المشهد اليمني الأول/
عدن غرقت، عدن تواجه تداعيات كارثة المنخفض الجوي التي اجتاحت مديريات كريتر والتواهي والمعلا، سيول مدمرة داهمت الأحياء السكنية، وأدت إلى وفاة وإصابة العشرات بينهم نساء وأطفال، وسط حديث عن مفقودين لا يزال البحث جاريا عنهم ، كما خلفت دمارا واسعا وأضرارا بالغة في المنازل والطرقات والسيارات والمركبات، وتدميراً للمشاريع والخدمات الأساسية من مياه وكهرباء وهاتف وصرف صحي، معها أضحت عدن مدينة منكوبة .
مشاهد السيول الجارفة وهي تجتاح الشوارع والأحياء، وصراخ وبكاء النساء والأطفال وهم يطلبون النجدة، وإنقاذهم من الغرق، تدمي القلوب، وتبكي الأعين، وتبعث على الحسرة والأسى، وتثير الكثير من التساؤلات وفي مقدمتها: أين الدنبوع هادي وحكومته الفندقية من هذه الكارثة؟! وما الذي قدموه لعدن وأهلها بعد خمس سنوات من تحريرها حسب زعمهم؟! أين هي الوعود البراقة بالتطوير والتحديث والنهوض الاقتصادي والتنموي؟! أين تذهب ثروات الجنوب الهائلة التي يسيطرون عليها!! أين عائدات ميناء عدن وميناء الحاويات ومطار عدن!! أين عائدات الجمارك والضرائب وغيرها ؟!! أين تذهب المساعدات التي تتغنى الإمارات والسعودية بأنهما قدمتهما لعدن خاصة والجنوب عامة!
هل يعقل أن تغرق عاصمة اليمن الاقتصادية والشتوية والتي أعلنها الدنبوع هادي عاصمة لجمهورية الرياض الفندقية سبعة نجوم في ساعات جراء تدفق سيول الأمطار، جراء عدم امتلاكها قنوات خاصة لتصريف سيول الأمطار؟! أين حكومة الفنادق من نكبة عدن؟! قالوا بأنهم سيحولوا عدن إلى مدينة عصرية ، ولكن الحاصل أنهم أغرقوا عدن بالسيول والمجاري، وأدخلوا أهلها في ( بحر من حلبه) وسلموا عدن وأهلها للغازي السعودي والإماراتي ، فأوصلوها إلى ماهي عليه اليوم من أوضاع مزرية في شتى المجالات .
لا أمن ولا أمان، ولا طمأنينة ولا استقرار، ولا مشاريع خدمية ولا تنمية، ولا أي مظاهر للتطور والتقدم الذي وعدوا به، حولوا عدن إلى بؤرة للصراع والاقتتال، كل طرف يدعم الأدوات والأذناب التابعة والموالية لها بالمال والسلاح ، السعودية تدعم مليشيات هادي والإصلاح ، والإمارات تدعم مليشيات المجلس الانتقالي الجنوبي، والهدف الهيمنة على المحافظة والسيطرة على كافة منشآتها الحيوية والإستراتيجية.
السيول تغرق عدن وأهلها يعانون، وهادي ومليشياته، والانتقالي ومليشياته مشغولون بالتحضير لجولة مواجهات مسلحة جديدة من أجل تعزيز النفوذ والهيمنة والتسلط، وسط تبادل للاتهامات بين الطرفين حول أسباب ضعف البنية التحتية وغياب الخدمات التي كانت السبب في ارتفاع حجم الأضرار التي خلفتها السيول ، قالوا بأنهم حرروا عدن وأعادوها إلى حضن الشرعية ، فعن أي شرعية يتحدثون ؟! شرعية هادي؟! أو شرعية الانتقالي؟! أو شرعية الإمارات؟! أو شرعية السعودية؟! أو شرعية داعش والجماعات التكفيرية؟!
هادي الذي يتشبث بالسعودية ويرى فيها المنقذ له، والانتقالي الذي أعلن الانفصال وبات يقدم نفسه على أنه الوصي على الجنوب والجنوبيين وأنه صاحب الحق في إدارة شؤونهما ، يتمسك بالإمارات ويرى بأنها أشبه ( بسفينة نوح )، تركوا عدن خاصة والجنوب عامة للسعودي والإماراتي يتنازعان و يتنافسان على إدارة شؤونه ونهب ثرواته واستغلال موقعه الإستراتيجي ، وقتل واعتقال أحراره، والعبث بمقدراته ، وانتهاك سيادته وعرضه وكرامته ، فكانت الحصيلة قتل واقتتال وكوارث ونكبات وصراعات ومناكفات وسجالات .
بالمختصر المفيد: من خان وطنه من السهل عليه أن يخون محافظته أو مدينته أو حتى عائلته، فلا خير منه يرتجى، ولا مصلحة تنشد ، فهو مجرد أجير يعمل وفق ما يطلب منه سيده ، فلا الدنبوع ولا حكومته الفندقية ولا شرعيتهم المزعومة يمتلكون ذرة حياء أو خجل وإلا لما تفرجوا على عدن وأوصلوها إلى ما هي عليه اليوم من مستنقعات للمجاري ومقلبا لمخلفات السيول ، ومدينة للعنف والاغتيالات والاعتقالات والصراعات المتعددة الأشكال والأوجه .
قلوبنا مع إخواننا في عدن، ونسأل الله لهم السلامة والعافية وتجاوز هذه الكارثة، ولا عزاء للخونة المرتزقة العملاء أحذية وقباقيب الغزاة والمحتلين، أعداء اليمن واليمنيين من المهرة إلى صعدة .
___________
عبدالفتاح علي البنوس