هجمات 11 سبتمبر، جهنم فتحتها امريكا، وكيف دشنت واشنطن عهد الدكتاتوريات الدموية في أمريكا

812
هجمات 11 سبتمبر
هجمات 11 سبتمبر
المشهد اليمني الأول/

في الذكرى 19 لهجمات 11 من أيلول/سبتمبر، ما زال لغز الهجمات التي نفذتها اربع طائرات مدنية على أهداف داخل الولايات المتحدة الأمريكية يثير الكثير من التساؤلات، حول منفذي الهجمات، والمسوغات التي ساقتها الادارة الاميركية لاطلاق حربها ضد ما تصفه بالإرهاب، ودوافعها الحقيقية لغزو العراق وأفغانستان.

فقد شهد العالم بعد تلك الهجمات سلسلة أحداث سياسية وعسكرية غيرت مجرى تاريخ شعوب بأكملها، وأثارت حروبا وأعمال عنف ذهب ضحيتها ملايين البشر بين قتلى وجرحى ومشردين ومتضررين .

ما يثير شكوك من ان من نفذ الهجمات قد يكون اجهزة مخابرات كبرى وليس مجرد تنظيمات او اشخاصا تلقوا تدريبات.

بحسب الرواية الرسمية الأمريكية، فإن خمسة عشر سعوديا كانوا من بين تسعة عشر شخصا نفذوا الهجمات، الا ان الادارة الاميركية ركزت غضبها على تدمير افغانستان وبعده العراق مرتكبة ابشع الجرائم بحق الشعبين.

عائلات ضحايا هجمات سبتمبر رفعوا دعاوى تتهم فيها حكومة الرياض بالتواطؤ في الهجمات، وتطالب بتعويضات.

واكتسبت هذه الدعاوى زخما كبيرا عام الفين وستة عشر عندما أقر الكونغرس قانون جاستا الذي يتيح للأميركيين مقاضاة حكومات أجنبية بتهم الإرهاب.

ومع مرور الوقت ورغم محاولات الاداراة الامريكية التستر، عاد اسم السعودية الى الواجهة مع تسريب اسماء مسؤولين سعوديين على صلة بمنفذي الهجمات من بينهم بندر بن سلطان السفير السعودي السابق في الولايات المتحدة ومدير موظفيه أحمد القطان وفهد الثميري المسؤول في وزارة الشؤون الإسلامية.

واصدرت قاضية فدرالية في نيويورك أمرا للحكومة السعودية بتمكين القضاء الأميركي من استجواب اربعة وعشرين مسؤولا حاليا وسابقا بشأن معرفتهم المحتملة بالهجمات.

ومع اقتراب موعد بدء جلسة محاكمة المتهم بالتخطيط للهجمات خالد شيخ محمد وأربعة متهمين آخرين، في محكمة عسكرية بخليج غوانتانامو في كوبا..تتكثف الضغوط على السعودية، ما يجعل الادارة الامريكية امام خيارين، حماية حليفتها من المعركة القضائية، او الرضوخ لمطلب عائلات الضحايا.

ويناقش برنامج “بانوراما على قناة العالم.. مقتطفاتٌ من كتابٍ يصدُرُ في الولايات المتحدة؛ تكشف أنّ الرئيس الأميركي دونالد ترامب تَباهى بأنّه نجحَ في إنقاذ ولي العهد السعودي محمد بن سلمان.

وقال ترامب ان استطاع انقاذ بن سلمان من ملاحقة أعضاء مجلسِ الشيوخ الأمريكي بتهمةِ قتلِ الصِحافي السعودي جمال خاشقجي في قنصليةِ بلادِه في اسطنبول التركية عام 2018.

وفي في ملف بانوراما الثاني.. يبحث الذكرى 19 لهجمات 11 من سبتمبر في الولايات المتحدة الامريكية، التي شارك فيها 15 سعوديا من اصل تسعة عشر مهاجما.

وقد بقي ملف التحقيق المتعلق بالسعودية سريا مع تسريبات عن تورط مسؤولين سعوديين رسميين، حيث دفعت الرياض مليارات الدولارات لشراء سكوت الادارات الامريكية المتعاقبة.

ولكن الان قاضية امريكية، اصدرت امرا حديثا بتمكين القضاء الأميركي من استجواب اربعة وعشرين مسؤولا سعوديا حاليا وسابقا بشأن معرفتهم المحتملة بالهجمات.

كيف دشنت واشنطن عهد الدكتاتوريات الدموية في أمريكا اللاتينية بالانقلاب على سلفادور ألّندي؟

11 من أيلول/سبتمبر عام 1973 يوم مفصلي في عالم الجنوب، قبل هجمات نيويورك بعقود، رعت الولايات المتحدة انقلاباً عسكرياً ضد الرئيس التشيلي سلفادور ألندي المنتخب شرعياً.

في ذكرى 11 من أيلول/سبتمبر يتبادر إلى الذهن مشهد هجمات نيويورك. لكن في واقع الأمر هو يوم مفصلي في تاريخ عالم الجنوب، وليس فقط بالمعنى الأميركي المشهور، ففي اليوم نفسه من عام 1973 وقع انقلاب رعته واشنطن ضد سلفادرو ألندي الرئيس التشيلي المنتخب ديمقراطياً، ودشن من خلاله عهد الديكتاتوريات الدموية في أميركا اللاتينية.

قد لا يكون إرث العبودية في الولايات المتحدة أبرز معالم الديمقراطية الأميركية، ولا انفجار العنصرية الفاقعة في شوارع واشنطن ونيويورك، ولعل انقلابها على الرئيس الشرعي المنتخب سلفادور ألندي في تشيلي، هو أحدّ المحطّات الرئيسة التي تنير ظلامية الادعاء الديموقراطي الأميركي في بلادنا والعالم.

المخطط الأميركي ما زال يتكرر إلى اليوم، في دول مختلفة، مع تبديل الأدوات انسجاماً مع الخصوصيات والمتغيرات وما ترفعه واشنطن اليوم من شعارات براقة بشأن الديمقراطية، سبق أن هدمته بنفسها، في أميركا اللاتينية.

الولايات المتحدة لم تستنفذ استغلال الدماء في ما سمته الحرب على الإرهاب، لكنها تغرق بإرث 11 من أيلول/سبتمبر في تشيلي، الذي يدل على حروبها المتنوعة لإسقاط استقلال الشعوب.

ربما من المفيد أن نقف على إحياء الذكرى في نيويورك، فقد كانت باهتة، وكانت نيويورك وكل المدن الأميركية مشغولة بمسائل أخرى غير 11 أيلول/سبتمبر، تتفجر أميركا وتتكشف على بعض مكنوناتها الداخلية.

أما على العصيد السياسي، علينا ألا نغفل أن أميركا التي قامت مما سمته غزوة نيويورك ومانهاتن ذهبت إلى أفغانستان، وأطاحت بالحكم في أفغانستان، في هذا الأسبوع بالذات يعلن الرئيس الأميركي وإدارته عن انسحاب عسكري كبير من أفغانستان وهي بصدد إجراء تفاهمات كبيرة للمساومة والمصالحة بين الحكم وطالبان، يدل ذلك على أن الحملة التي استغلتها باسم أحداث نيويورك، تفشل على الصعيدين الاستراتيجي والسياسي.

ما يربط التاريخ الأول بالتاريخ الثاني، هو بكل بساطة سياسة الهيمنة الأميركية، والسياسة التوسعية والاستعمارية للولايات المتحدة، تاريخ 11 أيلول/سبتمبر بغاية الأهمية بالنسبة لمسار كل الحركات الثورية في أميركا اللاتينية.

مستحيل أن يفهم ما يحصل أميركا اللاتينية دون هذه التجربة، لأن منذ تلك اللحظة انتشرت الديكاتوريات في المنطقة، وحتى الولايات المتحدة على شعبها بالذات مارست كل أنواع القوانين التي سرقت منهم حريتهم بعد أحداث نيويورك

كان للانقلاب على ألندي تأثير كبير على الحركات الثورية وبعض العمليات الديمقراطية التي كانت في بدايتها في تلك المنطقة، ويسمى هذا اليوم “يوم العار”، لأن هذا الانقلاب قام به رجل مقرب من الرئيس ألندي هو أوغستو بينوشيه.

ألندي لم يستسلم هناك، وقاتل حتى الرمق الأخير، وبعد أن طلب إلى مساعديه أن يلقوا السلاح، هو لم يلق السلاح، وقال قبل ما تسرب أنه “انتحار” رسالته قائلاً، هم لديهم القوة وسيكونون قادرين على التغلب علينا ولكن الشعوب هي التي تصنع التاريخ.

عرف ألندي طيلة حياته وأعوامه الـ65 التي عاشها، بشجاعته وصدقه وإيثاره، ولم تكن واشنطن مستعدة لنجاح تجربة جديدة اشتراكية في القارة اللاتينية، في حديقتها الخلفية بعد كوبا، خاصة أن علاقة كوبا بألندي كانت علاقة متميزة وعميقة جداً.

افتضح أمر واشنطن بعد سنوات، من خلال لجنة تحقيق في الكونغرس الأميركي، كشفت أن الولايات المتحدة وظفت وسائل الإعلام ورشت وجندت كبار الضباط في الجيش التشيلي، وتحدثت عن الكيفية التي حصل فيها هذا الانقلاب.

لم تكن مقولة “الحرب على الارهاب” دُرجة سائدة كما تنفخها الإدارة الأميركية ضد إيران ومحور المقاومة من أجل محو الذاكرة الجمعية وترويج الأسطورة الإسرائيلية، لكن أميركا لم تغيّر نفسها وإن بدّلت القشرة السطحية في استخدامها جماعات المنظمات غير الحكومية والأبواق المنمّقة بعلوم التسويق الاستخباراتي.

في هذا المسار الطويل تغتال أميركا بالسم شاعر الانسانية بابلو نيرودا، بعد أسبوع من اغتيال الرئيس ألّندي.

وقبل وبعد اغتيال الرئيس أللندي، حصلت انقلابات عسكرية ناتئة ومخفية لا تُعدّ ولا تُحصى، لكن أللندي الذي سقط برصاص الاغتيال ظلّ يلوّح حتى الرمق الأخير للأجيال المقبلة برشاش كلاشنكوف حربي أهداه له فيدل كاسترو.