المشهد اليمني الأول/
بعد قرابة شهر من موافقة حركة «أنصار الله»، كتابياً، على مطلب الأمم المتحدة تسهيل مهامّ فريق فني دولي لتقييم وضع السفينة العائمة «صافر» في سواحل محافظة الحديدة (غرب اليمن)، مع المطالبة بتكليف فريق مؤهّل وذي خبرة ومعلوم الهوية بتلك المهمّة،
تعود قضية سفينة صافر إلى واجهة الصراع بين حكومة صنعاء وحكومة الرئيس المنتهية ولايته عبد ربه منصور هادي. هذه المرّة، تستغلّ حكومة هادي انفجار مرفأ بيروت لتكثيف الضغوط على قيادة صنعاء، ومحاولة تمرير شروطها، التي يُعدّ أبرزها مصادرة شحنة النفط التي تحملها السفينة، والبالغة أكثر من 1,1 مليون برميل، لصالحها.
خلال الأيام الماضية، بعثت وزارة الخارجية في حكومة هادي، عبر مختلف السفارات التابعة لها في العالم، رسائل إلى عدد من الدول، مُحذّرة من احتمال تكرار انفجار بيروت بشكل مضاعف في الحديدة، مُهوّلة بمخاطر «صافر» على حركة التجارة العالمية في البحر الأحمر. ووفقاً لمصادر ديبلوماسية، فقد حاولت الوزارة تسخير فاجعة لبنان كفزّاعة للمطالبة بموقف دولي مضادّ لصنعاء، وهو ما أعاد إحياء الاتهامات الأميركية والبريطانية للأخيرة بإعاقة دخول الفريق الفني إلى الحديدة.
واتهمت حكومة هادي، على لسان المتحدث باسمها راجح بادي، حركة «أنصار الله»، برفض منح مهندسي شركة سنغافورية تعاقدت معها الأمم المتحدة لإصلاح السفينة تأشيرات دخول، متجاهلة حقيقة أن من يمنح تأشيرات دخول للبعثات الدولية في الخارج ليس «أنصار الله» بل السفارات التابعة لما يُسمّى «الشرعية «.
تتمسّك حكومة الإنقاذ بتكليف فريق مؤهّل وذي خبرة لتقييم السفينة وصيانتها
في المقابل، اتّهمت صنعاء التحالف السعودي الإماراتي وحكومة هادي والأمم المتحدة بالمماطلة في درء كارثة بيئية قد يصل أثرها إلى عدد من الدول الواقعة على البحر الأحمر، وربّما تتسبّب في الإضرار بالشعب المرجانية، فضلاً عن أنها ستؤدّي إلى فقدان أكثر من 100 ألف صيّاد مصادر رزقهم.
وأشار الناطق باسم «أنصار الله»، رئيس وفدها التفاوضي محمد عبد السلام، أول من أمس، إلى أن «مطالباتنا المستمرّة بإصلاح السفينة تُقابَل بعدم المبالاة والرفض، وذلك لأن مَن يشنّ حرب إبادة على شعب بأكمله ويفرض عليه أشدّ الحصار لا يبالي بمصير سفينة»، فيما لفت نائب وزير الخارجية في حكومة الإنقاذ، حسين العزّي، إلى «(أننا) أبلغنا الأمم المتحدة موافقتنا على التقييم والصيانة، (لكن) بقينا نعاني من التسويف، لذلك لجأنا إلى دول صديقة، وقد حصلنا على تجاوب جيّد، والترتيبات جارية لمباشرة العمل على صيانة السفينة»، مُحمّلاً أيّ جهة تحاول إعاقة ذلك المسؤولية عن التبعات.
وتُبيّن مصادر مطّلعة أن حكومة الإنقاذ لم ترفض بالمطلق فكرة قدوم الفريق الفني إلى الحديدة، إلا أنها أبدت تحفّظات على الشركة التي تعاقدت معها المنظمة الدولية من أجل هذا الغرض، وذلك في كتاب بعثت به إلى مكتب المبعوث الأممي مارتن غريفيث، ضمّنته أيضاً مطالبتها بإشراف طرف ثالث على عملية الصيانة والتصرّف بالشحنة النفطية، بما يضمن عدم استغلال «التحالف» وداعميه الغربيين السفينة في أيّ تصعيد عسكري.
وبحسب مصدر في وزارة النقل في صنعاء، تحدّث إلى «الأخبار»، فإن الأمم المتحدة أرسلت فريقاً فنّياً لفحص السفينة مطلع آب/ أغسطس 2019، إلا أنه تَبيّن أن «الغرض بعيدٌ عن التقييم ويخدم دول العدوان، وخصوصاً أن الشركة التي تمّ التعاقد معها (OFFSHRE SOLUTION AOS) أُسّست سنة 2012، وتفتقر إلى الخبرة والكفاءة، وتُعدّ من الشركات المجهولة التي لم تعتمدها هيئات تصنيف السفن المعتمدة لدى الهيئة العامة للشؤون البحرية أَو حتى لدى المنظمة البحرية الدولية»