المشهد اليمني الأول/
أثار خبر إجلاء عشرات الدبلوماسيين والموظفين الأمريكيين من السعودية، تساؤلات العديد من المراقبين السياسيين والعسكريين، وعلاقة الأمر بعملية توازن الردع الرابعة التي استهدفت مقرات عسكرية وسيادية حساسة في الرياض.
ففي حين نقلت صحيفة “وول ستريت جورنال” عن مسؤولين أمريكيين وصفتهم بالـ “مطلعين”، أن عشرات الدبلوماسيين الأمريكيين مع أسرهم يغادرون السعودية اليوم السبت، وأن “من المتوقع أن يغادر مزيد من الدبلوماسيين السعودية في الأسابيع المقبلة”.
زعمت الصحيفة أن مغادرة الدبلوماسيين الأمريكيين مع أسرهم، سببه ارتفاع معدلات الإصابة بفيروس كورونا في السعودية.
وأشارت صحيفة “نيويورك تايمز” إلى أن السفارة في الرياض، تعد واحدة من أهم المواقع الدبلوماسية الأمريكية في الشرق الأوسط وموطن واحدة من أكبر محطات الـ CIA في المنطقة حيث يعيش المئات من الدبلوماسيين الأمريكيين وضباط المخابرات وعائلاتهم في مجمع السفارة والمجمعات السكنية المجاورة.
وتساءل مراقبون عن السبب الحقيقي لمغادرة الدبلوماسيين الأمريكيين في السعودية، كون الولايات المتحدة تعتبر من البلدان الأكثر إصابة بفيروس كورونا!!؟ حيث أن مزاعم المغادرة من السعودية بسبب ارتفاع معدلات الإصابة بالفيروس لا ينسجم مع إدراك المتابع أن الولايات المتحدة تعاني أيضاً من ارتفاع معدلات الإصابة!! بل وارتفاع معدلات الوفيات بالفيروس.
فحسب آخر الأرقام والبيانات خلال الـ24 ساعة الماضية، سجلت الولايات المتحدة، 57.683 إصابة جديدة، في حين سجلت السعودية نحو 4.130 إصابة.
بيان البعثة الأمريكية وعلاقته بإجلاء الأمريكيين من الرياض:
بربط تطورات الأحداث منذ اللحظات الأولى لعملية توازن الردع الرابعة في الـ23 من يونيو المنصرم، فإن بيان البعثة الأمريكية يطرح نفسه بشكل أولي عند قراءة الأسباب الحقيقية الغير معلنة لمغادرة الدبلوماسيين الأمريكيين في السعودية، خصوصاً عندما نلاحظ أن العملية استهدفت مقر وزارة الدفاع ومقر الاستخبارات وقاعدة سلمان، وما تحويه تلك المقار من خبراء أمريكيين كما هو معروف، بالإضافة لكون الأماكن المستهدفة على مقربه من حي السفارات وسط الرياض.
ففي ذات ليلة عملية توازن الردع الرابعة، أصدرت البعثة الأمريكية في السعودية تنبيها تحت عنوان “تحذير أمني إثر هجوم صاروخي وجوي على الرياض”، مخاطبة رعاياها بأن عليهم أخذ أقصى التدابير والبقاء في حالة يقظة لأي هجمات إضافية.
التوقيت المبكر جداً لذلك التحذير (حيث كانت العملية ما تزال جارية واستمرت قرابة 10 ساعات) عكس حجم الضربة التي هزت العاصمة السعودية الرياض، وفرضت على واشنطن أن تدعو رعاياها للنزول إلى الملاجئ والبقاء في المنازل والحذر من شظايا الصواريخ والطائرات حتى وإن تم إسقاط بعضها كما جاء في بيان البعثة.
دلالات بيان البعثة الأمريكية في حينه، يؤكد أن الرياض دخلت في قلب المعركة ولم تعد فقط في دائرة التهديد، وفتحت الباب أمام إجراءات أمنية مفتوحة على كل الاحتمالات، لاشك أن مغادرة الدبلوماسيين الأمريكيين في السعودية اليوم هو أبرز تلك الإجراءات.
تصريحات وزير الدفاع ومتحدث القوات المسلحة
الثلاثاء الماضي أكد وزير الدفاع اليمني محمد ناصر العاطفي الاستمرار في تنفيذ العمليات الهجومية الاستراتيجية الواسعة في عمق العدو الجغرافي، والتي ستضع حداً نهائياً لغطرسة العدوان وحصاره وارتكابه جرائم الوحشية بحق الشعب اليمني، حسب تعبيره.
وشدد وزير الدفاع بأن “القادم سيكون أكثر حداثة وتطورًا في جميع أسلحة الردع الاستراتيجية القادرة على استهداف أهداف عسكرية واقتصادية في عمق العدو”.
من جانبه، متحدث القوات المسلحة العميد يحيى سريع، – وخلال مداخلة له على قناة المسيرة مساء الخميس 2 يوليو بشأن التطورات الأخيرة -، كشف أن عملية توازن الردع الرابعة كانت دقيقة وأصابت أهدافها بدقة عالية وأصابت العدو السعودي ومن خلفه الأمريكي بالذعر والإرباك وكانت مؤلمة جدا بالنسبة لهم، بحسب مصادر استخباراتية خاصة.
وأكد العميد يحيى سريع أن القوات المسلحة اليمنية ستستمر في استهداف العمق السعودي بمؤسساته العسكرية والسيادية التي تمثل رأس حربة العدوان، مشدداً بقوله: “استمرار العدوان واستمرار الحصار يعني استمرارنا في الرد المشروع والفعل لدينا يسبق القول”.
تصريحات وزير الدفاع وتصريحات متحدث القوات المسلحة خلال الأسبوع المنصرم، يقرأها النظام الأمريكي بشكل دقيق، ويدرك أبعادها ومضامينها، فاليمن بات يمتلك القدرة على ضرب أهداف كثيرة ومتنوعة بما فيها تلك الأكثر تحصينا والخاضعة للحماية الأمريكية المباشرة.
ومما لا شك فيه، أن عملية توازن الردع الرابعة أعادت إلى الأذهان وعد قائد الثورة السيد عبدالملك بدرالدين الحوثي خلال كلمته في الـ26 من مارس 2020م، في اليوم الوطني للصمود، بقوله: “قادمون في العام السادس معتمدين على الله، متوكلين عليه، بمفاجئات لم تكن في حسبان تحالف العدوان”.
فعملية توازن الردع الرابعة كانت مفاجئة صادمة جداً لم تكن في حسبان تحالف العدوان، وتمثل أولى المفاجئات التي وعد بها قائد الثورة.
كل ذلك يرجح من كون عملية إجلاء الدبلوماسيين الأمريكيين من السعودية اليوم، ذات علاقة مباشرة بما يترقبه العدو من عمليات استراتيجية في الأيام القادمة.