المشهد اليمني الأول/
عفوا ، فإن الواجب الأول للمثقف ، هو في المقام الأول انتقاد رفاقه ، وهذا يعني ان مهمة الانتقاد او النقد هي عملية تصحيح فقط ، واي استخدامات أخرى للانتقاد يتحول الأمر إلى إبتزاز ، التصحيح في مهمة الإنتقاد تعني أن على من يقوم بها ومن يتلقاها ضرورة إمتلاة الوعي والادراك التام والمعرفة والمسئولية الكلية إنها مهمة تحافظ على حقوق وواجبات (الحاكم والمحكوم) ، الحقوق التي تقدم أكبر قدر ممكن من الخدمات التي تحمي وتبني وتعلم وتشفي وتزرع وتصنع وتطور هيبة وقوة وعدالة (الحاكم والمحكوم) ، والواجبات الضامنه للـ(حاكم والمحكوم) هو بناء أعلى سقف للإستقلال والسيادة والشرف والكرامة ووحدة الهوية..
إذا فهم (الحاكم والمحكوم) او بالاصح (الدولة والمجتمع) او تحديدا اذا فهم (المسئول والمواطن) ان النقد والإنتقاد عملية إستصلاح وإعادة بناء خارجه كليا عن حسبة العلاقات والعواطف الشخصية ، وانه عملية تحافظ على مبدأ أن للكل بلا استثناء حقوق ، يجب تأديتها لهم ، وتضمن ان على الكل بلا استثناء واجبات ، يجب القيام بها ، هنا تتلاقى فورا قواعد النظام السياسي وأسس النظام الاجتماعي ، وتندمج في نظام واحد على قلب رجل واحد ، يتبنى للكل سياسات ضامنه لوحدة الهوية و السيادة والاستقلال والاعتماد على الذات، وإرساء قواعد العدالة الاجتماعية..
إذا لا يفهم الناقد قاعدة ومعيار وشرط وهدف قيامه بالإنتقاد ، ولا يدرك المُنقود أسس ووعي وأخلاق ومشروع تلقي الانتقاد ، فإن الكل (الناقد والمنقود) و (الحاكم والمحكوم) و (الدولة والمجتمع) و (المسئول والمواطن) يمارس كلا ضد الآخر الإبتزاز ، و (الإبتزاز) تحت غطاء الانتقاد والنقد هو المسمار القذر الذي دقته الصهيونية العالمية في نعش كل الأنظمة السياسية والاجتماعية ، والذي يخلق بين (الحاكم والمحكوم) سوء الظن والحقد والكراهية والمناطقيه ، ومن دون فهم الناقد والمنقود لماهية هدف الانتقاد ، لن يتعلم الناس منهم غير عملية الإبتزاز ، وحينها لا تحلموا بوجود نظام يحق الحق او دولة تقيم العدل او مجتمع حر او مثقف شريف..
نحن في اليمن لدينا موروث كبير ومعقد من التعمد الرسمي والسياسي والاجتماعي والديني لشيطنة ثقافة ومثقف الإنتقاد ، مما يعني ان ثقافة الابتزاز هي البديل ، هذا البديل الذي يجعل (الحاكم والمحكوم) بدون هدف واحد ولا يملكون قضية واحدة ، ويجعل (الدولة و المجتمع) غير قابلين بنظام يقود الجميع بعقل رجل واحد ، والخصومة بين (المسئول والمواطن) لا تفرق عن خصومتهما لأعدائهم ، و يستمر فشل الحكومات دوما ، ولا يستطيع مسئول الدولة حتى حل مشكلات ما تحت ادارته هو نفسه ، وبالتالي كيف سيحل مشكلات مجتمعه ، او ينفذ توجيهات قيادته ..؟!!!
إليس هذا ما يحدث لكم يا جمهورية وحكومة (صنعاء) ، حتى لو امتلكتم حسن النية وإرادة ورؤية الإصلاح والبناء ، فنظام ثقافة – الإبتزاز تمت هندسته لإعادة إنتاج التبعية والفشل وحماية الفساد ، وتوظيف اكبر قدر ممكن من العقول المريخية التي لا تجيد عمل شئ في حياتها غير تعمد إحتواء وعلف الجهلاء وتسمين عجول الابتزاز ، وشيطنة ثقافة الانتقاد وقهر وتهميش مثقفيها ، لتطويع الوعى الجماهيري والشعبي ليصبح لديه قابلية الترحيب باعدائه وقبول الغزو والاحتلال بدلا عنكم ، و الحل الوحيد لديكم ليس تغيير الرؤساء اوالوزراء او المدراء او المشرفين ، بل تغيير ما بأنفسكم أنتم ، حتى لا يأتي للقصر الجمهوري من بعد كل قيصر يموت ، قيصر جديد ..
______
عبدالفتاح حيدرة
