المشهد اليمني الأول/
من الأمور المثيرة للعجب والاستغراب هو ذلكم التعاطي والتفاعل الواسع الملفت للنظر الذي يبديه العديد من الناشطين والناشطات والخاملين والخاملات على شبكات التواصل الاجتماعي من اليمنيين ، أبناء جلدتنا ، الذين يحملون ذات الهوية التي نحملها وينتمون إلى ذات الوطن الذي ننتمي إليه ونقيم وإياهم فيه مع جائحة كورونا ، حيث تحولوا إلى خلايا نحل ( شغالين 24ساعة ) متنقلين بين منصات التواصل الاجتماعي للحديث عن كورونا ، وبغض النظر عن أطروحاتهم ومنشوراتهم وكيفية تعاطيهم مع الموضوع من حيث المضمون وطبيعة الرسائل التي يستخدموها في ذلك ، إلا أن ما يلفت النظر هي تلكم الطاقة الهائلة والجهد الكبير والوقت الطويل جدا الذي يوفرونه لهذا الموضوع والذي لا نلوم الكثير منهم بشأنه ، إلا فيما يتعلق بالطرح السلبي غير المنطقي وغير المجدي والذي لا يسهم في جانب التوعية حول هذا الفيروس وطرق الوقاية منه ولا يعدو عن كونه مجرد (خزعبلات وهراء وعبط واستهبال وسخافة) .
هؤلاء الذين ظلوا وما يزالون يلزمون الصمت تجاه العدوان السعودي الإماراتي الذي يشن على بلادنا وشعبنا والحصار المفروض على شعبنا منذ أكثر من خمس سنوات ، رغم أن الخطر الذي يمثله هذا الفيروس السعودي والإماراتي يفوق عشرات أضعاف الخطر الذي يمثله فيروس كورونا في حال التزمنا بالإجراءات الاحترازية الوقائية الكفيلة بعدم إصابتنا به ، عشرات الآلاف من الشهداء والجرحى، ودمار واسع للبنية التحتية ، وخسائر كبيرة في الممتلكات العامة والخاصة ، تدمير ممنهج للاقتصاد اليمني والعملة اليمنية ، واحتلال سافر للمدن والجزر والموانئ والمنافذ البرية والبحرية والجوية ، إغلاق للمطارات وحصار للسفن المحملة بالغذاء والدواء والمشتقات النفطية ، قطع للمرتبات ، ونهب للثروات والإيرادات ، مؤامرات تحاك ، ومخططات تنفذ الواحدة تلو الأخرى ، والخاسر فيها هو اليمن والشعب اليمني، وهؤلاء في عالم آخر ، لم تصدر منهم إدانة لجريمة واحدة من جرائم العدوان ولم يعبروا عن سخطهم تجاه من قطع المرتبات وارتكب الجرائم وانتهك الحرمات وكأنهم ابتلعوا ألسنتهم ، وجف مداد أقلامهم وتمزقت صفحات دفاترهم ونفد رصيد النت من هواتفهم ومحمولاتهم وتم تهكير صفحاتهم وحساباتهم على شبكات التواصل الاجتماعي ..!!
الكثير منهم يسمعون قصف الطائرات ، ويشاهدون الضحايا والخسائر والأضرار التي يخلفها ، والبعض اكتووا بنيران العدوان ، فتركوا منازلهم ومصالحهم جراء ذلك ، ومنهم من توقفت وتعطلت مصالحهم لذات السبب ، ومع ذلك يلزمون الصمت وكأن العدوان والحصار على دولة في أدغال أفريقيا ، أو في أطراف المحيط المتجمد الشمالي، رغم أنهم يدركون جيدا أن مشاريع السعودية والإمارات في اليمن أكثر خطورة وأشد فتكا وأبلغ ضررا من فيروس كورونا ، ففيروس كورونا يستهدف البشر يمنيين وغير يمنيين ، ولا يستهدف اليمن كدولة وسيادة وثروة وتاريخ وحضارة وتنمية ، بخلاف فيروس السعودية والإمارات الذي يستهدف اليمن أرضا وإنسانا ، دولة وسيادة وثروة ومقدرات واقتصادا وتنمية وإرثا وحضارة وتاريخا ، ولا يجد أي حرج في تحقيق أهدافه والوصول إلى غاياته في إهلاك الحرث والنسل وتدمير كل ما هو جميل .
كل ذلك ألا يستحق أن يسخِّر هؤلاء ولو 5% مما سخَّروه ويسخِّرونه من طاقات وما يهدرونه من وقت، وما يبذلونه من جهد، وما يكتبونه من كتابات ومنشورات، وما يعبرون عنه من مواقف تتناول بالحديث فيروس كورونا وتداعياته ومستجداته على الساحة المحلية والعربية والدولية ؟!!
بالمختصر المفيد، أيها الصامت المتفرج ادعاءك الحياد تجاه عدوان يشن على بلدك خيانة ، وتجاهلك لمعاناة أبناء شعبك جراء ذلك جريمة وخطيئة كبرى ، وإصرارك على عدم الاهتمام بالأخطار التي تهدد وطنك وشعبك وتتهدد حاضرك ومستقبل الأجيال القادمة غباء وحماقة ، اخرج عن صمتك تجاه العدوان والحصار ، تفاعل وتعامل معه كفيروس كما تعاملت وتفاعلت مع فيروس كورونا ، فقد تنجو من فيروس كورونا في حال أصبت به ، ولكنك قد لا تنجو من فيروسات العدوان والحصار السعودي والإماراتي ، فحصِّن نفسك من الآن ، قبل فوات الأوان .
هذا وعاشق النبي يصلي عليه وآله .
__________
عبدالفتاح علي البنوس