كتب/ محمد الصفي الشامي : ثورةُ الـ 21 من سبتمبر اقتلاعٌ للفساد وإعادةُ قضايا الأمة العربية والإسْلَامية
ما حقَّـــــقهُ الشَّـعْـبُ الـيَـمَـني في ثورة 21 سبتمبر يُعَدُّ إنجازٍاً/ إعجازاً، فـانكفاءُ رؤوس الفساد والإفساد والظلم وقفازات المشروع الأَمريكي في البلاد أزعج الكثيرين ممن يحملون نفسَ المشروع التدميري في المنطقة، وعندما قرّر الشَّـعْـبُ الـيَـمَـني إتمامَ واستكمال الثورة بنفس مستوى الوعي والحكمة والروح الثورية بتقطيع كُلّ أجنحة وأَدَوَات أَمريكا وأذنابها ومتابعة الجهوزية الثورية لكل طارئ ومستجد، سعى أعداؤه عبر ما تبقى من أَدَوَاتهم في الداخل وحلفائهم الإقْليْميين بكل ما أوتوا من قوة وعدة وإمْكَانات لتقويض حلم الشَّـعْـب وخنقه ومسحه.
كانت أَمريكا حينها تلعب لعبتها في الـيَـمَـن بمنتهى الخبث واللؤم والكيد والمكر السيء، وعندما أيقنت دوائرُها الاستخباراتية المصنعة لما يسمى بتنظيم القاعدة وعناصره التكفيرية فرع الـيَـمَـن، بقُرب اندحاره أمام تصميم وشجاعة جيش ولجان الشَّـعْـب الـيَـمَـني سارعت طائراتها بلا طيار بانتهاك وخرق السيادة الـيَـمَـنية بافتعال بعض الضربات كي تثيرَ بفعلتها زوابع وعي مضلِّل، وخداع مدروس بعناية، كي تبلبلَ الرأي العام للشعب الـيَـمَـني، ولكن بالونة اختبارِها لمستوى وعي الـيَـمَـنيين تناثرت أدراج الرياح، وانصدمت أَمريكا وأَدَوَاتها وصنائعها الاستخباراتية بوعي الشَّـعْـب العظيم وعزيمته الصادقة في ملاحقة وتطهير الوطن من مجرميها التكفيريين التفخيخيين التفجيريين الحمقى.
إمتصوا الصدمة، ثم رتّبوا أَوْرَاقهم، وأعدوا العُدَّة، وتهيأوا لساعة الصفر المضبوطة بتوقيت البيت الأبيض وتل أبيب وبني سلول، وكالوا التهم والأكاذيب وصبوا شرورهم وكيدهم ومكرهم صَبّاً صَبّاً، وهم في كُلّ تلك المراحل لديهم ما يبرعون به أيما براعة، وهو “الإعْـلَام” بالإرجاف والتضليل والحرب النفسية القذرة وبالمكر السيء والتخويف لترويض النفسيات الضعيفة وتوجيهها كسلاح مؤثر في سياق مشاريعها وأَهْدَافها، ولكن كُلّ ذلك جاء متأخراً فلقد آن لهذا الشَّـعْـب أن ينفض عن ناصيته غُباراتِ السنين، ليقتلع الاستحمامَ، ولينتزع جُحا القاعدي والداعشي ومساميره التفجيرية التكفيرية، وَبرهن الـيَـمَـنيون ان أَدَوَات أَمريكا “داعش” وأخواتها فقاعات وفزاعات وصناعات يكتبون تأريخ إنتاجها والشَّـعْـب الـيَـمَـني هو من يسجل تأريخ انتهائها.
ثورةٌ قام بها هذا الشَّـعْـب بعد ان بلغت القلوب الحناجر، وجاوز الظلم مداه والباطل حدّه، وكانت تلك هي اللحظة الفارقة في صنع التغيير الذي ينشده كُلُّ مظلوم ومقهور في هذا الوطن -وما أكثرهم-، هبّوا ونزعوا عنهم دِثار العجز والركون وتنشقّوا نسائمَ الحُـريّة والكرامة في ميادين العزة والشرف والثورة، سارعوا إلى ساحات وميادين الثورة، كون الوقت لا ينتظر والعمر لا يتسع والفرص لا تتكرر.
ذلك الشَّـعْـبُ ذات الشَّـعْـب نفسُ الشَّـعْـب عينُ الشَّـعْـب كُلُّ الشَّـعْـب خرج إلى الساحات والشوارع والمدن ليعلن وجوده، وليبرز حضوره لتغيب عن المشهد كُلّ “الأنا”، بعد أن اتضحت الرؤيةُ واتحدت الوجاهات صوبَ استرجاع كرامته واسترداد سيادته واستعادة إرادته، وكان الشَّـعْـبُ نفسُه هو من يبادر لأخذ زمام الأمور رغماً عمن تعوَّد فرض أجندته عليه.
لم تكن القُدسُ غائبةً عن هذه الثورة، فهي القلب لجسدِ الأمة، وهي بيت القصيد، وصميم القضية، إن تعلقت القلوب بها زالت القساوةُ عنها، وإن شغفت بها العيون انقشعت الغشاوة عنها، فلقد جعل الشَّـعْـب الـيَـمَـني من فلسطين نُصب أعينهم كي يعجلوا بتهيئة واقعهم لمواجهة الصهيونية في عقر الدار التي تحتلها وتجثمُ عليها، وليستأصلوا الخبث والغُدة من جذورها، حتى يرى الآخرون كم أنها كانت هي التي من المفترض أن توجه إليها الأنظار والأفعال منذ البداية.
نحن في معركة “الخير” مع “الشر”، ولا ريب ان الكثيرين سمعوا ما قاله رئيسُ أركان العدو الصهيوني السابق “بيني غانتس” قبل مايقارب عام ونيف: أن باب المندب والطرق البحـريَّة هي أشد إقلاقاً على إسرائيل من البرنامج النووي الإيْـرَاني، ليتلوه في اليوم الثاني زحف بري وقصف بحري وجوي على باب المندب من قوى الغزاة على الـيَـمَـن.
الصهيونيةُ العالمية بطبيعة الحال شرعت -وبلا هوادة- بإعَادَة تشكيل خارطة العالم، لتزدادَ سطوتها (الأخطبوطية) ولتكرّس نفوذَها المطلقَ على العالم عُمُوْماً وعلى شعوب أمتنا العربية والإسْلَامية على وجه الخصوص.
تأمَّلْ أَيُّـهَا العربي وأيها المسلم وأيها الإنْسَـان الحُر أينما كنتَ “في هذا العالم” من يسيطر على العالم ومن يضع المعايير التي على أساسها يدور النظام العالمي الجديد..!.
شعبُ الـيَـمَـن بقضه وقضيضه خرج ثائراً ضد مفسديه ومجرميه المتخمين لينازعهم لقمة عيشه، وإذا بقوى الإجرام والطغيان المتمثلة بأَمريكا والعدو الصهيوني وبعض دول الإعراب يعلنون تأييدهم للمجرم القاتل وإدانته للمظلوم الجائع المقهور، بل وإعلان شن الحرب عليه ومباشرة ذلك .
لكن لا بأس فليس ذلك مما نعوّل عليه ونأسف له ونبكي من اجله، بل لو اجتمعت كُلّ الدنيا ضد إرادتنا فلن يفُتَّ في عَضُدِنا شيءٌّ من مكرهم وترهيبهم واجتماعهم، فالشَّـعْـبُ قد قرر ومضى وتوكّل على الله سُبْحَانَـهُ الذي يثقون به كُلّ الثقة، وهو نعم المولى ونعم النصير.