المشهد اليمني الأول/
من يتصور أن سورية رقعة صغيرة لا قيمة لها في الحسابات الدولية وفي صراع المحاور وشبكات المصالح واللوبيات، فهو مخطئ جداً.
فما يحدث في سورية والعالم العربي من أزمات لم يأت بمحض الصدفة، بل يعد تخطيط إستراتيجي للصهيونية التي تنادي بتقسيم المقسم وتجزيء المجزأ وذلك لضمان استقرارهم السياسي والاقتصادي والعسكري والسيطرة على موارد المنطقة العربية وإيقاف عملية التنمية وتفتيت النسيج الاجتماعي بين مختلف فئات الشعب لتحقيق الحلم الإسرائيلي المخطط له من النيل إلى الفرات.
وموازاة ذلك إن كل ما يجري في سورية من تدمير وتخريب لمعالمنا الثقافية هو مخططاً رهيباً وحاقداً لإزالة شواخص سورية وبنيتها الحضرية، يريدون من خلاله القضاء على ذاكرتنا وحضارتنا وثقافتنا وتراثنا وإستبدال العلم بهمجية التخلف والوفاء والمحبة بالبغض والكراهية، كما فعل الكيان الصهيوني الذي دمر وما زال يدمر حضارة فلسطين وآثارها وكذلك الولايات المتحدة الأمريكية ومن ورائها الغرب الذين سرقوا حضارة العراق ونهبوا متاحفه.
ومع كل ذلك كنت أعتقد أن مقولة إسرائيل من النيل الى الفرات تبقى حلم، وتبين لي في السنوات الأخيرة (سنوات الربيع العربي) أن ذلك ليس حلماً، بل أصبح حقيقة، بل ومخطط مدروس ومرسوم، إنما تقود إلى تفكيك وتقسيم الدول العربية لدويلات، كما حدث في السودان، ويلحق به العراق واليمن، وتدمير ليبيا ونهب ثرواته، بل وتقسيم مناطق نفوذ السلطة الفلسطينية، وما تشهده كل من سورية ولبنان و مصر ، وإشغال دول المغرب العربي بنزاعات مماثلة، وإلهاء دول الخليج العربية بالتمويل لكل تلك الصراعات وتعويض خسائرها ،كل ذلك هو لإعادة رسم خريطة الشرق الأوسط الجديد.وعلى خط مواز، شرعنت إسرائيل عملية الاستيطان من خلال القوانين التي مررتها في الكنيست.
حيث قالت بأن الاستيلاء على الأراضي الفلسطينية الخاصة لصالح الاستيطان مسموح، وتبع تلك القرارات قرار آخر بتحويل النزاعات على الأراضي من خلال المحاكم التي قالت بأنه إذا صودرت الأرض بـ “نيّة طيبة”، فيحق للمستوطن استخدامها، الأهم من ذلك هو المشروع الكارثة الذي ظهر على السطح فجأة أيضاً، المسمى «صفقة القرن»، والذى يتضمن الضغط على الفلسطينيين للقبول بالمخططات الصهيونية والتي لا يقبلها العقل ولا المنطق.إن إسرائيل اليوم، أصبحت لغماً خطيراً في الجسد العربي كله، وتحت أقدام العرب كافة، فهي كيان فوق القانون الدولي، وهي حالة شاذة عن السياق الإنساني العالمي بمجمله، وهي حظيرة عسكرية خالصة، لا وجود في نهجها لعرف أو مبدأ أو قيمة، فقد منحها الدعم اللامحدود من جانب القوى الكبرى، حتى وهي تغتصب أرض الآخـــرين، والصمت الدولي المريب عن جرائمها عبر العقود، منحها قناعـــة راسخة، بأن منطق القوة العسكرية وحده، هو سبيلها للبقاء والهيمنــة .
إن هذا الواقع ، يدق ناقوس الخطر عند رؤوس العرب والمسلمين جميعاً فنحن نعرف إستراتيجيتهم العسكرية، وندرك خططهم الأمنية، ونعرف أنهم يستهدفون منطقتنا العربية، كما يستهدفون العلماء العرب دون تمييزٍ لهويتهم الوطنية، فقتلوا مصريين وعراقيين وسوريين ولبنانيين وسودانيين ويمنيين ومغاربة، فلنحذر ولننتبه، ولنفتح عيوننا لحماية بلادنا وأمنها، وضمان مستقبلنا المشرق، وإلا فإننا سنصحو يوماً على حقيقة إختراق الكيان الصهيوني لعمقنا، وامتلاكه لكل شئٍ عنا، كونه ينظر إلى العرب والمسلمين جميعاً على أنهم أعداء وخصوم له ينبغي قتالهم.ويبقى السؤال الأهم لنا كعرب، أين نرى أنفسنا في هذا السيناريو القادم؟ فماذا أعددنا للمستقبل؟
هل تم التركيز على التربية الوطنية في المدارس والجامعات لتكون منهجا ثابتا لخلق المناعة لهم؟ هل تم وضع خطة لهم لكيفية مواجهة الشائعات وتعريفهم بأعدائهم الذين لا يريدون لهم التقدم والنجاح، ولا يريدون لسورية أن تكون دولة قوية التي تحارب الإرهاب بكافة فئاته.
وأخيراً يمكنني القول بأنه يتطلب الأمر إلى ضرورة المصالحة بين الدول العربية وذلك بإعادة صياغة العلاقات العربية-العربية على قواعد ثابتة وواضحة مستقرة تسمح بإعادة تشكيل أسيجة واقية للنظام العربي تسهم في إيقاف الانهيار والتشكيك فيه.
__________-
خيام الزعبي