المشهد اليمني الأول/
تمكّن أبطال الجيش واللجان الشعبية اليمنية “الأنصار” خلال الايام القليلة الماضية من التقدم وتحرير الكثير من الأراضي والمناطق التي كانت قابعة تحت سيطرة مرتزقة تحالف العدوان السعودي الإماراتي في محافظتي الجوف ومأرب وبعد الانتصارات العظيمة التي حققتها تلك القوات اليمنية في منطقة “نهم” البوابة الشرقية لمحافظة صنعاء وتحريرها مدينة “الحزم”، عاصمة محافظة الجوف، يستهدف أبطال الجيش واللجان الشعبية اليمنية في وقتنا الحالي محافظة مأرب لأول مرة منذ بدء الحرب العبثية التي شنتها قوات تحالف العدوان السعودي الإماراتي على هذا البلد ويأتي هذا التقدم نحو مدينة مأرب عقب عدم قبول قبائل هذه المحافظة الصحراوية للمبادرة التي قدمتها حكومة الإنقاذ الوطنية في صنعاء.
وفي هذا السياق، ذكرت العديد من المصادر الاخبارية بأن “محمد البخيتي” المتحدث باسم لجنة المصالحة الوطنية وعضو المكتب السياسي لجماعة “أنصار الله”، وجه قبل عدة أيام ما وصفه بـ”النداء الأخير” للطرف الآخر في مأرب للقبول بالمبادرة المطروحة على طاولة مدينة مأرب لتجنيب المدينة الحرب والقبول بصلح مع صنعاء يضمن لسلطة مأرب ومن فيها بقاءهم في المدينة بمصالحهم وأموالهم مقابل عودة مأرب إلى سلطة صنعاء من جهة وتبادل المصالح الاقتصادية والمجتمعية بين الطرفين من جهة ثانية.
وعلى صعيد متصل، لفتت تلك المصادر الاخبارية بأن نداء صنعاء الأخير لسلطة مأرب، حمل رسالة هامة لأبناء محافظة مأرب ومن يتواجد فيها من أبناء المحافظات الأخرى، مفادها أن دماءهم وأموالهم لن يمسها شيء وستكون مصانه، في رسالة طمأنة تقدمها صنعاء لأبناء مأرب في حال دخلت قواتها المدينة عسكرياً إذا ما استمرت سلطة مأرب في رفض القبول بالمبادرة والمصالحة وكتب “البخيتي” في رسالته التي نشرها على صفحته بالفيس بوك إن “مأرب ستعود إلى حضن الوطن على يد أبنائها وهذا قرار لا رجعة عنه”.
الجدير بالذكر أن دعوة صنعاء الأخيرة الموجهة لمأرب جاءت بالتزامن مع اشتداد المعارك بين أبطال الجيش واللجان الشعبية اليمنية وقوات المرتزقة المدعومة من تحالف العدوان السعودي الإماراتي، خاصة مع اقتراب أبطال الجيش واللجان الشعبية اليمنية من مدينة مأرب من أكثر من اتجاه، وقد شهدت الساعات الماضية معارك هي الأعنف بين الطرفين أدت إلى تساقط المواقع العسكرية التي كانت بيد مرتزقة العدوان واحداً تلو الآخر في مديرية “صرواح” بما فيها المعسكر الغربي لمعسكر “كوفل” والذي يتضمن ألوية المدرعات والدبابات والمدفعية بالإضافة إلى اقتراب أبطال الجيش واللجان الشعبية اليمنية بشكل كبير من جبهة “الطلعة الحمراء” والتي تعتبر آخر مرتفع جبلي مطل على مدينة مأرب.
وفي السياق ذاته أفادت مصادر محلية في مأرب، بأن معظم مشائخ قبائل مأرب، يميلون إلى خيار التصالح والسلام وتجنيب المدينة الحرب، لكن هذا الجناح، أصطدم خلال الايام القليلة الماضية بضغط تحالف العدوان الذي أجبرهم على التحرك باتجاه رفض تسليم المدينة والتصالح مع حكومة الإنقاذ الوطنية في صنعاء، والدخول في حرب شكّل لها مجلساً عسكرياً من قيادات عفاشية مرتزقة، وحشد لها عناصر تكفيرية من تنظيمي القاعدة وداعش، لتصفية تيار السلام داخل المدينة.
وأوضحت المصادر نفسها، أن قيادات عسكرية سعودية اجتمعت، يوم الثلاثاء الماضي، مع قيادات تجمع الإصلاح العسكرية والسياسية والمشيخية، وأصرت على رفض التصالح مع “أنصار الله” وتسليم المدينة، وأبدت الاستعداد لتقديم الأسلحة والأموال لخوض الحرب، كما عرضت على هذا التجمع نفوذا في مدينة شبوة ووادي حضرموت، تحت حماية وتمكين تحالف العدوان.
وعلى صعيد متصل، ذكرت بعض المصادر الميدانية أنه قوات الجيش واللجان الشعبية اليمنية تواصل تقدمها وإحراز انتصارات ميدانية كبرى على طريق استكمال تحرير محافظتي الجوف ومأرب، ضمن المرحلة الثانية من عملية “البنيان المرصوص” عقب رفض سلطة مأرب للمبادرة التي قدمتها حكومة الإنقاذ الوطنية في صنعاء.
وأكدت تلك المصادر الميدانية أن الانتصارات في محافظة الجوف تجاوزت تحرير مدينة “الحزم” عاصمة المحافظة والوصول إلى ما بعد منطقة “اللبنات” وتطويق مدينة مأرب، آخر معاقل قوات تحالف العدوان والغزو والاحتلال ومرتزقتهم، لتغدو المدينة على مرمى 7 كيلو مترات فقط من التحرير.
وفي سياق متصل، أوضحت بعض مصادر عسكرية أن ما تبقى من قوات المرتزقة لا تستطيع الصمود في وجه الاندفاعة القوية للجيش واللجان الشعبية باتجاه مدينة مأرب من جهات الشمال الشرقي وبالتحديد من جهة جبل “هيلان”، ومن الشمال الغربي من جهة “حريب القراميش”، ومن الشمال الشرقي حيث توغل الجيش واللجان في مديرية “مدغل الجدعان”، ولفتت تلك المصادر العسكرية إلى أن منطقة “هيلان” لا تبعد عن مدينة مأرب سوى 10 كيلومترات، وهناك نقاط أقرب إلى مدينة يسيطر عليها أبطال الجيش واللجان الشعبية، منها نقطة “الكسارة” جنوب غرب مدينة مأرب، وتبعد نحو 7 كيلو مترات.
كما أفادت هذه المصادر العسكرية بأن المعارك شمال شرق مدينة مأرب اقتربت من “جبل بن كعلان” حيث تتواجد مخيمات النازحين من هذه المدينة.
وفي سياق متصل، أكد العديد من الخبراء العسكريين أن جميع المعطيات العسكرية تأتي لصالح قوات الجيش واللجان الشعبية اليمنية، في ظل سيطرتها على المرتفعات الإستراتيجية لمحافظة مأرب بما فيها جبل “هيلان”، والجغرافيا الرملية المنبسطة حول مدينة مأرب، وتقييد الدفاعات الجوية لطيران العدوان السعودي، بينما تؤكد مصادر ميدانية أن كبرى مديريات محافظة مأرب باتت محررة بالكامل، عدا مديرية “مدغل” التي توغلت فيها قوات الجيش واللجان، يومي الثلاثاء والأربعاء الماضيين، موضحة أن دخول مدينة مأرب، رهن قرار سياسي من المجلس السياسي الأعلى. وعلى صعيد متصل، يلفت مراقبون سياسيون إلى أن مدينة مأرب تمثل آخر أقوى وأثرى نقاط التنظيم الدولي للإخوان في جنوب الجزيرة العربية، ما يدفع بالإمارات إلى جر تجمع الإصلاح إلى فخ خوض الحرب للتخلص منه، ويشيرون إلى أن السعودية التي تصنف الإخوان تنظيما إرهابيا وتستعين به في اليمن خلال فترات متتالية، لا تمانع تصفيته، وأن العداء بين تجمع الإصلاح الذي يمثل تيار الإخوان الوهابي وعناصر تنظيم القاعدة الذي يميل للتيار السلفي، ينذر بدخولهما في صراعات وتزاعات في مدينة مأرب.
في الختام يمكن القول أن عملية “البنيان المرصوص” الدفاعية التي تحولت إلى عملية هجومية والتي نفذها أبطال الجيش واللجان الشعبية اليمنية، استطاعت خلال الأيام القليلة الماضية من تحرير مديرية “نهم” بالكامل وتحرير مساحة 2500 كيلو متر مربع من محافظتي الجوف ومأرب، كما تسببت في حالة انهيار وتخبط واسع في صفوف تحالف العدوان وقيادات تجمع الإصلاح في مأرب، أمام انهيار قوام 22 لواء عسكريا في نهم والجوف ومأرب 17 منها كانت تتواجد في “نهم”، سقطت بأيدي قوات الجيش واللجان الشعبية، ما دفع بتحالف العدوان إلى تشكيل مجلس عسكري يضم قيادات عفاشية مرتزقة وحشد مقاتلين تكفيريين.