المشهد اليمني الأول/
في يوليو الماضي أشار تقرير صادر عن مجلس الأمن الدولي، الى تنامي نشاط التنظيمات التكفيرية وعلى رأسها ما يسمى بتنظيمي القاعدة وداعش في محافظة البيضاء، يأتي ذلك بالتزامن مع اشتداد المعارك في محافظة مأرب بين ابطال الجيش واللجان الشعبية وبين تحالف العدوان الأمريكي السعودي المسنود بمليشيات حزب الإصلاح الاخوانية.
وعلى ضوء التقرير الصادر عن لجنة العقوبات التابعة لمجلس الأمن الشهر الماضي، أعدت مجلة “فورين بوليسي” الأمريكية ، تقريراً لفتت فيه الى الدعم اللوجيستي العسكري الذي قدمته الإدارة الأمريكية لتحالف العدوان، حيث قالت: ” كان للدعم اللوجيستي العسكري الذي وفرته واشنطن للتحالف الذي تقوده السعودية في اليمن إنعكاسات سلبية خطيرة”، مشيرة الى تنامي التنظيمات التكفيرية في اليمن وامتلاكها للأسلحة التي باعتها امريكا للسعودية والامارات .
وقالت المجلة أن التحالف الذي تقوده السعودية في اليمن قام بأبرام صفقات سرية مع مقاتلي القاعدة لمواصلة القتال في صفوف المرتزقة ضد الجيش واللجان الشعبية.
وبعد اسابيع من صدور تقرير مجلس الامن، وكذا ايام من نشر المجلة الأمريكية لتقريرها بشأن تنظيم القاعدة، خرج التنظيم التكقيري ليعلن عبر احدى وكالاته الإخبارية عن فتح مواجهات جديدة مع الجيش اليمني واللجان الشعبية في محافظة البيضاء.
وتأكيداً على ما نشرته مجلة الفورين بوليسي بشأن الاتفاق المبرم بين القاعدة وتحالف العدوان الأمريكي السعودي، اعلنت وزارة الدفاع في حكومة المرتزقة عن خوض من أسمتهم بالجيش الوطني معارك طاحنة في البيضاء ضد الجيش واللجان الشعبية.
وأشار بيان صادر يوم الثلاثاء – 18 أغسطس 2020 – نشرته وكالة سبأ في نسختها المزيفة بالرياض وتناقلته وسائل اعلامية محلية وعربية ودولية موالية للعدوان، الى قيام قواتهم المسنودة بطيران التحالف لليوم الثاني على التوالي بشن هجوم على مواقع الجيش واللجان الشعبية شمالي البيضاء، زاعماً أن الهجوم خلف أكثر من 40 عنصراً بين قتيل وجريح بنيران قواتهم، إلى جانب خسائر أخرى في الآليات والمعدات القتالية التي الحقوها بمن تسميهم “الحوثيين” حسب زعمها.
وفي اليوم التالي اعلنت وكالة أعماق الناطقة باسم التنظيم التكقيري “داعش” أخباراً (رصدها موقع أنصار الله ) تؤكد فيها قيام عناصرها بخوض المعارك مع من تسميهم ايضا بالحوثيين، ليحمل هذا الإعلان وذلك البيان اعترافاً واضحاً أمام مرأى ومسمع العالم بحقيقة الجماعات التكقيرية (القاعدة وداعش) الذي يسميها تحالف العدوان ووسائله الإعلامية بالجيش الوطني الذي يعد خليطاً من الجماعات التكفيرية والعصابات من قطاع الطرق ومفجري انابيب النفط والغاز.
أما تنظيم القاعدة فقال عبر وكالة ثبات الإخبارية التابعة له في ٧ أغسطس، بأن عناصره تخوضاً حرباً عنيفة مع الحوثيين في قيفة- حسب قولها.
ابطال الجيش واللجان ينهون احلام العدوان في البيضاء
وقبل أن ينهي أبطال الجيش واللجان الشعبية تطهير المديرية من العناصر التكفيرية، فقد قام طيران العدوان الأمريكي السعودي بشن عشرات الغارات على مناطق مختلفة من محافظة البيضاء في محاولة بائسة لإسناد العناصر التكفيرية خلال المعارك التي شهدتها المحافظة خلال الأيام الماضية.
وقد اكد المتحدث الرسمي باسم القوات المسلحة العميد يحيى سريع، قيام أبطال الجيش واللجان بعملية عسكرية كبرى استهدفت التنظيمات التكفيرية او من تسميهم قوى العدوان بالجيش الوطني.
واعلن سريع في ايجازه الصحفي القضاء على إحدى الجبهاتِ العسكريةِ الهامةِ للعدوانِ في مديريةِ (ولدْ ربيع) بمحافظةِ (البيضاءَ) والمناطقِ المجاورةِ لها، التي كانتْ خاضعةً لمرتزقةِ العُدوانِ من الجماعاتِ التكفيريةِ والأدواتِ الاستخباريةِ الأجنبيةِ ما يسمى بالقاعدةِ وداعش، لافتاً الى أن العمليةُ العسكريةُ النوعيةُ ادت الى سقوطِ أكثرَ من 250 من العناصرِ التكفيريةِ ما بين قتيلٍ وأسيرٍ ومصاب، بالاضافة الى تدميرِ أكثرَ من اثني عَشَرَ معسكراً وتجمعاً لتلك العناصرِ في نفسِ المنطقة.
وأكد تحريرِ ابطال الجيش واللجان لمساحة تقدر بألف كيلومترٍ مربع كانت تحتلها تلك الجماعات التكقيرية والعثورِ على المئاتِ من الأحزمةِ الناسفةِ والعبواتِ المتفجرة.
كما غنم الجيش واللجان كمياتٍ كبيرةٍ من الأسلحةِ التي منحها تحالف العدوان لتلك الجماعات التكفيرية.
ولفت الى أن العُدوانُ ساند مرتزقتَهُ من عناصرِ ما يسمى داعشَ والقاعدةِ بعشراتِ الغاراتِ إلى جانبِ الدعمِ بالمالِ والسلاح.
ويمكن القول بأن العملية العسكرية التي استمرّت عدّة أيام وانتهت الخميس الماضي، قد إسقطت المعقل الرئيس للتنظيم منذ عشر سنوات، وذلك بإسناد من قبائل المحافظة
كما تفيد الانباء عن مقتل أمير تنظيم «القاعدة» في «ولاية القريشية»، المدعو «أبو صريمة»، ومسؤول الإمداد في التنظيم، وهو باكستاني يدعى «أبو حفص»، وقيادات أخرى. كما تمّ أسر عدد من العناصر من جنسيات متعدّدة، كباكستان وأفغانستان ومصر والسعودية.
وتمّ العثور على مستشفى ميداني تابع للتكفيريين ومقرّات للتنظيم في منطقة ذي كالب الواقعة بالقرب من يكلا، ومعسكرات تدريب وتأهيل تحوي أسلحة سعودية متوسطة وخفيفة.
وكان وزير الإعلام في حكومة الانقاذ ضيف الله الشامي قال في تغريدة على “تويتر” إن معاقل داعش والقاعدة في قيفة ويكلا بمحافظة البيضاء أسقطت.
وتساءل الشامي عما إذا كانت “محافظة لحج الساحلية على البحر العربي جنوب اليمن ستكون المعقل الجديد لداعش والقاعدة بعد سقوط معاقلهما في قيفة ويكلا وهل لبناء مراكز للفكر التكفيري في لحج علاقة بالتهيئة لهذا الأم
ما قبل الانتصار
ويجمع الكثير من المراقبين أن المناطق التي تمكن الجيش واللجان من بسط سيطرتهم عليها ، تعدها من اهم معاقل التنظيمات التفكيرية ؛ نظراً لاحتوائها على عدد من المعسكرات التدريبية لداعش والقاعدة.
وتأتي العملية بعد عدة جرائم ارتكبتها الجماعات التكفيرية بحق المواطنين في المحافظة كان اخرهم طبيب الاسنان مطهر اليوسفي الذي ينتمي إلى محافظة تعز حيث اعدمته القاعدة في مديرية الصومعة شنقا مع صلب جثته في الشارع العام.
ووجهت القاعدة تهمة التجسس لليوسفي الذي تتحدث مصادر قبلية عن عدم مغادرته المديرية منذ انتقاله إليها قبل نحو عقد من الزمن.
وسبق للتنظيم أن ارتكب جرائم بشعة بحق سكان آل عزان وآل النشامي في مديرية الصومعة في يونيو الماضي.
وقالت مصادر محلية حينها إن عناصر “تنظيم القاعدة” وميليشيات حزب الإصلاح، اقتحمت في متنصف يونيو بالمدرعات والعربات العسكرية منطقة حجلان في مديرية الصومعة، وقامت بمهاجمة منازل قبائل آل عزان وآل النشامي.
وأوضحت المصادر بأن الهجوم أسفر عن سقوط قتلى ومصابين من قبائل آل عزان والنشامي.
وفي مارس الماضي اقدمت عناصر من تنظيم داعش، على قتل رجل من آل سرحان وزوجته وطفله بعد التقطع لهم في منطقة الظهرة بمديرية القريشية حيث جرى استهدافهم بقذيفة ” ار بي جي ” اثناء مرورهم بسيارتهم من احدى النقاط التابعة للتكفيريين.
أمريكا في البيضاء
الجدير بالذكر أن مديرياتِ القريشية وولد ربيع والشرية ومناطق أخرى في البيضاء، ظلت خلال العقود الماضية مسرحاً للمخابرات الأمريكية التي اتضح قيامها بتزويد العناصر التكفيرية بالأسلحة وفقاً لما جاء في رسالة المجلس الأعلى لإدارة وتنسيق الشؤون الإنسانية والتعاون الدولي، الموجهة في يوليو الماضي الى الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية بشأن مخازن الاسلحة التابعة للوكالة التي جرى ضبطها في البيضاء في يونيو الماضي.
وهو ما يظهر لعبة المخابرات الأمريكية ورغبتها في توسيع مناطق سيطرة تنظيمي القاعدة وداعش في المحافظة تحتَ ما يسمى بـ “المقاومة الشعبية” وهو المسمّى الذي يتخذه مرتزِقة العدوان وتحالف العدوان الامريكي السعودي للمقاتلين التكفيريين.
وقد أظهرت وثيقةٌ رسمية نُشرت في وقت سابق فيام مليشيا حزب الاصلاح بتسليم قيادة الجبهة لتنظيم داعش وإبعاد القيادة السابقة من تنظيم القاعدة دون أن تخشى دولُ العدوان وحكومة الفارّ هادي من تداعيات استمرار الكشف عن علاقتهم بالتنظيمات الإجرامية.
الوثيقة التي نشرتها صحيفة المسيرة الشهر الماضي تنُصُّ على سبع نقاط في النقطة الأولى والثانية تم إقرارُ “تنحيةِ أبي محمد عبدالله العواضي وأبي صالح حمزة المشدلي-وهما قياديان بالقاعدة- عن قيادة جبهة الحازمية، بحيث لا يبقى فيها قائدٌ ولا فردٌ في مواقعها وعند تنحيته من الجبهة لا يلحقه شيء من تبعات الجبهة”، كما نصت الوثيقة في الفقرة الثالثة على تعيين القيادي بتنظيم داعش “أبي عثمان موسى المشدلي قائداً أو أميراً على الجبهة”.
كما نصَّت الوثيقةُ على أنه يجبُ على القياديين بالقاعدة المعزولين “تسليم جميع أدوات الجبهة من سلاح وسيارات ومخازن وذخيرة وكل ما يتعلق بالجبهة وذلك استناداً لحكم مشايخ اهل العلم وتسليمها لأمير الجبهة”.
ويأتي الاتفاق بناءاً على المحاصصة التي جرى الاتفاق عليها بين تنظيمي داعش والقاعدة بوساطة من حزب الاصلاح وبرعاية مباشرة من السعودية والامارات واشراف امريكي من اجل توزيع مناطق ومديريات المحافظة على التنظيمين لا سيما بعد اشتعال الخلاف بينهما في وقت سابق.