المشهد اليمني الأول/
قال موقع ميدل ايست آي البريطاني ان الربيع العربي أدى إلى شروخ سياسية وجيوسياسية.
وتتعلق الانقسامات السياسية بالتطورات التي لحقت بالأنظمة التي اندلعت الثورات ضدها، بينما تتعلق الانقسامات الجيوسياسية بتوازن القوى في جميع أنحاء العالم العربي.
واشار التقرير الذي نشرة الموقع انه في وقت مبكر من ثورة تونس ومصر، اتضحت 3 محاور جيوسياسية متميزة في الشرق الأوسط: محور معاد للثورة بشكل علني بقيادة السعودية والإمارات، ومحور إصلاحي إسلامي (مؤيد للجهات الثورية بما في ذلك الإخوان المسلمين) بقيادة تركيا وقطر؛ و “محور المقاومة” (مقاومة الولايات المتحدة وإسرائيل)، وتجسده إيران وسوريا و”حزب الله” واليمن.
التحيزات السياسية والاستراتيجية كان المحور المضاد للثورة ينظر إلى الانتفاضات العربية على أنها تهديد بسبب صعود الإسلام السياسي.
في حين دعم المحور الإصلاحي الإسلامي هذه الظاهرة وحارب من أجل انتصار الإسلام السياسي في العالم العربي، بينما، رحب الإيرانيون صراحة بالربيع العربي، لأنه استهدف في البداية شركاء الرياض الأساسيين.
ما بعد النزاع في سورية وليبيا
يعطي النزاعان المسلحان الليبي والسوري فارقًا دقيقًا لهذه المواقف.
ففي حين حاول “محور المقاومة” الحفاظ على الوضع الراهن، فإن محور الرياض وأبوظبي تماشى مع محور أنقرة – الدوحة لصالح الإطاحة بـ”معمر القذافي” في ليبيا، و”بشار الأسد” في سوريا.
وفي الحالة الأخيرة، كانت النية الرئيسية للسعودية هي كبح النفوذ الإيراني في المنطقة.
والواقع أن هذه المحاور تقوم على التحيز السياسي والاستراتيجي وليس على الاعتبارات الدينية، فليست المعارضة بين السنة والشيعة هي التي تحدد الانقسامات الجيوسياسية للشرق الأوسط.
لا يُوصف محور الرياض-أبوظبي بأنه مدافع عن السنة، ولكن بقربه من واشنطن، وميله إلى تطبيع العلاقات مع (إسرائيل)، وعدائه لإيران (التي تهم الرياض أكثر من أبوظبي) وانعدام الثقة الكبير تجاه جماعة “الإخوان المسلمين” (التي تهم أبوظبي أكثر من الرياض).
في يوليو/تموز 2013، حققت السعودية والإمارات انتصارًا كبيرًا في مصر مع الانقلاب على الرئيس “محمد مرسي” وصعود الرئيس “عبد الفتاح السيسي “، مهندس الثورة المضادة في مصر، وما صاحب ذلك من قمع ضد “الإخوان المسلمين”.
غموض السعودية في سوريا، أنقذ التدخل العسكري الروسي االنظام وجعل محاولات الإطاحة “بالأسد” غير مجدية.
بدت هزيمة السعودية في سوريا نهائية في أبريل/نيسان 2018، عندما استسلم وكلاؤها في “جيش الإسلام” بعد معركة الغوطة الشرقية.
ظهر دعم السعودية لجماعة سلفية أيضًا غموض الرياض فيما يتعلق بالإسلاموية، ففي حين تظهر العداء لجماعة “الإخوان المسلمين” بسبب طابعها العابر للحدود، فإن بعض الجماعات السلفية المحلية في مصر وسوريا يجري دعمها من قبل السعودية.
بعد 8 أشهر من هزيمة الجماعات المتمردة في الغوطة الشرقية، أعادت الإمارات فتح سفارتها في دمشق وأعلنت بشكل واضح – على عكس حليفتها السعودية، تفضيلها “للسلطوية والاستقرار” في سوريا.
يواجه محور الرياض-أبوظبي اليوم صعوبات في ليبيا. تدعم الإمارات ومصر وبدرجة أقل السعودية “خليفة حفتر”، الذي يتحدى السلطة القانونية المعترف بها دوليًا لحكومة الوفاق الوطني، المدعومة من تركيا والتي سجلت انتصارات هامة خلال الأسابيع الماضية.
تحالف ضعيف بالرغم من التقارب الحقيقي بين الرياض وأبوظبي والذي كان ملحوظًا في عام 2011 عندما بدأت الاحتجاجات في البحرين، وفي 2013 في مصر وحتى في عام 2017 مع حصار قطر – والعلاقة الشخصية القوية بين ووليي العهد “محمد بن سلمان” و”محمد بن زايد”، فإن الدولتين ليستا على نفس الأجندة.
الفشل في اليمن
يبدو أن الإمارات قررت في السنوات الأخيرة إعادة تحديد أولوياتها، والتي تبدو متناقضة أحيانًا، تواصل أبوظبي الدفاع عن الاستبداد ضد محاولات التحول الديمقراطي والإسلام السياسي، ولكن في الخلفية يبدو تقارب خفي مع إيران.
وتهدف الإمارات أيضًا إلى تطوير شبكة بحرية، حتى لو كان ذلك يعني تعزيز الانفصال في اليمن وأرض الصومال، وفي اليمن بعد أكثر من 5 سنوات من العدوان، أصبحت حكومة صنعاء في وضع أقوى.
ولم يعد هناك شك في هزيمة السعودية ومعسكر حكومة المرتزقة “الفار هادي”.
وأثناء لعبها ببطاقة مكافحة الإرهاب وإلقاء اللوم على حكومة المرتزقة – والسعوديين بشكل غير مباشر – لاستيعابهم حزب “الإصلاح” التابع لـ”الإخوان المسلمين”، دعمت الإمارات الانفصاليين الجنوبيين الذين يسيطرون على عدن.
وفي أبريل/نيسان ذهب الانفصاليون إلى حد إعلان الحكم الذاتي للمقاطعات الجنوبية، باختصار، لم تعد السعودية تسيطر على الامور في اليمن، وكرست كل جهودها على تقوية الانفصاليين في الجنوب.
دور بن سلمان كان أشبه بمنظم مهرجانات أكثر من صاحب استراتيجيات
سياسة خارجية كارثية ويحمل محاولة أبوظبي للاستقلال جزئيا عن تحالفها مع الرياض عواقب جيوسياسية ملحوظة، فقد وصل تنافس المواجهة بين الإمارات وتركيا إلى حرب باردة بصورة تشبه بشكل كبير ما عليه الوضع بين السعودية وإيران.
في نهاية المطاف، لا تعتبر نتائج تحالف العدوان السعودي الإماراتي في العالم العربي مثمرة، فالانقلاب على “مرسي” في مصر هو “النصر” الوحيد الذي حققه هذا التحالف فعليا.
وبالنسبة للسعودية، فإن نتائج سياستها الخارجية كارثية، فقد غادرت العراق، وهُزمت في سوريا، وتراجعت في لبنان، وشهدت كارثة في اليمن وأخطأت في تقدير استراتيجيتها في ليبيا. وكان دور “بن سلمان” منظم مهرجانات أكثر منه استراتيجي.