المشهد اليمني الأول/
منذ عام 2019، تحدثت وسائل إعلام کيان الصهـاينة عن استعداد الکيان للتفاوض مع الحكومة اللبنانية حول ترسيم الحدود البحرية.
وجاء إعلان الاستعداد من قبل الصهـاينة بعد أن تعرضوا لتهديدات شديدة من قبل الحكومة اللبنانية وحزب الله اللبناني، أثناء محاولتهم السيطرة على احتياطيات لبنان النفطية في البحر المتوسط.
مطالب الصهـاينة في البحر المتوسط
منذ عام 2010 وتطور الأزمة الاقتصادية في العالم، يحاول الکيان الصهيوني حل مشاكله الاقتصادية من خلال استغلال احتياطيات النفط والغاز في البحر المتوسط.
الجزء الأول من هذا الإجراء الصهيوني، بدأ في الموارد المسماة “ليفياثان” في البحر الأبيض المتوسط، القريبة من ميناء حيفا. ومن خلال استغلال هذه الموارد، تحوَّل الصهـاينة من مستوردي الغاز الطبيعي إلى مصدرين، وفي أواخر عام 2019 بدأت صادرات الغاز من الکيان الصهيوني إلى الأردن ومصر.
وعلى الرغم من أن هذه الصادرات لا تزال يعيقها الرفض الشعبي، إلا أنها كانت خطوةً اتخذها الصهـاينة في استغلال موارد البحر الأبيض المتوسط.
التحرك نحو احتلال الموارد
موارد الغاز في “لوثيان” هي نهاية استخراج الغاز الصهيوني في البحر الأبيض المتوسط، ولا يمكن أن يأخذ الصهـاينة أكثر مما يخص فلسطين في تقسيم البحر الأبيض المتوسط. ولهذا، اتَّجه الصهاينة نحو احتلال حقول الغاز، وحاولوا فرض احتلالهم في 3 مناطق.
كانت المنطقة البحرية الأولى هي قطاع غزة. وعلى الرغم من قيام الصهـاينة بقطع وصول حماس إلى البحر الأبيض المتوسط، بحصار بحري وفرض قيود على الصيادين في قطاع غزة كل يوم، من خلال تقليص منطقة الصيد المسموح بها قبالة سواحل غزة، إلا أنهم سعوا للسيطرة بشكل فعال على البحر قبالة سواحل غزة منذ الحرب التي استمرت 51 يومًا في عام 2014.
وقد تم اقتراح ما يسمى “الميناء الاصطناعي” في هذا الاتجاه، حتى يتمكن الصهـاينة من الاستيلاء علی البحر بحجة بناء هذا الميناء. لكن محاولة الصهاينة هذه قد فشلت بإطلاق صواريخ تجريبية من قبل حركة حماس، وهو الأمر الذي لم يسمح للصهاينة بشن مزيد من الهجمات.
المنطقة الثانية في البحر الأبيض المتوسط، كانت بالقرب من الحدود اللبنانية. بحيث في عام 2018، ادعى الصهـاينة أن موارد الغاز بالقرب من الحدود اللبنانية، والمعروفة باسم القسم 19، ملك لهم، وحاولوا الاقتراب من المياه اللبنانية والاستيلاء على مواردها الغازية باحتلالها. ولکن هذه المحاولة الصهيونية قد فشلت هي الأخری بعد تحذيرات حزب الله اللبناني والخطاب المباشر للسيد حسن نصر الله. كما أحبطت الحكومة اللبنانية المسعى الصهيوني لفصل حزب الله عن الشعب والحكومة اللبنانية، من خلال دعمها لموقف الأمين العام لحزب الله.
أما المنطقة الثالثة فكانت مياه قبرص في البحر الأبيض المتوسط. حيث سعى الصهـاينة عبر توسيع علاقاتهم مع قبرص اليونانية والاستفادة من الأزمات التي شهدتها اليونان خلال العقد الماضي، استغلال موارده الغازية بالاتفاق مع هذا الجزء من قبرص. لكن هذه الخطوة الصهيونية، التي بدأت بعد محاولاتهم الفاشلة في قطاع غزة ولبنان، قد فشلت أيضاً بفعل استغلال تركيا لمياه قبرص التركية.
الصهـاينة يعيدون إجراءاتهم في البحر الأبيض المتوسط
مع فشل الصهاينة في مياه البحر الأبيض المتوسط الثلاث التي تخص قطاع غزة ولبنان وقبرص التركية، بدؤوا في خطط جديدة في البحر المتوسط خلال العامين الماضيين، للوصول إلى موارد الغاز في هذا البحر.
الخطوة الأولى للصهاينة بدأت بسياسة الضغط والمساومة في قطاع غزة. حيث حاول الصهاينة من خلال استمرار حصار قطاع غزة وتشديده بشتى الطرق من جهة، وإطلاق قنوات اتصال سرية من جهة أخرى، حاولوا الضغط على المقاومة في قطاع غزة على المستوی الاجتماعي وإلزامه بالاتفاقات الإقليمية، لمنع أي عمل من قبل المقاومة ضد الأعمال المستقبلية للصهاينة في البحر الأبيض المتوسط.
وفي الخطوة الثانية، حاول الصهاينة إغراق لبنان في أزمة سياسية واجتماعية وعسكرية، عبر خطة تدميرية لهذا البلد من 2018. إجراءاتٌ اتُخذت في القطاع الاقتصادي خلال العامين الماضيين، إلی جانب احتجاز سعد الحريري رهينةً في الرياض، وإسقاط الحكومات اللبنانية الشرعية، إضافة إلی الانفجار الأخير في مرفأ في بيروت، والإجراء المتخذ في قضية رفيق الحريري، إلى جانب الاتهامات ضد حزب الله، وکل ذلك لجعل هذا البلد يواجه الأزمة تلو الأخری.
الآن، وتحت ضغط الأزمات المذكورة أعلاه، والعقوبات التي فرضتها الولايات المتحدة علی المسؤولين اللبنانيين، تريد الحكومة اللبنانية إنهاء المفاوضات مع الکيان الصهيوني لترسيم حدود لبنان القانونية مع فلسطين المحتلة إلى الأبد، غير مدركة أن الصهـاينة لديهم خطة طويلة الأمد لهذه المحادثات، ولا يبدو أن اللبنانيين سيحصلون على أي شيء من هذه المحادثات.
ذلك أن الهدف النهائي للصهاينة، وكما ذكرنا سابقًا، هو موارد الغاز اللبناني في البحر المتوسط، وهو ما لن يتحقق للصهاينة من خلال ترسيم الحدود القانونية بين لبنان وفلسطين المحتلة.
لماذا وافق حزب الله على التفاوض؟
إن حزب الله اللبناني يحظى بشعبية كبيرة كجزء من الجسم الاجتماعي اللبناني، ولا يوجد سبب لمعارضة التفاوض حين يفترض أن ينال الشعب اللبناني حقوقه الحقيقية من خلاله.
وبالتأكيد، عندما يريد الصهاينة تحريك المفاوضات نحو أهدافهم الاستعمارية، فإن حزب الله سيعارضها عبر تبيين دقيق وتوعية الرأي العام ومخاطبته، ومع شعبيته في المجتمع اللبناني يمكن أن يكون العقبة الرئيسية أمام أهداف الصهـاينة.
علی تركيا أن تکون مستعدةً
مع وصف خطط الکيان الصهيوني المذكور أعلاه، أعاد الصهاينة تصميماً جديداً للمرحلتين الأوليتين لهزيمتهم في قطاع غزة ولبنان، وسيكون لديهم بالتأكيد خطط للجزء الثالث أي الجزء المتوسطي من تركيا.
ولذلك، يجب على الأتراك أن يعدوا أنفسهم من الآن فصاعدًا للخطة الصهيونية المعدة لتركيا. وخاصةً أن الصهاينة قد وجهوا تهديدات للأتراك فيما يتعلق بتطبيع العلاقات، ووجودهم في ليبيا، وعمليات الاستخراج التي قاموا بها في البحر الأبيض المتوسط.