المشهد اليمني الأول/
سددت عمليات “فأمكن منهم” للجيش اليمني واللجان الشعبية ضربة موجعة للعدوان السعودي ومرتزقته، فلم تثمر العمليات عن مقتل وجرح وأسر المئات من مرتزقة العدوان وتدمير واغتنام العشرات من معداتهم وأسلحتهم وآلياتهم العسكرية الثقيلة والمتوسطة، وحسب وانما حررت معظم مديريات محافظة الجوف بشمال البلاد وفي مقدمتها مركز المحافظة مدينة الحزم.
تحرير الجوف يشكل منعطفا جديدا في عملية الصمود اليمني بوجه العدوان، فهو لايعد اضافة نوعية للمكاسب التي يحققها الجيش اليمني واللجان الشعبية في العمليات البرية التي ينفذها سواء ضد المرتزقة أو العمق السعودي، وحسب وانما انطلاقة لتحقيق المزيد من المكاسب ضد العدوان ومرتزقته خاصة في محافظات مأرب وحضرموت وشبوة، التي تعد الشريان الاقتصادي لليمن والتي يسيطر عليها العدوان ومرتزقته منذ اندلاع الأزمة، ويستنزف ثرواتها طيلة الفترة الماضية.
أبرز دليل على أن تحرير الجوف أوقع زلزالا في صفوف العدوان، هو البيانات المتتالية التي يصدرها بين الحين والآخر حول الخسائر التي يتكبدها “الحوثيون” جراء الضربات المتحالقة “للشرعية” على مواقعهم، فكلها كذب وافتراء وتأتي في اطار رفع معنويات المرتزقة التي تزلزلت نتيجة الضربة الموجعة التي سددها الجيش اليمني واللجان الشعبية.
ومما لاشك فيه أن العدوان ومرتزقته سيتذكرون بألم وحسرة مفاجأة الجيش واللجان الشعبية ومن المؤكد أنهم سيسعون جاهدين لاستعادة ما فقدوه من كبريائهم وغطرستهم قبل أن يسعوا لاستعادة مواقعهم، خاصة وأن الصور ومقاطع الفيديو التي نشرها الاعلام الحربي للجيش واللجان الشعبية أحرجتهم، أمام أصدقائهم وأنصارهم قبل أن تحرجهم أمام أعدائهم، فلم يعد باستطاعتهم تكذيب أو نفي سيطرة الجيش واللجان الشعبية على محافظة الجوف.
وما دخول السعودية على الخط الا ليبين فداحة الخطب، وعظم الخسارة، وشدة الألم، وعمق الجرح الذي خلفه الجيش اليمني واللجان الشعبية لهم بتحرير الجوف، فعندما نشر الاعلامي المرتزق الموالي لحكومة الفارهادي جلال الشرعبي التغريدة التالية: “الحوثيون يدخلون معسكر كوفل في مأرب قبل ساعات ويسيطرون على مخازن السلاح والمعدات دون مواجهات بعد إنسحاب قوات الشرعية من المعسكر بإتجاه شبوة” سارع السفير السعودي في اليمن محمد آل جابر الى الرد عليه بتغريدة قال فيها: “أخي جلال وكل من لديه صراعات سياسية حزبيه أو معارضة للشرعية، فاني أود أن اذكركم بحكمة ابن عباد (رَعْيُ الجِمال خَيْرٌ من رَعْي الخَنازِيْر) فالصراعات السياسية يمكن حلها بين اليمنيين بالحوار والأعراف القبلية لأنهم عرب أقحاح ويؤمنون بالدولة وحكم القانون بعكس الحوثي المدعوم من ايران”.
فيقر آل جابر بوجود خلافات بين الأطراف حول حكومة الفار هادي، بل أنه يقر أن الذي يجري بين الأطراف الموالية للعدوان السعودي الاماراتي ليس خلافا وانما صراع، ويدعو الى نبذ هذه الصراعات وركنها الى جانب، لأنه يعتقد بوجود “عدو أكبر من هذه الصراعات وهم الحوثييين”، وبذلك فانه يلمح الى أن الخسائر التي تكبدها العدوان في الجوف ومأرب جاءت نتيجة الصراعات بصفوف ما سماه بالشرعية.
من الواضح أن دخول آل جابر على الخط ودعوته الى نبذ الصراعات، يعكس مدى الزلزال الذي خلفه تحرير الجوف على نفوس ومعنويات العدوان ومرتزقته، مما يستدعي اعادة النظر في عبثية الحرب التي تشنها السعودية على هذا البلد، خاصة وأنها لم تحقق أية نتيجة عملية منذ 3 سنوات، بل على العكس دوما فان الجيش اليمني واللجان الشعبية يقدمون بين فترة وأخرى مفاجأة للعدوان ومرتزقته، سواء بمهاجمة المواقع العسكرية والاقتصادية الاستراتيجية السعودية بالصواريخ والطائرات المسيرة، أو باستهداف مواقع مرتزقة العدوان، فضلا عن المكاسب التي يحققوها على الأرض، بتحرير المزيد من المناطق والمواقع، أو باحباط الهجمات الواسعة لمرتزقة العدوان، وتكبيدها خسائر فادحة.
حركة أنصار الله لم توصد باب التفاوض والحوار خاصة مع اليمنيين، فبدل أن تصر الاطراف الموالية للعدوان السعودي – الاماراتي على غيها وتكبد العباد والبلاد المزيد من الخسائر؛ عليها أن تفكر أن لم يكن بلغة العقل، فبلغة المصالح، خاصة وأن أنصار الله عازمة على المضي قدما في تحرير المزيد من المناطق الاستراتيجية كمأرب وحضرموت، اللتان تحولتا الى هدف للأطماع السعودية والاماراتية والأمريكية، فيبذل هذا الثلاثي المساعي من أجل نهب ثروات هذه المناطق، بينما أخذ أنصار الله على نفسها مسؤولية التصدي لهذه الجريمة الاقتصادية.