مقالات مشابهة

هواية القتل البيولوجي.. كورونا بجنسية أمريكية

المشهد اليمني الأول/

لا انفجارات ولا أدخنة ولا دماء، لكن الفتك يحدث في صمت بفعلِ عدوٍّ خفي يفترس عشرات الآلاف حول العالم، ضمن حرب ظاهرُها بيولوجي وباطنها تآمري أمريكي في خضم صراعٍ دولي حاصل بين المعسكرين الأمريكي الصهيوني- الصيني الروسي الإيراني.

كورونا.. وباء عالمي بجنسية أمريكية

التقارير تثبت على قدم وساق أن الولايات المتحدة الأمريكية تقف وراء الحرب البيولوجية الراهنة مع انتشار فيروس كورونا (كوفيد- 19) الذي ظهر لأول مرة في مدينة ووهان الصينية، وسبَّب حالة من الهلع القاتل للبشرية يوازي هلع الطاعون الذي ظهر في القرون الوسطى، على اعتبار أن الإرهاب البيولوجي هو عمل إرهابي ينتج عن إطلاق متعمد لعوامل بيولوجية شديدة الإمراض بما في ذلك أنواع الكائنات الحية الدقيقة أو السموم البيولوجية.

الصين التي استطاعت مؤخراً التعافي من المرض، أكدت أن بيدها حقائق حول أن الولايات المتحدة الأمريكية هي المصدر الأساسي لجائحة فيروس كورونا وأنها عملت على نشره في الصين من خلال عملاء وكالة المخابرات الأمريكية المركزية “سي آي إيه”، بما في ذلك تصريح المتحدث باسم الخارجية الصينية “تشاو لي جيان” الذي أكد أن الفيروس اختُرع وطُوِّر من قِبل علماء أمريكيين عام 2015.

أشار المتحدث الصيني أيضاً إلى بحثٍ نشرته مجلة Nature Medicine الأمريكية في ذلك العام، 2015، يقول إن علماء أمريكيين تمكنوا من الحصول على نوع جديد من فيروس كورونا له تأثير خطير على الإنسان، وإن جنوداً أمريكيين شاركوا في دورة الألعاب العسكرية العالمية التي جرب بمدينة ووهان الصينية التي تنافس فيها 10 آلاف عسكري من مختلف أنحاء العالم في أكتوبر الماضي هم الذين نقلوا الفيروس إلى المدينة.

ولم يتوقف الصراع بين كلٍّ من طهران وواشنطن في ظل الأزمة التي فتكت بالعالم.

إذ توجه إيران إصبع الاتهام إلى إدارة أمريكا بالدرجة الأولى في صناعة ونشر الفيروس، وجاءت آخر التصريحات الإيرانية، الاثنين، على لسان وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف، الذي أكد على أن أمريكا تعرقل المكافحة الدولية لفيروس كورونا، مشيداً بجهود قادة مختلف دول العالم لإلغاء الحظر الأمريكي على إيران.

هذه الجهود – بحسب ظريف – لم تجد آذاناً صاغية لدى أمريكا التي تضع العراقيل أمام المكافحة الدولية لفيروس كورونا، علماً بأن ظريف كان قد صرَّح لصحيفة فوليا دي ساو باولو البرازيلية، بأنَّ الإرهاب العلاجي الأمريكي حال دون اتخاذ موقف فاعل لمواجهة الوباء العالمي.

ويورد موقع iuvmpress أن الولايات المتحدة الأمريكية أنشأت مختبرات بيولوجية في أجزاء كثيرة من العالم معظمها حول الصين، معللاً ذلك بأن الأمريكيين يبدو أنهم ملزمون بسلسلة من الاتفاقات ولكن لمنع الكوارث في بلادهم قاموا بنقل هذه المختبرات خارج الأراضي الأمريكية ونقل الفيروسات البيولوجية بشكل متكرر إلى أجزاء أخرى من العالم.

على سبيل المثال، انتشر فيروس الجمرة الخبيثة إلى معهد الجيش الأمريكي للأمراض المعدية في واشنطن العاصمة في السنة الرابعة، كما رفض الأمريكيون التوقيع على بروتوكول حظر الأسلحة الميكروبية وقالوا إنهم لن ينفذوه لأن لديهم أسراراً تجارية ولا يخبرون أحداً بما يقومون به، وفقاً للموقع.

لماذا أمريكا؟

وليس من قبيل المصادفة أن يتم توزيع الفيروس بشكل انتقائي إلى البلدان. تُعتبر الصين وإيران وبعض دول الاتحاد الأوروبي بما في ذلك إيطاليا، أوضَحَ الأعداء للولايات المتحدة، كما أن لحاق أضرار “كورونا” بالولايات المتحدة لا يعني إعفاءها من مسؤولية صناعته.

فيروس “السيدا” على سبيل المثال، أو ما يُعرف بالإيدز، ظهر في أوائل الثمانينيات من القرن الماضي، وظل حبيس الغموض ومصدر قلق البشرية لكونه ينتقل من شخص لآخر عبر الدم كما يحدث في العلاقات الجنسية وفي استخدام الأدوات غير المعقمة.

كان ظهوره المفاجئ – تماماً كفيروس كورونا – محلَّ تساؤل البشر لفترة طويلة، حتى خرجت إلى الوجود وثيقة سرية أُخذت من أرشيف وزارة الدفاع الأمريكية ونشرها موقع غلوبال بريس، وتشير الوثيقة بأن فيروس السيدا أو ما يُعرف بـ”VIH” صُنع من طرف الإدارة الأمريكية نهاية السبعينيات لأغراض متعلقة بالهيمنة على العالم.

الوثيقة السرية تحدثت عن برنامج يُسمى “فيزيبيليتي” تم الانتهاء منه سنة 1975، وهو نفس التاريخ الذي بدأ الحديث فيه عن فيروس السيدا. في ذلك الوقت قامت الإدارة الأمريكية بدمج هذا الفيروس في ملايين اللقاحات التي استخدمت لعلاج “داء الجدري”، وقد حُقِنَ أكثر من 100 مليون إفريقي بهذه اللقاحات الفاسدة في العام 1977، وفي عملية أخرى سُميت بـ”تروجان هورس” عام 1978، حُقِنَ قرابة 2000 مِثلي الجنس من العرق الأبيض، بلقاح ضد مرض التهاب الكبد “ب”، يحتوي هو الآخر على فيروس السيدا، وقد تمت عملية دمج الفيروس بمركز الأمراض المعدية و تحاقن الدم بنيويورك.

كان هدف تطوير فيروس السيدا “أمريكياً” هو أن يكون سلاحاً سياسياً وعرقياً لاستخدامه ضد شعوب أخرى، وأن يساهم في تقليص عدد سكان الأرض. قبل ذلك كان جورج بوش قد قال عام 1969، إن الولايات المتحدة بحاجة إلى طرق فعالة من أجل التحكم في التطور الديموغرافي (السكاني) الهائل الذي يعرفه العالم مقارنة بالأزمة الغذائية والاقتصادية في مجموعة من المناطق. وفي ذلك العام كانت وزارة الدفاع الأمريكية قد طلبت قرابة 10 مليون دولار من أجل تمويل البحث عن طريقة بيولوجية لتصنيع مادة غير موجودة في الطبيعة، تساهم في تحقيق التوازن على سطح الأرض، ولا يمكن بأي حال من الأحوال تطوير مناعة طبيعية ضدها، حسب الوثائق التاريخية.

البرنامج الذي أعلنت عنه المنظمة الدولية للصحة ابتداءً من عام 1972 بتلقيح ملايين الأفارقة ضد مرض الجدري، كان فرصة لوزارة الدفاع لدمج هذا الفيروس والتخلص من كثير من أصحاب البشرة السوداء الذين كانوا يتكاثرون بسرعة كبيرة، وفي وقت لاحق، قامت الوزارة بإضافة هذا الفيروس إلى اللقاح الموجه لمرض التهاب الكبد “ب”، تحت حماية وزارة العدل الأمريكية بواشنطن، التي جعلت من الدراسات المتعلقة بطريقة دمج الفيروس مع اللقاح، أمراً بالغ السرية.

ظهر فيروس كورونا وانقلب السحر على الساحر الأمريكي، وتفشى المرض في الولايات المتحدة لينتج حتى منتصف يوم السبت 21 مارس 2020، وفاةَ 286 شخصاً وإصابة أكثر من 22 ألفاً.

في خضم المحاولات الدولية لإنتاج علاج “مصل مضاد” للفيروس، أراد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب احتكار أي علاج، فعرض على الشركة الألمانية كيور فاك، مبلغاً باهظاً مقابل قدومها إلى الولايات المتحدة وجعْل نتائج اختباراتها الطبية المتقدمة التي توشك على إنتاج مصل، حصرياً لأمريكا فقط، ما يؤكد – بحسب التقارير – نظرية المؤامرة.

وهو ما اعترض عليه الألمان بشدة على لسان وزير الداخلية هورست زيهوفر، الذي أكَّد صحة هذه الخطوة وقال إن ألمانيا ليست للبيع، وإن بلاده تريد إنتاج هذا اللقاح المضاد “ليكون للعالم كله”، مؤكداً أن الشركة ستبقى على الأرض الألمانية.

وفي ذلك يتحدث الكاتب والمحلل السياسي عبدالباري عطوان بالقول: “عندما نقول إنّ عرض ترامب هذا يُؤكِّد نظريّة المُؤامرة، فإننا نعني أنَّ حصره لهذا اللّقاح في يَد أمريكا يعني أنها ستكون المتحكم به، والدول أو الشعوب التي يمكن أن يُصدَّر إليها، أي الشعوب والدول الصديقة للولايات المتحدة، أو العميلة لها تحديداً، أما تلك المُعادية فلن تحصل عليها، وستكون شعوبها مستهدفة بفيروس الكورونا مُستقبلاً”.

يواصل عطوان: “نحمد الله أن أزمة الكورونا الحالية أثبتت أن الصين أكثر تقدُّماً من الولايات المتحدة ودول غربية عديدة في هذا المضمار، بالنظر إلى النجاحات الكبرى التي حققتها إدارياً وطبياً في التصدي لها وتطويق أضرارها في زمنٍ قياسي، بينما ما زالت الأنظمة والمُؤسسات الصحية الغربية تتخبط، وحتى لو عاد الفيروس إليها فإنها ستكون مستعدة لمُواجهته والقضاء عليه بحُكم خبرتها التي أثبتت فاعليتها”.

وبحسب مقال نشره موقع فورين أفيرز، يقول الباحث في الصحة العامة يانزهونغ هوانغ إن التاريخ يخبرنا عن محاولات أمريكية في الحرب العالمية الثانية لتطوير عوامل بيولوجية، ولدى هذه الأسلحة مشكلاتها، فهي لا تترك أثرها بشكل مباشر، وربما أصابت الجيش الذي قام بإطلاقها، وهي حساسة للطبيعة والظروف الجوية، ولهذا السبب قد تؤدي إلى تلوث المنطقة لمدة أطول من الوقت المحدد، ومع ذلك ظلت الولايات المتحدة تقوم بتطوير أسلحة بيولوجية في مرحلة ما بعد الحرب”.

لمحة تاريخية في الحرب البيولوجية

السلاح البيولوجي قائم على الإنتاج المتعمد لكائنات حية متناهية الدقة حية تسبب الأمراض والأوبئة الفتاكة سواء كانت فيروسات أو جراثيم أو بكتيريا أو مواداً سامة ناتجة عن العمليات الحيوية لهذه الكائنات والتي تتسبب في إحداث أمراض للإنسان والحيوان والنبات، تؤدى إلى الهلاك أو الإفناء على نطاق واسع لأفراد أو مجتمعات أو مدينة أو منطقة أو بلد بأكمله باختلاف نوع السلاح البيولوجي وتأثيره، ويمكن استخدام تلك الكائنات على حالتها في الطبيعة كما يمكن تطبيق تكنولوجيا الهندسة الوراثية والبيولوجيا الجزيئية والتكنولوجيا الحيوية بهدف زيادة قدرة الإصابة ونطاقها التأثيري والتدميري.

وتعود الحرب البيولوجية إلى ذلك العهد الذي تم فيه أول استخدام لذلك السلاح، على يد القائد اليوناني سولون عام 600 ق.م، إذ استخدم جذور نبات هيليوروس في تلويث مياه النهر الذي يستخدمه أعداؤه للشرب ما أدى إلى إصابتهم وبالتالي سهل عليه إلحاق الهزيمة بهم.

ومنذ القرن الخامس عشر وبعد اكتشاف القارتين الأمريكيتين أتيح للمهاجرين الأوروبيين التخلص من أعداد كبيرة من السكان الأصليين الذين أصيبوا بالأمراض غير المعروفة هناك والتي لا توجد مناعة طبيعية لديهم ضدها، وكان لمرض الجدري الدور الرئيسي في القضاء على أعداد كبيرة من هؤلاء السكان الأغلبية، ويذكر أن قائد القوات الإنجليزية في المستعمرات الأمريكية قد قام بإرسال ملابس وأغطية مجلوبة من مستشفى العزل الصحي للمصابين بالجدري كهدايا إلى رؤساء القبائل من السكان الأصليين فكانت النتيجة أن انتشر ذلك المرض بينهم وفتك بعشرات الآلاف منهم، وخلال الحرب الأهلية الأميركية قام جنود الجيشين الشماليين والجنوبيين بتلويث الأنهار والآبار بإلقاء جثث الخنازير والماشية النافقة فيها.

وأثناء الحرب الكورية وجهت الصين وكوريا الشمالية للولايات المتحدة اتهامات باستخدام أسلحة جرثومية ضدها، وعام 1952 دعيت اللجنة العلمية الدولية للأمم المتحدة للتحقيق في الشكاوى المقدمة من الصين وكوريا، فخرجت بتقرير تضمن: “احتمال حدوث تعرض للأفراد في مناطق النزاع بمواد جرثومية، ورصد وجود لجراثيم الكوليرا والجمرة الخبيثة وبراغيث مصابة بجراثيم الطاعون وبعوض يحمل فيروسات الحمى الصفراء، وحيوانات منزلية تم استخدامها لنشر الأمراض الوبائية”.

وفي حرب فيتنام استخدم الجيش الأمريكي الأسلحة الجرثومية ضد قوات الفييت كونج والقرى والبلدات الفيتنامية، كما تم استخدام ذات الأسلحة في محاولة من الأمريكيين لتدمير محصول القصب في كوبا في الستينيات والسبعينيات وهو مصدر الدخل الرئيسي للبلاد.

_______

عمار الشامي