مخطط الفوضى الأمريكية يتلقى ضربة قاضية في اليمن

596
المشهد اليمني الأول/

كيف نجحت صنعاء في ما فشلت فيه بغداد وبيروت

إسقاط خليتي الفوضى الأفقية والعمودية زاد من مفاتيح النصر بيد الجيش واللجان
الإنجاز الأمني اليمني يعطى صورة واضحة لهوية وإدارة الفوضى في لبنان والعراق

بالنقاط تواصل صنعاء حصد الجولات في المواجهة مع التحالف الأمريكي في المنطقة، فإلى جانب الإنجازات العسكرية وعمليتي “نصر من الله” و”البنيان المرصوص”، جاء الإعلان الأمني عن القبض على خليتي صناعة الفوضى المداراتين من التحالف لتفجير الوضع من الداخل ، وشكل القبض عليهما ضربة مؤلمة للتحالف الذي تكتم عن الامر حتى اعلنت صنعاء بتوقيتها المناسب عن حجم ونوعية الضربة التي جاءت امنية هذه المرة ، وبفاصل قليل عن الضربة العسكرية التي قلبت موازين الحرب عملية (البنيان المرصوص).

تلخصت مهمة الخليتين المركزيتين بحسب اعترافات اعضائهما على تكوين خلايا عنقودية ، عموديا على مستوى المحافظات غير الخاضعة للاحتلال، وافقيا على مستوى الدوائر الرسمية والمؤسسات المدنية والعسكرية في المناطق المحررة ، ويتلاقى هدف الخليتين اللتين لا يوجد تواصل بين كل منهما لمزيد من التأمين ، في تفجير فوضى شعبية ومؤسسية منسقة على شكل تظاهرات شبيهة بتلك التي تشهدهما بعض دول المنطقة – و تظهر وكأنها عفويه امام قطاعات الشعب المختلفة وحتى المشاركة في اتون هذه الفوضى ، وأمام الإعلام الدولي ، بينما في الحقيقة لها قيادة خلفية توجهها عبر اتصال عنقودي يسري من الرأس إلى القاعدة التي قد تجهل بأن لها من يوجهها ويحدد أجندتها ويمول تحركاتها .

الخلية المركزية الأولى والتي تلقت تدريبا على الأراضي السعودية، بحسب الاعترافات التي بثها الاعلام الأمني ، ووفرت لها الأموال الكافية والاحتياطات اللازمة، كأجهزة التواصل في حال اقدام السلطات على قطع شبكة التواصل او الشبكة الهاتفية ، وشرعت في تلقي رواتب منتظمة وتقديم تقارير عن مستوى تقدم الانجاز.

وعموديا على مستوى المحافظات عملت الخلية الأولى على تكوين خلايا أصغر تتشابه في تركيبتها مع الخلية المركزية، تتصل مع بعضها بما يضمن سريان التوجيهات وتلقى رجع الصدى ، ووصول التمويل المطلوب عند ساعة الصفر، وانفجار التظاهرات ،بحيث جرى تنظيم الجانب الإعلامي والجانب التربوي باعتبار هذين القطاعين حيويين للحشد وإثارة الرأي العام الداخلي والخارجي بإسناد الة إعلام قوية وحرفية .

الخلية الثانية والتي انيط بالإمارات تدريبها وتشغيلها كُلفت باختراق المؤسسات الحكومية والأمنية العسكرية والتغلغل في هذه المؤسسات، و تفجير الوضع من قبل الخلية الأولى ، كما أضيف لمهام عناصر هذه الخلية وبعضهم في مواقع حساسة في الدولة نقل المعلومات والاحداثيات المسبقة الى غرفة عمليات في الخارج عبر وسيلة اتصال امنه بين أطراف الخلية ومشغليها المتواجدين في الإمارات ، بحيث تعطي بنكا للمعلومات عن تحركات واماكن القيادات المحتمل استخدامها في حال الطوارئ .

إنجاز صنعاء الأمني الاستخباري في طبيعته لا يقتصر على الميدان اليمني، ويكتسب بعدا اقليميا حيث تشهد لبنان والعراق فوضى ومظاهرات تكشف عن ضلوع السعوديين والإماراتيين ببعض أجزائها دون دليل دامغ، وإنجاز صنعاء الأمني واعترافات خليتي صنعاء بات يقدم الدليل الوافي للسلطات في هذين البلدين عن حقيقة الفوضى وقيادتها الحقيقية.

اعترافات خليتي صنعاء توفر من جانب فهم للتسلسل العمودي والافقي التي تعمل به قيادة التظاهرات والفوضى في كل من لبنان والعراق وصورة واضحة لتراكبية الخلايا التي تدير العمل الفوضوي من خلال الشارع والذي قد لا يكون غالبيته مدرك بانه يجري توجيهه واستغلال مطالبه لأهداف تتعلق بمصالح التحالف الأمريكي في المنطقة ، وآليات تواصلها التي لا تنقطع حيث توفر للخلايا المركزية والوسطية اجهزة اتصال فضائية .

بحسب بيان الأجهزة الأمنية في صنعاء بان الخليتين المنفصلتين عن بعضهما تدار إحداهما من قبل السعودية ، والأخرى من دولة الإمارات ، مؤشر الى وجود طرف أعلى تتقاطع لديه كل المعلومات وتنتهي خيوط الخلايا ، وتسري من لديه الأوامر لإشعال وتوجيه الفوضى في دول المنطقة.

اقتصار الفوضى في الدول المناهضة للحلف الأمريكي أو بها أطراف فاعلة تعرقل السياسية الامريكية ، وجهود التطبيع مع الكيان الصهيوني وصفقة القرن ، كما هو ملحوظ يؤشر الى ان الطرف المركزي هو الجانب الأمريكي، وبالتحليل المنطقي ثمة وجود لخلية مركزية لإدارة الفوضى الخلاقة من الاستخبارات الامريكية والاسرائيلية كون الدول التي تجري بها التظاهرات مناهضة لهما ولمشاريعهما في المنطقة ، والسعوديون والإماراتيون ليسوا بهذا المستوى من التخطيط والاستقلالية ليقوموا بمثل هذا العمل الكبير والذي يحتاج لصبر وتخطيط دقيق وشامل يفوق عقول الأعراب.

وبزاوية أوسع عالميا يظهر أن اعتماد الأمريكيين على إثارة الفوضى لم يعد مقتصرا على الدول المناهضة للسياسات الأمريكية او محدودا في منطقة الشرق الأوسط، وانما غدت سياسة لدى واشنطن، مثال الفوضى في هونغ كونغ والتي اتهمت رئيسة البرلمان الصيني الولايات المتحدة بالوقوف خلفها، وخروج مظاهرات في روسيا تدعو الى إقالة الرئيس الروسي الذي يشكل صداعا للسياسة الامريكية في كثير من الملفات والقضايا الدولية ، ومظاهرات ايران التي نجح النظام الإسلامي في وأدها بمهدها .

نجاح الأمريكي في السيطرة على معظم ثورات الربيع العربي ونجاح الثورات البرتقالية في أوكرانيا في دول الاتحاد السوفيتي ونقلها من المعسكر الشرقي الى المعسكر الغربي، زاد من نهم الإدارات الامريكية المتخوفة من استخدام الأداة العسكرية وتبعاتها ، على اعتماد هذه السياسة الخبيثة لتحقيق المصالح الامريكية وتدمير الخصم من الداخل ، وهو الحال في مواجهة الصين التي باتت تهدد بنموها الاقتصادي وتضخم قدرتها العسكرية وتحالفها مع روسيا موقع الولايات المتحدة.
اشتغال صنعاء على تعزيز جبهتها الداخلية في مواجهة العدوان على مدى خمس سنوات كان عاملا كبيرا في تشكيل حاجز الصد امام خلايا الفوضى الامريكية رغم الحرب والحصار ، يضاف الى ذلك الوعي التراكمي الذي صنعته القيادة الثورية والسياسية لدى الشعب باستثناء من باعوا انفسهم للخيانة أو كانت لهم مواقف مسبقة سلبية تجافي الحقائق الواضحة .

وبحسب اعترافات عناصر الخلايا فإنهم لاقوا صعوبة كبيرة في تجنيد الشارع رغم رفعهم شعارات مطلبية ومعاناة شعبية ، الشارع اليمني اكتسب وعيا تراكميا بهدف تعزيز الجبهة الداخلية ، يكاد ذلك هو الخلل الذي تعاني منه بغداد وبيروت في مواجهة هذا النوع من الحروب الذي تعتمده واشنطن لتدمير الخصم من الداخل وشل حركته قبل الإجهاز عليه .
ثمة دعوة وحاجة ماسة لدول محور المقاومة للاستفادة من التجربة اليمنية في تعزيز جبهاتها الداخلية وأهمية شن حروب الوعي الاستباقية.

تعاون السلطات أو الشرفاء في هذين البلدين مع صنعاء بات ضرورة حيوية للإفادة من التجربة اليمنية ولتوجيه ضربة مدمرة وحاسمة لمشروع الفوضى الامريكية في المنطقة ، بالضربة القاضية كما فعلت صنعاء دون انتظار بدء المواجهة في الشارع ، واتساع الخرق على الراقع .