المشهد اليمني الأول/
سنسيطر على الوضع مهما كانت الصعوبة، وعندما تبدأ أعمال النهب سيبدأ إطلاق الرصاص”، هذه العبارة ليست لرئيس عصابة بل هي تغريدة للرئيس الامريكي دونالد ترامب يأمر الجيش الامريكي باطلاق النار مباشرة على المتظاهرين الذين خرجوا احتجاجا على قتل شرطي ابيض لرجل من ذوي البشرة السوداء بدم بارد.
ترامب لم يكتف بإصدار الاوامر للجيش والشرطة بقتل المتظاهرين بل حاول وبشكل مقزز اثارة الاحقاد وشحن الغرائز العنصرية عبر وصف المتظاهرين بـ”اللصوص” و “البلطجية”، وهو ما دفع موقع تويتر الى حجب التغريدة خلف تنبيه تحذيري من الموقع يتهم الرئيس “بتمجيد العنف”.
وفي اصرار لافت على دفع الامور نحو المجهول عبر استخدام القوة العسكرية القاتلة ضد المتظاهرين، دافع ترامب عما نشره سابقا، وذلك عبر تدوينة جديدة على موقع “تويتر” مكررا عبارة “أعمال النهب تؤدي إلى إطلاق النار”، ومذكرا إنه كان “يتحدث عن الأمر كحقيقة، وليس كمجرد تصريح”.
اصرار ترامب على خياره في استخدام القوة عبر قتل المتظاهرين لانهاء الاحتجاجات، اثار مخاوف من وقوع صراع عنصري في المجتمع الامريكي الامر الذي دفع نائب الرئيس السابق والمرشح الرئاسي الديمقراطي جو بايدن الى نشر تدوينة له على توتير انتقد فيها ترامب بالقول “إنه يحرض على العنف ضد مواطنين أمريكيين خلال فترة ألم يعاني منها كثيرون. أشعر بالغيظ ويجب أن تكون أنت كذلك أيضا”، فيما كان تعليق النائبة الأمريكية رشيدة طليب اشد نبرة حيث اعلنت ان “الرئيس المتهم هو عنصري أبيض عنيف”.
كان واضحا من ردة فعل المتظاهرين على جريمة القتل العنصرية، انهم لا يثقون بعدالة الادارة العنصرية اليمينية المتطرفة التي يقودها ترامب، وهو ما دفعهم للنزول الى الشارع من اجل الاحتجاج على استفحال العنصرية في المجتمع الامريكي، والضغط لتطبيق العدالة وانصاف الضحية ومعاقبة الجاني.
العنصرية في امريكا ليست اتهاما بل حقيقة يعترف بها الامريكيون انفسهم قبل غيرهم، فهذا بايدن الذي يحتمل أن ينافس ترامب في الانتخابات، اعترف إن غضب الأمريكيين السود وإحباطهم وإنهاكهم لا يُنكر وإن امريكا تحتاج إلى مواجهة جرحها العميق المفتوح المتعلق بالعنصرية، وقال مخاطبا ترامب”هذا ليس وقت التغريدات الملتهبة. إنه ليس وقت التشجيع على العنف.. هذه أزمة وطنية ونحتاج إلى قيادة حقيقية في الوقت الحاضر. قيادة تأتي بالجميع إلى المائدة ليكون بإمكاننا اتخاذ إجراءات لاجتثاث العنصرية المنظمة”.
حقيقة العنصرية في امريكا اعترف بها رئيس وزراء كندا جاستن ترودو حليف امريكا الوثيق، الذي علق بطريقة غير معتادة في حديثه للصحفيين ، حول الاضطرابات العنصرية التي تشهدها امريكا بالقول “إن كثيرا من الكنديين يتابعون أحداث الشغب في أجزاء من الولايات المتحدة بشعور الصدمة والرعب، وان العنصرية ضد السود، العنصرية، حقيقية. إنها في الولايات المتحدة لكنها أيضا في كندا”.
لطالما حذر العقلاء في امريكا وخارجها من النتائج الكارثية للسياسة الفوضوية التي ينتهجها ترامب داخليا وخارجيا، وهي تحذيرات كانت في محلها لانها تعتمد على حقائق، منها ان المجتمع الامريكي تنخره العنصرية ، وقتل منه كورونا اكثر من 100 الف شخص واصاب اكثر من مليون ونصف المليون اخرين، وفقد اكثر من 40 مليون من شبابه اعمالهم ووظائفهم ، وفوق كل هذا وذاك يحكمه عنصري معتوه مثل ترامب المحاط برجال أمن فاشلين من امثال بومبيو، فمثل هذا المجتمع مفتوح على اكثر الاحتمالات كارثية، في حال لم يتم تقييد ترامب بطريقة ما قبل فوات الاوان.