المشهد اليمني الأول/
العدوان على اليمن، العدوان الأمريكي السعودي يُمْعِنُ في الحصار واحتجاز السفن، جريمة الإبادة برعاية الأمم المتحدة، غريفيث يمارس النفاق والتضليل بالحديث عن الكارثة الإنسانية دون إدانة تحالف العدوان والحصار.
قبل شهرين فقط دخلت آخر سفينة نفط إلى ميناء الحديدة، فقد قرر التحالف الذي تقوده أمريكا منع سفن الوقود والغذاء من الوصول إلى ميناء الحديدة، وتقوم البحرية الأمريكية باحتجاز كل السفن المتجهة إلى اليمن، وتقتادها إلى ميناء جيزان السعودي.
وصل عدد السفن المحتجزة 19 سفينة هي متوقفة حاليا قبالة سواحل جيزان، المدير التنفيذي لشركة النفط عمار الأضرعي أكد بأن تحالف العدوان على اليمن، يواصل قرصنة السفن واحتجازها ويفرض حصارا غاشما على الشعب اليمني، مؤكدا بأن السفينة دبرا والتي وصلت ميناء الحديدة في الـ 2 من أغسطس كانت آخر السفن التي أفرج عنها تحالف العدوان.
ويمنع تحالف العدوان على اليمن الأمريكي السعودي السفن المحمّلة بالوقود والمواد الغذائية من الرسو في ميناء الحديدة متعمدا التسبب بأزمة خانقة، ضمن وسائل الضغط على الشعب اليمني للرضوخ والقبول بما يسعى إليه، والتعويض عن فشل الحرب العسكرية العدوانية على اليمن.
شركة النفط اليمنية قالت في بيان لها يوم أمس الجمعة، إن بحرية تحالف العدوان السعودي الأمريكي تفرض حصارا غاشما على اليمن، وتواصل منع سفن المشتقات من الوصول إلى ميناء الحديدة، حيث تقوم بقرصنتها واحتجازها عرض البحر منذ أكثر من ستة أشهر، ولفتت الشركة إلى أن 19 سفينة محملة بالوقود ما زالت محتجزة، ضمنها 5 سفن احتجزها تحالف العدوان في بداية العام الحالي.
وأكدت شركة النفط أن تحالف العدوان الأمريكي السعودي يمنع دخول سفن الوقود نهائيا، وأن الحصار الذي يمارسه تحالف العدوان يعد هو الأول من نوعه، وأشارت إلى أنه وخلال130 يوما لم يفرج تحالف العدوان على اليمن من سفن الوقود إلا عن 5 سفن تحمل كمية تقدر بـ 139 ألف طن من الديزل والبنزين، وهي كمية لا تغطي ما نسبته 14 % من الاحتياج الفعلي للبلاد.
قبل شهرين دخلت آخر سفينة إلى ميناء الحديدة كانت محملة بما لا يزيد عن 10 آلاف طن من الوقود، ومنذ ذلك الحين أوقف التحالف الأمريكي السعودي سفن الوقود المتجهة إلى الميناء، رافضا حتى اليوم السماح لها بالوصول والتفريغ.
وهو ما خلق ازمة كارثية، يمارس مبعوث الأمم المتحدة التضليل والنفاق بحديثه المكرر عن تخفيف تحالف العدوان على اليمن الحصار على الموانئ، ومن اللافت أن أمريكا التي دعت مؤخرا إلى السماح للسفن النفطية بالوصول، تشارك بحريتها بشكل فعال في حصار الشواطئ اليمنية، واحتجاز سفن الوقود والغذاء.
وتشير شركة النفط اليمنية إلى أن الإجراءات القسرية والحصار الإجرامي الذي يمارسه تحالف العدوان على اليمن على السفن، تسبب في ارتفاع تكاليف الغرامات والتي بلغت ما يقارب 121 مليون دولار منها (31) مليون دولار خلال العام 2019م وما يقارب (90) مليون دولار عام 2020م حتى نهاية سبتمبر الماضي، مشيرة إلى أن النسبة الضئيلة من الكميات المفرج عنها تؤكد بوضوح تام مستوى قُبح وخِسّة قوى العدوان ومدى الاستهتار الأممي بالقيم الإنسانية والمسؤوليات الدولية.
في غضون ذلك
يصمت المبعوث الأممي مارتن غريفيث، وتصمت الأمم المتحدة في كل مرة عن إجراءات تشديد الحصار التعسفي والجريمة الموصوفة بالإبادة الجماعية بحق الشعب اليمني، إفساحاً في المجال أمام تحالف العدوان على اليمن، العدوان السعودي الأمريكي لاستغلال الحصار لتحقيق أهدافه، وتوظيف الوضع الإنساني سياسياً وحرف الأنظار عنه.
من خلال تعويم الكارثة، دون إدانة المجرم الحقيقي الذي يمعن في محاصرة الشعب اليمني، ويأتي صمت المبعوث والأمم المتحدة على اعتماد تحالف العدوان السعودي الأمريكي لاستراتيجية التجويع والإفقار وانتشار الأمراض والأوبئة بعدما عجز عن تحقيق أي من أهدافه في الميدان.
وفيما ترتفع الأصوات المنددة بالوضع الإنساني الكارثي، لا يذهب المبعوث إلى إدانة الحصار واستنكار إغلاق المنافذ، بل ينتظر بيانات حلفائه المريبة والمماطلة برفع الحصار، ثم يتعمد الترحيب، وهو ما يحمله المسؤولية الكاملة إزاء أفظع جريمة إبادة يتعرض لها الشعب اليمني.
المدير التنفيذي للشركة قال إن كارثة إنسانية تهدد الشعب اليمني في حال توقفت القطاعات الخدمية وفي المقدمة القطاع الصحي.. وحمل الأمم المتحدة المسؤولية الكاملة عمّا ستؤول إليه الأوضاع خلال الأيام المقبلة، وعبر عن الأمل في عودة الأمم المتحدة لميثاقها ولما أسست من أجله كونها تقوم بتفتيش السفن ومنحها تصاريح، ثم تتركها تواجه تعنت تحالف العدوان في البحر.
وزارة النفط والمعادن، أكدت في وقت سابق أنها خاطبت الجهات الدولية المعنيّة وناشدتها التدخّل لوقف الاحتجاز التعسفي، كاشفة عن أن غرامة التأخير الناجمة عن احتجاز سفن المشتقات النفطية وصلت إلى 66 مليوناً و185 ألف دولار.
فيما أكد عمّال وموظفو شركة النفط في بيان لهم أن احتجاز السفن من قبل تحالف العدوان هو إرهاب أمريكي موصوف، ولفتوا إلى أن الاحتجاز يتم رغم حصول السفن على تصاريح الأمم المتحدة، واعتبروا في بيانهم أن ذلك يعد «جريمة إبادة جماعية ويُعد الإصرار عليه خرقاً واضحاً لاتفاق السويد».
واستنكرت فعاليات وأحزاب سياسية ومنظمات صمت الأمم المتحدة ومبعوثها وتغطيتها على جريمة الحصار، وطالبتها بتحمّل مسؤولياتها، كما طالبت المجتمع الدولي ومجلس الأمن الدولي بالتحرّك العاجل لوقف «القرصنة البحرية العدوانية» التي تعرّض أمن البحر الأحمر والممرّات الدولية للخطر.
الأمم المتحدة تشارك في أفظع جريمة إبادة جماعية
تعيش اليمن أوضاعاً صحّية حرجة بسبب اهتراء الجهاز الطبّي وتوقّف كثير من المستشفيات والمرافق الصحّية ومراكز الحجر والإسعاف الطبي، فضلاً عن توقّف حركة المواصلات في كثير من المناطق، نظراً إلى انعدام مادّة الديزل وانقطاع التيار الكهربائي عن المرافق الصحية.
الآثار الكارثية لجريمة احتجاز سفن الوقود، تأتي على كل مناحي الحياة العامة، حيث يشير المدير التنفيذي لمؤسسة تنمية وإنتاج الحبوب المهندس أحمد الخالد إلى معاناة المزارعين إزاء استمرار احتجاز سفن المشتقات النفطية من قبل تحالف العدوان على اليمن، ما تسبب في ارتفاع كبير في تكاليف الإنتاج الزراعي لكثير من المحاصيل الزراعية.
فيما أكد مدير شركة النفط فرع أمانة العاصمة المهندس عبدالله الأشبط أن استمرار احتجاز سفن المشتقات النفطية أدى إلى إغلاق أكثر من 50 مصنعاً منها مصانع الأوكسجين وبعض المراكز التجارية وكذا إغلاق بعض المستشفيات نظراً لنفاد المخزون من المشتقات النفطية.
وبين أن مشاريع المياه ومضخات توقفت نظراً لنفاد الوقود وفي حال استمر منع دخول سفن المشتقات النفطية ستحل كارثة إنسانية في أمانة العاصمة، وقال « لم نجد أي استجابة من قبل الأمم المتحدة إزاء الكارثة الإنسانية التي تهدد الشعب اليمني إزاء استمرار احتجاز السفن النفطية».. مطالباً أحرار العالم والضمير الإنساني النظر إلى معاناة الشعب اليمني جراء احتجاز سفن النفط والغذاء والدواء.
عضو المكتب التنفيذي للاتحاد التعاوني الزراعي صالح الجماعي، قال إن تحالف العدوان على اليمن يقوم باحتجاز سفن المشتقات النفطية وبمنع دخولها إلى ميناء الحديدة، وأن المبعوث الأممي لا يبدي اعتراضا ولا موقفا إزاء هذه الجريمة.
وأكد أن استمرار احتجاز سفن المشتقات النفطية من قبل العدوان على اليمن، له تداعيات كارثية على مختلف القطاعات بما فيها القطاع الزراعي الذي يٌعتبر أهم مصدر للأمن الغذائي، وإنتاج المحاصيل الزراعية التي تعتمد على الري من الآبار فضلاً عن توقف المعدات والآلات الزراعية وتلف وفساد المنتجات الزراعية.
وزارة الزراعة والري قالت في بيان صدر عنها سابقا أن كارثة إنسانية وشيكة تبدو في الأفق يتحمل مسؤوليتها المبعوث الأممي الذي يستمر في نفاقه ويغطي أكبر جريمة إبادة بحق شعب يتعرض لعقاب جماعي، وطالبت بوقف العدوان على اليمن ورفع الحصار وفتح الموانئ اليمنية فورا.
وأشارت إلى أن استمرار الأزمة في الوقود سيؤدي إلى عجز المزارعين عن تغطية السوق المحلية بالمنتوجات الضرورية اللازمة للبقاء، وأشارت إلى أن المزارعين يتكبدون خسائر باهظة جراء انعدام الوقود، وأشارت إلى تضرر الثروة الحيوانية، وتوقف الصناعات المرتبطة بالزراعة.
وزارة الصحة في صنعاء أكدت في وقت سابقا أن أكثر من 120 مستشفى و3000 مركز صحي ومستوصف خاص، وصيدليات ومختبرات وبنوك دم مهددة بالتوقف، بفعل استمرار تحالف العدوان على اليمن في منع دخول الوقود، وحذر وزير الصحة الدكتور طه المتوكل من أن عمليات الإسعاف والعنايات المركزة قد تتوقف نتيجة أزمة المشتقات النفطية.
مشيرا إلى أن أكثر من 3500 مريض بالفشل الكلوي مهددون بالوفاة في حال انعدام المشتقات النفطية عن مراكز الغسيل الكلوي، فيما أن أقسام الحضانات للمواليد دون 28 يوم مهددة بالتوقف ووفاة مئات الأطفال نتيجة الصلف السعودي بمنع دخولاً سفن النفط.
ولا يمثل انعدام المشتقات النفطية التي سببها احتجاز تحالف العدوان على اليمن للسفن، تهديدًا على حياة المرضى فحسب، بل سيؤدي إلى توقف سيارات النظافة، ما يجعل القمامة مكدسة في الشوارع، لتشهد المدن اليمنية انتشارًا جديدًا للأوبئة والأمراض.
وبحسب المدير التنفيذي لصندوق النظافة في أمانة العاصمة محمد شرف الدين، فإن انعدام المشتقات النفطية سيؤدي إلى كارثة بيئية نتيجة توقف 400 إلى 450 سيارة نظافة عن العمل، وبحسب منظمة أنقذوا الأطفال فإن الخدمات العامة الأخرى بما في ذلك محطات معالجة مياه الصرف الصحي سوف تتأثر، مما يخلق إمكانات لمخاطر كبيرة على الصحة العامة، مثل تدفق مياه المجاري.
مراقبون يرون بأنه لا معنى لدعوات المبعوث الأممي، ولا دعوات بعض الدول بما يخص التهدئة حول مارب، وأن استمرار الحصار يحتم على القوات المسلحة سرعة تحرير مدينة مارب ودحر المرتزقة والسعوديين منها، وأشاروا إلى أن دعوات وبيانات المبعوث الأممي وبعض السفراء لم تتضمن موقفا واضحا بشأن الحصار، ولا حتى دعوة إلى فتح المنافذ لإيصال الوقود والدواء والغذاء، ولا معنى لأي دعوة دولية أو أممية إلى إحياء المسار السياسي.
في وقت يدفع فيه المبعوث الأممي والأمم المتحدة والمجتمع الدولي بتوفير مظلة حماية للتحالف السعودي الأمريكي ومنع إدانة الحصار والإبادة الجماعية التي يرتكبها بمنع دخول سفن الوقود، ما يؤكد صوابية المواقف التي ترفض استمرار اللقاءات مع المبعوث أو أي وسطاء آخرين، وعدم القبول بالجلوس إلى طاولة المفاوضات مجددا.