المشهد اليمني الأول/
أولاً يمكننا التعبير عن سبتمبر وبكل فخر وأعتزاز لما حققه اليمانيين فيه من أنتصار عظيم على مؤامرات عالمية كبرى، فشكراً وإجلالاً لسبتمبر صانع القرار والإنتصار بعد الشكر والتقدير للأحرار من قاموا بهذا الإنجاز المبارك، سواءً في ثورة ٢٦سبتمبر ١٩٦٢م، او في ثورة ٢١سبتمبر ٢٠١٤م، شكراً لكم بعد الله الجبار سبحانه.
بالتأكيد أن كل الثورات تشابه بعضها، لكنها تختلف عند الخواتيم، إما خاتمة إيجابية حسنة أو خاتمة سلبية سيئة، فيُوفق فيها الأحرار والشرفاء ويفشل ويجبن فيها المرتهنين والعملاء، ولكن ثورة ٢١ سبتمبر ٢٠١٤م، تختلف عن كل الثورات ماضياً وحاضراً، فتبقى علامة فارقة في سجل الثورات، ومصباحاً منيراً في تاريخ اليمن على مدى التاريخ، بما شهدتهُ من معجزات ومنجزات عظيمة، فهذا هو الشيء الذي يميز ثورة ٢١ سبتمبر عن بقية ثورات العالم التي انتهى بها المطاف الى الفشل والإرتهان والإرتزاق.
ومثلما كانت ثورة 26 سبتمبر ١٩٦٢م، كانت ثورة 21 سبتمبر ٢٠١٤م، الأهداف ذاتها وأسباب الثورتين تتشابه، حتى شواهد ماقبل الأنطلاق متشابهه، فكلتا الثورتين كانتا ضرورة حتمية للتحرر من التبعية والإرتهان والظلم والإستبداد المتمثل بالنظام السياسي والدستوري، فثورة سبتمبر ٢٠١٤م، إلا أن ثورة 26 سبتمبر نخرها الفساد والعمالة من جوفها حتى تحولت من مسار التحرر الى مسار التبعية والإرتهان، فجاءت ثورة 21 سبتمبر 2014م متممة ومكملة لثورة سبتمبر ١٩٦٢م، ولتعزز مبادئها وأهدافها التحررية ضد العداء المتسلسل حتى هذه اللحظة على أبناء هذا البلد.
وبما أن 26 سبتمبر ثورة على الطغيان والفساد السياسي والظلم والاستبداد، فأن ثورة 21 سبتمبر ثورة على الوصاية والهيمنة الخارجية، فالثورتان مجتمعتان لنضال شعب يمني مؤمن بالعدالة، طَموح بالحرية وبناء دولة حديثة عادلة ذات سيادة وقانون، وبناء جيل التضحية في سبيل الثورتين ومبادئها التي تؤهله لرفض الهيمنة والإرتهان والوصايه الغربية والوقوف في وجه العدوان.
شواهد ماقبل وبعد أنطلاق الثورة
شطرين خاض اليمن حروباً عدة، منها بالوكالات الإقليمية وأخرى قوى دولية عالمية، والإختلاف بينهن مسألة وقت فقط، فكان يتحالف الوكيل الإقليمي مع صاحب القوة الدولية لهدف واحد ضد اليمن وشعبة، فمن هذه الوكالات والقوى ماتبخرت، ومنها مازالت حتى اللحظة تخطط وتتأمر في قتل وتدمير اليمن خارجياً بعد أن فشلت عن تدميره داخلياً عبر أدواتها.
أثناء تولي النظام المتوكلي زمام الحكم اليمني، وخلال الفترة الأخيرة من عمر المملكة المتوكلية تجذرت العلاقات بين النظام المتوكلي والنظام السعودي وشهد الوضع والعلاقات فيما بين النظامين أستقرار مشؤوم، كان ذلك الإستقرار مجرد “استراحة محارب” للنظام السعودي لينفذ بعدها خططه ومؤامراته الشيطانية ولتكن ضربته القاضية على الجغرافيا اليمنية، فعلمت السعودية في تهيئة البيئة المناسبة لتنفيذ سياساتها الممزقة عبر الأزمات المفتعلة والصراعات الداخلية، ولتكن ضربتها القاضية على الجغرافيا اليمنية بالتمدد والإستيطان ، عبر الأزمات المفتعلة والصراعات الداخلية.
ففي حين انطلقت ثورة ١٩٦٢م، شكلت صدمة مفاجئة للنظام السعودي بسقوط النظام المتوكلي وقيام النظام الجمهوري، ومثلما فر آل الأحمر وهادي وعلي محسن وحثالته نحو الخارج كعملاء ضد بلدهم وشعبهم عقب قيام ثورة سبتمبر ٢٠١٤م، حينها فر الإمام محمد البدر والحسن، وغيرهم من العائلة المالكة إلى السعودية كعملاء ضد بلدهم عقب قيام تلك الثورة، فإحتضنهم الخارج ودعمهم لبضع سنوات، خشيةً من النظام الجمهوري الجديد وقيادته وأملاً في تنفيذ أطماعه.
وكما خُيل للنظام السعودي اليوم السيطرة على اليمن جغرافياً وسياسياً وأقتصادياً، عبر إعادة حكومة الرياض “شرعية الفنادق” لتولي زمام الحكم اليمني، كأداة ممزقة للداخل اليمني بدعم الخارج السعودي والأمريكي، كان النظام السعودي آنذاك يرى ويتخيل في استعادة الملكية “النظام المتوكلي”، وإعادة البدر وأتباعة إلى العرش اليمني، جداراً يقيه من الأخطار، ويحافظ على نفوذه وأستمرارة بالتمدد في جغرافيا اليمن.
وعندما فشلت السعودية في اختراق النظام الجمهوري وحالت دون تغلغل لأدواتها، بترأس الرئيس الحمدي الذي حاول خلال فترة حكمة أخراج اليمن من الظلم والظلام وتحريرة من الأستعباد الإستبداد والنهوض به نحو الأفضل، قامت السعودية بأيادي الغدر والخيانة من الداخل بأغتيال الرئيس الحمدي، آنذاك في ١١أكتوبر ١٩٧٧م، كذلك في واقعنا اليوم بعد فشل العدوان السعودي الأمريكي في دحض ثورة المجيدة وأختراق الدولة اليمنية والسيطرة على الجغرافيا اليمنية والتغلغل فيها، قامت السعودية بأيادي الغدر والخيانة من الداخل بـ أغتيال الرئيس صالح الصماد عليه السلام، رجل بحجم وطن صاحب مشروع “يدٌ تبني ويدٌ تحمي” الذي أخرج الشعب من التبعية والوصاية الخارجية، والذي شهدت برجالته وحكمته وحنكته كل الميادين والساحات وكل جبهات الصراع مع قوى العدوان على اليمن.
وبعد عشر سنوات من انتهاء حرب ١٩٦٢م، وقيام النظام الجمهوري، أعترفت السعودية بالنظام الجمهوري حين ضنت أنهُ سيكون كما تريد هي منه، معتبرةً كل هذه الثروات المدفونة في أراضينا هي مخزونها الاحتياطي التي ستلجئ اليها متى مانفذ مخزونها الأول، طالما وان الحكومة سابقاً كانت وستبقى دمية في يده، فأستمرت السعودية البريطانية في تدجينها وترويضها للمجتمع وتقديم نفسها كنموذج حسن لليمنيين، وتغلغلت في جوامعها ومجتمعاتها وقبائلها، وأستمرت في تلغيمها للنظام الجمهوري بالفكر الوهابي والداعشي والتكفير حتى أصبح النظام الجمهوري العفاشي في اليمن أحب للنظام السعودي من الملكية اليمنية التي كافحت عدة سنوات من اجل إعادتها لزمام الحكم اليمني .
كذلك عند تحقيق الوحدة اليمنية، ألحقهم الفشل تارةً أخرى وحالت دون تغلغل لأدواتها في الجنوب، حينها سلكت السعودية طريق أخر لتنفيذ مؤامراتها وهي: تدمير الوحدة من الداخل، فتأثرت الوحدة في بضع سنوات من تحقيقها، وتحولت الوحدة الى كابوس وعبء حتى فكر البعض أن الخيار السليم هو الإنفصال.
حينها أتت ثورة الشباب في ١١فبراير ٢٠١١م، وبعد اقل من شهر من انطلاقها ومعا أحداث جمعة الكرامة بصنعاء، ومحرقة ساحة الحرية بتعز، أستغلت السعودية الوضع الحرج عبر وكلائها للسيطرة على الساحة بذريعة الحماية، ففجأه تحولت الثورة إلى أزمة وخلافات حادة تعصف بشركاء عفاش ووكلاء السلطة من حلفاء الخارج، وهنا تارة فشل أخرى للسعودية بفشل ثورة الشباب ٢٠١١م، وبفشل عناصرها المرتهنة، حينها سعت مملكة الشر في إحتوائها مجدداً لكن دون جدوى.
وحينها في نهاية ٢٠١١م، برزت ”المبادرة الخليجية” كوصفة سحرية لمعالجة الأزمة،، والتي جردت الدستور اليمني، وعطلت كل الأنظمة والقوانين وبموجبها، مُنح “عفاش” حصانة مطلقة، والفار هادي نائباً لهُ كمرشح رئاسي وحيد.
وبهذا نجحت السعودية بتمرير هدفها من المبادرة، وخلال فترة وجيزة من المبادرة الخليجية، جمعت السعودية شياطينها من الجن والإنس وجمعتت شعاوثها لمساعدتها في الطلسمة على عقول الشعب، لتنفيذ مشروع التقسيم والأقلمة إلى أقاليم وإمارات، بذريعة حل “الأزمة اليمنية”، وفي هذه الحالة سيجد آل سعود أنفسهم بين أقاليم وولايات هزيلة سهلة الإنقضاض.
وفي آطار تهيئة المناخ المناسب لتمرير مخطط التمزيق والتشرذم، تعاملوا بجُرع وتهويل وإرجاف لإشغال الشعب وإلهائه بهمومه واحتياجاته الأساسية وتجريد المواطن المسكين من قضاياه الرئيسية بالتفكير حول قوته اليومي فقط لاغير، وبعناوين مهينة ومُذلة أنهكوا الشعب وأستضعفوة تمهيداً ليتقبل بمشروع الأقلمة.
وفي ذات السياق خرج العملاء ووكلاء الخارج من حكومة هادي وباسندوه وبحاح وغيرهم من الأدوات، مهللين بمادة تم صياغتها من مشروع دستوري لايخلو من الخبث والعماله، بعد تمريرها ضمن مخرجات الحوار الوطني، وهي المادة السادسة للدستور الجمهوري مايسمى بــ “حق الشعب في تقرير مكانته السياسية” أي بمعنى حق الشعب في تقرير مصيره بالوحدة أو الانفصال، أو الإنضمام لأي جغرافيا خارجية، وبموجب هذه الماده الخبيثة منحوا الشعب حق الإنفصال والتمزق بعد التجويع والأزمات.
مراحل كثيرة شهدها الواقع قبل انطلاق الثورة السبتمبرية، وبعد استلام هادي للسلطة وتشكيل حكومة الوفاق بين المشترك والمؤتمر، وبعد ان أنجز الحوار رؤية شبة كاملة، بتشكيل هيئة وطنية لمتابعة مخرجات الحوار من كل الأطراف، فكان هادي السبب الأول في إفشال مخرجات الحوار، بتشكيل لجنة وفقاً لهواه ووفقاً لرغبات الخارج، حينها رفضت معظم القوى السياسية لهذا القرار، واتسمر أنصار الله بأعتصامهم في ساحة التغيير منذ فبراير ٢٠١٢م.
وبعدما تفاجأ الجميع بمحاولة هادي الشريرة في تقسيم اليمن وأقلمته، مباشرةً أستقالت حكومة باسندوة، ومن بعدها تم الحوار الذي افضى إلى توقيع اتفاق سلم وشراكة وتشكيل حكومة بحاح لإدارة الدولة، على اساس الإستمرارية في حل القضايا السياسية، والتحاور بما في ذلك شؤون الدولة ودستورها ونظام الحكم، وفي حال أوشك المتحاورون للتوصل الى اتفاق سلم وشراكة وطني شامل برعاية أمين عام الأمم المتحدة جمال بن عمر، ادركت السعودية وادواتها المعادية، أن مشاريعها وخططها ستفشل في حالة توصل اليمن إلى اتفاق وطني جامع شامل، وبادرت في افتعال الأزمات لغرض تعطيل الحوار والإتفاق، الذي اوشك على النجاح آنذاك.
حينها حذت حكومة بحاح حذو حكومة باسندوة، وكذلك هادي قدم استقالته بعد ساعات فقط من استقالة بحاح، كمؤامرة لإرباك الشعب سياسياً ولإيجاد واقع فوضوي ضعيف ينهي اتفاق السلم والشراكة الموقع من كل الأطراف.
ومع شد أعراب النفاق رحالهم الى الخارج كعملاء بعد إنهزامهم، أبرزت مملكة الشر عناوينها الخادعة والزائفة ك “إعادة شرعية” ومواجهة “روافض” و”مجوس” وما الى ذلك، للدخول في حرب مباشرة مع اليمن.
سعى الخارج وبكل جهد سعياٌ دؤوباً لتجزئة اليمن وتقسيمه وتحويله ضمن الوضع الكارثي، ليذهبوا به نحو الهاوية والخضوع ومصادرة قرارة السياسي في آطار البند السادس او السابع، فحاول الخارج جاهداً تدمير الشعب وأسكاتة، لكنهم بالمقابل مكّنوا القوة العتية المجاهدة “أنصار الله” فكانت صوت التغيير آنذاك إستبدالاً آلهي لتلك الأصوات السابقة الأدوات المرتهنة والعميلة من باعوا الشعب آنذاك وباعوه مجددا في ٢٦مارس ٢٠١٥م، من أرادوا بثورتهم إهلاك الشعب وإستضعافه وإرتهانه للغرب ونهب ثرواته وممتلكاته.
وبعد أن أنحرفت جهود التوافق السياسي وكادت تودي بالشعب وبوحدته الوطنية إلى مستنقع التفكك والتشرذم والتمزيق، وتمرير خطط ومشاريع سفراء دول الغرب والخليج بالاقلمة والفدرلة، وبعد أن ساءت الأوضاع، واستشرى الفساد في كل مفاصل الدولة، وكادت اليمن أن تكون إمارة لبني سعود يتحكمون في قرارها الذاتي والسياسي كيف مايريدون، حينها فاح صوت الحرية.
قيام الثورة الحادية والعشرون من سبتمبر 2014.
وفي لحظة من الإرجاف والتهويل والتجويع المفتعل، وفي حين اتسعت دائرة الخطر، وبات اليمن مسلوب القرار والإرادة، مرتهن تحت الوصاية، أدرك الشعب حجم الخطر، الذي كاد أن يهوي باليمن إلى حافة الانهيار، ويمزقه كل ممزق، إستشعر اليمنيين الخطر الدائر عليهم، فضحضح فجر الحادي والعشرين من سبتمبر ٢٠١٤م، وأنقلب السحر على الساحر، وبصوت الحرية والإستقلال أزهق الحق الباطل، بعد إفشال المخطط الإجرامي بتفكيك اليمن بقيادة مملكة الشر.
وبهدي القرآن ومسيرة الجهاد ومآثر نبي الأمة سيدنا محمد(ص)، انطلقت ثورة ٢١ سبتمبر بجد وإجتهاد وبصدق قيادتها الثورية المجاهدة ممثلةً بالسيد القائد يحفظهُ الله، وفي هذا الزخم الشعبي وخضم الثورة تحرك الشعب بثقة كاملة بالله مستعينون به ومنتظرون وعده بالظفر.
فخرج الشعب من كل فجٍ عميق ليقولوا للعالم أجمع وبأعلى صوت، انتهى زمن الوصاية والتبعية وخططكم التدميرية، فتحرك الشعب جاهضاً تلك المؤامرة المستهدفه لليمن أرضا وإنسانا ولوحدته، وانتشل الشعب ثورته السبتمبرية من بين ركام التبعية والوصاية، رافضاً سياسات الحكومة التي تؤدي إلى تزايد الأزمات وفرض الجرع القاتلة.
فأحتشد الشعب في العاصمة صنعاء ومداخلها إثر الجرع والأزمات، هاتفين ومطالبين بإلغاء الجرع واقالة الحكومة والفاسدين، إثر الفشل الحكومي الذي كان عاجزاً عن حزم أدنى حدث سواء أمني أو إجتماعي ناهيك عن قيادة شعب نحو الأفضل، أما الجانب الثقافي والديني فحدث ولاحرج، فقد كانت أيادي التكفير والإرهاب الوهابي تبطش وتبسط على الساحة بالكامل، بعد أن دخلت العديد من الطوائف والحركات الإرهابية، التي دجنت المجتمع بفكرها ومعتقادتها الخاطئة، والبسبب أرتهان السلطة وضعفها في حماية معابرها ومنافذها سواء برية كانت أو بحرية، حكومات فاشلة وبأمتياز في تطوير الشعب والاستفادة من موقعه الاستراتيجي وأستغلال ثرواته الطبيعية من نفط ومعادن وموانئ وجزر وماشابه للنهوض باللأمة نحو الأفضل.
فهبت ثورة غصب شعبية من غايتها التحرر والإستقلال وإنشاء قرار وطني ذات سيادة يمنية بعد أن أفقده الفار هادي وحثالته، وبعد أن غاب القرار التي يحفظ ماء وجه الدولة وسيادتها ومصالح الشعب وحقوقه، وبعد أن فقدت أغلب المكونات اليمنية نسيجها الحقيقي.
كذلك بعد أن عمت الفوضى السياسية في مؤسسات الدولة والدستور، فكانت القرارات والسياسات كلها خارجية، ولم يعد للشعب وللدولة أي قرار مستقل يمكن القول عنه قرار يمني، ولهذا جاءت هذه الثورة بعد أن تحكم الغرب الأعراب في دهاليز الحكم اليمني حتى وصل الأمر لأن يكون مصير بلدنا محتوم بأيدي سفراء الدول العشر بقيادة أمريكا وبريطانيا وفرنسا وغيرها، والجميع شاهد آنذاك تحركات السفير الأمريكي في أوساط الشعب حتى على مستوى القبيلة والمديرية.
فهي ثورة عريقة طويلة الأمد ناتجة عن صراع طويل وممتد من زمن صرخة الشهيد القائد إبتداءاً من مران ودماج وكتاف ووصولاً الى صنعاء، فكان قرار الجرعة مجرد شرارة أخيرة ساهمت في إنضاج الثورة، بعد فشلها في تطويع الشعب لمشاريع الهيمنة والأقلمة.
انجازات ثورة ٢١ سبتمبر
الحديث عن أسباب قيام هذه الثورة كثير ولايسعنا ذكرها سواء إستلهام وذكر منجزاتها العظيمة والمخلده، أولاً هذه الثورة وبالتالي ماتبعها من إنتصارات متتاليه لليمنيين من جيش ولجان في الحرب العدوانية الباغية، التي شنتها دول العدوان على بلدنا الحبيب في ٢٦ مارس ٢٠١٥م على خلفية ثورة ٢١ سبتمبر، فلا يمكننا الفصل بينهن فكلاهُن ثورة يمانية إيمانية واحدة.
فمن أعظم إنجازات هذه الثورة أنها أيقضت الشعب اليمني من سباته العميق وأعادة لهُ الإعتبار بعد أن كاد يُدحض، وأزالة المفهوم الخاطئ التي تجذر في أغلب العقول بعبارة “دوله ضعيفه – شعب مستضعف” وكسرت مفاهيم الإرتهان والتبعية، ورسمت في صفحات التاريخ أسمى معاني الإنتصار والبطولة، كذلك جسدت معنى الصمود والثبات في مواجهة الظلم والإستبداد، وأظهرت للعالم أجمع قوة اليمن الكامنة في أحرارة وعنفوان شبعة، وكسرت مفهوم الهيمنة الخارجية وخلقت مفهوم’السيادة والحرية والكرامة’ وأنعشت الآمال والطموحات، وأعادت الشراكة الوطنية إلى نصابها ووضعت حداً للفساد والتدخل الخارجي.
كذلك رسخت في أذهان الجميع أن النصر والغلبة لايأتي بكثرة العتاد والعدة إنما بالإيمان بالله والولاء الصادق للوطن والقيادة وبالإلتزام بمبادئ الحق وقوانينه وكرامته وعنفوانه، أثبتت أن كل شعب مؤمن بعقيدته ومبادئه القرآنية لدية القدرة ان يصنع ويطور ويضاهي بفعاليتها في الميدان، كما هو حاصلاً اليوم من تطور وتصنيع بفضل الله وبفضل من قاموا بهذه الثورة النظاليه.
ثورة جامعة شاملة شارك في رسم ملامحها كل اليمنيين الأحرار، قامت من واقع مؤلم، أستغل العملاء معاناة الشعب في تحقيق أهدافهم الدنيئة، لكنها حالت دون وصولهم الى مبتغاهم بفضل الله وبإرادة هذا الشعب وعزيمتهم الصلبة التي لاتعرف الإنهزام، وقضت على مراكز النفود والفساد والتعسف والعصابات المناطقية، وأنتشلت الحياه من واقع مزري سيئ الى واقيع يليق به كشعب عظيم، وإلى حياة كريمة وحرية وقرار حر على أرضه وخيراته، فبعد ان كانت قرارت الشعب وسيادته تدار بأوامر امريكية وصهيونية صارت اليوم تدار بأوامر يمنية بحتة بفضل الله.
وبتوفيق الله نجحت بكل معاني النجاح في تطهير أوكار التنظيمات الفوضوية ومراكز التبعية والإرتهان الخارجي، وحتى اللحظة لاتزال ثورتنا مستمرة في مسارها لتفكيك بؤر الإجرام المارقة، وحماية الشعب من شرور أذرعتها المنتشرة في اليمن وغيره، من قاعدة وداعش وعصابات ومافيات وقراصنه الخ..
فهذه الثورة لم تقم عبثاً ولاترفاً لخلط الأوراق السياسية أو أستحواذاً على السلطة وإقصاء الآخر كما فعل الإخوان في ثورة الربيع العربي عام ٢٠١١م، فقد جاءت بتغيير نوعي جديد ونموذجاً إيماني راقي لتعيد لليمنيين كرامتهم وسيادتهم المسلوبة لمدة ٤٠ عاماً وأكثر، ولتقطع الطريق على كل خاين وعميل، بوضوح أكثر جاءت كضرورة حتمية لإنقاذ الشعب من الإستعباد والوصاية الخارجية.
فحاول الأعداء الانقضاض على الثورة لكنهم لن يستطيعوا، فالثورة مازالت مستمرة ومنتصرة واليوم في عامها السادس وستنتصر، بالله وبأستنادها القوة من شعب لم يعد الخنوع والخضوع من عاداته، ولا الاستسلام من شأنه، فقد رفض الذله والوصاية وسيرفضها الى الأبد.
توضيح
فبالتأكيد عندما يكون الهدف من الثورة هو بناء قوة وطنية ذات سيادة مستقلة حرة كريمة ونصرةً لقضايا الأمة بمافيها القضية الفلسطينية، حينها ستجد أكبر وأعتى وأطغى قوى الكفر والإستكبار تقف ضدك مباشرةً وتتحالف عليك كل كلاب الغرب لقتلك وإبادتك، كما هو حال العدوان السعودي الأمريكي اليوم على شعب اليمن وثورته العريقة.
وبعد سماع دول العدوان لخطاب السيد القائد يحفظه الله حين قال ” (أن اليمن سيكون حراً وأن علاقتنا مع الخارج لابد أن تقوم على الأحترام المتبادل في إطار الندية وليس التبعية كما في الفترات الماضية)” حينها أدرك الأعداء أن اليمن قد تحول عما كان عليه سابقاً، فعملوا على إجهاض الثورة منذ شرارتها الأولى، فشنوا عدوانهم على اليمن لتركيع الشعب وقيادته وأعادته للوصاية والإرتهان، بإعتقادهم في ذلك الدفاع عن بقائهم، مع أنهم يعلمون جيداً بان الشعب اليمني لن يهزم أو يتراجع للخلف أبداً، وأن إرادتة العظيمة هي المنتصرة كونها إرادة من إرادة القهار سبحانه التي لاتقهر.
وهكذا تجلت عظمة هذا الشعب وحكمته وحنكة قيادته في التصدي لأكبر عدوان إستكباري عالمي، ولله الحمد والمنّه، أصبحت ثورتنا رمزاً وإنجازاً دولياً يتباهى به كل مقاوم حر وتقتدي به كل الدول المقاومة ضد الطغاة والمستكبرين في كل بقاع الأرض، وهاهو الشعب اليوم يتجه بأحراره ومجاهديه وضحاياه ودماء شهداءه وأشلاء أطفاله، لكتابة أعظم انتصار تاريخي.
سته أعوام من يوم صنع القرار
وبمرور سته أعوام من عمر ثورة الشعب السبتمبرية، ثورة الحرية والخلاص من الاستبداد والاستعباد ضد النهب والظلم والتسلط والعمالة والتبعية والإنبطاح ممن نهبوا الأرض وسخروا الدولة لصالح عائلاتهم وتقاسموا ثروات الشعب فيما بينهم ومن وقف ضدهم ساموه سوء العذاب.
سته أعوام من بزوغ فجرها التي أزهق الظلام وجرع الظالم المُر والعلقم، وأطاح بالعملاء المرتهنين للأجنبي وسفاراته الطامعة في نكب الشعوب وتركيعها قسراً.. سته أعوام من فرار الخرفان زمرة الخيانة الى دول الغدر والعدوان، ستة أعوام من تهاوي رموز الشر وأدوات الغرب، هاهو يطل علينا تاريخاً فيه أيادي يمانية جسدت أسمى معاني النضال والكفاح لصون كرامة الشعب، وجسدت في صفحات المجد أقوى معاني الإنتصار والعنفوان والتحدي والصمود في وجه مؤامرات الخارج ووكلاءها في الداخل، ورفض وصايتهم وعبثهم اللئيم بحياة ومصير ومقدرات هذا الشعب.
هاهو سبتمبر التحرير سيد النظالي في وسمه المشهور بال ٢١ منه، وها نحن نحتفل بذكراه السادسة من إنطلاق شرارتها التحررية، لنأكد لقوى البغي ممن كادوا بالشعب سوءً أننا على خُطى ثورتنا المجيدة رافضين الذل والإذلال والإنحطاط والإرتهان، ومابدأناه في مشروعنا سنكملهُ بتوفيق الله وسدادة، إبتداءاً من مران وضحيان الى عمران وصنعاء الى ٢١ من سبتمبر الى هذه اللحظة والى يوم يرث الله الأرض ومن عليها، سنبقى كما كُنا أولو قوةٍ وأولو بأسٍ شديد، وسيبقى عزمنا كما هو، أشداء على الكفار رُحماء بينهم،. فثورتنا مستمرة حتى أكتمال أهدافها وكشف الأوجه الحقيقية للفتنويين والمتلبسين بالوطنية، ونصرةً لقضايا الأمة والمستضعفين ، وهيهات هيهات لكم ذلك.
والأهم في حديثنا بصفتنا في العام السادس من العدوان الأمريكي، هو التذكر لما يجب علينا جميعاً، بالمضي قدماً لتحقيق ماتبقى من أهداف ثورتنا السبتمبرية، والإنحياز لروحها المستقلة والمرعبة للطغاه والمستكبرين من كيانات الخليج والصهيونية، وبالصمود ضد تحالف العدوان وتماسك الجبهة الداخلية، وان احياءنا للذكرى السادسة للثورة يحرز المجمع من الانحراف عن مبادئ الثورة، وتزيده قوة وصلابه، وتمده بثقافة قرآنية قوية تساعده على الصمود في مواجهة الطواغيت والمعتدين، كذلك العمل على تنفيذ الرؤية الوطنية لبناء الدولة اليمنية الحديثة الى جانب مشروع الشهيد الرئيس الصماد (يد ُتحمي ويد ُتبني )، والله الموفق والناصر والمعين..
________
تقرير – إبراهيم عطف الله