المشهد اليمني الأول/
باتت تصريحات الرئيس الأميركي دونالد ترامب، خاصة الأخيرة حول كيفية مكافحة وباء كورونا، موضع سخرية لدى الكثيرين داخل الولايات المتحدة وخارجها، لأنها تكشف عن “مهرج” مغرور يدعي الفهم في جميع القضايا، والعلمية خاصة، وليس ميادين السمسرة العقارية، المهنة الوحيدة التي مارسها، وربما يجيدها، ولا تعيبه على أي حال.
الرئيس ترامب الذي بات مثل النمر الجريح يضرب في كل الاتجاهات، سواء تفجير الخلافات مع الصحافيين، أو في الحزب الديمقراطي المعارض، خرج علينا بفتوى ينصح فيها المصابين بفيروس الكورونا بشرب أو حقن أجسادهم بالمطهرات الكفيلة بالقضاء عليه في دقيقة واحدة فقط، الأمر الذي أثار حالة من الذعر ليس في صفوف الخبراء في عالم الطب، بل أيضا في أوساط الشركات المنتجة لهذه المواد المطهرة، التي سارعت، خاصة شركة “ريكيت بينكيرز” التي تصنع أبرز ماركاتها (الديتول) إلى إصدار بيان تحذر فيه الناس من تناول منتوجاتها، شربا أو حقنا في أجسادهم.
وقبلها روج ترامب لاستخدام عقار مضاد للملاريا يعرف باسم “هيدروكسي كلوروكين” قال إنه هدية من السماء يقضي على فيروس الكورونا فورا رغم عدم ثبوت فعاليته لمن يتناوله مثلما يقول العلماء.
الرئيس ترامب، وبسبب هذه الضجة، وحملات السخرية واسعة النطاق، سارع إلى التراجع كعادته، وادعى أنه لم يشجع على استخدام المطهرات، وإنما كان يمارس السخرية (خفة الدم)، واتهم المتحدثون باسمه الصحافيين بتحريف تصريحاته وإخراجها عن سياقها.
هذا النوع من التهريج الخطير، هو الذي جعل أعداد الوفيات بالكورونا في الولايات المتحدة تفوق الـ50 ألف حالة، أي حوالي ربع مجموع الوفيات في العالم (200 ألف حالة)، ومن المتوقع أن يستمر هذا المؤشر في الصعود إذا استمر الرئيس الأميركي في تقديم الاقتصاد على أرواح مواطنيه، وسارع بإنهاء عملية الإغلاق والحجر الشخصي، قبل السيطرة شبه الكاملة على هذا الوباء وتقليص، أو وقف انتشاره.
ترامب، إذا لم يتم إيقافه، ربما يقوم بإشعال الحرب الأهلية في أميركا للتغطية على فشله وتراجع شعبيته وعنصريته، وتحريضه العنصريين من أمثاله على التظاهر ضد النظام والإغلاق، وحكام الولايات من الديمقراطيين الذين يعارضون سياساته، ويرفضون إنهاء الإغلاق قبل السيطرة على الفيروس القاتل.
هذا الرجل، أي ترامب، لن يتردد في الإقدام على أي خطوة تحول الأنظار عن فشل إدارته، والسياسات التي يمكن أن تحول دون فوزه بولاية ثانية في الانتخابات المقبلة، بما في ذلك تصعيد التوتر مع إيران، وتفجير مواجهة عسكرية معها، بافتعال أي ذريعة “تحرش” في الخليج الفارسي ومضيق هرمز حيث المئات من سفن بلاده الحربية، ومن غير المستبعد أيضا قيامه بالتصعيد مع الصين قريبا.
نختم هذه المقالة بما قاله والتر شوب المدير السابق لمكتب أخلاقيات الحكومة الأميركية “من غير المفهوم بالنسبة إلي أن هذا المعتوه يشغل المنصب الأعلى في الأرض، وأن هناك أغبياء يعتقدون أن هذا الأمر جيد”.
ربما الامر الوحيد الذي أصاب فيه الرئيس ترامب هو أنه حقن المطهرات المنزلية سيؤدي فعلا إلى قتل فيرويس الكورونا في جسم المصاب ولكنه سيقتله حامله أيضا وفي دقائق معدودة.