المشهد اليمني الأول/
أيها المبقبقون، أيتها المبقبقات على شبكات التواصل الاجتماعي ، فيروس كورونا جائحة عالمية عجزت كبريات الدول عن مواجهتها ، ونحن في اليمن ، نواجه هذا الخطر الذي وصل إلينا متأخرا بعد أن أرهق العالم ، والسلطات الحكومية لا تألوا جهدا في اتخاذ كافة التدابير والإجراءات الاحترازية للحد من انتشاره ، وكل ما تقوم به يندرج في هذا السياق ، وليس لها مصلحة في تهويل كورونا ، أو التقليل من خطره ، وكل ما تقوم به يهدف إلى الحفاظ على سلامتنا وحمايتنا من هذا الفيروس اللعين، فلا داعي ( للبقبقة ) و( الزوبعة ) وترويج الشائعات والأكاذيب والأراجيف..
( أيش تشتوا قلدكم الله ؟ لا عاد حد يموت ؟! ) أو ( تشتوا كل من يتوفاهم الله في أوساطنا يقولوا لكم إنهم توفوا بسبب كورونا) هل تريدون من وزير الصحة أن يخرج عليكم ليقول لكم إن عدد الحالات المصابة بكورونا في بلادنا وصل إلى 20ألف حالة ، وأن الحالات المتوفية تجاوزت حاجز العشرة آلاف ، لكي يعالج فضولكم ولو بالكذب ؟!! طبيعي (بايخرج) عليكم يقول لكم ذلك ولا (تزعلوا) ، مادام إنه بيزعجكم بتصريحاته التطمينية التوعوية المسؤولة ؟!! وباليمني الفصيح (ما فيش حد فارح يعور عينه) والمشكلة أن (الذي يده في النار مش مثل الذي يده في الماء) .
ما أريد فهمه واستيعابه هنا، ما الذي ستستفيدونه من وراء ذلك ؟! لماذا تصرون على التهويل غير المبرر ؟! يا جماعة.. يا عالم.. يا ناشطين.. يا حقوقيين.. يا إعلاميين.. يا سياسيين.. يا حزبيين.. إذا كان هدفكم من وراء منشوراتكم وكتاباتكم وتعليقاتكم، تخويف الناس من أجل البقاء في منازلهم، فأنتم (غلطانين) فالشوارع تكتظ بهم يوميا ليلا ونهارا ، علاوة على أن الخوف في حد ذاته الذي يسيطر على البعض جراء التهويل الذي تمارسونه من خلال منشوراتكم يضرب الحالة النفسية للكثير من الناس ، وهو ما يمثل أحد أسباب وفاة العديد من الناس حتى من غير المصابين بهذا الفيروس ، فيصابون بالجلطات القاتلة جراء ذلك ..
أنتم تغفلون دور الحكومة في مكافحة هذا الفيروس المتمثل في التوعية والنصح ، والقيام بعمل الإجراءات الاحترازية اللازمة ، وتقديم كل ما هو متاح من وسائل العلاج والرعاية للحالات المصابة والمشتبه بها بحسب إمكانياتها ، وتذهبون للحديث فقط عن وجود حالات كثيرة مصابة بالفيروس، وأن الحكومة تتعمد إخفاء ذلك ، وأن ذلك يسهم في عدم شعور المواطنين بالخوف وعدم التزامهم بالإجراءات الاحترازية ، والمضي في حالة من الاستهتار واللامبالاة في تعاطيهم مع هذا الوباء ، رغم أن الحكومة وعبر وزارة الصحة تقوم بالإعلان عن الحالات المصابة ، وفي حال عدم إعلانها عن كل الحالات المصابة قد يكون لها مبررات، والتي قد تندرج في سياق الحرص على عدم خلق حالة من الذعر والخوف والهلع في أوساط المواطنين لما لتداعيات ذلك من آثار ونتائج سلبية على الحالات المصابة بالفيروس والتي تقلل من فرص تماثلها للشفاء ..
لا تنسوا أن إمكانياتنا الصحية شحيحة جدا وتكاد تكون منعدمة فيما يتعلق بمواجهة فيروس كورونا ، ولا تقفزوا على أوضاع الناس الصعبة ، وظروف الدولة المعقدة ، في ظل انقطاع المرتبات ، كما لا تنسوا خطورة وتداعيات فيروس الجشع والطمع الذي يعاني منه الكثير من التجار الذين ينتظرون تأزم الوضع الصحي في البلاد ، وارتفاع عدد الحالات المصابة ، وذهاب الدولة نحو اتخاذ تدابير وإجراءات احترازية أكثر صرامة ، كحظر التجوال مثلا ، ليختلقوا أزمة تموينية خانقة بذريعة كورونا ، سنشهد معها ارتفاعات جنونية في الأسعار ، واحتكاراً وتلاعباً بالقوت الضروري للمواطنين ، حينها لن تلتفتوا إلى التجار ، ولكنكم ستذهبون لمهاجمة الحكومة واتهامها بتجريع وتجويع الناس ، وغيرها من الاتهامات التي تعودتم على توزيعها يمينا وشمالا ، علاوة على الإساءات التي توجهونها لها على طول الخط بسبب أو بدون سبب ، هذا يقول ( هاتوا المرتبات للناس من أجل يجلسوا في البيوت ) وآخر سيقول ( ما يحظر التجوال إلا كامل ، خلوا الناس يشقوا على جهالهم ) رغم أننا جميعا نعرف ظروف الدولة ، ونعي جيدا من الذي قطع المرتبات ونهب الثروات والإيرادات ، ويرفض صرف المرتبات ؟!!
والذي يرفع الضغط الدكتور الذي يحاول تكييف كل حالات الوفاة هذه الأيام على أنها نتيجة كورونا ، لأنه كان مصاباً بنزلة برد وحمى ، وعندما وصل المستشفى ( أطلق صلية من العطسات ) ، وكأن نزلات البرد وأعراضها دخيلة على بلادنا ، ولم تظهر إلا مع أزمة كورونا ؟!! ولهذا وأمثاله نقول من باب التنبيه فقط :إن الأوضاع في بلادنا تقتضي أن نواجه جائحة كورونا بحكمة وعقلانية ووعي وحرص ومسؤولية وننظر إليها من كل الجوانب .. لقد خلق تجار الأدوية وأصحاب الصيدليات ومخازن الأدوية أزمة في الكمامات مع بداية ظهور كورونا في الصين وأمريكا ، واليوم خلقوا أزمة في فيتامين سي ، وخلق تجار الخضار أزمة في الليمون ووصل سعر حبة الليمون الواحدة إلى مائة ريال وزيادة ( وعاد الوضع تحت السيطرة ) ولم نسمع أي كلام من شلة المبقبقين والمزوبعين يندد بذلك ، وكذلك عندما قامت وزارة الصناعة بتشغيل مصنع الغزل لصناعة كمامات محلية لمواجهة الأزمة الكل ابتلعوا ألسنتهم وكأنهم تخصص فتن وإشعال أزمات ونشر الزوابع والشائعات والأقاويل ؟!
بالمختصر المفيد: محاربة كورونا تتطلب تحلينا بالوعي ، ونحن للأسف الشديد ، وعينا لا يزال قاصرا ومحدودا جدا ، مشكلتنا مشكلة ، والمعالجة يجب أن تتم بحكمة وروية ، والناس يجلسوا في منازلهم ( وما با يقع شي ) ، وهذا هو ما يجب طرحه ، ونشره ، وفيما يتعلق بالمصابين بالفيروس والمشتبه بهم لهم الله وما (حد يموت ناقص عمر ) والحكومة ملزمة بمعالجتهم والعناية بهم، وهذا لا غبار عليه .. نريد طرحا مسؤولا ومنطقيا يخدم الوطن والمواطن ، المواطن مسكين ، وعلينا توعيته ، لا أن نخوفه بالأخبار الكاذبة والدعايات المغرضة ( قالوا قبروا أمس في مقبرة زعطان عشرين جثة ، وفي مقبرة فلتان ثلاثين جثة توفوا بفيروس كورونا ، وعندما تقول لهؤلاء المبقبقين: ما هي مصادركم ؟!! يردون بكل ( سخف ) “قالوا” !!!
ياعالم يكفي (قالوا ، قلنا) وتعاملوا بوعي ورقي في الطرح، بشروا بالخير ، وأسهموا في نشر الوعي في أوساط الناس بضرورة الالتزام بالإجراءات الاحترازية لتجنب الإصابة بفيروس كورونا .. يجب أن تفهموا ، ونفهم جميعا أن انتشار كورونا في اليمن مش مفاجأة كبرى فالفيروس تحول إلى وباء عالمي ونحن من الدول الأحسن حالا من غيرنا رغم الظروف التي نعيشها جراء العدوان والحصار ، يعني بالمفتوح: الأعمار بيد الله ، وكل واحد ما معه إلا ما كتب له الله ، نلتزم بالنصائح ونجلس في البيوت ، ونترك الفلسفة وتحليلات ما بعد تخديرة القات ، ونتعامل بجد ومسؤولية ، كورونا فيروس عالمي ( ما جاء به أنصار الله ) الذين تسموهم ( الحوثة ) ولا هم السبب في انتشاره ، كما يحاول البعض الغمز واللمز بذلك في منشوراتهم التي تعكس ضيق فكرهم وقلة وعيهم ، وهشاشة ثقافتهم ، وقلة عقولهم ، وسيخفتهم ، وحقدهم اللا محدود على أنصار الله الذين كان لهم الفضل -بعد الله عز وجل- في الحد من انتشاره ، ومحاصرته منذ وقت مبكر .
__________
عبدالفتاح علي البنوس