المشهد اليمني الأول/
قالت مستشرقة تابعة لكيان العدو الصهيوني إن “ولي عهد السعودية الأمير محمد بن سلمان، يركز جهوده نحو تعزيز النهج السعودي الأول، ويعني السعودية أولاً، وقبل كل شيء، مصالح السعودية وليس سواها، بعيدا عن اهتمامات العالم العربي، والجامعة العربية، والمشكلة الفلسطينية، لا يهمه أي من هذه القضايا، بل يبحث عن مضاعفة القوة”.
وأضافت شمريت مائير المعلقة الصهيونية على الشؤون العربية في مقابلة مطولة مع صحيفة “مكور ريشون” العبرية أن “لدى كيان العدو علاقات جيدة لا مثيل لها مع مصر والسعودية، هذا لا يعني أنهم مهتمون بتطبيق خطة الضم، ولا يعني أنهم سيدعمونها في صمت، بل سيعملون ضدها، لكن في حجم أقل مائة مرة من ذي قبل”.
غياب الجنرالات
وأشارت مائير رئيسة التحرير السابقة لموقع “المصدر”، الذي يقدم معلومات عن إسرائيل باللغة العربية، وهي متخصصة في العالم العربي منذ خدمتها العسكرية في الوحدة 8200 التابعة لجهاز الاستخبارات العسكرية-أمان، أن “خطة الضم، ويا للمصادفة، تجد المعارضة الأكثر فعالية لها من اليمين الإسرائيلي، مما يفسح المجال أمام إجراء جدل كيان العدو الداخلي بأكمله داخل اليمين، بينما اليسار ضعيف جدًا”.
وأوضحت أن “كلا من رون دريمر سفير كيان العدو في واشنطن، وديفيد فريدمان السفير الأمريكي في تل أبيب، وبنيامين نتنياهو رئيس كيان العدو، وجاريد كوشنر مستشار الرئيس دونالد ترامب وصهره، يقومون باتخاذ القرار النهائي الخاصة بالضم، وهذه المرة الأولى التي يتم فيها تحرك دراماتيكي في كيان العد الصهيوني تجاه خطة سياسية مصيرية مع استبعاد شبه كامل للمؤسسة الأمنية الإسرائيلية”.
وكشفت أن “جنرالات كيان العدو لا يفهمون خطة الضم، ولا يشاركونها، ولا يجلسون على الطاولة على الإطلاق، في حين لا توجد وزارة خارجية فعالة، والمؤسسة العسكرية معزولة إلى حد كبير، مع أن ترامب ليس منخرطا في هذه الخطة كليا، أو يفهمها بعمق، أو يغوص فيها تاريخيًا، هو يحصل فقط على إحاطات، ويفهم العواقب، ويعرف كيف يرضي قاعدة دعمه الانتخابية، ولكن دعنا نقول إنها ليست شغفه الشخصي”.
وأكدت أن “ترامب يرى في الضم نافذة مصلحية له، ومعروف عنه كيفية الاستفادة من هذه الفرص، خاصة وأن العالم العربي وصل لمستوى ضعيف للغاية في هذا العام 2020، والفلسطينيون في حالة انقسام مزمنة، وقيادتهم غير مركزية، وهناك إرهاق عام، وعدم مبالاة”.
السعودية أولاً
وأضافت أني “لا أحب الحديث عن “العالم العربي” أو “الرد العربي”؛ لأن هناك أجندة خاصة بكل دولة في العمق الإقليمي، رغم أن الأردن هو الأكثر نشاطا ضد الضم، لكن علاقتنا بالمملكة لم تكن جيدة منذ فترة طويلة، رغم الاحتياجات الاقتصادية الملحة للغاية التي يتطلع إليها الأردنيون، ومع ذلك فإن الخطة قد تسفر في حال تم تطبيقها عن الإضرار باتفاقية السلام، والعلاقات الاقتصادية”.
واستدركت بالقول إنه “لا أحد يتحدث عن هجوم عسكري من الأردن باتجاه الكيان، والأردنيون لا يثيرون إمكانية الإلغاء الكامل لاتفاقية السلام، يقولون فقط أنها ستفرغ من مضمونها، لكن الاتفاقية الآن فارغة إلى حد كبير”.
وأوضحت أن “خطة الضم تسعى لتحقيق استقرار إقليمي من خلال السماح بدولة فلسطينية قابلة للحياة، لذلك من الواضح أن مخاوف المستوطنين تستند إلى شيء ما، وهنا يجب على كيان العدو إجراء حساب بارد لتكلفة الفائدة، وأقترح عليها الانتظار حتى يؤدي رئيس الولايات المتحدة الجديد اليمين في يناير 2021، فالأمور آنذاك ستكون أوضح، فربما سنجد أنفسنا نواجه رئيسًا آخر، وبذلك ينخفض الزخم تجاه خطة الضم”.
وتوقعت أنه “في حال تم انتخاب جون بايدن رئيسًا، فسيبدأ الكيان علاقته معه على قدمها اليسرى، كما كان الحال مع باراك أوباما، رغم أنه في النهاية أوفى بالالتزامات التاريخية للولايات المتحدة تجاه كيان العدو، ولكن تبقى خطة الضم مسارا قد لا يتمكن بايدن من ابتلاعها”.
العلاقة مع الأردن
وأشارت إلى أنه “على الصعيد الداخلي لكيان العدو فإن خطة الضم اكتسبت موطئ قدم بسرعة، لأن بيني غانتس، زعيم يسار الوسط لم يعبر في حملاته الانتخابية الثلاث، عن أي معارضة حقيقية لها، لكن نتنياهو يقوم الآن بخطوة لتفكيك المعارضة، ودعونا نرى ما إذا كان ذلك سيحدث بالفعل”.
وأضافت أنه “في الوقت ذاته من المهم أن يميز الصهاينة بين ضم غور الأردن باعتباره الحدود الشرقية للكيان في أي اتفاق، والمستوطنات في الجزء الخلفي من جبال الضفة الغربية، في قلب المنطقة التي يريد الفلسطينيون إقامة دولتهم فيها، لأنه عندما تجلس مع قادة منظمة أمن كيان العدو، يستحيل فهم مشكلتهم في ضم وادي الأردن، لكن الأمر أكثر تعقيدًا لديهم بالنسبة لباقي المستوطنات”.
وأوضحت أننا “في النهاية سنحصل في الضفة الغربية على شعبين بنظامين قانونيين، وعلينا أن نفكر بعواقب ذلك, رغم أن تنفيذ الخطة في هذه الآونة بالذات قد يكون مغريًا للغاية بالنسبة لنتنياهو وترامب، لأنهما زعيمان يفهمان أن هذا قد يكون عامهما الأخير في المنصب، ويريدان الوصول لصفحات التاريخ، لكن في الوقت ذاته يمكن طرح سؤال عن توقف هذه الخطة بعد أن رقص الجميع بالفعل في واشنطن”.
وأجابت على سؤالها بالقول إنه “كان هناك صوتان أمريكيان تجاه الضم، حيث أطلع السفير فريدمان سياسيين كيان العدو والصحافة اليمينية أنها ستحدث، وهي في طور الإنضاج، ولكن في اللحظة الأخيرة سمع صوت كوشنر يقول “لا”.
شبكات التواصل
وطالبت الكاتبة بضرورة “تحييد الألغام أمام تنفيذ الخطة، ومنها الموقف الأردني، وصول البيت الأبيض بإجماع الكيان الداخلي، ووضع غانتس في العملية، وفي الوقت الحالي، يبدو أن أي خطوة من هذا القبيل تتطلب إجماعًا على المستوى الداخلي الإسرائيلي، مع أن غانتس مهم جداً للأردنيين”.
وقالت مائير إن “التطبيع يجب أن يبدأ من الأسفل، يوجد في العالم العربي من يدعو للتطبيع بشغف، هم ليسوا على الهامش، أو بغرف مغلقة، أو تحت الأرض، هناك مقدم برامج تلفزيونية لبنانية نديم قطيش يتحدث باستمرار عن التطبيع، في الإعلام السعودي تنشر الافتتاحيات بهذه الروح، وانخفض مستوى التحريض على كيان العدو في الإعلام المصري أيضًا، وكذلك الحال على وسائل التواصل الاجتماعي، نحن أمام تطور هائل”.
وأكدت أن “القادة العرب الذين لا يعتمدون على الشرعية الديمقراطية باتوا يشعرون الآن أن لديهم مساحة للمرونة تجاه الكيان، فحكومتا مصر والسعودية تتقاربان معها، خاصة منذ أن أصبح ابن سلمان وريث العرش، لقد صمدت علاقات تل أبيب مع الرياض والقاهرة أمام اختبار نقل السفارة الأمريكية للقدس”.
وكشفت النقاب أن “عملنا موجه للشباب العربي بين 18-34 عاما، بافتراض أنهم غالبية سكان الشرق الأوسط، وإن كان بإمكانك تغيير أنماط تفكيرهم، تستطيع التنافس على كمية ونوعية المعلومات التي يتلقونها، وبالمناسبة فإن إحدى أقوى الأدوات التي تؤثر بالرأي العام العربي هي شبكات التواصل الاجتماعي، حماس ماهرة باستخدامها أكثر من فتح، عندما يريد قادتها إطلاع الصحفيين على أمر ما، يتحدثون لمراسلي تويتر”.