المشهد اليمني الأول/
تسعى دول تحالف العدوان على اليمن بقيادة السعودية والإمارات، وبدعم أمريكي – اسرائيلي منذ بداية العدوان على اليمن في 26 مارس 2015, بحسب تقارير أممية, الى فرض سيطرتها على الموانئ والسواحل والجزر اليمنية نظرا لما تمتلكه اليمن من ثروة بحرية هائلة وما تحتله بموقعها الجغرافي والاستراتيجي المتميز من مكانة هامة إقليميا وعالميا.
أمن اسرائيل مسؤولية الخليج
في احدى تصريحاته كشف رئيس وزراء العدو الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو عن : ”وجود توجه “كيان العدو” لتشكيل قوة عسكرية لحماية مضيق باب المندب أمام أي محاولات لإغلاقه ”.
مؤكداً في تصريحه الذي اهتمت به وسائل إعلام خليجية:
أن أي محاولات لإغلاق باب المندب فإنها ستجد نفسها في مواجهة تحالف دولي ضدَّها، سيشارك فيه كيان العدو.
ذلك التهديد أعقبه تهديد آخر من وزير حرب العدو الإسرائيلي في حينها, أفغدور ليبرمان, الذي عبر عن قلقه من تباطؤ ما أسماها بـ ”القوات العربية” في السيطرة الكاملة على الساحل الغربي، وأكد ليبرمان قائلا :
إن فشل تلك القوات, في اشارة لدول تحالف العدوان على اليمن, في السيطرة على الساحل الغربي يعرض مصالح إسرائيل في البحر الأحمر للخطر.
وقد تحدث وزير كيان العدو الإسرائيلي السابق، موشيه يعلون، فی بيان له, مؤكدا أنه مع قبول هزيمة دول التحالف بقيادة السعودية والإمارات يتوجب على إسرائيل تأمين مصالحها في البحر الأحمر ومواجهة كل التهديدات لأن استمرار تحالف العدوانعلى هذه الوتيرة قد يحسم المعركة لصالح الجيش واللجان الشعبية وهذا ما يعتبره كيان العدو الإسرائيل تهديدا لملاحتها في البحر الأحمر وأمنها القومي والإقليمي.
حيث قال : ” إن ضعف القدرات في القيادة هي السبب الرئيسي في إطالة أمد الحرب والجبهة البحرية والبرية خير دليل على ذلك، إذ كان من المتوقع أن تنتهي هذه المعركة خلال أشهر قليلة، ولكن بعد مرور أكثر من خمس سنوات مازالت الحرب مستمرة والقوات العربية بقيادة السعودية بكل معداتها ومعلوماتها وحصارها الذي فرضته على قوات الجيش واللجان ما استطاعت أن تحقق أي تقدم يذكر “.
ولا شك أن تصريحات مسؤولين لدى كيان العدو الاسرائيلي هو, بحسب عسكريين ومراقبين, اعتراف لا يدع مجالا للشك حول حقيقة الأطماع الاستعمارية للأنظمة الخليجية التي تقوم بدور الوكيل لتنفيذ الأجندات والسياسات الأمريكية – الاسرائيلية في المنطقة العربية ومن بينها تحالف العدوان على اليمن في ظل تواطئ أممي – مفضوح ومخزٍ بهدف السيطرة على السواحل والموانئ والجزر اليمنية في البحرين العربي والأحمر نظرا لما تمثله من أهمية استراتيجية كبرى.
مخططات استعمارية
ويرى مراقبون: أن ما يحدث في المياه الإقليمية لليمن يدخل ضمن مخططات استعمارية دولية تسعى من خلالها دول الخليج وقطر وتركيا وكيان العدو وأمريكا الى ايجاد موطئ قدم لها في السواحل والجزر اليمنية، وبالذات في مضيق باب المندب بما يحقق لكل منها المصالح الاقتصادية والنفوذ السياسي والعسكري حتى ولو كان ذلك على حساب تجويع وحصار وقتل اليمنيين، وتقوم عربية وإقليمية، مدعومة عسكرياً، بالاستيلاء على السواحل والموانئ والجزر اليمنية، والاستفادة من الموقع الاستراتيجي الهام والحيوي لليمن.
موقع إستراتيجي
وسائل إعلامية وتقارير محلية ودولية قالت: أن الاهمية الاستراتيجية للسواحل اليمنية تتجسد في أن اليمن تحتل مكانة بحرية هامة في الشرق الأوسط بموقعها الجغرافي المتميز، وتبلغ مساحتها حوالي 555 ألف كيلو متر مربع بدون الربع الخالي، وتشمل السهول الساحلية المطلة على البحر الأحمر وخليج عدن والبحر العربي، وهي متصلة ببعضها البعض ومكونة شريطاً ساحلياً وتمتد من الحدود العمانية باتجاه جنوب غرب باب المندب، ويتغير الاتجاه شمالاً حتى حدود السعودية ويبلغ طولها 2000 كيلو متر تقريباً وهو شريط بحري حيوي وهام وعلى بحرين.
كما أن الأهمية التي جعلت العالم يتكالب بحربه على اليمن, وفق اعتراف دول تحالف العدوان ذاتها, هي أن اليمن يشرف على مضيق دولي هام وهو باب المندب الذي تعبر منه مئات السفن القادمة من الشرق الأقصى والهند ودول الخليج العربي وشرق أفريقيا إلى موانئ البحر الأحمر، وتتجه معظمها عبر قناة السويس المصرية إلى البحر الأبيض المتوسط وشمال أوروبا وتتجه بعضها إلى أمريكا الشمالية والجنوبية محملة بالنفط والبضائع المختلفة.
ولأهمية موقع اليمن وشواطئه على البحر الأحمر وخليج عدن والبحر العربي جعل اليمن وجذره ومياهه الوطنية منذ القرن السادس عشر موقعاً للأطماع والصراع السياسي والعسكري والاقتصادي من قبل الدول الاستعمارية.
كما أن لليمن على ضفاف ساحله أكثر من 20 ميناء منها 6 موانئ تجارية تتوزع من ساحل الحديدة إلى المكلا وهي : ميناء الصليف وميناء الحديدة وميناء المخا وميناء عدن وميناء المكلا وميناء نشطون ولليمن 3 موانئ نفطية هامة هي :
ميناء الشحر وميناء بلحاف وميناء رأس عيسى، وتتجاوز الموانئ المحلية الـ14ميناء وتعد موانئ اليمن التجارية ذات أهمية استراتيجية كبيرة كمركز ربط أساسي للحركة التجارية حول العالم ونستعرض هنا أهم هذه الموانئ ..
ميناء عدن
بحسب مؤرخين: كانت عدن في الماضي تعرف أنها ميناء الجزيرة العربية كلها وكذلك أهم ميناء بين السويس وبومباي ويتمتع ميناء عدن بمزايا هامة يأتي على رأسها الموقع الجغرافي الفريد الذي يربط الشرق بالغرب الواقع على الطريق التجاري الرئيسي حول العالم وميناء عدن واحد من أفضل خمسة موانئ طبيعية على مستوى العالم كما يتميز هذا الميناء بـإمكانية توفير خدمات الترانزيت إلى شرق إفريقيا والبحر الأحمر وشبه القارة الهندية والخليج العربي وقد عطل دوره الغزاة لحساب موانئ دبي وسابقا عطل دوره عن طريق الصفقات التي عقدها نظام عفاش مع الإمارات.
ميناء المخا
ويعد ميناء المخا, وفقا لقرائن تأريخية, من أقدم موانئ شبه الجزيرة العربية، ومن أهم المراكز التجارية الواقعة على البحر الأحمر وتكمن أهمية الميناء في قربه من الممر الدولي بمسافة 6 كيلومترات، أي 3 ميل بحري وقربه من مضيق باب المندب ودول القرن الأفريقي وبحر العرب.
ميناء الحديدة
وضمن الموانئ اليمنية الهامة يأتي ميناء الحديدة ويقع في منتصف الساحل اليمني للبحر الأحمر ويعد من أبرز الموانئ المطلة على البحر الأحمر ويتميز بقربه من الخطوط الملاحية العالمية وكونه معرض للرياح الموسمية ومحمي حماية طبيعية من الأمواج.
وبحسب دراسات: فإن محاذاة السواحل اليمنية للخطوط الملاحية الدولية تؤهل المنطقة الممتدة من شقرة إلى المخا موقعا استراتيجيا منافسا لإقامة المناطق الحرة لأغراض إعادة التصدير إلى القارة السمراء وغيرها، كما أن الموانئ اليمنية هي الأنسب لتقديم مختلف الخدمات الملاحية في المنطقة وهو ما يحاربه الغزاة وأدواتهم في المنطقة ليس من اليوم ولكن منذ زمن بعيد.
216 جزيرة
ولجانب ما تم ذكره فإن لليمن جناحان هما شبه الجزيرة العربية والإطلال على بحرين اثنين وخليج ومحيط تطرز تلك الجغرافيا المائية الفريدة الكثير من الجزر ذاتُ الأهمية الاستراتيجية القصوى والتي يعده الكثير كنزا استراتيجيا يضاعف من أهمية موقع اليمن ويبلغ عدد المسجلة, بحسب معلومات موثقة في الجهاز المركزي للإحصاء بصنعاء , 216جزيرة وتتوزع على اربعة قطاعات رئيسية 7 منها في المحيط الهندي و5 في البحر العربي و23في خليج عدن و181 في البحر الأحمر، منها 112على ساحل الحديدة
ما حذر منه القائد
موازاة خارطة اليمن مع خارطة أهداف دول التحالف يؤكد أن السيطرة على هذه الرقعة الجغرافية يأتي على رأس أسباب تحالف الحرب الأمريكي السعودي وهو ما أكده قائد الثورة السيد عبد الملك الحوثي في خطابه بداية الحرب وحذر منه مرارا.
ميون وسعي كيان العدو الإسرائيلي
كانت ولا تزال جزيرة ميون أهم منطقة يمكنها أن تكون حلقة وصل بين قارتي آسيا وأفريقيا, حيث تقع ”ميون” في قلب باب المندب وتشرف عليه اشرافا كاملا وتقسِمه الى ممرين ملاحيين.
ومساحتها اثنا عشرَ كيلو متر تبعد ثلاثةَ كيلو مترات فقط عن الساحل اليمني و عشرينَ كيلومترات عن الساحل الافريقي وميون ذاتُ قيمة اقتصادية لصلتها بالأمن الغذائي من جهة ومصادر الثروة المعدنية من جهة أخرى وهي عسكريا الحارسُ الأهم للأمن القومي اليمني والعربي تجاه الأخطار الغربية والصهيونية..
من الشواهد العملية لذلك؛ نجاح قوات البحرية العربية في محاصرة العدو الصهيوني ومنع الملاحة الصهيونية من العبور في باب المندب خلال حرب أكتوبر عام ثلاثةٍ وسبعين وتسعِ مائة وألف بفعل التمركز العسكري العربي في جزيرة ميون والتنسيق اليمني المصري.
و تعرضت جزيرة ميون للغزو البرتغالي ثم الفرنسي والبريطاني وحاليا الإماراتي الأمريكي – الاسرائيلي بهدف السطو على الميزات السياسية والاقتصادية والعسكرية التي يوفرها موقع الجزيرة وبسط النفوذ على اليمن, وأعلنت وسائل إعلام اسرائيلية مؤخرا عقد اجتماعات في الجزيرة بين ضباط اسرائيليين وضباط إماراتيين وطارق عفاش الذي عينته الامارات قائدا لما يسمى بالساحل الغربي.
وأعلنت صحف عبرية ومنها ”يديعوت أحرونوت” التي قالت في وقت سابق ان الحوثيين يشكلون خطرا على أمنها ونشرت مؤخرا تقريرا اشارت فيه الى تعاون الامارات والسعودية وضباط يمنيين في حماية باب المندب في اشارة الى الاجتماع الاخير الذي لم ينفه طارق صالح ولا الامارات ولا أي من دول تحالف العدوان على اليمن.
جزر خليج عدن
ومن أهم الجزر ايضا التي احتلها تحالف العدوان جزيرة صيرة وهي الأهم بين الجزر اليمنية في خليج عدن وتقع أمام مدينة عدن و لعبت دورا استراتيجيا في مقاومة الغزاة وتعود أهمية خليج عدن إلى ارتباطه المباشر بمضيق باب المندب من حيثُ مرور السفن والملاحة الدولية والثروات, إذ أنه لا يمكن المرور من باب المندب دون الوصول لهذه الجزيرة.
سقطرى وعبث الإمارات
ومن أهم الجزر اليمنية التي استولى عليها تحالف العدوان هي جزيرة سقطرى التي تقع في المحيط الهندي ويحدها من الشمال والشرق البحرُ العربي وجنوبا مياهِ المحيط الهندي ومن الغرب ساحلُ القرن الافريقي وتبلغ مساحتها حوالي ثلاثةِ آلاف وستِ مائةٍ وخمسينَ كيلومترٍ مربع أي خمسةُ اضعاف مساحة مملكة البحرين، ويعتبر رأس فرتك الواقع شرقَ المكلا أقربَ نقطة للجزيرة ويبعد عنها ثلاث مائةٍ وثمانينَ كيلو متر.
وتؤكد الاحصاءات البحرية أن جزيرة سقطرى أكبرُ جزيرة يمنية وأهمُ جزيرة في كل المسرح البحري الجنوبي وتمتد أهميتها إلى عدة قرون قبل الميلاد، وقديما اطلق عليها الغزاة درة التاج و تعرضت للغزو الاوروبي فغزاها البرتغاليون في القرن السادس عشر ثم غزاها البريطانيون عام اربعة وثلاثين ثمانِ مائة وألف، ثم حاول الفرنسيون الغزاة احتلالها منتصف القرن التاسع عشر، كما تطلع الغزاة العثمانيون والايطاليون للجزيرة في سبعينات القرن التاسع عشر.
وهي الآن تحت الغزو الإماراتي الأمريكي تنتظر موعد التحرير وتكمنُ أهمية جزيرة سقطرى في كونها مشرفة على طرق الملاحة المارة من أمام رأس جورد فوي على ساحل الصومال والمحيط الهندي، بما فيها الطريقُ البحري إلى رأس الرجاء الصالح وشبهِ القارة الهندية وشرقَ آسيا ,وفي كونها نقطة اسناد عسكرية قوية لظهير باب المندب من الناحية الجنوبية.
كما تكمن أهمية ”سقطرى” في تنوعُ تضاريسِها وتفردُها الطبيعي النباتي, وجيولوجيةُ جزيرة سقطرى تكتنز أيضا ثرواتٍ اقتصاديةً مهمة كالنفط والغاز والمعادن الفلزية.
مفتاح البحر الأحمر
والى جانب ما تم ذكره من أهمية متعددة للسواحل والجزر اليمنية، فتعد اليمن أهم الدول المطلة على البحر الأحمر ومرد ذلك امتلاكها لمجموعة كبيرة من الجزر على ساحله ومن هنا يحاول الغزاة قضم شريان تتوزع جزره على أربعة قطاعات رئيسية:
67 جزيرة
- منطقة ”ميدي ” أو ما يعرف بقطاع ”ميدي” ويضم سبعة وستين جزيرة أهمها جزيرة بكلان، وتقع شمال غرب جزيرة كمران وتبعد عن الساحل اليمني ثلاثون كيلو متر، وجزيرة ذو حراب تبعد عن ساحل ميدي 90 كيلو وتشرف على الممر الملاحي الدولي في البحر الأحمر.
ذات أهمية استراتيجية
والى جانب ”ميدي” على شريط البحر الأحمر فثمة قطاع “اللحية” ويضم ثمانيةً واربعين جزيرة، أهمها جزيرة طقفاش وهي اكبر الجزر المواجهة لميناء اللحية تبلغ مساحتها 35كيلو مترا مربعا وتبعد اثنينِ وعشرين كيلو متر غرب ميناء اللحية وهي جزيرة ذات أهمية استراتيجية واقتصادية.
منتصف خط الملاحة
والى ذلك وفي الشريط الممتد على البحر الأحمر أيضا توجد جزيرة ”جبل الطير” وهي إلى غرب ميناء اللحية وتبعد عن الساحل اليمني لجزيرة كمران بـ 90 كيلو مترا، وتزيد مساحتها عن العشرة كيلو متر مربع، وترتفع عن سطح البحر مائة واثنين وستين مترا، ويكمن تميزها في كونها تقع في منتصف خط الملاحة الدولي وتشرف عليه إشرافا مباشرا.
حزام الصليف
قطاع ” كمران ” ويضم سبعةَ عشرَ جزيرةً أهمها جزيرة كمران وتقع غرب ميناء الصليف وتبعد عن الساحل بـ الفي متر وتبلغ مساحتها أكثرَ من مائة كيلو متر، وللجزيرة أهمية استراتيجية اقتصادية وعسكرية لارتفاع مناسيبها ولقربها من الممرات الملاحية في البحر الاحمر، كما تمثل حزاما امنيا لميناء الصليف وكانت على مر العصور محط انظار القوى الطامعة لاستعمارها وتوظيفها كقاعدة انطلاق للوثوب منها إلى أي جزء في البحر الأحمر أو الدول المشاطئة له.
جزر مراقبة
وثمة أيضا على ساحل البحر الأحمر باليمن أرخبيل ”الزبير” يتكون من مجموعة جزر متجاورة تبعد 45 كيلو من شاطئ جزيرة كمران وهي ذات اهمية استراتيجية نظرا لقربها من الممرات الملاحية الرئيسية في وسط البحر، كما يمكن تحقيق منها مراقبة على مختلف التحركات البحرية.
حاكم خطوط الملاحة
وتوجد كذلك جزيرة حنيش وزقر ”أرخبيل حنيش وزقر” يضم ثلاثة وثلاثين جزيرة، أهمها جزيرة زقر تقابل مدينة التحيتا، وتبعد عن الساحل اثنينِ وثلاثينَ كيلو متر ومساحتها مائةٌ وخمسةٌ وثمانون كيلو متر مربع.
الجزيرة ذات موقع حاكم على خطوط الملاحة الرئيسية، يوجد فيها أعلى قمة جبلية في البحر الأحمر، بارتفاع يصل إلى (ستِ مائة واربعة وعشرين متر) فوق مستوى سطح البحر وهي من أكبر جزر البحر الاحمر.
في العام واحد وسبعين تسع مائة وألف “1971”، حاول العدو الصهيوني اقتطاع الجزيرة من الجسد اليمني وتحويلها الى ثكنة عسكرية لحساب مشروعه الاستعماري الذي ينفذه اليوم عن طريق الأنظمة الوظيفية في الخليج وبتنفيذ بعض الجنود والضباط اليمنيين بقيادة طارق عفاش.
أرخبيل أسال لعاب الغزاة
والى ذلك أرخبيل حنيش ويقع على بعد ما يقارب 135 كيلو شمال مضيق باب المندب، وتنتظم جزره قبالة سواحل مديرية الخوخة، وتقترب جزره اقترابا شديدا من خطوط الملاحة وتبلغ مساحتها نحو تسعينَ كيلومترا مربعا واعلى مرتفع فيها يصل إلى أربع مائة وثلاثين مترا عن سطح البحر..
لأهميتها الاستراتيجية أسالت جزر حنيش لعاب الغزاة، ووفق المصادر التاريخية تعرضت جزيرة حنيش الكبرى للغزو أربع مرات خلال الفترة الممتدة من العام الف وخمسِ مائة وثلاثة عشر إلى العام خمسةٍ وتسعينَ، تسعِ مائة والف من قبل الغزو البرتغالي والفرنسي والبريطاني والإرتيري..
وما بين الاخيرين وقبيل اندلاع حرب 73 أنزل العدو الصهيوني وحدات قتالية على أرض الجزيرة في محاولة لم تنجح لاختطاف الجزيرة آنذاك ويسعى العدو لتثبيت ذلك حاليا.
باب المندب
انشأت قناة السويس في مصر وحينها بدء الصراع بمضيق باب المندب ففي 11 يونيو 1971، قام فدائيون من الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين بإطلاق عشر صواريخ بازوكا على ناقلة النفط الإسرائيلية “كورال سي” التي كانت تحمل علم ليبريا وكانت في طريقها إلى إيلات، الصواريخ أشعلت حريقين في الناقلة، وبعد اطفائهما واصلت الناقلة المعطوبة الإبحار إلى إيلات.
وفي حرب أكتوبر 1973، قامت مصر بإغلاق باب المندب طوال الحرب ولم تفتحه إلا في يناير 1974، بعد توقيع اتفاقية فض الاشتباك الأولى وبدء الانسحاب الإسرائيلي من غرب قناة السويس.
وإثر هجمات 11 سبتمبر 2001، وبالتحديد منذ فبراير 2002، تقوم فرقة العمل المشتركة 150 التابعة للقوة البحرية المشتركة، تحت قيادة أمريكية، بتأمين المضيق لمحاربة القرصنة في المنطقة – حد ادعائها.
أهم ممرات العالم
لا شك أن الموقع الجغرافي الاستراتيجي لمضيق ”باب المندب” أوجد له أهمية تجارية واقتصادية قصوى، جلبت بدورها حساسية عسكرية لهذا الممرّ المائي العالمي لمختلف القوى الدولية والإقليمية، في حين تتباين الجدوى للبلدين اللذين يقع المضيق في نطاقهما الجغرافي؛ وهما اليمن وجيبوتي، وعلى قرب شديد منهما إريتريا.
وأصبح مضيق ”باب المندب” أحد أهم الممرات المائية في العالم بعد إنشاء قناة السويس عام 1869، وأصبح يربط بينها وبين مضيق هرمز نقطة وصل لطريق التجارة العالمي، الممتدّ من البحر الأبيض المتوسط مروراً بالبحر الأحمر، وخليج عدن والمحيط الهندي والخليج العربي.
ويمتاز الممرّ بعرض وعمق مناسبين لمرور كل السفن وناقلات النفط على مسارين متعاكسين متباعدين؛ حيث يبلغ عرضه 30 كم، وعمقه 100-200م.
تواجد اسرائيلي
وبحسب مؤرخين: يعود التواجد الإسرائيلي في باب المندب إلى ستينيات القرن الماضي، وتحديداً عندما قررت بريطانيا، وعلى وقع ضربات المقاومة وتوسع حجم العمليات الفدائية، الرحيل من عدن ومن المحافظات الجنوبية.
قبل ذلك، كانت إسرائيل قد نسجت خيوط العلاقة مع دولة إثيوبيا، واستفادت منها في إيجاد موطئ قدم لها في منطقة جنوب البحر الأحمر، عبر استئجار جزر إثيوبية (قبل استقلال إرتيريا بعقود)، أعقبته محاولات التمدد والتوسع للسيطرة على مضيق باب المندب.
وبحسب تقارير دولية: ظلت أهمية باب المندب محدودة حتى افتتاح قناة السويس في مصر العام 1869وربط البحر الأحمر وما يليه بالبحر المتوسط، فتحول إلى واحد من أهم ممرات النقل والمعابر على الطريق البحرية بين بلدان أوروبية في البحر المتوسط، والمحيط الهندي وشرقي أفريقيا.
ومما زاد في أهمية الممر، أن عرض قناة عبور السفن، وتقع بين جزيرة بريم اليمنية والبر الإفريقي، هو 16 كم وعمقها 100-200م، مما يسمح لشتى السفن وناقلات النفط بعبور الممر بيسر على محورين متعاكسين متباعدين، ولقد ازدادت أهميته بوصفه واحدا من أهم الممرات البحرية في العالم، مع ازدياد أهمية نفط الخليج العربي .ويقدر عدد السفن وناقلات النفط العملاقة التي تمر فيه في الاتجاهين، بأكثر من 21000 قطعة بحرية سنويا (57 قطعة يوميا).
وبناء على إحصائيات عالمية : يعدّ “باب المندب” أكثر ممرّ تسير فيه السفن التجارية وناقلات النفط؛ حيث يستحوذ على 7% من الملاحة العالمية، و13% من إنتاج النفط العالمي (3.8 ملايين برميل نفط في اليوم عام 2013)، و21 ألف سفينة وناقلة تمرّ في الاتجاهين، بواقع 57 سفينة يومياً، وتعبر منه نحو 12 مليون حاوية سنوياً.
أولويات تحالف العدوان
ومنذ بداية الحرب على اليمن في ال26 من مارس 2015م لم يغب باب المندب عن مشاهد الحرب اليومية واستخدام دول التحالف – وفق بياناتها وما أعلنته – قوات من كافة الجنسيات ومن شركات متعددة أبرزها ”بلاك ووتر” وجنود المارنز الأمريكي والجنجويد وقوات من جنسيات مختلفة خاضت حربا كانت فيها الغارات الجوية اليومية تصل الى أكثر من مائة غارة في اليوم الواحد في منطقة ”ذو باب” ومناطق جبل الشيخ سعيد ومدارس العمري وجبل النار والساحل المحاذي امتدادا للمخا وكافة مناطق مديرية باب المندب.
حتى تمكن تحالف العدوان من الاستيلاء على مديرية باب المندب التابعة إداريا لمحافظة تعز وفصل هذه المديرية التي يقع بها المضيق الى جانب مديرية المخا التي يقع فيها الميناء التاريخي المخا وفصلهما (المخا وباب المندب) عن محافظة تعز وتولية قوات طارق عفاش وبإشراف اماراتي عليهما.
وضمن مخططات تحالف العدوان على اليمن السعو اماراتي – الامريكي الاسرائيلي الرامية الى بسط كامل نفوذه على ” باب المندب” وبدعم دول عظمى.. تسعى دولتحالف العدوان, وفق تصريحات لم تخفها, الى تعزيز نفوذها في مديرية باب المندب التي تضم في طياتها مضيق باب المندب وذلك بالاستيلاء على الطرق والقرى المؤدية الى الساحل الغربي وتحديدا الى باب المندب.
حيث يعمل تحالف العدوان على اليمن, بحسب مصادر محلية وعسكرية, على تعزيز تواجده في مديريات أرياف محافظة تعز القريبة من باب المندب والمطلة بالقرب منه أو القريبة منه مثل مديريات الحجرية وتشمل :
( الشمايتين, المعافر, حيفان, .. مديريات الحجرية في تعز ) وذلك من خلال زيادة أعداد الجماعات المسلحة هناك وتزويدها بكميات الأسلحة اللازمة.
ويرى مراقبون: أن الوضع في هذه المديريات مرشح لأن ينفجر في الأيام القادمة بهدف خلط الأوراق واشغال تلك المديريات بصراعات يتمكن من خلالها تحالف العدوان، من تنفيذ أجنداته بكل سهولة في بسط نفوذه على تلك المديريات وتعزيز تواجده في المخا وباب المندب والشريط الساحلي الممتد غربا الى الحديدة من جهة والى عدن من الجهة الأخرى؟
وبحسب مراقبين– أيضا – : يبقى باب المندب في أولى اهتمامات دول تحالف الحرب على اليمن ومطامعها الاستعمارية, يليها بقية السواحل والجزر اليمنية وضمن أهم أهدافها الغير معلنة في حرب قالت أنها تدخلت فيها لأجل إعادة الرئيس اليمني المقيم بالرياض هادي والحكومة اليمنية الموالية للرياض الذين لا يزالون يقيمون بالرياض منذ أكثر من خمسة أعوام ولم يستطيعوا العودة حتى لتلك المحافظات الجنوبية أو مأرب وجزء من تعز والتي قال التحالف أنه قد استولى عليها.
دور تأريخي
ومن خلال ما تم ذكره وبحسب مراقبين: تظهر الأبعاد الاستعمارية الأمريكية للسيطرة على المناطق الحيوية في اليمن من خلال قيام الوكيل السعودي الإماراتي والسعودي بالانتشار العسكري وما يصفه عسكريون بالاحتلال المباشر للجزر والسواحل اليمنية وصولا إلى محاولة السيطرة العسكرية على الحديدة والشريط الساحلي الغربي.
ووفق ما سجلته شواهد تاريخية فإن: موانئ اليمن تلعب منذ القدم دورا حيويا ليس في الاقتصاد اليمني فحسب، بل وفي حياة شبه جزيرة العرب بأكملها، إذ مثل العديد منها مراكز كبيرة للتجارة على سواحل بحري الأحمر والعربي منذ القدم.