المشهد اليمني الأول/
تتفاقم الأزمة الاقتصادية لدولة الإمارات وتتصاعد حدتها على خلفية أزمة فيروس كورونا المستجد المتفشي عالميا وانخفاض أسعار النفط بحسب وكالة “بلومبيرغ” الأمريكية المتخصصة بالشأن الاقتصادي.
وقالت الوكالة إن إمارة دبي تعرضت لضربات مالية أشد من نظرائها في الخليج، تحت وطأة التهديد المزدوج لانتشار فيروس كورونا وانخفاض أسعار النفط، وهذا يتضح من أداء سوق أوراقها المالية.
وانخفض المؤشر العام لسوق دبي المالي بنسبة 26٪ منذ انهيار الأسهم العالمية، بداية آذار/مارس الماضي، كما تراجعت أسعار الأسهم بالتزامن مع اتخاذ الإمارات العربية المتحدة خطوات لمواجهة فيروس كورونا، بما في ذلك إغلاق حدودها، وتعمقت الأزمة مع انخفاض أسعار النفط الخام.
واللافت للانتباه أن اعتماد دبي الشديد على قطاعات مثل السياحة والضيافة والتجارة والتجزئة والخدمات اللوجستية والعقارات كان السبب الرئيسي في تدهور الوضع المالي في الإمارة، في الوقت الذي ما زال من الصعب تحديد آثار الوباء على هذه القطاعات الرئيسية في المدى البعيد.
أحد الأمثلة: “إعمار العقارية”، أكبر شركة تطوير مدرجة في بورصة دبي، أعلنت أنها لن تدفع أرباحاً لعام 2019. كما أن بنكي دبي الإسلامي والإمارات دبي الوطني، كانا من بين البنوك الإماراتية التي تراجعت أسهمها بشكل حاد في الفترة الأخيرة.
من جانبه، أكد محمد علي ياسين، كبير مسؤولي الاستراتيجية في شركة “الظبي كابيتال” المحدودة في أبوظبي: “التباعد الاجتماعي بسبب فيروس كورونا أضر السياحة والخدمات وشركات الطيران بشدة، وهذه هي أهم القطاعات بالنسبة لاقتصاد دبي، هناك تأثير مضاعف لمثل هذه الإجراءات على الشركات العقارية والمصرفية المدرجة”.
وأضاف ياسين: “لا نعرف إلى أي مدى سيصل هذا، وإلى متى ستستمر هذه الإجراءات. لكننا نعلم أن الخسائر في إيرادات حكومة دبي ستكون كبيرة في عام 2020”.
تجميد التوظيف: وثيقة رسمية اطّلعت عليها رويترز أظهرت، الخميس 9 أبريل، أن إمارة دبي بدأت تتخذ عدداً من الإجراءات المالية العاجلة، في محاولة للحدِّ من الخسائر الاقتصادية التي تلحق بالبلاد، في ظل حالة الإغلاق التي تعيشها المدينة بسبب تفشي فيروس كورونا، والذي سجل بحسب آخر إحصائية إصابة 2659، ما دفعها لتمديد إغلاق الأنشطة التجارية حتى 18 أبريل.
بحسب الوثيقة التي نشرتها رويترز، فقد أمرت دائرة المالية في دبي جميع الهيئات الحكومية بوقف التعيينات الجديدة حتى إشعار آخر، وخفض الإنفاق الرأسمالي بواقع النصف على الأقل، وتقليص النفقات الإدارية والعامة بما لا يقل عن 20%، استجابة لتفشي فيروس كورونا.
كما أبلغت الدائرة جميع الهيئات الحكومية بتعليق جميع مشاريع التشييد التي لم تبدأ، وعدم السماح بأي زيادات في الإنفاق بمشاريع البناء الجارية، وتعليق جميع المكافآت حتى إشعار آخر.
يذكر أن دبي تلقت قبل أيام أحدث ضربة للاقتصاد، بعد أن دفعها التفشي العالمي لفيروس كورونا لاقتراح تأجيل معرض إكسبو، الذي كان من المقرر أن تستضيفه في أكتوبر/تشرين الأول، لمدة عام.
ومؤخرا أظهر مسح اقتصادي متخصص أن أزمة فيروس كورونا المستجد ساهمت في تأجيج تباطؤ القطاع الخاص غير النفطي في الإمارات والذي يعاني بالفعل، لتصل أوضاع الشركات إلى أضعف مستوى لها على الإطلاق.
وتراجع مؤشر “آي إتش إس ماركت لمديري المشتريات” والخاص بقطاعي الصناعات التحويلية والخدمات بالإمارات إلى 45.2 نقطة في مارس/آذار مقارنة بـ49.1 في فبراير/شباط.
ويمثل ذلك أكبر انكماش على الإطلاق وسط قيود اجتماعية وعلى السفر بهدف احتواء تفشي فيروس كورونا الذي عصف بالأسواق.
وقال ديفد أوين الاقتصادي في “آي إتش إس ماركت” ومعد التقرير إن “أحجام الأعمال الجديدة انخفضت بوتيرة حادة بفعل تراجع المبيعات إلى المستهلكين وتقلص السياحة وضعف التجارة مع إغلاق الدول في أنحاء العالم حدودها”.
وأضاف “في الوقت ذاته فإن إغلاق المطارات في الإمارات وسياسات العمل من المنزل -كما نرى في أرجاء العالم- من المرجح أن تؤدي لاستمرار التراجع ليشمل أبريل/نيسان، ولا سيما أنه لا تبدو نهاية للوباء في الأفق”.
ويقول محللون إن دبي -وهي المركز التجاري والسياحي للشرق الأوسط- قد تعاني من انخفاض الناتج المحلي الإجمالي بين 5 و6% في العام الجاري إذا استمرت الإجراءات المتعلقة بالفيروس لثلاثة إلى أربعة أشهر أخرى.
وعلقت الإمارات في مارس/آذار الماضي جميع الرحلات الجوية للركاب أسبوعين حتى 8 أبريل/نيسان الحالي لمكافحة تفشي فيروس كورونا، ويشكل ذلك ضربة قوية لقطاع السياحة الحيوي للبلد.
يأتي ذلك فيما أعلنت حكومة الإمارات مضاعفة حزمة الدعم المالي لمساعدة اقتصاد الدولة على مواجهة تداعيات فيروس كورونا المستجد، غداة الإعلان عن إجراءات جديدة لوقف انتشاره شملت تقييد الحركة في دبي.
وقال المصرف المركزي على موقعه إنّ “القیمة الإجمالیة لكافة الإجراءات المتعلقة برأس المال والسیولة التي اعتمدھا المصرف المركزي منذ 14 مارس/آذار 2020 بلغت 256 ملیار درھم” أي نحو 70 مليار دولار