المشهد اليمني الأول/
من جديد يقوم الإعلام الحربي بعرض لقطات جديدة للنصر المؤزر على جحافل العدوان والارتزاق، وكأنما هذه اللقطات بصقة في وجه تاريخ طويل من الظلم والقهر، تاريخ ظل فيه اليمن حديقة خلفية لنظام آل سعود المستبد، استخدم خلاله آل سعود شرذمة من الخونة ليبسطوا سيطرتهم على حياة الشعب اليمني واستقلاله، ومنعوا عبر مرتزقتهم هذا البلد من إحداث أي تنمية مستغلا ما حباه الله من ثروات هاهي الجوف بكل الخير الكامن في باطنها تعود لأبنائها الأبرار، وهاهو تاريخ الارتزاق يذوي شيئا فشيئا مؤذنا بعودة اليمن العظيم لسابق مجده وحريته.
عن ماذا نكتب؟ وكل ما شاهدناه يحكي قصة عظيمة أخرى، وكل لقطة تحكي تاريخا من الصبر والإيمان والبأس، هل نتحدث عن الأخلاق العظيمة التي يتمتع بها مقاتلونا الأبطال في معاملتهم مع من كان يقاتلهم، وبعدأن تفاجأ بمعاملتهم الراقية عاد ليلعن من حرضه؟ أم نتحدث عن ملاحم العزة في كل تبة وموقع تم تحريره، وتلك البسالة التي فتتت عزم المحتلين ومرتزقتهم؟ هل نتحدث عن التأييد الإلهي ونحن نشاهد كل ذلك السلاح والدعم اللامحدود للخونة المنكسرين؟ أم هل نكتب عما شعرنا به من فخر واعتزاز ونحن نشاهد هذه اللحظات التي لن ننساها ما حيينا؟
لقد حوَّل النظام السعودي تلك المحافظة إلى منطقة محتلة بمعنى الكلمة، وهذا ما نشاهده عندما نرى السلاح الحديث الذي تمت السيطرة عليه بعد فرار المرتزقة، فالسعودية عملت ولعقود مضت على منع أي استثمارات أو تطوير في المحافظات الحدودية، على أن تقوم بابتلاعها فيما بعد عملية الأقلمة التي كانت تهدف لإضعاف المركز لصالح أقاليم متناحرة، كانت مهتمة بالجوف بالذات كونها محافظة واعدة بالخير كنجران وجيزان وعسير، تلك المحافظات اليمنية المحتلة سابقا، وقد ساعدها في ذلك نظام الخيانة الذي حكم اليمن بفرعيه العفاشي والإخواني منذ اغتيال الرئيس الحمدي.
يمكنك أن تشاهد الدلالات على هذا المخطط الخطير في كل شيء هناك، ابتداء من نوعية الأسلحة وحتى المنشورات والملابس والرايات، كانت السعودية تعد هناك لتحويل هوية المحافظة تمهيدا لاقتطاعها، وبالتدريج كانت ستعمل على تقليل عدد سكانها قدر المستطاع لضم هذه المحافظة مترامية الأطراف، ثم ستقوم بإنشاء شركة لتمتص ثروات المحافظة التي منع اليمنيون من استغلال خيراتها لعشرات السنين، وبإمكان أي باحث أن يشاهد ماذا فعلت سابقا في جيزان ونجران وعسير، لقد منعت أهلها حتى من البناء على النمط اليمني القديم، وأهل هذه المناطق يعتبرون مواطنين من الدرجة الثالثة، وتتم عملية منعهم وكبح حريتهم وتوطين أشخاص من مناطق أخرى في هذه المناطق اليمنية.
بعودة الجوف اتخذنا خطوة مهمة نحو تحرير باقي المناطق المحتلة، وهذا النصر الإلهي يعتبر إشارة إضافية على تراخي قبضة العدوان وسقوط أدواته، كما أن تحرير الجوف يحصِّن حدودنا الشمالية ويدعم جهود تحرير مأرب التي أصبحت مهيأة لتتحرر من بقايا عصابة الخيانة، وتوقيت هذه العملية يؤكد أكثر – ونحن على أعتاب الذكرى السادسة للصمود الأسطوري اليمني – أننا بمرور الوقت نزداد قوة، بينما العدوان وأذياله يقتربون من السقوط والفشل أكثر.
فليستمتع كل يمني أبي بهذه المشاهد، ففيها شفاء لصدور شعبنا المؤمن المظلوم لكن لا ننسى أن هذا النصر ما كان ليحدث لولا تأييد الله لجنده المخلصين، هنا يجب أن نشحذ الهمم أكثر لإكمال ما بدأناه بصمودنا وصبرنا وتضحياتنا، ولنعد العدة للمعركة الحاسمة التي تقترب ونحن بفضل الله أقوى من ذي قبل جهادنا ودعمنا وصبرنا لم ولن يضيع بإذن الله، فقط يجب أن نستعد أكثر للحظة النصر النهائي المؤزر بعون الله، فاليمن جدير بشعبه المؤمن المجاهد، ونحن جديرون ببلد حر وعزيز ننعم فيه بخيراته وبالحرية والكرامة، فعهد الاستعباد والقهر ولَّى، وجاء زمن الانتصارات بإذن الله.. والعاقبة للمتقين.
_____________-
عبدالملك سام