المطامع الصهيونية على باب المندب، محاولات لتحويل البحر الأحمر الى بحيرة يهودية غارقة بالدماء

1185
اليمن يثبت معادلة السيادة الكاملة و ينسف قواعد الاشتباك ومن فوق الطاولة..
البحر الأحمر
المشهد اليمني الأول/

ركّزت إسرائيلُ في نظرية أمنها القومي على البحر الأحمر على الرغم من قصر ساحلها عليه والذي يبلغ طوله سبعةَ أميال.

وقد ركّزت جهودها؛ باعتبَاره من مقتضيات أمنها القومي بوصفه يقعُ ضمن اتّجاهها الاستراتيجية الجنوبي ليشمل الدول العربية المشاطئة له ودول القرن الإفريقي المتحكمة في مدخله الجنوبي، بالإضافة إلى منطقة البحيرات العظمى ومنابع نهر النيل؛ لذلك خططت إسرائيل منذ نشأتها للسيطرة على البحرالأحمر بجميع منافذه وإقامة ما يسمى بإسرائيل الكبرى الممتدة بحسب زعمهم من النيل إلى الفرات،

وفي هذا إطار، قال المنظّر الإسرائيلي كانستلون، قائد نحن نملك » : البحرية الصهيونية أسُطولاً بحرياً يعمل في جميع موانئ العالم وسيرتفع عدده في عام ١٩٥٦ م؛ ولهذا فعلينا أن نعد العُدة لمستقبل تستطيع فيه أساطيلنا البحرية والحربية أن تحطمَ الحصارَ المفروضَ علينا.

أي باختصار، مطلوبٌ منا أنتكونَ لدينا خطة نستطيع عن طريقها أن نحول البحر الأحمر.« إلى بحيرة يهودية بالتدريج من هنا كانت السيطرة على البحر الأحمر هدفاً للسياسةالصهيونية، وبدأ منذ وقت مبكرالاهتمام الصهيوني في إفريقيا وخَاصَّةً بإرتيريا.

فمنذ سنة ١٩٢٠ م وخلال فترةالاستعمار الإيطالي، أقامت شركة SIA زراعية صهيونية تدعى برؤوس أموال يهودية في منطقة القاش مشروعاً غرب إرتيريا ثم اخترقت الثورة الإرتيرية عن طريق شخص أسياسي أفورقيعام ١٩٧٠ م بواسطة القاعدة الأمريكية (كانيوا ستيشن) في أسمرا؛ للحيلولة دون انتصار الثورة الإرتيرية ذات التوجّه الإسلامي والمدعومة من بعض الدول العربية؛ وذلك خوفاً من أن يصبح البحر الأحمر بحيرةً عربيةً؛ ولضمان السماح لإسرائيل ببناء القواعد الصهيونية وإبعاد إرتيريا عن الانضمام إلى جامعة الدول العربية.

وقد احتلت إسرائيل مرفأ إيلات (أم الرشراش المصرية) في آذار مارس ١٩٤٩ م بعد توقيع اتّفاقية رودس ليكون مدخلها إلى خليج العقبة والبحر الأحمر لإقامة العلاقات مع الدول الإفريقية والآسيوية.

ونجحت في استثمار علاقتها مع أثيوبيا قبل انفصال إرتيريا عنها، في الحصول على جزيرة دهلك في البحر الأحمر عام ١٩٧٥ م؛ كي تُقيم عليها أول قاعدة عسكرية. وتلا ذلك استئجار جزيرتي حالب وفاطمة، ثم سنشيان ودميرا. وللوقوف على الأطماع العسكرية وتحَرّكاتها العدوانية؛ بهَدفِ السيطرة على باب المندب والجزر اليمنية، سنقف على أهم الأحداث التي شهدها الصراع.

خططت إسرائيلُ منذ نشأتها للسيطرة على البحر الأحمر بجميع منافذه وإقامة ما يسمى بإسرائيل الكبرى الممتدة بحسب زعمهم من النيل إلى الفرات

اليمني الإسرائيلي ونجم عنه اغتيالُ الرئيس الشهيد الحمدي وُصُولاً إلى اغتيال الرئيس الشهيد الصمَّاد وعلى النحو التالي:

• لقد تنبه الرئيسُ الشهيد إبراهيم الحمدي عام ١٩٧٦ م لوجود تحَرّكات غربية مشبوهة تسعى للسيطرة على باب المندب، فاتّجه للتنسيق الدبلوماسي مع الدول العربية بشأن التهديدات الإسرائيلية المستمرة وتواجدها في البحر الأحمر، وقرّرت اليمن في عهد الرئيس إبراهيم الحمدي حظرَ التحليق الجوي للطيران الحربي فوق باب المندب،

وقد تحَرّك الحمدي باكراً وعقد لقاءً في تعز ضم عدداً من رؤساء الدول المطلة على البحر الأحمر، واستجابت بعضُ الدول للدعوة، اليمنُ الشمالي، » حيث شاركت واليمن الجنوبي، والصومال، في حين غابت كُلٌّ « والسودان من مصر والسعودية وإرتيريا، ودعا اللقاء إلى إبقاء البحر الأحمر خارج صراعات القوى الكبرى ورفض أي تواجد للقوات الأجنبية، وبعد انعقاد اللقاء

أولى الرئيس الصمَّاد اهتماماً بالساحل الغربي وارتقى شهيداً وهو يجاهدُ على ترابها ويحشدُ للخروج بمسيرة البنادق للإعلان أن الحديدة ستستقبل العدوان على فوهات البنادق

الرباعي كثّفت إسرائيل من نشاطها واستفزازاتها لليمن الشمالي، وفي عامي ٧٧ وَ ٧٨ مانتهكت إسرائيل الأجواء اليمنية ورُصدت تطلعات جوية للطيران
الحربي الإسرائيلي فوق المياه الإقليمية اليمنية والسواحل الغربية، وتقدمت اليمنُ حينها بشكاوى احتجاجية للأمم المتحدة ضد الكيان الصهيوني، ثم سعت أجهزةُ الاستخبارات الغربية وبمشاركة السعودية من خلال ملحقها العسكري الهديَّان تم تجنيد عملائهم في الداخل وتم اغتيال الرئيس إبراهيم الحمدي ليلة ١١ أكتوبر ١٩٧٧ م، وكشفت الأخبار أن أبرز مبرّرات الجريمة هي تحَرّك الشهيد الحمدي في الدفاع عن باب المندب في مواجهة التواجد الإسرائيلي في البحرالأحمر، وتداول الشارع اليمني العبارة التي قالها المجرمون للشهيد عبد الله الحمدي قبل قتله وهو يشاهد جثة الشهيد الحمدي مضرجة بالدم شوف البحر الأحمر.

وخلال حرب الخليج الأولى، زُرعت ألغامٌ بحرية في الممر الدولي تهدف إلى التشكيك من قدرات اليمن في حماية ناقلات النفط العابرة من باب المندب، وكان الهدف البعيدُ من ذلك هو إيجاد ذريعةٍ لإبقاء التواجد العسكري الأجنبي في الجزر اليمنية بذريعة حماية السفن المارة وتقديم خدمات الإنقاذ وتسهيل مرورها.

وفي ديسمبر ٩٥ م، هاجم تقطع بحرية إرتيريا الحامية َالعسكرية لجزيرة حنيش اليمنية وقامت باحتلالها بدفع ودعم إسرائيلي، وتم الكشف فيما بعد أن الوفد الإرتيري كان يتلقى تعليمات مسبقة من تل أبيب بعدم التفاوض.

وعقب احتلال الجزيرة شهدت منطقة جنوب البحرالأحمر نشاطاً عسكريٍّا لإسرائيل والولايات المتحدة بالإضافة إلى مناورة عسكرية بحرية أمريكية إرتيريا، كما أن احتلال جزيرة حنيش أعقبها بفترة وجيزة زيارةٌ للرئيس الإرتيري أسياسيأ فورقي إلى تل أبيب وعقد مع الإسرائيليين صفقة شراء أسلحة وتزويد جيشه بمروحيات وقطع عسكرية وتدريب ٤ آلاف جندي،

وقد أشار التقريرُ الصادر عن اللجنة التابعة للجامعة العربية في نوفمبر ١٩٩٥ م، إلى وجود اتصالات إسرائيلية إرتيريا حول جزيرة حنيش اليمنية؛ بهَدفِ إنشاء محطة مراقبة لاسلكية فيها لمراقبة السفن في الممر الدولي، ونقلت صحيفة عن مجلة الدفاع « يمن تايمز »الوطني الأمريكي تصريحا ًللعميد في البحرية الأمريكية هنري لابروس تحدث فيه عن مصلحة إسرائيل في السيطرة على جزيرة حنيش، واصفاً إياها وفي « الجزيرة الاستراتيجية « بتلك الفترة نشرت مجلة الدفاع الأمريكية أكثر من مادة صحفية عن جزيرة حنيش والأوضاع العسكرية في المنطقة. وفي فبراير

مع وجود تقارب كبير جِدًّا بين أبو ظبي وتل أبيب بات من الواضح أن سيطرة الإمارات على جزيرة ميون المتحكمة بباب المندب جاء بدافع إسرائيلي وأمريكي بحت، لإعادة الأطماع الإسرائيلية في احتلال الجزر اليمنية في البحر الأحمر منذ عهد الرئيس الحمدي في سبعينيات القرن الماضي.

96م أكّدت الحكومة الإسرائيلية علاقتها بإرتيريا ووصفتها بانها ذات موقع استراتيجي يضمن لإسرائيل اتصالات بحرية وجوية بإفريقيا والشرق الأقصى. وبعد أحداث الحادي عشر من أيلول سبتمبر ٢٠٠١ م، عززت الولاياتُ المتحدة الأمريكية بثقلها في منطقة البحر الأحمر؛ بحُجّة حماية طرق الملاحة الدولية في إطار حملتها الدولية على مايعرف بالإرهاب، ويمكن القول: إن إسرائيل هي المستفيدُ الأول من ذلك حيث القت بكل ثقلها في،« الحرب ضد الإرهاب » ما يسمى وأصبح هناك تمركز إسرائيلي إلى جانب التمركز الأمريكي في أرض الصومال وجيبوتي، وخُصُوصاً بعد تفجير الفندق المملوك لإسرائيل في مومباسا في كينيا، مَاأعطى لإسرائيل الذريعةَ في البقاء في البحر الأحمر والقرن الإفريقي،

قرّرت اليمن في عهد الرئيس إبراهيم الحمدي حظرَ التحليق الجوي للطيران الحربي فوق باب المندب.

واستفادت إسرائيل وأمريكا من توظيف كُلّ التجهيزات المستحدثة؛ بحُجّة مواجهة الإرهاب، وما الخط الساحلي– الممتد من ميدي إلى المخاء –الذي نُفِّذَ في اليمن بعيدًا عن المدن والقرى الساحلية إلَّا ليسهل انتشار أية قوى غازية من البحر، وقد بات اليوم مسرحاً لما يسمى بمعركة الساحل الغربي. ومؤخّراً وخلال العدو انعلى اليمن في مارس ٢٠١٥ م، سارعت القواتُ الأمريكية وقبلها الإماراتية إلى التواجد العسكري في الجزر اليمنية، أبرزها أرخبيل حنيش وميون شرفة بريم على ممرات الملاحة الدولية والتي أنشأت عليها الإمارات قاعدةً عسكرية، وجزيرة زقر والتي تخضع حَاليٍّا لإدارة العدوان الأمريكي السعودي بموافقة من حكومة المرتزِقة.

ومع وجود تقارُبٍ كبير جِدٍّا بين أبو ظبي وتل أبيب، بات من الواضح أن سيطرة الإمارات على جزيرة ميون المتحكمة بباب المندب جاء بدافع ورغبة إسرائيلية وأمريكية بحتة، لإعادة الأطماع الإسرائيلية في احتلال الجزر اليمنية في البحر الأحمر منذ عهد الرئيس الحمدي في سبعينيات القرن الماضي.

وَكشفت مراكزُ دراسات غربية استناداً إلى صور لأقمار اصطناعية- عن إنشاء الإماراتيين قاعدة عسكرية في جزيرة ميون وهو الهدف الذي

كشفت الأخبار أن أبرزَ مبرّرات جريمة اغتيال الشهيد إبراهيم الحمدي كانت بسَببِ تحَرُّكِه في الدفاع عن باب المندب في مواجهة التواجد الإسرائيلي في البحر الأحمر.

كانت تسعى إليه إسرائيل سابقًا غير أَنَّها في السابق رأت أن إرتيريا هي الأقرب لتنفيذ مهمة احتلال الجزر اليمنية بداية بجزيرة حنيش. وجزءٌ كبيرٌ من الحرب الأخيرة على اليمن سببُه السيطرةُ على باب المندب وهو الممر الدولي الأهم في العالم، ولم يعد خافياً أن سعي الإمارات على السيطرة على السواحل والجزر اليمنية هو بضوء أخضر من الولايات المتحدة وإسرائيل وبريطانيا؛ لتعزيز سيطرتهم على باب المندب والتحكم به كليٍّا ونزع السيادة اليمنية من على هذا الممر، وهو الأمر الذي لم يتمكّن أحد من انتزاعه على مر العصور منذ الغزو الروماني لليمن قبل الميلاد حتى الاحتلال البريطاني لجنوب اليمن نهاية القرن الثامن عشر وحتى منتصف القرن العشرين الميلادي.

ولإسرائيل مآربُ من السيطرة على باب المندب من جهة اليمن؛ نظراً لأنََّ اليمن هو البلدُ الوحيدُ الذي يملكُ الحقَّ في التحكم والسيطرة على الممر الدولي؛ ولهذا فقد سعت إسرائيل إلى المشاركة ضمن عمليات التحالف العسكرية عبر تقديم معلومات عسكرية تتعلق باليمن كما شاركت بمستشارين عسكريين،

وِفْقاً لتسريبات نشرتها وسائل إعلام إسرائيلية معارضة. وقبل أن تبدأ معركة الساحل الغربي، أدركت القيادة اليمنية بصنعاء أن تدخلاً عسكريٍّا أمريكياً مباشراً وشيكاً في اليمن، وقد استغل رئيس المجلس السياسي الأعلى صالح الصمَّاد زيارة نائب المبعوث الأممي معين شريم بصنعاء وإبلاغه أن استمرار التحالف في هجومه باتّجاه الحديدة سيقود إلى قطع خطوط الملاحة البحرية في البحر الأحمر، والحقيقة أن صنعاء أرادت بهذه الرسالة أن تبلغَ واشنطن رأساً أن أيَّ تدخل عسكري أمريكي مباشر سيكون الرد عبر استهداف السفن العسكرية التابعة للتحالف.

وقد أولى الرئيسُ الصمَّاد اهتماماً كَبيراً بجبهة الساحل الغربي لليمن وقام بزياراتٍ عديدة لمدينة الحديدة والجزر اليمنية قبالة سواحلها وارتقى شهيداً وهو يجاهدُ على ترابها ويحشد أبناءَ اليمن وأبناء تهامة للخروج بمسيرة البنادق لتعلِنَ أَنَّها سوف تستقبلُ الغُزاة المحتلين على خناجر البنادق.

_________

صحيفة المسيرة