المشهد اليمني الأول/
تواجه المملكة العربية السعودية -أكبر دولة مصدرة للنفط في العالم- أزمة مالية مزدوجة بعد ارتفاع حالات الإصابة بفيروس كورونا واضطرابات سوق الطاقة التي تسببت للحكومة بعجز كبير في الميزانية يمكن أن يرتفع إلى حوالي 15 ٪ من الناتج المحلي الإجمالي هذا العام.
كنتيجة لهذه الأزمات ضاعف المسؤولون من خطط الاقتراض الخاصة بهم ونفذوا سلسلة من تدابير التقشف، بما في ذلك رفع ضريبة القيمة المضافة من 5 ٪ إلى 15 ٪، كما تأثرت بعض البرامج في إطار خطة الأمير محمد لتنويع الاقتصاد ومصادر الدخل حيث تم تخفيض حصص الإنفاق المخصصة لها.
على الرغم من ذلك، تمضي المملكة قدماً في تنفيذ مشروع تطوير “بوابة الدرعية”، حيث خصصت مؤخراً ما يقارب من 20 مليار دولار لاستئناف المشروع على الرغم من الأزمة المالية التي تعاني منها المملكة، على أمل أن يتم تعويض هذه المبالغ من قبل المستثمرين والمستهلكين بعد انتهاء الوباء العالمي.
استئناف المشروع تم بعد أوامر مباشرة من ولي العهد الأمير بن سلمان للمخططين بالتحرك “بأقصى سرعة إلى الأمام، دون تباطؤ” ، بحسب جيري إنزريلو، الرئيس التنفيذي لهيئة تطوير المشروع، والذي أفاد أن العديد من أجزاء المشروع قيد الإنشاء ومن المقرر الانتهاء من المرحلة الأولى بحلول نهاية عام 2023.
في مقابلة له هذا الأسبوع، قال إنزيريلو “لا نعرف الأثر الاقتصادي المستقبلي لـ كوفيد-19 على مدى 12 أو 24 أو 36 شهرًا…ولكن يمكنني أن أخبرك بشيء أعرفه من جلالة ولي العهد: لن يؤثر ذلك على تخطيط مدينة الرياض الرئيسية”.
مشروع تطوير بوابة الدرعية هو مشروع يهدف إلى تحويل منزل أجداد العائلة المالكة إلى وجهة سياحية وثقافية وترفيهية مترامية الأطراف، مع 20 فندقًا و12 متحفًا وملعب غولف مبني حول موقع تراث عالمي لليونسكو، ويعد المشروع أولوية عالية للملك سلمان، وهو أحد هواة التاريخ المحلي، والأمير محمد، نجله، الحاكم الفعلي للمملكة.
في حواره، أكد إنزيريلو أن الأموال اللازمة لإتمام المشروع ستأتي من الحكومة وكذلك من المستثمرين السعوديين والخليجيين والأجانب، ولكن إذا ترددوا في المناخ الحالي، يمكن للدولة أن تقدم الأموال من صندوقها الخاص لإنجازها بشكل أسرع، مشيراً إلى أن أعمال التنقيب للبنية التحتية الرئيسية والفندق الأول بدأت بالفعل.
وأضاف إنزيريلو أن انقسام الاستثمار بين القطاعين العام والخاص في حالة تغير مستمر الآن بسبب الأوضاع الحالية، حيث قالت بعض شركات الضيافة الأجنبية التي تم الاتفاق معها قبل الوباء إنها “تحتاج حتى الخريف لتتأكد من تداعيات الصورة السياحية العالمية” وذلك قبل أن تقرر مستوى حقوق الملكية الخاصة بها.
ولكنه أضاف أن هناك اهتماماً أكبر من المستثمرين السعوديين، مع اهتمام متزايد “كبار رجال الأعمال السعوديين والعائلة المالكة” -على حد قوله.
يراهن المسؤولون السعوديون على أن إنفاق المستهلكين على السياحة والترفيه سيزداد مع خروج الناس من منازلهم، لذلك هدفهم هو بوابة الدرعية التي ستقام لتتسع إلى 100.000 ساكن مع جذب 25 مليون زائر سنويًا بحلول عام 2030، بما في ذلك السعوديون والسياح الأجانب.
الأزمة المالية تتفاقم يوماً بعد يوم في المملكة، والحكومة تتصرف بتناقض شديد، حيث تقوم بفرض إجراءات وتدابير تقشفية في مجالات، بينما تقوم بإنفاق الأموال وببذخ في مجالات أخرى، خاصة في مجالات خطة الأمير ولي العهد المسماة بـ “رؤية 2030″، حيث يتم الاستثمار فيها وبكثافة.
كما أعلن المسؤولون مؤخرًا عن صندوق تطوير السياحة بقيمة 4 مليارات دولار، وهم يمضون قدماً في العديد من المشاريع الضخمة، بما في ذلك مشروع “القدية”، وهي المدينة الترفيهية المخطط لها بالقرب من العاصمة، بالإضافة إلى إنفاق 10 مليار دولار على مشروع المنطقة المالية في الرياض.
_______
ترجمة العدسة