المشهد اليمني الأول/
جلست منتظرا كلمة السيد القائد حفظه الله حول جمعة رجب وما أن عرج في كلمته على الاقتصاد الوطني بشكل عام والاكتفاء الذاتي بشكل خاص، إلا وتذكرت الشهيد القائد رضوان الله عليه في إحدى محاضراته يشير إلى “أن التنمية اليوم من منظار الأعداء هو تحويلنا إلى أيد عامله لمصانعهم ، وتحويل الأمة إلى سوق مستهلكه لمنتجاتهم.” وعلى هذا فالشهيد القائد رضوان الله عليه هو من وضع أساس الخروج من النفق المظلم الذي وقعت فيه الأمة.
واليوم السيد القائد حفظه الله يؤكد على أن الشعب اليمني لابد أن يكون مستقلا في كافة المجالات السياسية والعسكرية والاقتصادية، ولو تطرقنا إلى الجانب الاقتصادي وبالأخص الاكتفاء الذاتي الذي يعد ضرورة حتمية بل أكد عليه السيد القائد بشكل مباشر، بل وكان يعني أن تكون جميع حوائجنا منتجة في بلادنا لا أن نصبح سوقا استهلاكية للآخرين ونكون رهينة للأعداء في كل شيء ،وبهذا تعد مخالفة لهويتنا اليمانية التي هي مصدر قوتنا وسر تفوقنا وأساس تقدمنا وعزتنا، وانه لا سبيل لمواجهة الأعداء وقطع التبعية لهم في شتى المجالات إلا بالانتماء الإيماني كحاجة ضروري في هذه المواجهة.
وهنا ومن تحليل خطاب السيد القائد يمكن الخروج برؤية يمكن من خلالها تحقيق الاكتفاء الذاتي وأهمها:-
المعني الأول بتحقيق الاكتفاء الذاتي الأمة جميعا، يعني أن يكون توجه جميع أفراد المجتمع وخاصة في تنفيذ البرامج والخطط والسياسات التي ترسمها الدولة أو القيادة السياسية.
تشغيل رؤوس الأموال المحلية لأموالهم في الإنتاج الداخلي وتحقيق الاكتفاء الذاتي ليكون استفادة لهم على المستوى الاقتصادي وفي نفس الوقت قيامهم بخدمة أمتهم والمساهمة في تحقيق العزة والكرامة لبلدهم.
تعميق وترسيخ هويتنا الإيمانية وخاصة في نفوس الأجيال الصاعدة لأنها السر الأقوى والعلاج الأنجع لنيل العزة والكرامة والنصر على الأعداء وهذا يأتي في قيام الأجهزة المعنية والوسائط التربوية كالتربية والتعليم والتعليم العالي والإعلام والمسجد بالدور المناط بهم جميعا.
تطبيق المقولة المشهورة والتي تنسب إلى الإمام علي عليه السلام أن ( العمل رأس المنافع ) وهذه الجملة التي تشمل ثلاث كلمات يتكون منها برنامج إصلاحي استراتيجي شامل في الاكتفاء الذاتي ومهما كانت النظريات والقوانين التي تحث على الاكتفاء وكذا الوعي بأهميته إلا أن العمل هو العنصر الأهم في البداية والحقيقية للنجاح في الإسلام الذي يركز على أنه دين العمل والفعل لا دين القول والركود .
التقليص من الاستيراد في جميع القطاعات والتشجيع للمنتج المحلي وخاصة في المنتجات الزراعية وأهمها زراعة القمح والحبوب التي هي عمود الاستقلال الوطني .
الاستفادة من التقنيات والوسائل الحديثة في زراعة وإنتاج المحاصيل وكذا المحافظة على المياه الجوفية وتفعيل مخرجات كلية الزراعة وتشغيل الكفاءات اليمنية والطاقات المعطلة فاليمن مليئة بالمبدعين وخير مثال لنا ما حققه الجانب العسكري من تقدم كبير حمى البلاد والعباد من العدوان .
يتطلب الاكتفاء الذاتي والاقتراب من تحقيقه تخطيطا عمليا ودراسة وافيه للموارد الوطنية والقوى البشرية العاملة في شتى ساحات الإنتاج , وتحديد واضح للاحتياجات الأكثر أهميه مع مراعاة الصالح العام للأمة والبعد عن المصالح الشخصية وخاصة من يستفيدون من الاستيراد .
يرتبط الاكتفاء الذاتي بعلاقة قوية بالثقة بالنفس، والثقة بالنفس هي التقدم والعمل بدون أي توتر أو تردد، فكلاهما يكملان بعضها البعض.
ليس معنى الاكتفاء الذاتي منع أو قطع التبادل التجاري مع الدول الأخرى بأي حال من الأحوال، بل العمل على تكوين ظروف وشروط تكون وطنية وداخلية حتى يمكن تحقيق أعلى ربح من التبادل الاقتصادي وذلك من خلال قنوات تقسيم العمل دوليا لتحقيق رفع درجات الإنتاج المحلي، بالإضافة إلى تحقيق مستويات الإشباع الاستثمارية والاستهلاكية لدى المواطنين، مما يساعد على تحقيق رفع من مستوى الرفاهية الاجتماعية والاقتصادية للبلاد.
_________________
بقلم/ د علي حمود شرف الدين