامة مستخدميهما بشكلٍ خطير.
وكشفت دراسة جديدة أعدتها مؤسسة الفكر، ومقرها لندن، أن الموقع الجغرافي للشركات يؤثر بشكلٍ كبيرٍ على سياسات حقوق الإنسان تجاه عملائها.
وقالت إمباكت إنه وبالرغم من أن شركة تويتر قد أغلقت عشرات الحسابات المتورطة في التحريض في الشرق الأوسط، إلا أن هذه الخطوة جاءت متأخرة وعلى نطاق ضيق ولا تستجيب مع مسئولية الشركة في ضرورة التصدي لآلاف الحسابات القائمة على الترويج للتحريض والكراهية.
“شبكات وهمية”
وفي سياق متصل، بثت قناة “الجزيرة”، مساء الأحد، الجزء الثاني من تحقيق حول برامج الإمارات “التضليلية”، عبر وسائل التواصل الاجتماعي.
وكشف التحقيق تفاصيل حظر “تويتر” لشبكة تتكون من 271 حسابا مزيفا مرتبطة بشركة “دوت ديف” التي تعمل في الإمارات ومصر، لاستهداف قطر وتركيا ودول أخرى.
وسلط فريق برنامج “المسافة صفر” الاستقصائي الضوء على كواليس نشأة وسم “تنظيم الحمدين” عبر تويتر، فضلا عن حملات أخرى مشابهة نفذتها حسابات وهمية مرتبطة بالإمارات.
وخلص التحقيق إلى علاقة بين شركة “دوت دف” الإماراتية التي تدير منصات مضللة، ووكالة الأنباء الإماراتية الرسمية.
وأكدت “الجزيرة” الحصول على صور حصرية لمشروع رقمي إماراتي يدعى “عرب إنتلجنس” لاستهداف عدة دول.
وكشف التحقيق، أن الإمارات روّجت وسمي (هاشتاغي) انقلاب في قطر والوكرة، ضمن عدة وسوم أطلقتها حسابات وهمية مرتبطة بأبوظبي للتحريض على الحكومة القطرية، بينما استعانت دول الحصار بقراصنة إنترنت للترويج للوسمين أوربياً.
وفي ذات السياق، أعلنت شركة تويتر الشهر الماضي عن حذف مجموعة تضم 267 حسابا من الإمارات ومصر لانخراطها في “حملة إعلامية متشعبة” تقوم على التحريض والكراهية.
وقالت الشركة في بيان إن هذه الحسابات كانت تديرها شركة خاصة تدعى دوتديف تعرف نفسها على موقعها بأنها “شركة برمجيات متخصصة مقرها أبوظبي”. وللشركة فرع آخر في مصر بمحافظة الجيزة على مشارف القاهرة.
كما حذف تويتر شبكة أكبر تضم 4258 حسابا قال إنها تدار حصريا من الإمارات وتستخدم أسماء وهمية وتنشر تغريدات معظمها عن قطر واليمن. ولم تحدد الشركة كيانا مسؤولا عن هذه العملية.
مطالبات حقوقية
ولا تتوقف النداءات الحقوقية المطالبة بنقل مقر تويتر الإقليمي من الإمارات، حيث سبق أن أطلق عشرات الآلاف من الناشطين حملة على موقع التواصل الاجتماعي العالمي “تويتر” للمطالبة بنقل مكتب الشركة الإقليمي في الشرق الأوسط من إمارة دبي الإماراتية.
وغرد الناشطون على وسم (تغيير مكتب تويتر بدبي) احتجاجا على تأثر موقع التواصل الاجتماعي العالمي بممارسات القمعية بحق حرية الرأي والتعبير.
وأكد المغردون على ضرورة نقل مكتب توتير من دبي ونقله إلى دولة أخرى تحترم حقوق الإنسان، مؤكدين أنه من غير المعقول أن يكون مكتب تويتر في دولة ترى في “الحرية” خطرًا عليها، وتقمع كل الأصوات المعارضة.
وطالب النشطاء بنقل مكتب تويتر من دبي لارتباطه بأجندة الإمارات الإقليمية وتضييقها على الحريات العامة وفضاء حرية الرأي والتعبير، مؤكدين أن عشرات العملاء التابعين للإمارات يعملون داخل مكتب تويتر من أمثال علي آل زيارة الذي طرد من الشركة بعد فضحه من صحف عالمية، ومطالبين بإغلاق هذا المكتب المخابراتي وفق قولهم.
ويقول مراقبون إن وجود مكتب تويتر الإقليمي في دبي، قد مكن الإمارات وفق عدد من التحقيقات من اختراق خصوصية بعض المعارضين والحفاظ على حسابات كبيرة عبر المنصة رغم ارتكابها تجاوزات فاضحة لضوابط تويتر الأخلاقية.
من جهتها بيّنت منظمة إمباتك الدولية أن شركة “تويتر”، والتي تلاقي رواجًا كبيرًا بين المستخدمين في دول الخليج، ارتبطت بشكلٍ أو بآخر بممارساتٍ قمعيةٍ مارستها حكومات بعض الدول تجاه النشطاء والمعارضين.
وذكرت -على سبيل المثال- أنّه قبل يومٍ واحدٍ من افتتاح فرع لشركة “تويتر” في الخليج العربي، اعتُقل الأكاديمي والخبير الاقتصادي الإماراتي “ناصر بن غيث” في الإمارات العربية المتحدة بسبب تغريداته الناقدة للنظام في مصر، والتي تعد حليفًا للإمارات العربية المتحدة.
وفي عام 2018، واجه تويتر تهمًا بتوظيف جواسيس يعملون لصالح كلٍّ من المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة في مقرها في دبي.
ويُعتَقد بأن هؤلاء الجواسيس كشفوا الصحفي المعارِض “عبد العزيز الجاسر” الذي غرّد باسمٍ مستعار منتقدًا حالة حقوق الإنسان في المملكة العربية السعودية وسياسات العائلة المالكة، ليتم اعتقاله وتعذيبه وقتله في وقتٍ لاحق.
وقالت إمباكت الدولية إن السوق العالمي تطور للدرجة التي تلزم الشركات العالمية بمراعاة حقوق الإنسان على قدم المساواة مع الأرباح، فقد أصبحت الحاجة ملحة لوضع حدٍّ لكافة أشكال الكره والعنف والقمع للمعارضة السليمة.