المشهد اليمني الأول/
لم تفلح السعودية في اي من حروبها التي خاضتها مؤخرا على كل الصعد، سواء السياسية او العسكرية أو حتى الاقتصادية، ولا شك في ان الرياض تعيش اسوأ ازماتها داخليا وخارجيا.
أزمات الرياض باتت أكبر من ان يتحملها اقتصادها الذي كانت تتغنى به مملكة النفط، ولا شك ايضا ان الحرب التي فرضتها الرياض وحلفائها على اليمن عمّق من أزماتها وزاد في صعوبتها. حتى وصلت الى حد باتت فيه عاجزة عن دفع مستحقات الخيانة لمرتزقتها وعملائها في اليمن.
الآلاف من مرتزقة تحالف العدوان الذين يقاتلون على الجبهات الجنوبية للسعودية في عسير وجازان ألقوا بأسلحتهم وخرجوا في تظاهرات طالبوا فيها الرياض بدفع مستحقاتهم ورواتبهم الموقوفة من قبل الرياض منذ اكثر من ستة أشهر، أو السماح لهم بالعودة الى ديارهم في اليمن. ما دفع بجنود الجيش السعودي الى اطلاق النار عليهم لتفرقة التظاهرات، ومنع تفاقم الاوضاع ووصولها الى حد الثورة.
مرتزقة السعودية الذين باعوا بلادهم وخانوا وطنهم من أجل السعودية، كافأتهم الاخيرة برصاصات عدة، ومنعتهم من ابداء أي رأي من شأنه التنغيص على حكام المملكة، ففي دولة آل سعود يمنع حتى المطالبة بالحقوق.
ستة أشهر يعمل المرتزقة تحت أمرة الضباط السعوديين دون مستحقات، تحملوا خلالها أكبر الخسائر والانكسارات على يد القوات اليمينة المشتركة في الشمال اليمني، وسط معاملة دونية من قبل الضباط السعوديين. فالمرتزقة كثيرا ما اشتكوا من هذه المعاملة السيئة التي يتلقونها من الرياض، واعتبارهم درجة متدنية والتعامل معهم بطريقة غير انسانية. ما دفع بهم إلى التمرد على الأوامر السعودية.
أما بالنسبة للعودة إلى مناطق سكنهم وديارهم، فهذه غاية بعيدة المنال على ما يبدو، فقد رفضت السعودية منحهم إجازات لزيارة أسرهم منذ عامين، كما عمدت إلى اعتقال من طالب بإرجاعهم إلى ديارهم. بعد الفشل الكبير لجيوش السعودية في احراز أي تقدم على الجبهات الشمالية لليمن على مدى سنوات العدوان الخمس.
معاملة السعودية السيئة لمرتزقتها ليست بعيدة عن حكام آل سعود الذين يزجزن بأقرب المقربين إليهم بالسجون، ولكن عند الخوض في الاسباب، لا يمكن اغفال التقدم المستمر الذي تحرزه القوات اليمنية المشتركة التي سطرت مؤخرا أفضل انتصاراتها في الجوف ومأرب على قوى التحالف السعودي. ما أوجد حالة من الانكسار لدى القوات السعودية والمرتزقة، وفقدان القدرة على مواصلة القتال.
كما أن الاموال التي دفعها ولي العهد السعودي محمد بن سلمان لراعيه الاميركي ترامب حفظا لمكانته وتشبثا منه بالعرش، وتلميعا لصورته امام الأي العام العالمي، اضافة الى سياساته وادارته السيئة للبلاد، ودخوله في حروب لا طائل منها سواء العسكرية ضد اليمن أو اقتصادية مع روسيا، دفعت بالسعودية الى شفير الافلاس. إلى حد اعلانت فيه شركة ارامكو عملاقة النفط في العالم نيتها اقتراض 10 مليارات دولار، كما أن توقعات زيادة العجز والدين العام في موازنة 2020 للمملكة دليل على ان ابن سلمان يقود السعودية الى مستقبل مجهول ومنعطف خطير، قد لا تتحمل تبعاته السعودية.
الأمر الذي لم يلتفت إليه مرتزقة السعودية وأعوانها من اليمنيين المغرر بهم، هو أن العميل أو المرتزق يصنف دائما كدرجة ثانية في التعامل، فمن خان وطنه لا يمكن ائتمانه.
كم كان من الجيد لو أن هؤلاء اعتبروا من الذين سبقوهم في العمالة. كيف انتهى الوضع بحكام باعوا بلادهم للغازي، كيف يتم التعامل مع من رهن وجوده بالخارج، وباع وطنه للأجنبي مقابل اعتلائه لعرش البلاد، ألم يتعظا من الكم الهائل من الشتائم والسباب الذي يطلقه ترامب لحكام السعودي بين الفينة والاخرى، وهم الذين قدموا له كل ما يملكون.