المشهد اليمني الأول/
خلافا لما يشاع عن قرب انتهاء العدوان على اليمن، تؤكد المؤشرات اعلى الأرض أن البلد المثخن بجروح 6 سنوات من العدوان والحصار في طريقها إلى مزيد من الصراعات في ظل تضارب المصالح عند اهم نقطة استراتيجية في المنطقة العربية، فهل نشهد ابعاد دولية للحرب؟
بموازاة التحركات لمحور الحرب على اليمن للدفع بعملية السلام سريعا بعد أن حققت الحرب اهدافها بالسيطرة على منابع الثروة والمواقع الاستراتيجية، برزت مواقف دول من خارج المحور وإن ظلت متماهية معه، تعكس رفضها لتقاسم المكاسب وبما يخل بالموازين الدولية، وتنذر بمواجهة اشمل إن لم يتم احتوائها.
ربما دعاة السلام الآن، قادة الحرب بالأمس، سواء في الرياض وابوظبي وحتى عواصم دول أوروبية ينطلقون من مبدأ الحفاظ على ماء الوجه لتحالف العدوان الذي انطلق غي العام 2015 بقوة 17دولة ومرتزقة من مختلف الجنسيات ليتضاءل تدريجا حتى اصبح اليوم على وشك الهزيمة.
وهم بذلك يحاولون اخراج السعودية من مأزقها الحالي قبيل انتهاء فترة ترامب المتوقعة خلال الانتخابات المقبلة، فالسعودية بنظرهم وباعتراف الدفاع الامريكية لن تحقق شيء من العدوان وقد وصلت إلى طريق مسدود واقرب الطرق للخروج باقل الخسائر ابرام اتفاق سلام في اليمن قد يضمن للسعودية والولايات المتحدة وبقية دول تحالف العدوان وجود مستقبلي في مناطق جنوب وشرق اليمن.
وذلك ما تشرع الولايات المتحدة وبريطانيا ودول اخرى لإبرامه ضمن اتفاقية ظاهرها سلام ومن خلفها مصالح قد تبقي نيران الحرب الاهلية ملتهبة لقرون من الزمن.
بغض النظر عما يدور خلف الكواليس من مفاوضات نجحت حتى الآن في رضوخ السعودية لإجراء تبادل للأسرى لطالما احبطت مفاوضاته خلال السنوات الماضية، ومحاولتها التملص من الدفاع عن اتباعها في مأرب بدعوة “صنعاء” لتحكيم العقل وهي تحاول بذلك تحاول تصوير الوضع كحرب اهلية تمهيدا للقبول باتفاق سلام مع صنعاء ينهي نفوذها في اليمن على الأقل في الشمال أو مناطق سيطرة صنعاء.
كل المعطيات تؤكد بان السعودية وتحالفها في طريقها لانهاء العدوان أو على الاقل تحمل تكاليفه، الاتفاق الاخير مع الامارات بشأن تقاسم المناطق الاستراتيجية والثرية بالنفط جنوب وشرق اليمن، الاستناد لما يتم طرحه دوليا من مقترحات بشأن السلام وأخرها مقترحات غريفيث والاعلان عن تأييدها ودعمها، استغنائها عن مقاتلي المرتزقة على الحدود.
لكن ما لم تدركه الرياض وابوظبي بأن محاولاتهما استحضار امريكا واسرائيل وبريطانيا وغيرهم لتأمين وجودهما المستقبلي على الشريط الساحلي لليمن وهضابه النفطية لن يصطدم برفض صنعاء فقط بقدر ما قد يثير اطراف دولية لديها أيضا مصالح عند هذه المناطق الحيوية على طريق الملاحة البحرية وأولها الصين التي بدأت عبر سفيرها الزئير في وجه محاولة التقاسم الاخيرة وعينها على ابقاء الموانئ اليمنية تحت قبضة شركاتها لتأمين خط الحرير الجديد “طريق وحزام واحد”.
وقد سبق لها أن ابرمت مع حكومة المرتزقة اتفاقيات في ميناء عدن وتطمح لمواقع اخرى كسقطرى حيث تحاول الولايات المتحدة استخدام الامارات كقفاز لاشعال النيران في طريق الصين التي تتخذ من ميناء جوادور الباكستاني منطلقا لتصدير منتجاتها للشرق والغرب، وفق تقارير امريكية.
ناهيك عن روسيا التي ظلت تطمح منذ الحرب العالمية لإنشاء قاعدة في سقطرى واخرى في العند وقد اعلنت عبر وزير خارجيتها في اتصالا مع وزير هادي دعم حكومة الفار هادي لتطبيع الحياة في سقطرى.
وبعيدا عن اوراق الدولتين اللتين تشكلان محور مناهض لأمريكا ونجحت بالهيمنة واستعادة حقبة السوفيت خلال الفترة الاخيرة، ثمة اطراف اقليمية لا تكل عن التحضير لحرب جديدة وابرزها تركيا وقطر اللتان ما تنفكان عن انشاء مزيد من الفصائل في شبوة وتدفعان بمزيد من التوتر في سقطرى وعينهما ايضا على عدن الخاضعة لاتباع الامارات.
قد تبدو اطراف الحرب على اليمن الاقليمية منهكة ومستعدة للسلام، لكن في نهاية المطاف ستدفع ثمن اشعال الحرب عند خاصرتها وسيكون عليها مواجهة سيناريو سوريا الذي سبق وأن طبق في ليبيا ولن تتخارج منه اليمن الا بخروج جميع هذه الاطراف ليبقى اليمن بيد ابنائه.