المشهد اليمني الأول/
نشرت صحيفة “واشنطن بوست” تقريرا أعده مايكل كرانيش عن الملحمة داخل عائلة الرئيس دونالد ترامب عندما حاول الأخير السيطرة على أموال والده العجوز المريض.
وكان ترامب يواجه عام 1990 مشاكل مالية مع المقرضين وجاء بتلك الفكرة الوقحة للسيطرة على إرث والده.
وهدده المقرضون بإجباره على إعلان الإفلاس فيما طالبته زوجته الأولى إيفانا بمبلغ مليار دولار لتسوية قضية الطلاق بينهما.
ولهذا أرسل محاسبا ومحاميا لمقابلة والده فريد الأكبر ترامب والذي طلب منه التوقيع على جناح السرعة على وثيقة ويغير فيها وصية الإرث وما أعطاه لكل واحد من أولاده. وكانت لحظة هشة للأب الذي كان يبلغ من العمر 85 عاما وبنى إمبراطورية عقارية تقدر قيمتها بمئات الملايين من الدولارات.
وتم تشخيصه بأنه يعاني من مشاكل في الذاكرة مثل عدم تذكره الأشياء التي قيلت له قبل نصف ساعة أو تذكر تاريخ ولادته، حسبما جاء في التقرير الطبي الذي ضمن في أوراق قضية قانونية.
وتكشف الوثائق التي حصلت عليها صحيفة “واشنطن بوست” المدى الذي ذهب إليه ترامب للسيطرة على والده الذي كان يعاني من عجز في الذاكرة.
وتأتي هذه المعلومات
بعد إصدار ابنة أخيه ماري ترامب كتابا عن الرئيس الذي وصفته بالوحش وتسجيلات لعمتها كشفت عن سخطها على محاولات ترامب تغيير وصية والده.
وتقدم المعلومات الجديدة علفا جديدا لمحاولات ماري الرامية لهزيمة عمها وحرمانه من فترة ثانية في البيت الأبيض.
وسجلت ماري ساعات من الحوارات مع عمتها ماريان ترامب باري في كانون الثاني/يناير 2019 وعبرت فيها عن غضبها من محاولات شقيقها دونالد تغيير وصية والدهما الذي كانت حالته العقلية في تدهور مستمر.
وقالت باري: “كان والدي يعاني من الخرف”، وتقول إن والدها طلب منها النظر في المراجعة التي يقترحها دونالد حيث قامت باستشارة زوجها المحامي جون باري ويعرف قوانين العقارات وتوفي عام 2000 و”قمت باطلاع جون عليها ورد: “يا إلهي إنه وبشكل أساسي أخذ الميراث كله ونقله إلى دونالد”.
وساعد زوجها على إقناع والدها لرفض المقترح، ولهذا توقف دونالد عن الحديث معها على مدى عامين كما جاء في الأشرطة التي قدمتها ماري ترامب إلى “واشنطن بوست”.
وفي تسجيل آخر حول سياسات الهجرة قالت باري إن دونالد “لا مبدأ لديه” و”لا يمكن الثقة به”. وفي مكالمة هاتفية قصيرة قالت باري: “في هذا الوقت لا تعليق لدي”.
وتثير القصة أسئلة حول محاولة الرئيس ترامب استغلال والده الذي كان يعاني من علامات مبكرة لمرض الخرف؟ وقال ترامب في شهادة له إنه لم يكن يعرف بمرض والده قائلا إن ذاكرة والده “كانت حادة جدا جدا”.
ولكن التقرير الطبي وشهادة أخته وابنة أخيه تظهر أنه كان يعاني من مشاكل في الذاكرة. وبعد أشهر من جهود ترامب تعديل وصية والده كان فريد ترامب يعاني رسميا من “المراحل الأولى لمرض الخرف” حسب التقرير الطبي الذي كشف عنه عام 2000، وقدمته ماري ترامب في دعوى طالبت فيها بحصة أكبر مما أعطي لوالدها المتوفى.
وتقدمت ماري ترامب بدعوى قضائية في نيويورك ضد عمها دونالد ترامب، باري، وتركة شقيقهما روبرت ترامب واتهمتهم بخداعها باعتبارهم من نفذوا وصية والدهم ولم يكشفوا عن “القيمة الحقيقية” لما يجب أن تحصل عليه من التركة.
واشتكت أنه تم “جز” ملايين الدولارات من حصتها، وقالت ماري ترامب في بيان أرسلته للصحيفة إن محاولة عمها ترامب تغيير وصية جدها عندما كان يعاني من مرض فقدان الذاكرة لها أهمية اليوم لأنها تكشف عن تقديمه المصالح الشخصية على مصلحة العائلة.
و”كما كشفت من خلال استعداده لتعديل وصية والده بشكل خفي وسرا فإن لا حدود لسلوك دونالد اللا أخلاقي” ولأن هذا نفعه ولم يظهر أي ندم حول محاولة خداع والده وغش إخوته.
و”لم يكن هناك أي ضابط لسلوكه، أخلاق أو حتى أدب يقف بين دونالد واستعداده لتحقيق ما يريد مهما كانت الوسيلة”.
ورد البيت الأبيض على طلب للتعليق قائلا: “أخبار قديمة وكاذبة بالمطلق”.
وكانت حالة فريد ترامب الصحية مهمة في الدراما التي اندلعت بسبب محاولة ابنه السيطرة على ماله.
فبحلول عام 1990 خرجت مشاكله المالية عن السيطرة ووجد أن أفضل طريقة لحلها هي الحصول على حصته في تركة والده.
فقد كانت إمبراطورية الكازينو تعاني من ضغوط مالية حادة حسب تقرير من المنظمين عن نيوجرسي.
وكذا شركة النقل الجوي التي كانت تخسر الملايين من الدولارات كل شهر، كما أن مشروعه الذي أطلق عليه تاج محل كان يأكل المال.
وأقنع ترامب البنوك بمنحه 100 مليون دولار، ولكن الإفلاس كان يحوم حوله حيث ظلت الديون تتراكم.
ولهذا وضع ترامب مصيره في يد رجل طالما أنقذه وهو فريد ترامب الذي أرسل محاميا إلى واحد من الكازينوهات وبيده 3.35 مليون دولار استخدمت لدفع رقائق القمار وقيمة كل واحدة منها 5.000 دولار حسب تقرير منظمي نيوجرسي. ولكن المبلغ لم يكن كافيا.
ولهذا واجه إمكانية إعلان ستة إفلاسات ومخاوف من الحجز على حصته من الإرث. ولهذا جاء بفكرة تغيير الوصية.
وفي الوقت الذي كان يتوقع أن يكون من ضمن المنفذين للوصية إلا أن التعديل هذا كان سيوسع من دوره، حسبما ذكرت ماري في كتابها.
وأشارت إلى أن التعديل كان سيضع إخوته تحت رحمته ويجعلهم يعتمدون على موافقته في كل عقد مهما كان صغيرا.
وبحسب دون نوفاك من شركة نوفيك أند أسوسييتس والذي طلبت منه الصحيفة مراجعة الوثائق “كانت ستعطيه (دونالد ترامب) سلطة عالية لم تكن لديه في السابق.
وكانت ستعطيه السيطرة الكاملة على عمل ما يريد في من يريد إدارة التجارة واستخدام التركة والوقف لذلك الهدف”.
وكانت الخطوة التي نشرتها صحيفة “نيويورك تايمز” عام 2018 في تحقيقها عن التهرب الضريبي محاولة لحماية حصته من المصادرة ومن إيفانا،وتم الطلاق الذي لم يعارضه ترامب عام 1990 والذي طلبته إيفانا بسبب الوحشية والمعاملة اللاإنسانية لها.
وطلب ترامب من المحامي بيتر فالينتي كتابة التعديل للوصية وبدلا من تقديمه بنفسه لوالده بعثه مع اثنين من المقربين لوالده لكي يقدما المحاولة.
وكانا المحامي إيرون ديربين ومحاسبه جاك ميتنيك. وعندما قدما الوثيقة لفريد ترامب نظرت إليها والدة دونالد ماري ماكليود وقالت له: “لن توقع على أي شيء حتى أقرأه”.
في ربيع عام 1991 بدأ فريد بتحضير وصية جديدة جعل فيها دونالد وأخيه روبرت الذي مات في 15 آب/أغسطس وماريان كمنفذين لها، أما فريد الأصغر فقد مات عام 1981 فيما لم تشمل إليزابيث في العملية.
ثم جاءت معركة حصول ولدي فريد الأصغر على تركة والدهما، وماذا يجب إعطاء كل من ماري وفريد الثالث اللذين ذهبا إلى المحكمة عام 2000. وقالا إن جدهما لم يكن في حالة صحية عندما حاول دونالد تغيير التركة عام 1991 ولتقوية حالتهما أمام المحكمة حصلا على التقرير الطبي عن حالة فريد الجد العقلية.
وقالت ماري في عريضة المحكمة إن جدها فرد عانى من خرف وناقشت أن الوصية جاءت نتاجا لتأثير دونالد وأخيه وأخته.
وقال روبرت وهو الشقيق الأصغر إن حالة والده كانت في تدهور واضح منذ عام 1990 وهو العام الذي حاول فيه دونالد تعديل الوصية.