المشهد اليمني الأول/
كما حدث في تطبيع العلاقات الإماراتية/ الإسرائيلية، قام دونالد ترامب الجمعة 11 سبتمبر/أيلول الجاري بالإعلان عن موافقة البحرين على تطبيع علاقاتها أيضاً، مع العدو “القديم” للدول العربية -إسرائيل.
حيث أعلن ترامب أن البلدين سيتبادلان السفراء والسفارات، وستبدأ رحلات جوية مباشرة بين بلديهما وسيتعاونان في قضايا الصحة والأعمال والتكنولوجيا والتعليم والأمن والزراعة.
الخطوة التي اتخذتها البحرين تجاه إسرائيل كانت متوقعة، فبعد ساعات من إعلان 13 أغسطس/آب عن اتفاقيات التطبيع التي توسطت فيها الولايات المتحدة بين إسرائيل والإمارات العربية المتحدة، تواصل كبار المسؤولين البحرينيين مع مستشار الرئيس ترامب غاريد كوشنر ومبعوث البيت الأبيض آفي بيركوفيتز، وأخبروهم -بحسب مصادر شاركت في المباحثات- “نريد أن نكون التاليين”.
كانت تلك الرسالة بمثابة كشف الغطاء عن علاقة سرية استمرت بين الجانبين لأكثر من عقدين، على مختلف الأصعدة، ومع ذلك، لم تستغرق المحادثات التي أدت إلى البيان المشترك حول إقامة علاقات دبلوماسية كاملة سوى 29 يومًا فقط.
وفقاً لمصادر مطلعة، بدأت مناقشات مكثفة بين الولايات المتحدة والبحرين وإسرائيل عقب إعلان الإمارات مباشرة، شارك فيها العديد من المسؤولين الأمريكيين الآخرين – بخلاف بيركوفيتز وكوشنر-، وعلى رأسهم مستشار الأمن القومي روبرت أوبراين، ومبعوث إيران برايان هوك، ومدير مجلس الأمن القومي للشرق الأوسط الجنرال ميغيل كوريا، والمسؤول في البيت الأبيض آدم بوهلر، والسفير الأمريكي في إسرائيل ديفيد فريدمان.
على الجانب البحريني، تحدث كوشنر وبركويتز وفريقهم مع ولي العهد البحريني سلمان بن حمد آل خليفة والعديد من كبار مستشاريه وكذلك نع السفير البحريني في واشنطن، أما على الجانب الإسرائيلي، ترأس المحادثات السفير رون ديرمر في واشنطن وشارك رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو عن كثب.
على عكس الاتفاقية الإسرائيلية الإماراتية، التي ظلت سرية للغاية حتى عن شركاء نتنياهو في الائتلاف، تحدث البيت الأبيض عن نية البحرين بشكل أقوى استناداً إلى رغبتها “الصادقة” في التطبيع -بحسب المصادر المطلعة.
عندما كان كوشنر وبيركوفيتش في إسرائيل يوم الأحد الماضي، أطلعوا وزير الدفاع الإسرائيلي بيني غانتس ووزير الخارجية غابي أشكنازي على وصول المفاوضات مع البحرين بشأن التطبيع إلى مراحل متقدمة، وفي الأيام الأخيرة، تلقى غانتس وأشكنازي مزيدًا من التحديثات حول الإعلان القادم -في القريب العاجل-.
بعد زيارته لإسرائيل والإمارات الأسبوع الماضي، سافر كوشنر والوفد المرافق له إلى البحرين، وقبل تلك الرحلة اشترى كوشنر كتاب “توراة” بأمواله الخاصة كهدية لملك البحرين حمد بن عيسى آل خليفة، المعروف عنه علاقته “الطيبة” مع يهود البحرين، حيث يوجد بالبحرين جالية يهودية صغيرة منذ عقود.
لقد خلق الاجتماع مع الملك وولي العهد في المنامة زخماً واسعاً، وشعر كوشنر أن الظروف ملائمة للوصول إلى اتفاق مع البحرين حول تطبيع العلاقات مع حليف أمريكا الأكبر -إسرائيل، مع ذلك قرر الانتظار بعض الوقت لتسوية بقية التفاصيل.
قال مسؤولون إسرائيليون إن البيت الأبيض أراد من الحكومة السعودية أن تمنح البحرينيين الضوء الأخضر لهذه الخطوة، وهي استراتيجية متعارف عليها رغم أنها غير رسمية: البحرين لا تخطو خطوة إلا بإذن أو بمباركة السعودية!
خلال الأيام القليلة الماضية، واصل كوشنر وبركوفيتز التحدث إلى ولي العهد البحريني ومستشاريه ومع ديرمر كذلك، وبحسب مصدر مطلع على المحادثات فإن البيت الأبيض أراد أن يعلن عن الاتفاق مع البحرين قبل حفل توقيع الصفقة الإسرائيلية الإماراتية في 15 سبتمبر/أيلول.
وأضاف المصدر أن البيت الأبيض سعى إلى ذلك بصورة حثيثة لأنه يرى إذا وقعت دولتان عربيتان اتفاقيات تطبيع مع إسرائيل في نفس اليوم، فإن الرسالة المطلوب إيصالها إلى المنطقة والعالم ستكون أقوى.
الإمارات أذابت جبال الجليد التي كانت موجودة بين الدول العربية وإسرائيل منذ عقود، وقادت الطريق نحو التطبيع رغم أنها ليست أول دول عربية تفعل ذلك، لكن مع ذلك، لا يمكن إنكار الدور البحريني الرئيسي في تقارب العلاقات خلال السنوات الثلاث الماضية – عندما استضافوا مؤتمر المنامة الذي أطلق الجزء الاقتصادي من خطة ترامب الإسرائيلية الفلسطينية.