لهذا منع الحج!

657
المشهد اليمني الأول/

كلّ عام وتنومة تتكرّر في حجّاج اليمن المتعلّقة أرواحهم بالبيت العتيق والمقام ويثرب التي تشرّفوا فيها باستقبال البدر الطّالع عليهم من ثنيّات الوداع، أهل اليمن الذي ذُبِح منهم وقتل ما يقرب من ثلاثة آلاف حاج في 1923 على يد بني سعود في جريمة غيبها النّظام السّعودي القائم على قطع الطّرق و سفك الدّماء، في جريمة منع الحج ولن تزال مشاهدها عالقة في الذّهن اليمني رغم محاولات طمسها و محوها ، فهناك قد حبكت سلطات بني الأعور الدّجال مجزرة تصدّ اليمانيين وتخيفهم عن الحج للعام المقبل.

والقارئ لأحداث الحجّ ومساعي منع الحج كلّ عام سيرى أنّ نظام بني سعود يدبّر كلّ عام حادثة للحاجّ اليمني لترعبه و تبعده عن مشاعره المقدّسة ، و التي هي مشاعر كلّ الإسلام و المسلمين ، و لكنّ تميّز و تفرّد أهل اليمن كونهم من لبّى دعوة محمّد بن عبد اللّه -صلّ اللّه عليه و آله و سلّم- بلين فؤاد و رقّة قلب و حكمة و إيمان يمان ، و زادت مصيبة بني الأعور الدّجّال أنّ اليمن جارتهم ، بل إنّ الركن في تلك الكعبة المشرفة مكتوب باسمهم : الركن اليماني.

حوادث مفتعلة لتفريغ الحج من مضامينه

أمّا الحوادث التي كان يحبكها نظام المسوخ الدّجالين لهو دليل عقدة مزمنة لنظامهم، و دليل موقف مسبق تاريخي مع الإسلام نفسه و مع الإيمان و الحكمة مايؤكد يهودتهم و صهينتهم و أمركتهم التي لأجلها قاموا بطمس معالم و آثار بيت النبوّة و بمبرّر توسيع الحرم ؛ ليقتلعوا جذور و تاريخ محمّد و آله و أزواجه و أصحابه و قد حوّلوها إلى حمامات عامّة.

و العام الماضي رأينا غار حراء مرتعا و ملعبا للقرود في عملية ممنهجة و منظمة ؛ إذ ليست تلك الحوادث ( للحجاج بشكل عام و لليمنيين بشكل خاص ) محض صدف و هي المتناغمة مع هدم بيوت الرّسول الأعظم والمتناغمة اليوم مع نبرة : ” حجّ ممنوع ” بمبرّر ( كورونا ) الذي هو جنديهم الكافر.

والذي لا يعشق سوى المصلين والحجّاج و أمّا من جاء راقصا فلا كورونا و لا منع عن ارتياد المراقص فأولئك قد حرّزهم بنو سعو إمارات ، و لهم أن يتجمّعوا حول الرّاقصات فكورونا لا يترصّد و لا يتقصّد إلّا الطائفين و العاكفين و الرّكع السّجود و هؤلاء الحجّاج هم المعنيون بمطاردة كورونا لهم ؛ لأنهم هم من يقيم مهرجان الوحدة الإسلامية الأعظم ، الذي يتمثّل في شعيرة و ركن الإسلام الحجّ.

نعم : لهذا منع الحج لأنّه يمثّل أكبر مهرجان للوحدة الإسلامية و في كلّ منسك و حركة و خطوة يعني الالتزام و الإسلام و الاستسلام للّه وحده لاشريك له حتّى في التّعبّد اللفظي : ( لبيك اللهم لبيك ، لبيك لا شريك لك لبيك ، إنّ الحمد و النّعمة لك و الملك ، لا شريك لك ).

نعم : الوحدة و الاعتصام بحبل اللّه يرعبهم في مشهد منع الحج فقلوب و أرواح و ألسن و أجناس و ألوان و جنسيات كلّها تذوب عشقا للّه و تلبية له بصوت واحد في مكان واحد و زمان واحد ، في حين أنّ كلّ أركان الإسلام تمثّل الوحدة الإسلامية لكن ليس كما الحجّ.

فالصلاة توحد المسلمين و لكن أوقاتها و أذانها المرفوع يختلف باختلاف الشروق و الغروب ، و الصيام مكتوب و لكن كلّ يصوم في بلده ، و الزكاة مدفوعة ( على حسب هوى حاكم تلك البلدة ) فإن كانت لكن كلّ في وطنه.

الركن المزعج للصهيونية.. لهذا منع الحج

يبقى الحجّ هو الركن الأشد إيلاما للصهيونية العالمية و اليهودية المحرّفة الرّعناء؛ لأنّ الوحدة فيه تتحقّق بين المسلمين أرواحا و أجسادا و نداءات و تكبيرات بمعنى وحدة عقيدة وسلوك، ولغة و صوت و مشاعر فالطّواف جماعي والصلاة جماعية والنحر أيام التّشريق جماعي و السعي بين الصفا و المروة جماعي و حتى رمي الجمرات و رمي الشيطان جماعي.

إذ لا يمكن أن يحجّ البيت فرد واحد كلّ عام بل قد يصل الحجّاج (عددا) من كلّ أصقاع المعمورة إلى أربعة ملايين في العام الواحد و كلّهم على قلب رجل واحد في مشهد مرعب لعدو اللّه الشيطان الأكبر و ربيبته إسرائيل.

و لهذا جاءت أوامر الشيطان الأكبر أن يُواجه المسلمين بجريمة منع الحج، و يُعطّل أقوى ركن يتمثّل الاعتصام بحبل اللّه ، و هو الرّكن الخامس من أركان الإسلام في عملية ممنهجة و ممنتجة بعد محاصرة الشهادتين 🙁 أشهد أن لا إله إلّا اللّه، و اشهد أن محمّدا رسول اللّه ) في شعار القاعدة و داعش حيث أُفرِغت الشهادتان هناك حين كان قتل النفس البشرية دون وجه حق ، و حين نحر الإنسان بمبرر أنه شيعي و رافضي و مجوسي و كافر.

فبقيت تكبيرات و شهادتا الوهابيّة والإخوانجية رمزا للتّكفير والتّفجير والسّحل والنّحر و ذبح البشر و باسم الإسلام البريئ منهم، و أمّا بقية شعائر اللّه فالزكاة معطلة منذ يومها الأول عند خونة الحرمين الشريفين فهي لا تعطى لفقراء المسلمين ، بل تمنح للمستعمرين و المتطبعين مع إسرائيل.

أمّا كورونا فقد كان جنديهم لتفريغ بقية شعائر الله و الاستهانة بها فالصلاة منعت في المساجد ، و الصّوم فقد أفتى شيوخ الوهابيّة و بعض الأزهريين بإمكانية إفطار شهر رمضان حتى لا تجفّ الحلاقم نتيحة كورونا.

ماذا بعد

فماذا بعد _ يا بني الاسلام _ من دليل يخبركم أنكم لو لم تعلنوا براءتكم من بني سعود و ما يفعلون فأنتم مشاركون بحيادكم و صمتكم لمن يسلخكم عن هويتكم الإسلامية.

نعم النظام السعودي و معه الإماراتي يعطلان شعائر الإسلام امتثالا لأوامر الصهيونية التي تخشى تلك الأمواج الهادرة من البشر فيما لو توجهت مباشرة من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى ، فحرّرته و أنهت حلم إسرائيل الذي يحاولون تحقيقه بالتطبع و التطبيع معها و ردّ بوصلة العداء لمن بقي على ملة إبراهيم حنيفا مسلما.

أوليس الحجّ مدرسة الإيمان الذي بنى قواعدها خليل الله ( إبراهيم ) و ابنه ذبيح اللّه ( اسماعيل ) العربي الذي هو جدّ سيدنا محمّد ( عليهم الصلاة والسلام جميعا )، أوليست العقيدة الإسلامية سلسلة ممتدة بين الانبياء و الرّسل و الذين هم علاقة الأرض بالسماء ؟؟

إذن لهذا منع الحج لأنه مدرسة عنوانها القوة والتمكين .. منع الحج لأنّه تاريخ الأنبياء، منع الحج لأنه رسالات السّماء، منع الحج لأنّه ثقافة و فلسفة : “واعتصموا” بينما ثقافتهم ضدّية معادية للإسلام، ثقافتهم بريطانية أمريكية إسرائيلية تسعى لمحو: “واعتصموا” لتحلّ محلّها : تشتّتوا ، تمزّقوا و شعارها: “فرّق تسُد”، والسّلام .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أشواق مهدي دومان