المشهد اليمني الأول/
لهذه الاسباب لن تنسحب امريكا من الشرق الاوسط
يقوم وزير الخارجية الامريكي مايك بومبيو يوم الاربعاء القادم بزيارة الى الكيان الاسرائيلي حيث ستكون ايران اهم محاور محادثاته مع مسؤولي هذا الكيان.
التامل في اطماع ترامب ونزعته المادية تكشف بما لا يقبل الشك ان الرئيس الامريكي لم ولا يرغب بالبقاء في منطقة الشرق الاوسط ، وفي الواقع كما وعد في شعاراته الانتخابية مصر على الخروج من المنطقة ، ولكن العقبة الرئيسية التي تحول دون قيامه بهذه الخطوة هو “محور المقاومة” الناشط في المنطقة ، والذي يشكل في الظروف الراهنة عائقا اساسيا امام السياسة الامريكية الجديدة ، وبالطبع لا ينوي التراجع امام الاطماع الامريكية .
-الرئيس الامريكي دونالد ترامب يتطلع الى تحقيق هدفين في منطقة الشرق الاوسط الاول اقتصادي والثاني امني. الهدف الاقتصادي الامريكي يتمثل في الحصول على النفط بثمن زهيد والهيمنة على اسواق البضائع الاستهلاكية المربح لاسيما سوق الاسلحة، اما الهدف الثاني فيتمثل في ضمان امن الكيان الاسرائيلي وهو الدليل الاهم لبقاء ترامب في المنطقة. هواجس ترامب فيما يخص هذين الهدفين حدى برئيس اقوى بلد في العالم من الناحية العسكرية الى اطلاق تصريحات متضاربة فيما يخص الخروج من سوريا والعراق وافغانستان .
-ترامب طرح كرارا ومرارا موضوع الانسحاب من سوريا ولكنه تراجع عن تصريحاته لانه لايمكنه تجاهل امن الكيان الاسرائيلي . وفي نفس الوقت فان ضمان هذا الامن بحاجة الى موارد مالية ولذلك فانه رجح التركيز على منطقة شمال سوريا الغنية لاسيما ابار النفط في هذه المنطقة وبناء على ما قيل انفا فقد تراجع عمليا عن هذا الامر عمليا وبالطبع الغائه كليا .
-وفيما يخص العراق فان ترامب قام بتسليم القواعد المشتركة مع العراقيين ولكنه قام بتركيز قواته ومعداته في ثلاثة قواعد متاخمة للحدود الايرانية والسورية القريبة من بغداد وهذه الخطوة جاءت لتحقيق هدفين اولهما الحيلولة دون المساس بالحلم الصهيوني المتمثل بالتوسع “من النيل الى الفرات” وعدم التقليل من الضغوط والرقابة على ايران ومحور المقاومة من جهة اخرى .
-اما على صعيد القضية الفلسطينية فان تغاضينا عن دعمه اللامحدود للكيان الصهيوني في اطار نقل السفارة ، الاعتراف بضم الجولان لهذا الكيان ، خفض المساعدات لمنظمة الاونروا ، ازاحة الستار عن صفقة القرن و .. الا ان يقينه بضعف الكيان الاسرائيلي في مواجهة الفلسطينيين يشكل العقبة الرئيسية امام انسحابه من المنطقة .
-وفي الشان اليمني يمكن القول ان حركة انصار الله حدت بترامب الى الاقتناع بان السعودية والامارات ليس لهما محل من الاعراب بدون دعم امريكا وهذه المسالة هي التي تحول دون اكتمال قطع احجية الانسحاب والخروج من المنطقة .
-الحقيقة التي لا يجب التغافل عنها ان ترامب يخشى بشدة من النفقات التي تتكبدها بلاده في المنطقة في حال عدم مساهمة الاخرين في التمويل المالي ، ولكنه من جهة يرى بان حلفاءه أعجز من ان يمكنهم الحفاظ على انفسهم في مواجهة محور المقاومة ، ومن جهة اخرى فان الانسحاب من المنطقة سيعني بانه اخلى الساحة امام خصومه وحينئذ سيذهب حلم مشروع “من النيل الى الفرات” الصهيوني هباء منثورا . الوضع السياسي الهش للكيان الصهيوني لاسيما خلال الاشهر الاخيرة ، فشل الحظر ضد ايران بعد عامين ، الهزائم المتتالية لائتلاف العدوان السعودي في سوح اليمن ، حيازة الفصائل الفلسطينية على صواريخ متطورة ، بقاء الحكومة الشرعية السورية في السلطة بعد ثمانية اعوام من الحرب المفروضة والازمة المفتعلة ، تحسن الوضع والاستقراره السياسي النسبي في العراق ولبنان بعد اشهر من الاضطرابات ، جميع هذه الامور ادت الى ان تتحول شكوك ترامب الى يقين بشان ضرورة بقائه في المنطقة .