مكائن أبو فراشة وفوانيس أحمد خان

518
المشهد اليمني الأول/

ما بين الفينة والأخرى ، تنتشر شائعات في أوساطنا ، كانتشار النار في الهشيم.. شائعات مصدرها شبكات التواصل الإجتماعي ، يتم تناقلها وتداولها بين الناس ، في المقاهي وفوق الحافلات وفي جلسات القات ، وفي الأسواق والتجمعات السكنية ، حتى في المساجد والمدارس والمعاهد والكيات والجامعات ، يتناقلها المتعلم والجاهل ، الكبار والصغار ، الرجال والنساء على أنها حقائق معاشة وملموسة ، ويجتهدون في اختلاق شواهد وأدلة مفبركة وكاذبة لتدعيم هذه الشائعات في إصرار منهم على جعلها حقائق ، هكذا من باب الفضول ، وحب الشهرة والسبق ، حيث يرون أن ذلك سيجعل منهم أصحاب شأن يشار إليهم بالبنان.

في ابريل من العام 2008م انتشرت شائعة الفوانيس القديمة الخاصة بالإنارة وبالتحديد فانوس أحمد يوسف خان ، والذي قالوا إنه يباع بالملايين لأنه يحتوي على معادن ثمينة وأنه وأنه وأنه ، المهم ضج الشارع وجن جنون الكثير من الناس ، وبدأت حملات الهجرة من المدن إلى الريف بحثا عن فانوس أحمد خان ، للحصول على الملايين ، الكثير أدخلوا أنفسهم في حالة من الاستنفار بحثا عنها ، وتصدرت قائمة اهتمامات الكثيرين ، كل شخص يخبر صديقه ، فصارت فوانيس أحمد خان شغلهم الشاغل ، تركوا أعمالهم ووظائفهم وأعينهم صوب الفوانيس ، ليكتشفوا في نهاية المطاف بأن من روج لهذه الشائعة ، روجها على أنها ما تسمى بكذبة ابريل في منطقة الخليج ، ووجدت هذه الكذبة من صدّقها وقام بنشرها ، لتتحول إلى شغل الشارع اليمني الذي تلقاها بحالة من السطحية وقلة العقل التي لدى من صدقوها وشرعوا في رحلة البحث عن هذا الفانوس.

واليوم ونحن في العام 2020م انتشرت شائعة جديدة عندنا ، قديمة في السعودية ، تتعلق بمكائن الخياطة القديمة ماركة أبوأسد والفراشة ، حيث يتم الترويج بأنها “تحتوي على الزئبق “، والبعض يقول إنها “تحتوي على معادن ثمينة”، وأن قيمة الواحدة قد وصل إلى 10 ملايين ريال ، وكالعادة تعامل الكثيرون مع هذه الشائعة بنفس الطريقة والأسلوب والعقلية التي تعاملوا بها مع شائعة الفوانيس ، ( وهات يا تغزل بها ) هذا يقول إن “مكائن الخياطة أبوأسد وأبو فراشة ، تثير الدهشة ، وتصنع العجب ، وتجذب الذهب ، وتبعد الغضب ، وتستهوي أصحاب الرتب ، وتعالج أوضاع من انقطع عنهم المرتب ، وفعل فيهم الفقر ما فعل الضريب بالقات” ، وباتت تباع بمبالغ خيالية ، على ذمة الحكاوي والروايات ، والكتابات والمنشورات والتغريدات ، وخبابير التفاريط وجلسات مقيل القات ، أوصلوا قيمتها إلى ثلاثة ملايين ، والبعض إلى خمسة ،

وهناك من أوصلها إلى سبعة بحسب ما نشر في الوت”واتس آب “و” فيس بوك” وكل الشبكات والدردشات وبحسب شهادة الأصحاب والأقارب ومروجي الشائعات ، (وهات يا ابي هات).

شعب طيب والشاهد الله ، يكذب الكذبة الصباح وهو أول من يصدقها في المساء ، و(هات يا أيمان مغلظة ) و(حرام وطلاق ) أن جارهم باع ماكينته بسبعة ملايين ، وآخر يقول بأن صهره باعها بستة ملايين ، وثالث يقول بأن أحد أقاربه باعها بخمسة ملايين ، ( وهات يا خرط ) ، وهات يا هلوسات ، وكلام فارغ ، وتلاعب بمشاعر الناس ، وإقحامهم في مشاكل وصراعات من أجل مكائن الخياطة القديمة (أبو أسد وأبو فراشة ” ، وكأن الناس بلا عقول !!! الكثيرون يعيشون حالة طوارئ يبحثون عن مكائن الخياطة ، وكأنها فعلا تباع بهذه المبالغ الخيالية التي لا أثر لها إلا في مخيلة من يروجون لهذه الشائعة.

بالمختصر المفيد وباليمني الفصيح “إذا كان المتكلم مجنون فالمستمع بعقله” من كذبة الفوانيس ، إلى كذبة مكائن الخياطة ، وما (فيش حد رضي يعقل ويفهم ) بأن المسألة عبارة عن شائعة فقط، سبق الترويج لها في السعودية ومصر قبل عدة سنوات من أجل الحصول على أعلى نسبة مشاهدة على يوتيوب ، ليحصل أصحاب هذه الحسابات على المردود المالي من شركة يوتيوب ، لذا يجب على من يسيرون خلف الشائعات ويقومون بنشرها والترويج لها أن يكونوا أكثر عقلانية وأن يتحلوا بالحصافة والفطنة، (مش من دق لهم رقصوا ) ، تسوقهم وتردهم الشائعات وينساقون خلفها بحماقة وغباء ، وكأن الله ( شل عقولهم ) !

____________
عبدالفتاح علي البنوس