تدشين مرحلة جديدة من معركة الدفاع المقدس .. ومن مدن الحدود الإنطلاق
ليس هناك من تفسير لتصعيد الحرب الإقتصادية الا فشل الخيار العسكري ووصول دول العدوان لمرحلة اليأس تماما، وبكل تأكيد الحرب الإقتصادية هي من أول يوم من العدوان.
المشهد اليمني الأول| تقرير – عبدالله مفضل الوزير
ولكنها وصلت اليوم لمرحلة متقدمة فلم يكفيهم الحصار واستهداف المنشآت الاقتصادية والخدمية وكل الممتلكات بل يتجهون الان الى قطع ارزاق الناس بمافيهم المؤيدين لهم من استهداف للعملة الوطنية وضرب الاقتصاد الوطني، وبطريقة وقحة لا مراعاة فيها لأي عامل قيمي أو إنساني، ولا غرابة في ذلك فالعدو يحمل نفسية قبيحة وكريهة ليس لها حد ولا معيار يمكن ان تتوقف عنده او تقوم سلوكه.
لخطورة هذه المرحلة كانت معركة النفس الطويل التي أعلنتها قيادة الثورة منذ بداية العدوان وسارت عليها معركة الدفاع المقدس وبطريقة مدروسة، هي الإطار العام الذي تستوعب كل تصعيدات الأعداء وهو ما يدل على حكمة القيادة التي استوعبت خيارات الأعداء بكلها وخيارات المواجهة الرادعة وبعنف، فكانت الخيارات الاستراتيجية مدروسة بواقعية وأمام أي تصعيد كان هناك خيار استراتيجي يقابله ويحد منه بدءا من اقتحام المواقع السعودية ومن ثم الانسحاب وثم الانتقال الى السيطرة عليها لتتحول بعد ذلك الى تطويق المدن واستنزاف الجيش السعودي ومعداته حتى اضطرت المملكة لشراء اسلحة بديلة عن ما دمره اليمنيون.
المنظومة الصاروخية أيضا كانت صاحبة الدور الريادي في كسر غرور العدوان المتغطرس وجعله تحت أقدام اليمنيين، اذ مثلت الصناعات الصاروخية اليمنية وضرباتها المسددة ضربة قاضية لدول العدوان الذي اعلن ناطقة الرسمي بأول أسبوعين من الحرب عن تدمير 90% من صواريخ اليمن.
توقفت معركة الحدود في مرحلة المفاوضات وكانت ثمرات هذا التوقف معرفة العالم بأنها معركة دفاعية مشروعة قام بها اليمنيون وليست عدوانا من قبلهم كما تصوره المملكة، كما انكشفت خيانة وخبث دول العدوان وعدم احترامها لتعهداتها في سبيل الوصول الى سلام، واستؤنفت هذه المعركة مصدرة أعلى صور البطولة والثبات اليمني الضارب ضربات مسددة و بعمق عدوا اضطر معه أن يقدم شكواه الى أسياده، وظهر بذلك انه ليس بذلك المؤهل القوي لفرض سياساته بل ضعيف وأوهن من بيت العنكبوت.
تصريحات قائد الثورة بداية العدوان كانت عملية ولم تكن للاستهلاك الاعلامي حيث اعلن مع الخيارات الاستراتيجية قائلا: توقفوا عن عدوانكم والا فتحنا الملفات القديمة، في اشارة الى مدن الحدود المحتلة سعوديا.
ولعلنا نتسائل كل يوم لماذا لا يتم اسقاط نجران وجيزان وعسير مادام وجيشنا ولجاننا متفوقون عسكريا ونفذوا عمليات استراتيجية داخل مدن الحدود، لا يدرك أهمية ذلك الا العدو الامريكي والسعودي ولذلك اضطروا للشكوى مرارا للامم المتحدة، واضطرت أمريكا أن تطل برأسها لتعلن عن أن أمن الحدود السعودية من أمن أمريكا، فصعدت الخيار الاقتصادي الذي احتفظت به هذه الدولة الموبوءة بكل صنوف القبح و الاجرام وبهذا الوقت بالتحديد، والبلد يعاني تدهورا اقتصاديا يدركه الجميع ولا يتسع المجال لذكره ووصفه تفاديا للاسهاب في الحديث.
يأتي الجواب عن تساؤلنا ذلك بالنظر الى أن المعركة معركة نفس طويل ويسودها الواقعية والموضوعية، فأبناء نجران وجيزان وعسير ومن ثم المنطقة الشرقية، هم أبناء الأرض وبلاهم الله بما بلانا به من نظام ارهابي قام بتحركاته الغبية والحمقاء التي اعتقد انها دفاعية فهدم مئات القرى الحدودية التي يسكنها الاف المغلوب على أمرهم ويفتقرون لسبل المقاومة، مضيفا بذلك من معاناتهم ومتعاملا معهم كقطيع لا احساس لهم ولا كرامة، ويصور تحركاتنا الدفاعية عن بلادنا بأنها عدوان فكانت رسالة قائد الثورة مطمئنة لاولئك المستضعفين المعنيين ابناء الارض، فاتحة المجال أمامهم للإنعتاق من الكابوس الذي جثم على رقابهم ورقاب كل أبناء الجزيرة العربية منذ عقود، فقدم لهم السيد يد العون والمساعدة والشراكة في الدفاع المقدس، وسبقها الطمأنة بأننا أخوتكم ولا عدوان عليكم من قبلنا.
هذه التصريحات ليست كلام عابر بل تدشين لمرحلة جديدة من الحرب، وتم وضع اللبنات العملية لها هناك، ولها حسابات لدى النظام السعودي فهو وحده يدرك أن هذا السيد اذا قال فعل وستكون هناك خطوات من قبلهم قد تم تعطيلها بأخذها في الحسبان ابتداء.
ابناء المدن الحدودية كرماء ويأبون الضيم وفيهم الشرفاء الكثيرين الذين سيتجهون في معركة الدفاع المقدس بتلاحمهم مع إخوانهم التاريخيين ليتخلصوا من قبح النظام السعودي، الذي لن يحسب لهم حساب وسيتعامل معهم بمزيد من الاجرام لثنيهم، لكنهم سينتصرون مع اخوتهم ولهم بعد ذلك الحق في تقرير مصيرهم، ومن أبى او اختار الانتقال لجهة المنافقين انما هو يزيد من معاناته وعذابه، فالمعركة اليوم هناك ولا يمكن لاحد الهروب منها، وصاحب الحق هو المنتصر ومايطلبه هو وقف العدوان عليه، لا اكثر من ذلك.
الدخول الى المرحلة الجديدة هذه هو الخيار الوحيد وهي معركة كسر العظم الحقيقي، لأن تضحيات الشعب بلغت حد كبير، وكل خيارات الاعداء قد استنفدت، وقدمت لهم النصائح و كل التنازلات عسى ان يتوقفوا عن عدوانهم ولا من مجيب، وامام ذلك ليس أمامنا الا مواصلة الثورة ومواصلة التضحيات وبالتالي مواصلة جني الانتصارات التي كنا نراها في اليمن بعيدة ونلناها بالتوكل على الله وسننه التي لا تبدل.
هذه المعركة تعني كما اكد قائد الثورة، عدم الانتظار لمتى يتوقف العدوان فالمعتدون لازالوا اقوياء ومغرورون ومتعجرفون ولديهم روحية عالية في مواصلة الظلم الى مالا نهاية، نفوسهم هكذا لا تستطيع العيش الا وهي تظلم وتقتل وتنهب او وهي مكسورة، ولن يتوقف عدوانهم الا بكسرهم، ومن ثم مواصلة المعركة والثورة في البناء والتأسيس لمداميك اليمن القوي الذي لا ولن تستطيع اي قوة على وجه الأرض اركاعه، وشهد التاريخ بذلك، اذن هي معركة تتطلب اليأس من أولئك الأعداء وما يمكن أن يقدموه في ظرف تعقل من قبلهم، لأن نفوسهم مجبولة على الظلم والتكبر ولسوء حظهم ان جرهم الله لمستنقع اليمن وابناءه الشرفاء الكرماء الأباه.
قيادة الثورة كانت صادقة مع شعبها في ضرورة تكريس العمل الجماعي المستوعب لكل فرد حتى ولولم يكن يملك سوى فمه، وخمسين ريال الى اولئك المضحون بأرواحههم وأموالهم بسخاء إيماني عميق، وأمام شعب كهذا فان سنة الله قد رسمت له النصر والظفر، أما من يتخاذل والمجال مفتوح أمامه على مصراعيه وبكل سهولة، فانما هو يشارك أولئك الأعداء ويطيل المعركة برهان الأعداء عليه والتحدث باسمه، واعتبارهم له جزء منهم، وبالتالي يكون ممن يجني على نفسه وبلده وابنائه.
انا نرى اولئك المرتزقة المنافقين وهم يشاركون العدو في تدمير بلدهم وقتل النساء والاطفال وفي نهب ثروات البلد النفطية وخاصة الغاز وبيعها للمواطن اليمني سواء كان في عدن او صنعاء او مارب بسعر مرتفع جدا، وزادوا بمشاركتهم في خطوة العدو نحو قطع الارزاق بما فيها أرزاقهم وارزاق ابنائهم، فاستهداف البنك المركزي هو استهداف لكل يمني وسيتضرر منه كل يمني بلا استثناء وهم يدركون ذلك، وحتى لو انتصر الاعداء فان تنكيلهم بنا سيستمر لسنوات عجاف لا يعلم الا الله نهايتها، وهذا محال وبعيد كبعد الثرى من الثرياء.
هي معركة الثورة ضد الظلم وليست معركة لمن هو الأولى بالحكم فاولئك الاعداء قد عطلوا الشراكة والتعايش بعدوانهم واستمروا في تعطيل كل الحلول مصرين على اذلال شعب بفطرته لا يقبل الا أن يعيش شامخا برأسه العالي