المشهد اليمني الأول/
لعبت اللجنة الاقتصادية العليا منذ تشكيلها في العام 2017م دوراً محورياً في مواجهة الحرب الاقتصادية التي تشنها دول العدوان الامريكي السعودي على بلادنا، واستطاعت خلال ست سنوات من العدوان على اليمن أن تضع حداً للكثير من التصرفات والممارسات الحمقاء التي اتبعها الخونة والعملاء في حكومة المرتزقة ولجنتهم الاقتصادية التي اتضح مؤخراً فسادها وذاع صيتها على الملا بتلاعبها بالمشتقات النفطية والمضاربة على اسعار العملة .
يتولى مهام رئاسة اللجنة ، الاخ هاشم إسماعيل علي الذي يقوم بمهام القائم بأعمال رئيس اللجنة، وقد عين مؤخراً كمحافظ للبنك المركزي اليمني بعد ان ظهر تميزه وإخلاصه في اداء واجبه حيث يعد واحد من الكوادر الشابة والخبرات الاقتصادية المشهود لها سيما في ظل الاوضاع الصعيه التي تعيشها اليمن نتيجة العدوان والحصار المفروض.
موقع انصار الله التقى بمحافظ البنك المركزي والقائم بأعمال رئيس اللجنة الاقتصادية العليا، واجرينا معه حواراً تطرقنا فيه الى الحرب الاقتصادية وما قام به العدوان من جرائم بحق القطاع الخاص والمنشئات الاقتصادية .
كما استعرض رئيس اللجنة في حواره الى اهم المهام والاعمال التي قامت بها اللجنة الاقتصادية خلال الفترة الماضية، فضلاً عن مصير قضية رواتب الموظفين والمشاكل والصعوبات التي تواجه اللجنة بشأن هذه القضية.
واشار كذلك الى موقف المجتمع الدولي وعلى رأسها البنك وصندوق النقد الدوليين من مجريات الاحداث الدائرة في اليمن وفي مقدمتها قضية نقل وظائف البنك المركزي اليمني من صنعاء الى عدن وما ترتب عليه من اثار سلبية.
– ماهي الخطط والمشاريع التي تعتزمون العمل على ضوؤها في ادارة البنك المركزي اليمني؟
نرحب في البداية بموقع انصار الله الذي طالما كان يهتم بمتابعة تطورات الاوضاع الاقتصادية، ناهيك عن مواكبته المستمرة لأنشطة اللجنة الاقتصادية العليا في التصدي للحرب الاقتصادية التي تشنها دول العدوان على بلادنا.
وبالنسبة لقرار تعييني في البنك المركزي اليمني، نحن ننظر اليه من موقع المسؤولية واداء الواجب، الذي يحتم علينا ان نكون في خدمة الشعب في اي مكان نكون فيه، اخذين في الاعتبار مشروع الشهيد الرئيس صالح الصماد، رجل المسؤولية، ونحن لن نكون الا في هذا الاطار سنكون خداماً لوطننا وشعبنا بمختلف شرائحه وبدون تفريق بين حزب واخر او منطقة جغرافية.
وباعتبار البنك المركزي ناصية الجانب الاقتصادي والنقطة المتقدمة فسنضع بعين الاعتبار ان نواصل العمل في اداء واجبنا واستكمال ما كان يقوم به البنك في السابق من مهام وطنية ، وسنعمل على تحقيق المزيد من الخطوات واحداث تكامل مع بقية الجهات الاقتصادية من اجل التخفيف من حدة الاثار المترتبة على الحرب الاقتصادية التي تشن على اليمن منذ ست سنوات على شعبنا وابنائنا، ونسأل الله التوفيق في اداء واجبنا، ونحن دائما ما نستشعر التقصير وبأننا في موقع محاسبون فيه امام الله عز وجل وسنظل نستشعر هذه المسؤولية والمسألة الالهية حتى نقوم بما نستطيع عمله، والقادم سيكون خير دليل على ذلك بإذن الله.
– في ظل خمس سنوات من العدوان الامريكي السعودي على بلادنا ودخولنا العام السادس، ما ابرز ملامح الحرب الاقتصادية التي تشنها دول تحالف العدوان على اليمن؟
العدو قرر أن يخوض الحرب الاقتصادية بعد أن فشل في حربه العسكرية على بلادنا، ومن المعروف بأن دول العدوان كانت تعتقد بأن حربها العسكرية على اليمن ستستمر من اسبوعين الى شهر او شهرين كحد أقصى، الا أن صمود شعب اليمن واستبساله ادى الى ان يعيد العدو حساباته في مسار الحرب، فكان قراره باتخاذ مسار جديد يتمثل في مسار الحرب الاقتصادية.
وقد بدأ هذا المسار بتشكيل العدو لغرفة عمليات يديرها الامريكيين بصورة مباشرة وينضوي فيها البريطانيين والسعوديين والاماراتيين، مستعينين بمختلف الخبراء والاستشاريين حول العالم، وهذه الغرفة هي اول خطوة يقوم بها العدو في حربه الاقتصادية.
وملامح الحرب الاقتصادية كثيره ومتنوعه ولا يسعنا ذكر جميعها في هذا اللقاء وانما سنتطرق الى البعض منها، ويأتي في مقدمتها القرصنة والحصار على الموانئ البحرية والبرية والجوية، حيث اقدم العدوان على اغلاق مطار صنعاء بالكامل والذي يعد البوابة الاقليمية للجمهورية اليمنية نظراً للكثافة السكانية والطبيعة الجغرافية وتركز الحركة الاقتصادية التي جعلت من المطار المنفذ الاهم في اليمن، كما هو حال ميناء الحديدة ايضاً الذي يعد الشريان الرئيسي لواردات اليمن .
وتأتي اهمية ميناء الحديدة عن بقية الموانئ اليمنية في كونه قريب من المناطق ذات الكثافة السكانية وكذلك لطبيعته الجغرافية وتركز الحركة الاقتصادية فيه.
ومن المهم ان يعلم الجميع بأن بداية الحصار على محافظة الحديدة ، بدأ منذ تشكيل ما يسمى بخلية التحالف المشكلة من عدد من الضباط الذين تم استقطابهم من دول عده، وقد اسندت اليهم مهمة القرصنة على السفن القادمة باتجاه ميناء الحديدة، حيث يقطعون الطريق عليها في عرض البحر تحت تهديد السلاح واجبارها على تغيير مسارها، وقد جرى توثيق مثل هذه الممارسات وهي بحوزه الامم المتحدة ومجلس الامن، وحتى وسائل الاعلام بثت قبل فترة تسجيلات ما بين خلية التحالف وبين طواقم عدد من السفن التي جرى اختطافها او تغيير اتجاهها حيث كان يتم تهديد تلك السفن بقصفها في حال واصلت طريقها الى موانئ الحديدة.
فكان هذا اول خيار يستخدمه تحالف العدوان في حربه الاقتصادية على اليمن، جاء بعده اسوء قرار يتخذه تحالف العدوان والذي كان له الاثر في تعميق الاوضاع الانسانية في اليمن، ويتمثل هذا القرار في نقل البنك المركزي اليمني من صنعاء الى عدن، وكان بمثابة مرحلة متقدمة من الحرب الاقتصادية، ارادوا من خلالها كسر الشارع اليمني سيما بعد فشلهم العسكري والسياسي، حيث اتت هذه الخطوة عقب مفاوضات الكويت التي جرت في تلك الفترة، والتي تحدث خلالها السفير الامريكي وهدد حينها وفدنا الوطني بأنهم سيجعلون العملة اليمنية لا تساوي قيمة الحبر الذي طبعت به في حال رفض الوفد التوقيع والموافقة على شروطهم.
– ما حجم الضرر الناتج عن عملية النقل، ومن هي الفئات التي تضررت منه؟
قرار نقل البنك اضر بالشعب اليمني وبقطاع الموظفين وبالاقتصاد برمته وبقدرة السلطة على اداء مهامها وواجباتها، ولم يقتصر ضرر هذه الخطوة على موظفي الدولة في المحافظات الواقعة تحت حكم المجلس السياسي الاعلى، بل ان الضرر طال ايضاً حتى المحافظات المحتلة وكل هذا بسبب حماقة الخونة وقبولهم بتنفيذ مخطط التحالف مما ضاعف من معاناة اليمنيين في كل محافظات الجمهورية دون استثناء، ولا زالت تبعات هذه الخطوة مستمرة حتى اليوم.
وفي قضية البنك المركزي لم يكتفي العدوان ومرتزقته بقطع المرتبات وايقاف الايرادات، بل سارعوا الى طباعة ما يزيد عن ترليون وسبعمائة وعشرين مليار ريال من العملة الورقية غير القانونية، وتسببت هذه الطباعة بأكبر انهيار تشهده العملة الوطنية في تاريخ اليمن، نتحدث عن مستوى ارتفاع يتجاوز 150% خلال فترة زمنية وجيزه، وما كان هذا الارتفاع ليكون من الاساس لولا طباعتهم لهذه الكمية التضخمية من العملة التي لم نشهدها او نسمع عنها في اي دولة من الدول وهذا كله في ظل صمت أممي وتجاهل المؤسسات المالية الدولية .
نتحدث عن طباعة كمية من العملة الورقية توازي ما طبعه البنك المركزي اليمني منذ ستينيات القرن الماضي، بمعنى انه في عام واحد تم طباعة ما يزيد عما تم طباعته في خمسون عاماً، وبالتالي كانت هذه الخطوة فريدة من نوعها وهذا طبعا من عادة المرتزقة الذين يتفنون في تقديم كل جديد وفريد من اعمال وممارسات الخيانة والعمالة.
ولم يتوقف الوضع عند هذا الحد، بل ظلت قوى العدوان مستمرة في نهب والاستيلاء على ثروات ومقدرات الشعب اليمني، وخير شاهد على ذلك هو حالة الصراع الدائر بين تلك القوى في منشأت بلحاف، حيث يختلف اللصوص والناهبون على الكعكة، وبنهاية هذه الكعكة هي منشئات ومقدرات شعبنا بالكامل وهم يتحملون مسؤولية ايقافها ونهبها، وسيتحملون تبعات ذلك كونها منشئات استراتيجية وسيكون من الصعب مستقبلاً اعادة ترميمها وتأهيلها من جديد، وعليه فنحن في اللجنة الاقتصادية والبنك المركزي اليمني نحملهم كامل المسؤولية سواء عما حصل في منشأت النفط التحويلية التي جرى استهدافها مؤخراً في كوفل بمحافظة مأرب او ما يحصل في بلحاف وباقي المنشئات الهامة.
ولدينا معلومات اكيده حصلنا عليها عن وجود مخطط لاستهداف الابار النفطية والغازية .
– وماذا عن المنشئات الصناعية؟
هذه المنشئات تأتي كذلك في ظل المحاور التي سعى العدوان الى استهدافها، وقد بدأها العدو بضرب الغرفة التجارية والصناعية بالعاصمة اليمنية صنعاء، وهي منشأة اقتصادية مستقلة لا تتبع اي طرف سياسي، وانما اراد العدو من خلال استهدافها القطاع الخاص تبعها كذلك استهدافه الممنهج للمصانع والمعامل والمنشئات الصناعية الصغيرة والمتوسطة وحتى المنشئات والمخازن التجارية استهدفها بشكل متعمد في اطار مساعيه لضرب المكون المجتمعي الذي ينظم اعمال التجارة والصناعة .
وهناك الكثير من المحاور والاهداف التي سعى العدوان الى استهدافها بطريقة مباشرية وغير مباشرة الا ان الوقت لا يسعنا لذكرها جميعا.
– تخضع البنوك المركزية في جميع دول العالم لإشراف من المؤسسات النقدية الدولية وعلى رأسها صندوق النقد والبنك الدوليين، برأيكم لماذا تتجاهل مثل هذه المؤسسات الدولية لما يجري من خروقات وانتهاكات واضحة من قبل قوى العدوان ومنها نقل البنك المركزي وطباعة العملة؟
في الحقيقة المؤسسات المالية الدولية انتهكت بصورة شنيعة لمهامة، خاصة ما اذا تحدثنا عن البنك الدولي او صندوق النقد اللذان انشئا كما يزعمون لخدمة النظام النقدي العالمي والانظمة المصرفية المتعارف عليها، ولديها من القوانين والانظمة والاهداف ما يخول لها ان تدخل لوقف اي ممارسات خاطئة تمارسها البنوك المركزية ولكن للأسف الشديد انه عند نقل وظائف البنك المركزي من صنعاء الى عدن لم نجد تلك القوانين الدولية ولا المعايير والاسس والاهداف التي يعملون على ضوؤها.
صحيح ان صندوق النقد الدولي لم يعترف صراحة بقرار نقل البنك المركزي الى عدن، الا اننا نلاحظ انه اعترف بذلك ضمنيا بلقاء مديرة عام الصندوق بالخائن عبدربه منصور هادي بعد يومين من اصداره لهذا القرار.. وهذا اللقاء بالتالي اعطى شرعية الصندوق لقرار هادي بصورة ضمنيه ، مع ان الصندوق يعلم تبعات ذلك القرار ولا يستطيع ان ينكر معرفته بخطورة مثل هكذا قرار كما لا يستطيع ان ينكر ان البنك المركزي اليمني وخلال فترة عمله بصنعاء قد ادير بمهنية عالية واستقلالية تامة حيث عمل وفق قانون أنشاءه الذي اقر في العام 2000م ، كما عمل وفق اعلى المعايير في مجال مكافحة غسل الاموال ومكافحة تمويل الارهاب، واستمر البنك في صرف المرتبات لجميع موظفي الدولة في جميع المحافظات بلا استثناء، نتحدث عن مرتب الخائن هادي الذي كان ينقل شهرياً من صنعاء الى عدن وسيئون دون انقطاع.
عمل البنك المركزي في صنعاء بحيادية تامة بعيداً عن الحرب والعدوان، مع انه كان من الوضع الطبيعي حينها ان لا يستمر البنك في صرف اي اموال للعدو كما هو المتعارف عليه في جميع دول العالم ومنها العراق وليبيا سوريا وباقي الدول التي تشهد حروبا او صراع، ومع ذلك ظل البنك يرسل المبالغ لكل المحافظات.
فمن الطبيعي عندما تسيطر على منطقة جغرافية يقع فيها المقر الرئيسي للبنك المركزي فإن مهام واعمال البنك تتحول لصالح الجهة المسيطرة لكننا في اليمن كنا امام تجربة فريدة ونادرة سيخلدها التاريخ سواء لحكمة وحنكة السيد القائد عبدالملك بن بدر الدين الحوثي “حفظه الله” او لحكمة القيادات السياسية التي تعاقبت خلال تلك الفترة بدءاً من اللجنة الثورية وحتى تأسيس المجلس السياسي الاعلى في ظل رئاسة الشهيد الرئيس صالح الصماد او الرئيس الحالي المشير مهدي المشاط ، فهذه الحكمة والحنكة منبعها انساني وديني طغى على المنبع السياسي، وبالتالي فنحن من هنا ندعو البنك الدولي وصندوق النقد الدولي خاصة بعد المشاورات الاخيرة التي حصلت بين البنك الدولي والبنك المركزي اليمني في صنعاء وهي مشاورات تعد الاولى من نوعها، ندعوه الى اعادة النظر في سياسته السابقة ومواقفة وان ينظر الى البنك المركزي بصنعاء على انه بنك لكل اليمنيين وسيمارس مهامه ووظائفه ودوره وفق احدث المعايير الدولية.
– تشهد الاسواق العالمية انخفاض كبير في اسعار المشتقات النفطية بإستثناء اليمن، ما هو السبب؟
هناك بالفعل انخفاض كبير في البورصات العالمية فيما يخص النفط، الا أننا نحمل النخب مسؤوليه إيضاح الحقيقة للرأي العام، على الجميع أن يدرك ان بلادنا تعيش اليوم في زنزانة صنعتها دول العدوان عبر قرصنتها لميناء الحديدة، فعدد السفن المحتجزه حتى يوم الاحد الموافق 19 ابريل 2020م وصلت الى 15 سفينة نفطية، وبالتالي فهذا الاحتجاز له كلفة وهذا من خطط العدوان لحرمان وتجويع الشعب اليمني.
ويجب ان ندرك بأن من يحرم الشعب اليمني من نفطه الخام والغاز الموجود في صافر، لا يمكن بأي حال من الاحوال أن يكون حريص على ادخال المشتقات النفطية المستوردة من الخارج، اذاً احتجاز المشتقات له كلفة باهضه جدا تضاف على اسعار المشتقات المستوردة ويتحملها المواطن في نهاية المطاف.
– هل هناك شرعية دولية كما يزعمون فيما يقوم به تحالف العدوان من احتجاز لسفن المشتقات النفطية؟
لا توجد أي شرعية لذلك ولا يستند الى معايير، وانما هو حجز يقوم به مجموعة من القراصنة، بهدف الارتزاق واستغلال القطاع الخاص الذي يقوم باستيراد المشتقات من الخارج.. وطبعا العالم اليوم يتحدث وحتى الطرف الاخر يعترف بأن ما يسمى بلجنتهم الاقتصادية التي سنت مثل هذه الالية، باتت متورطة في قضايا فساد وتمويل الارهاب وهذا مثبت بالمستندات والوثائق، ولم يستطع فريق الخبراء التابع لمجلس الامن أن يتجاهل هذا، لذا اورد في تقريره الاخير ما مفاده أن الكثير من الشبهات المتعلقة بالفساد وتمويل الارهاب تدار عبر المشتقات النفطية.
ونحن في اكثر من مناسبه اكدنا بأن هذا الاحتجاز لو كان تحت مبرر منع دخول النفط الايراني وما الى ذلك من الحجج الواهية فإن عليهم مصادرة هذا النفط والسماح لبقية المشتقات القادمة من الدول الاخرى للدخول دون عوائق، وخيرناهم ايضاً ببيع النفط الايراني المزعوم وتحويل عوائده لصالح دفع مرتبات الموظفين.
لكن الطرف الاخر هو فاشل وعاجز وقد استطاع العدو من خلالهم أن ينفذ اجنداته ومخططاته لتدمير اليمن ارضا وانساناً، ليس لشيء معين وانما من اجل اخضاعه وارغامه على التبعية المطلقة كما هو حاصل مع كثير من دول المنطقة.
– الى اين وصلت قضية المفاوضات حول دفع رواتب الموظفين؟
لطالما كانت قضية المرتبات قضية محورية وجوهرية لكل الوفود الوطنية التي تحركات في جميع مشاورات السلام، لكن للاسف الشديد لم تجد جميع تلك الوفود لأي تجاوب او حتى موافقة دولية على ان تكون ضمن المحاور الاساسية للمفاوضات التي حصلت باستثناء ما جرى في النصف الثاني من العام 2018م عندما قدم قائد الثورة مبادرته المعروفة بتوظيف ايرادات ميناء الحديدة وتخصيصها لصرف مرتبات الموظفين على ان يتحمل الطرف الاخر والمجتمع الدولي بتغطية العجز، ومن هنا بدأ الحديث عن مرتبات الموظفين وكيفية حلحلتها، وكانت أول نقطة من مشاورات السويد التي تمت في ديسمبر من العام 2018م ، حيث اقرت هذه النقطة صراحة ولكنها منذ ذلك الوقت ما تزال حبراً على ورق والسبب في اعتقادي انه المجتمع الدولي قرر ان يكون بوابة او منصة عبور للمشاورات السياسية.
وبعد مشاورات السويد بسبعة اشهر قدم المجلس السياسي الاعلى مبادرته المتمثلة بفتح حساب تحت اسم حساب المرتبات ومنذ ذلك الحين وحتى يومنا هذا جميع ايرادات المشتقات النفطية في المحافظات غير المحتلة تورد لصالح هذا الحساب باستمرار في ظل تصل الطرف الاخر عن اي جدية في تنفيذ التزاماته ، وقد خضنا الكثير من اللقاء والمشاورات مع المجتمع الدولي ومع مكتب المبعوث الاممي خاصة ، وكان لنا لقاء مع بعثة الاتحاد الاوروبي وهناك لقاءات مستمرة مع صندوق النقد الدولي ولكن لم نصل معهم الى اليوم لحل جذري وواقعي ومنطقي يتعلق بصرف مرتبات الموظفين .. وبالتالي كان لزاماً علينا ان لا تظل الامور كما هي عليه، خاصة ونحن مع بداية شهر رمضان المبارك، ناهيك عن جائحة كورونا التي تطلب مساعدة العوائل والاسر لتوفير احتياجاتها كل هذا جعلنا نسعى جاهدين لتوفير نصف راتب للموظفين، فيما لا زالت المبالغ تورد الى حساب المرتبات ولم ننهي حتى اللحظة مبادرتنا ولن ننهيها وسنجعل ابناء الشعب اليمني بكامله في الصورة ونطلعه على كل مستجدات الامور ونكشف له حقيقه من ينهب مستحقاته ويستولي على ثرواته دون وجه حق ومن يمنع صرف رواتب الموظفين.
واود التأكيد بأنه وصلتنا دعوة من مكتب المبعوث الاممي لعقد لقاء جديد يتعلق برواتب الموظفين.
ولا بد من الاشارة ايضا الى انه من ضمن الجهود التي قامت بها اللجنة الاقتصادية العليا خلال الفترة الماضية هو الانفتاح على مكونات المجتمع المدني، حيث كان للأخيرة نشاطاً ودورا بارزا ومنها التحالف المدني للسلم والمصالحة والذي كان له دوراً بارزا في حل قضية معاشات المتعاقدين، الا أن بنك عدن قام بقطعها تحت ذريعة القرار الوطني الذي اتخذه البنك المركزي اليمني بصنعاء بعدم التعامل بالعملة الغير قانونية.
ومن خلال تواصلنا مع هذا المكون وفي ظل النوايا الصادقة لحلحلة مثل هذه المشاكل تم حل مشكلة رواتب المتقاعدين وتحملت حكومة الانقاذ ما نسبته 10% من تلك الرواتب وهي نسبة فارق الصرف في المناطق المحتلة وبين صنعاء
متى تم تشكيل اللجنة الاقتصادية العليا؟
اللجنة شكلت في العام 2017م ويرأسها فخامة الرئيس المشير مهدي المشاط ودورنا في اللجنة قائمين بأعمال رئيس اللجنة
– وما هي ابرز مهام اللجنة؟
اللجنة كان لها دور كبير في التصدي للعدوان وذلك فيما يتعلق بالحرب الاقتصادية، فقد كانت الجبهة المتقدمة في الجانب الاقتصادي، ونعترف بأن ظهورنا الاعلامي كان بسيطاً وذلك لكون الحرب الاقتصادية تختلف عن الحرب العسكرية ، بمعني ان الحرب العسكرية يمكن ملامستها بصورة فورية ومباشرة من خلال القصف او الغارات او سقوط شهداء، بينما الحرب الاقتصادية تدار في غرف استخباراتية ولا يظهر تأثيرها الا بعد حصولها خلال فترات متفاوتة، لذا كان لزاماً علينا العمل بوتيرة عالية وفي اجواء بعيدة نوعا ما عن الاضواء، وبالتالي فقد كان لذلك الاثر الايجابي على تماسك الوضع الاقتصادي، وقد كان خطاب السيد القائد عبدالملك الحوثي في اليوم الوطني للصمود واضحاً في هذه الجزئية.
ونؤكد مراراُ بأننا في اللجنة الاقتصادية لسنا جهة تنفيذية، حيث وجدنا الكثير من الانتقاد بانه لماذا لا نعمل على تنفيذ اجراءات ما، لكننا في الواقع لجنة استشارية فنية لا تنفيذ ما يجب على الجهات الحكومية تنفيذه بل يقع على عاتقنا مسؤولية ادارة الازمة ودراسة الابعاد الاقتصادية وتقديم الحلول بخصوصها كمقترحات او توصيات للجهات ذات العلاقة.
– هل هناك اي تضارب بين مهامكم واختصاصات اي جهة حكومية اخرى؟
اللجنة الاقتصادية تعمل تحت سقف الدستور والقوانين النافذة، ولم تصادر حق اي جهة، ونحن حريصون على ان لا نسبب اي خلل في العمل المؤسسي للحكومة ولدينا الاستعداد للمثول امام المسألة اذا كنا قد تجاوزنا بنداً واحداً من لائحة تنفيذية، ونؤكد لجميع من يعمل تحت اطار اللجنة الاقتصادية ان يكونوا حريصين على الالتزام بالقوانين رغم وجود الكثير من الاختلالات في عدد من القوانين لكنا نحرص على عدم تجاوزها، وفي حال وجدنا اي خلل او قصور في قانون ما فنحن نوصي بتعديلها كما هو حال القرارات التي اتخذها فخامة الرئيس المشاط في يناير الماضي التي من شأنها التخفيف من معاناة المواطنين ومنها اعفاء صغار المكلفين من دفع الضرائب.
– من خلال عملكم في اللجنة الاقتصادية العليا كيف تقيمون اداء الحكومة خلال الفترة الماضية؟
اذا اردنا ان نقيم عمل الحكومة فلا بد ان يكون التقييم مبني على المصداقية وفهم ما يدور من حولنا حتى يكون تقييم بناء وواقعي، لذا من الواجب علينا في البداية ان ندرك ان الحكومة وجميع مؤسسات الدولة تعمل في ظل ظرف استثنائي، يسعى فيه العدو بكل الوسائل والامكانيات المهولة لديه الى تدمير هذه المؤسسات وشل حركتها لكي تسود حالة الفوضى والعشوائية واعمال النهب والسلب.
ومعول على الحكومة أن تبذل جهد اكبر مما هو عليه الان، ونحن في اللجنة الاقتصادية العليا كنا ولا زلنا على استعداد لخدمة كل مؤسسات الدولة سواء التشريعية او التنفيذية او السلطة القضائية، فنحن في اللجنة بكل كوادرنا وخبراتنا التي اكتسبناها من التجارب السابقة مستعدون لخدمة كل المؤسسات وتقديم النصح لها.
يجب على الجميع ان يتكاتف وان يكمل بعضنا البعض تحت سقف خدمة شعبنا الصامد وبما يخفف من معاناتهم ويعالج الاوضاع الاقتصادية التي وصلنا اليها نتيجة العدوان والحصار وكذلك نتيجة سوء الادارة الاقتصادية التي كانت تدار بها الدولة قبل العدوان..
– يصنف الاقتصاد اليمني بأنه ضعيف حتى ما قبل العدوان ماهي الاسباب؟
الاسباب كثيرة منها كما قلت سوء الادارة خلال الفترات الماضية، فسوء الادارة ليست وليدة اللحظة وانما مضى عليها عقود طويلة، هناك فشل ذريع في ادارة الملف الاقتصادي وهذا باعتراف كل التقارير والشخصيات والخبراء والمتخصصين في الشأن الاقتصادي.
الملف الاقتصادي يا سيدي كان يدار وفق مزاجيه متقلبة فأحيانا تُعجب السلطة بالتجربة الشيوعية وتسعى الى تطبيقها، وتارة تذهب الى التجربة الرأسمالية، وتتكرر مثل هذه التخبطات.. وقد شهدنا تخلي الدولة في فترة سابقة عن مؤسسة الحبوب وبيع صوامع الغلال في الحديدة وخصخصة اهم القطاعات الاقتصادية الحيوية ، بينما ظل قطاع الكهرباء والاتصالات بيد الدولة وهذا تضارب في سياسة الدولة وتخبط واضح.
واذا ما اردنا ان نصف السياسة الاقتصادية لليمن من السابق، سنجدها لا تنتمي للمدرسة الايمانية الاسلامية ولا للمدرسة الرأسمالية ولا للشيوعية وهذا كله نتيجة فشل الانظمة وعدم وضع مداميك راسخة لبنى اقتصاد قوي.
اليوم القطاع الخاص لا يعي دورة في بناء الاقتصاد الوطني، ومؤسسات الدولة كذلك لا تعلم ما هو دورها، وبالتالي فنحن في اللجنة الاقتصادية العليا نسعى جاهدين للتوفيق ما بين مواكبتنا للحرب الاقتصادية وتلبية الحد الممكن من متطلبات ابناء شعبنا وما بين مسار البناء الاستراتيجي للوضع الاقتصادي في الجمهورية اليمنية.
وبفضل الله توصلنا الى دراسة معمقة للوضع الاقتصاد اليمني واصبحنا نمتلك الكثير من الرؤى والتقييم لنقاط القوة والضعف في كل الجوانب التشريعية والتنفيذية العلاقة بينهما وفي جانب السكان والبناء والاعمار وحتى علاقة المجتمع القبلي بالاقتصاد الوطني وكل المجالات المختلفة.. ومن المهم على واضع السياسة الاقتصادية للدولة أن يأخذ في اعتباره مجمل العوامل المؤثرة سواء من حيث العامل الاجتماعي والسياسي والجغرافي، وبإذن الله سيلمس الجميع في قادم الايام مدى التحسن في فكر الدولة ورؤيتها للوضع الاقتصادي.
والعلاقة بين الدولة والقطاع الخاص لا بد وان تكون واضحة ومعياريه وان تبنى على اسس المصلحة العامة وليس المصلحة الشخصية كما كان في السابق.
نسعى في القريب العاجل ان نرسخ العمل المؤسسي ومعايير ومبادئ الحوكمة في كل مؤسسات الدولة لكي تكون بأيدي الشعب وفي خدمتهم بمعنى ان نبي دولة للشعب وليس شعب من اجل الدولة كما قالها الرئيس الشهيد صالح الصماد سلام الله عليه..
– كلمة اخيره تودون توجيهها؟
كلمتي الاخيرة هي التأكيد على انه ما كان لليمن ان تصل الى ما وصلت اليه من صمود اسطوري وقدرة على مواجهة اكبر تحالف دولي جعلنا نعيش امام تجربة نفاخر بها العالم، وقفنا بقوة وشجاعة وصمود امام حرب كونية لم يسجلها التاريخ من قبل، ولا زلنا نحتفظ بكرامتنا ولا زال ابناء شعبنا يتنفسون الحرية، بينما يختلف الحال في المناطق الواقعة تحت الاحتلال، للأسف الشديد ابنائنا هناك يذوقون الويلات بسبب الاحتلال الخارجي.
نحن الان امام فرصة كبيرة لتوحيد الصفوف تحت راية قائد الثورة السيد عبدالملك الحوثي حفظه الله وفي ظل حكم الرئيس مهدي المشاط من اجل بناء دولة يمنية قوية لها بنية اقتصادية قائمة على اسس صحيحة بعيداً عن المصالح الشخصية وتقاسم الحصص في مشاريع القطاع الخاص، والمطلوب هو استمرار حالة الوعي المجتمعي والتكاتف الذي جعلنا صامدين الى اليوم مع ان غرف الاستخبارات الخارجية كانت تراهن على انه خلال شهر او شهرين من انقطاع المرتبات ستنهار الدولة ومؤسساته وسيحصل نهب لا محدود للمؤسسات الحكومية، وهم الى الان لم يستوعبوا السر وراء فشل مخططاتهم وتوقعاتهم والسر في استمرار الصمود اليمني طيلة هذه السنوات.