المشهد اليمني الأول/
لتلميع القتلة وتحسين صورتهم ، والتنصل عن القيام بالمهام الإنسانية والإغاثية ، وزيادة حجم معاناة الشعب اليمني في ظل العدوان والحصار ، والحصول على مكاسب لها وللعاملين معها ذهبت الأمم المتحدة بالتنسيق مع المتسبب الرئيسي في الأزمة اليمنية ، والطرف الذي يقف خلف معاناة الشعب اليمني ، والذي لم يتوقف منذ أكثر من خمس سنوات عن قتلهم وتشريدهم ومحاصرتهم وتجويعهم وقطع مرتباتهم ، ومحاربة اقتصادهم وتدمير عملتهم ، واستمرار معاناة أسراهم ، وجرحاهم ومرضاهم ، وتدمير كل مقدراتهم ، المتمثل في الكيان السعودي المحتل الباغي ، لعقد مؤتمر دولي للمانحين تحت شماعة جمع التبرعات لمساعدة اليمنيين ، والذي استضافته عاصمة العدوان الرياض ، في فضيحة جديدة للأمم المتحدة التي لطالما تشدقت بحياديتها وإنسانيتها وحرصها على تحقيق السلام وتقديم العون للشعوب المنكوبة .
القاتل السفاح الذي دمر كل ما هو جميل في اليمن ، وأدخل الشعب اليمني في خضم أزمة معيشية بالغة الصعوبة لم يشهدها من قبل ، والذي ما يزال يقتل ويدمر وينهب ويبطش ويقصف ويفتك ويعتدي ويحاصر ، إزاء ذلك سعت الأمم المتحدة من خلال هذا المؤتمر لتلميع وتحسين وتجميل صورته أمام العالم ، وتقديمه للعالم على أنه الحمل الوديع ونبع الإنسانية ، وأن قيادته الإجرامية لا تنام لشدة حرصها على سلامة اليمنيين ، وأنها لا تتوانى عن تقديم العون والمساعدة لهم عبر ما يسمى بمركز الملك سلمان ، في مغالطة مفضوحة ، وتدليس قذر من قبل الأمم المتحدة التي باتت روائح عهرها وارتزاقها الاممي تزكم الأنوف ، وتبعث على الحسرة ، جراء هذا السقوط القذر ، والانحطاط الأكثر قذارة الذي وصلت إليه الأمم المتحدة .
لو كانت الأمم المتحدة جادة في توفير الدعم لليمن واليمنيين لما عقدت المؤتمر في الرياض ، وهي المسؤولة عن هذه المعاناة التي تتطلب المساعدة والعون ، ولكنها تبحث فقط عن مصالحها ، وتوفير الإعتمادات المالية لها ولموظفيها والعاملين معها والتي تستنزف نسبة كبيرة من المساعدات الخجولة التي تقدمها ، ومع فشل مؤتمر دعم الأمم المتحدة وحكومة الفنادق في توفير الإعتمادات اللازمة ، والذي كان متوقعا من قبل الأمم المتحدة ، جعلت منه الأخيرة مبررا لتوقيف بعض أنشطتها وأعمالها الإغاثية ، في مؤامرة جديدة تهدف إلى زيادة معاناة المواطنين وتضييق الخناق عليهم ، في عملية ابتزاز أممية واضحة للمجلس السياسي الأعلى وحكومة الإنقاذ ، في هذه الظروف الصعبة التي يمر بها الوطن ، في ظل تفشي فيروس كورونا ، والهدف منها الضغط على القوى الوطنية وربط المساعدات الأممية بتنازلات سياسية سيادية لحساب قوى العدوان ، غير مكترثة بتداعيات وآثار هذا التصرف الإجرامي اللا مسؤول وما قد يترتب عليه من نتائج كارثية على مختلف الأصعدة في ظل استمرار العدوان والحصار للعام السادس على التوالي .
بالمختصر المفيد: مؤتمر الرياض للمانحين أسقط كافة الشعارات الزائفة والمثل الديكورية التي ترفعها وتتظاهر بها الأمم المتحدة ، فكان الفاضح لها ، والمؤكد لمن لا يزال في داخله ذرة شك ، بأنها جزء لا يتجزأ من هذا العدوان ، وأنها شريكة لدول التحالف الذي تقوده السعودية في كل الجرائم التي ارتكبوها في حق اليمن واليمنيين ، وأنها أحد المستفيدين من وراء إطالة أمد العدوان والحصار ، ويجب مكاشفتها بذلك ، وإطلاع العالم على حقيقتها ، فهي قبل أمريكا وإسرائيل ومرتزقة الفنادق لا ترغب في إيقاف العدوان ورفع الحصار وإنهاء معاناة الشعب اليمني ، تتماهى مع قوى العدوان في خرقها لاتفاق السويد ، وامتناعها عن صرف المرتبات ، واستمرار حظر الملاحة الجوية عبر مطار صنعاء ، والتنصل عن تعهداتها بنقل المرضى للعلاج ، والتلاعب بالمساعدات الإغاثية البسيطة التي تصل عبر ميناء الحديدة بعد احتجازها وتفتيشها ، وهي شريكة في عرقلة تنفيذ عملية تبادل الأسرى ، وعدم التوصل إلى وقف لإطلاق النار ورفع الحصار والذهاب بالأطراف اليمنية نحو طاولة الحوار ، هذه هي حقيقة الأمم المتحدة ، وهذه هي سياستها ، فلا خير يرتجى منها ، ولا أمل أن تلعب دور الوسيط النزيه غير المنحاز ، فهي سعودية أكثر من آل سعود ، وهي أداة بيد الأمريكيين واليهود ، تنفذ ما يطلبوه منها ، وتعمل على خدمتهم بلا حدود .
___________
عبدالفتاح علي البنوس