المشهد اليمني الأول/
من يوالي أمريكا سيقبل بإسرائيل، جملة قالها قائد الثورة السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي في أحد خطاباته في محافظة صعدة منذ سنوات، قبل أن تتحقق فعلياً على أرض الواقع مع شد أعراب النفاق رحالهم إلى كيان العدو الإسرائيلي، بعد علاقة وطيدة مع أمريكا، وماكان بالخفاء والسرية منذ عقود من الزمن، بمعية الإدارات الأمريكية السابقة حتى الرئيس الأمريكي دونالد ترامب يخرج اليوم علناً للملأ، بل ويتفاخر صهاينة العرب بالجهر بالسوء معلنين التطبيع مع كيان العدو، بعد إعلان ولي الأمر الأمريكي”دونالد ترامب” الإتفاق التاريخي -حد وصفه- بين دويلة الإمارات وكيان الإحتلال الإسرائيلي مدشناً التطبيع الكامل للعلاقات فيما بينهما.
وتحدثت مصادر إماراتية عبر وكالاتها الرسمية، أنه سيقام اجتماع بين وفود من دولة الإمارات وكيان العدو الإسرائيلي خلال الأسابيع المقبلة لتوقيع اتفاقيات ثنائية تتعلق بقطاعات الاستثمار والسياحة والرحلات الجوية المباشرة والأمن والاتصالات والتكنولوجيا والطاقة والرعاية الصحية والثقافة والبيئة وإنشاء سفارات متبادلة وغيرها من المجالات.
على خطى تصفية القضية الفلسطينية
يأتي إتفاق “الإمارات الإسرائيلية المتحدة” ضمن خطوات متسارعة لتصفية القضية الفلسطينية، منذ مبادرة السلام العربية عام 1981م التي أطلقها الملك السعودي فهد بن سعود في قمة فاس بدولة المغرب، قبل أن يتم إقرارها في قمة بيروت 2002م، وتقضي هذه المبادرة بإنسحاب الكيان الإسرائيلي إلى ماقبل حدود 1967م، والإعتراف بحل الدولتين، وهذا يعني ضمنياً تصفية القضية الفلسطينية وشرعنة الإحتلال على أكثر من نصف أراضي الشعب الفلسطيني.
الإتفاق الإماراتي لتطبيع العلاقات مع الكيان الغاصب، يأتي في سياق تصفية القضية الفلسطينية المشتد خلال السنوات الأخيرة عبر صفقة القرن والتماهي الكبير مع سياسات العدو الصهيوني في المنطقة، والمضحك أن يأتي على شكل حرص إماراتي لوقف خطة الضم الإسرائيلي للمناطق الفلسطينية وحمايتها من الإستيطان والإحتلال، لكنها في الباطن أشد وأفتك بالقضية الفلسطينية وأكثر خطراً على الأراضي الفلسطينية والمناطق المقاومة، والتي تنتهي بتصفية فلسطين وإزالتها من الوجود جغرافيا وإسم وشعب.
تبرير إماراتي لا محل له من الإعراب
التبرير الإماراتي المترافق للخيانة يأتي في الحقيقة كمكافئة إماراتية مجانية لأمريكا التي نقلت سفارتها إلى القدس وهدية مجانية للكيان الإسرائيلي الذي واصل ضم الأراضي الفلسطينية على الأقل بعيداً كل البعد عن الحل الأممي والعربي -رغم كونه حل غير عادل ومشرعن للإحتلال- وهذا يوضح لنا ولكل المتابعين أن الإتفاق الإماراتي لم يكن أكثر من دعاية إنتخابية لترامب ونتنياهو المأزومين داخلياً.
وما يؤسف حقاً أن ينتهي التبرير الإماراتي بتصريح صهيوني على لسان رئيس حكومة الكيان “بنيامين نتنياهو” الذي نفى إلتزامه بضم أجزاء من أراضي الضفة الغربية المحتلة، مشدداً على أنه لن يتنازل عن العملية، قبيل أن يتم الحديث إعلامياً لحفظ ماء بن زايد بفقاعات “تعليق” الضم.
من السر إلى العلن
يأتي الإتفاق صادماً يقدر ما كان ليس مستبعداً، كاشفاً عن علاقات وطيدة تربط أبوظبي وتل أبيب منذ عقود طويلة، وأثبتت للعالم حقيقة إنتماء حكام الإمارات لمعسكر أعداء المسلمين والعرب منذ عقود، لكنه أظهر في المقابل الحلف المتسمك بالقضية الفلسطينية قولاً وفعلاً من دول وحركات محور المقاومة إيران وسوريا والعراق ولبنان واليمن.
الكثير من المواقف المزيفة من علماء وأنظمة تجلى معدنها الحقيقي اليوم بصمت مريب أو تأييد قبيح للإتفاق الإماراتي الصهيوني، وهو ما أشار له ناطق أنصار الله في اليمن محمد عبدالسلام بالقول أننا “سنسمع يوماً ما من ّ يبرر هذا الأتفاق ويفتي بأن هذا الموقف هو الصحيح للأمة والخطوة الإيجابية للسلم والسلام فالمنطقة كاملاً وفلسطين على وجه الخصوص”.
الدول المطبعة
أتى إتفاق تطبيع العلاقات بين الإمارات والكيان الصهيوني ليكشف الغطاء الوهمي التي ظل يتستر خلفه عشرات الدول والمؤسسات والمنظمات العربية والإسلامية، في إطار التأييد للتطبيع ثمن الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي إتفاق التطبيع واصفاً إياه “بإتفاقية السلام الجديد” وذلك بعد دقائق فقط من اعلان ترامب للإتفاق.
من جانبه أعلنت سلطنة عمان والبحرين عن تأييدهما الكامل والمطلق لقرار دولة الإمارات بشأن العلاقات مع الإحتلال الإسرائيلي، واصفين الإتفاق “بالإعلان التاريخي” الثلاثي المشترك إماراتياً أمريكياً إسرائيلي.
أدوات العدوان على اليمن تؤيد الإتفاق المخزي
طالما ارتبط العدوان على اليمن بالتدخل الأمريكي الإسرائيلي، قبل أن يأتي إتفاق التطبيع الإماراتي ليؤكد فعلياً علاقة أدوات العدوان في الداخل اليمني مع كيان العدو الإسرائيلي، ففي حين ترفض هذه المكونات وتعرقل أي إتفاق وتوافق يمني يمني مع أبناء جلدتهم “أنصار الله” يسارعون للإتفاق مع أعداء الله في القرآن الكريم، وطالما حذر السيد القائد عبدالملك بدر الدين الحوثي من موالاة أمريكا التي ستنتهي إلى موالاة العدو الصهيوني حتماً.
وأن يخرج المرتزق “هاني بن بريك” ليهنئ رئيس حكومة الكيان وحاكم أبو ظبي بالإتفاق المخزي، كان صادماً لليمنين بالفعل، بعد صدمتهم بمؤتمر أوسلو وظهور وزير خارجية المرتزقة “خالد اليماني” إلى جانب رئيس حكومة الكيان “بنيامين نتنياهو”.
نائب رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي المدعوم إماراتياً، “هاني بن بريك” كان أكثر حفاوة وترحيباً بالعلاقة مع كيان العدو، معبَّراً في تغريدة له عن شكرة ودعمه وتأييدة لأتفاق التطبيع المشترك، من شدة سعادته لتوقيع الاتفاق، قال أنه سيقوم بزيارة اليهود الجنوبيين الى بيوتهم بـ فلسطين المحتلة وأنهُ سيذهب الى القدس وسيصلي بجانبهم في المسجد الأقصى.
والى جانب بن بريك أعلنت قوات الحرس الجمهوري لحكومة الفار هادي، والتي يقودها نجل هادي “جلال”، عن دعمها للاتفاق الإماراتي، ووصفته “بالإنجاز الدبلوماسي والتاريخي”.
الدول المناهضة للإتفاق
في غضب شعبياً ورسمي، أدان أكثر من 20 حزب ومكون سياسي يمني، التطبيع الإماراتي مع العدو الصهيوني معتبرين ما أقدمت عليه الإمارات “خيانة عظمى للقضية الفلسطينية” وتماهيا مع الصهاينة والأمريكان في مشروع تدمير المنطقة، حيث إن انكشاف العلاقات الإماراتية الإسرائيلية على هذا النحو يسقط كل تلك الشعارات العربية والإسلامية التي رفعها تحالف العدوان على اليمن وإن الإمارات كما السعودية مجرد مخالب إسرائيلية أمريكية تنهش في جسد الأمة العربية والإسلامية.
القبائل اليمني وكما كان عهدها عبر التأريخ حضرت في مواقف علنية مشرفة مستهجنة ما أقدمت عليه الإمارات، حيث أقيمت وقفات قبلية حاشدة في مختلف المناطق اليمنية منددين بالتطبيع، مؤكدين توكلهم على الله والتحرك بجدية ومسؤولية واستعدادهم للتضحية، والثقة بمشروع التحرر العربي والإسلامي الذي يمثله محور المقاومة.
من جانبه أدانت باكستان عبر وزارتها الخارجية التطبيع الإماراتي من العدو الإسرائيلي، فيما اعتبر الرئيس الايراني أن الامارات ارتكبت خطأ كبيرا بتطبيع العلاقات مع الصهاينة.
فيما رد الامين العام لحركة عصائب اهل الحق قيس الخزعلي، على قرار التطبيع الإماراتي بالقول، سنضرب مخططات تطبيع الصهاينة والمتصهينين وعلى رأسهم آل سعود، وأكد الخزعلي في بيان له أن الموقف المذل للعائلة الحاكمة بالإمارات “اللاعربية” يشكل حلقة من مسلسل “الخيانة والعمالة”.
نصر الله: خطوة الامارات متوقعة
الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله قال في كلمة بمناسبة انتصار المقاومة في ذكرى حرب تموز أن حزب الله “لم يفاجئ بما قام به الحكام في دولة الامارات” في خطوة التطبيع المعلنة، معتبراً أن “هذا مسار طبيعي لهم”، وأضاف بالقول: “يبدو ان الحاجة الى اعلان اتفاق هي حاجة امريكية لصالح ترامب”.
واعتبر السيد نصرالله ان توقيت اعلان التطبيع دليل على ان بعض الحكام العرب خدام عند الأمريكي، وترامب كان يبحث عن انجاز خارجي، وأن “الادوات في المنطقة كانوا جاهزون لهذه الخدمة الشخصية لترامب ليستفيد فيها في الانتخابات في اضعف لحظة له، وخدمة ايضا لنتنياهو في اضعف لحظة له ليخرج امام شعبه ويقول هذه سلام وانجاز تاريخي”.
فلسطين تعتبرها طعنة في الظهر
إعتبر علماء فلسطين أن تطبيع الإمارات انكفاء على مؤامرة كبيرة اتضحت خيوطها منذ زمن طويل، فيما أدانت 18 منظمة ومؤسسة فلسطينية إضافة إلى ناشطين من أجل الحق الفلسطيني على الساحة الأمريكية، الاتفاق التطبيعي معتبرين “أن هذه الخطوة بمنزلة طعنة غدر للقضية الفلسطينية من نظام حكم يدّعي أنه فعل ذلك، من أجل المصلحة الفلسطينية”.