المشهد اليمني الأول/
موجة من الاحتجاجات العارمة والاضطرابات والفوضى تجتاح الولايات الأمريكية اليوم بسبب سياسة ترامب العنصرية الهوجاء والتمييز بين الجنسين، والتحيز ضد المهاجرين الأفارقة ذوي البشرة السوداء.
ورغم محاولات إدارة ترامب التعتيم على ما يجري من أحداث إستثنائية هزت أمريكا من أقصاها إلى أقصاها بسبب عنصرية الشرطة الامريكية عقب جريمة قتل الشاب الاسود جورج فلويد، كما جرى في حادث اعتقال طاقم شبكة سي ان ان ومنعه من تغطية الاحتجاجات التي تشهدها أمريكا، إلا أن التطورات باتت أكبر من السيطرة عليها ناهيك عن التعتيم عليها.
وكشفت دائرة الاحتجاجات التي أخذت تتسع وتمتد إلى ولايات أمريكية أخرى عن وجود بركان من الغضب كان مدفونا في صدور الملايين من السود والمحرومين في أمريكا، والذي وجد في مقتل الشاب الاسود جورج فلويد سببا ليتفجر، وهذه الحقيقة أشار إليها حاكم ولاية مينيسوتا تيم والز عندما أعلن أن ما شهدته مدينة مينيابوليس ليلة السبت من الاحتجاجات والاشتباكات بين قوات الأمن والمتظاهرين لم تعد له أي علاقة بمقتل الشاب جورج فلويد.
ووصف المحلل الأمريكي“أبايومي أزيكيف” الاحتجاجات التي تشهدها الشوارع الأمريكية، بأنها كانت رداً مباشراً ليس فقط على مقتل جورج فلويد على يد الشرطة في مينيابوليس، ولكنها أيضاً انعكاس للسخط والإحباط في المجتمع العنصري والرأسمالي.
وقال أزيكيف في تصريح لوكالة تسنيم الدولية للأنباء: إن ترامب استند في أنشطته السياسية على العنصرية والتمييز بين الجنسين والتحيز ضد المهاجرين، وعلى المستوى الداخلي، فاقم العداء العنصري بين الأمريكيين ذوي الجذور الإفريقية، وذوي البشرة البيضاء من أجل تقسيم البلاد والبقاء في السلطة لمدة أربع سنوات أخرى، مضيفا أنه تم خلق هذا اليأس الجماعي على مر السنين بسبب الهجوم على الأمريكيين الأفارقة من قبل ضباط إنفاذ القانون والمتطرفين، ويأتي هذا الغضب العام في الوقت الذي أدى فيه تفشي الفيروس التاجي إلى مقتل أكثر من 100.000 أمريكي وإصابة أكثر من 1.6 مليون شخص، إنها أسوأ أزمة صحية شهدتها الولايات المتحدة منذ أكثر من قرن.
وصرح بالقول أن الأمريكيين من أصل أفريقي تأثروا بشكل كبير وراء تفشي الفيروس التاجي في بعض الولايات، بما في ذلك ميشيغان وإلينوي، حيث ان النسبة المئوية للأميركيين الأفارقة الذي قضوا نحبهم في المستشفيات بسبب فيروس كورونا أعلى بكثير من السكان الأمريكيين الآخرين. وفقد أكثر من 41 مليون شخص وظائفهم والعديد من الأمريكيين ليس لديهم أموال أو طعام، وهو نتيجة مباشرة للانهيار الاقتصادي، لذلك لا ينبغي أن يفاجأ المرء بالاضطرابات والوفيات الناجمة عن اغتيال جورج فلويد في مدن أمريكية مختلفة.
وواصل المحتجون من شتى أنحاء الولايات المتحدة بالتدفق إلى الشوارع، موسعين رقعة الاحتجاج، في مظاهرات سلمية واشتباكات مع عناصر الأمن تخللها حرق مراكز ومدرعات للشرطة، فيما استجابت الشرطة بعنف شديد جدا للاحتجاجات، بالاعتداء على المتظاهرين السلميين و”غير السليميين”، بالهراوات والغاز المسيل للدموع، والرصاص المطاطي.
ووثقت الكاميرات حوادث كثيرة لعنف الشرطة، بما في ذلك دهس سيارتين تابعتين لشرطة مدينة نيويورك، لمحتجين أغلقوا الشارع. ولم تتوقف الشرطة عند مهاجمة المحتجين فقط، فقد اعتدى عناصرها على صحافيين، واعتقلوا آخرين لتوثيقهم الاحتجاجات.
وشهدت المظاهرات رد فعل عنصري أيضا من اليمين الأبيض المتطرف، حيث حاول بعد المتطرفين البيض الاعتداء على المتظاهرين، أو المارة من أصحاب البشرة السوداء علما أن المظاهرات تُشارك فيها مختلف شرائح المجتمع الأميركي.
ولعل أهم ما ينبغي الإشارة إليه، هو أن هذه المظاهرات قد كشفت الوجه المتوحش، والديمقراطية الزائفة والعنصرية المقيتة، وحقوق الإنسان الكاذبة، وأظهرت حقيقة النظام الأمريكي، الذي لم يكن يوما بلد حريات ولن يكون طالما يحكمها نظام عنصري لا ينتج إلا عنصريين قتلة.