المشهد اليمني الأول/
تناول تقرير خبراء الأمم المتحدة المعني باليمن واقعة فساد بالمضاربة بالعملة والفساد بالمليارات، جاء ذلك في تقرير الخبراء الأممين لهذا العام ومجمل الأوضاع في اليمن خلال خمس سنوات بموجب قرار مجلس الأمن رقم “1240 ” لعام 2014م والذي قُدم إلى مجلس الأمن بتاريخ 10 فبراير 2020م، والتقرير بالنسخة العربية احتوى على ” 214 ” صفحة، منها “55” صفحة للتقرير والمقدمة والبقية مرفقات، حصل المشهد اليمني الأول على نسخة منه، وفي هذا التقرير نستعرض جزئية المضاربة بالعملة لواقعة فساد واحدة فقط وجدت طريقها للرأي العام، وفريق الخبراء بالتحقق والتحقيق ثم إثباتها بالتقرير من صفحة 33 – 35.
ثراء فاحش وتهديد للسلم والأمن
وقف الفريق على واقعة فساد ترتبط بمعاملات للصرف الأجنبي قام بها البنك المركزي اليمني في عدن أواخر عام 2018م، واعتبر الفريق أن الفساد يمثل تهديداً للسلم والأمن، متسبباً بثراء فاحش غير مشروع لموظفين في البنك المركزي اليمني عدن ومسؤولين تابعيين لحكومة شرعية العدوان.
ويؤكد التقرير الإثراء الجائر لبضعة مصارف وصيارفة في ظروف تنطوي على تضارب المصالح، حيث خسر البنك اليمني نتيجة التلاعب بأسعار صرف العملات الأجنبية بمبلغ وقدرة 8.969.000.000 مليار ريال يمني في الفترة من 4 – 29 نوفمبر 2018م.
جاء في التقرير بتاريخ 21 أكتوبر 2018م عقد إتفاق على عمليات الصرف الأجنبي للبنك المركزي اليمني بين اللجنة الإقتصادية ويمثلها “حافظ معياد” مع بنك الكريمي الإسلامي، وبنك التضامن الإسلامي الدولي، وشركة عدن للصرافة، وشركة القطيبي للصرافة، وشركة بن عوض للصرافة، وخلال الفترة من 11 أكتوبر – 28 ديسمبر 2018م قام البنك المركزي اليمني عدن ببيع وشراء ريال سعودي ودولار أمريكي وبأسعار تختلف عن سعر السوق السائد “521 ” ريال يمني للدولار بينما البيع والشراء تتراوح بين ” 453 – 740″ ريال يمني.
ويشير التقرير إلى بلوغ معاملات البيع والشراء عدد 69 معاملة بيع وشراء بواقع 15 معاملة بيع للريال السعودي، 48 معاملة شراء للريال السعودي، 6 معاملات شراء دولار أمريكي وبأسعار معادلة للدولار الواحد بسعر يتراوح بين 453, 740 ريال يمني.
ويوضح التقرير أن بنك الكريمي الإسلامي باع 651.000.000 مليون ريال سعودي، و 19.500.000 مليون دولار أمريكي، واشترى 147.006.200 مليون ريال سعودي، فيما باع بنك التضامن الإسلامي الدولي 109.760.000 ريال سعودي. (التفاصيل في المرفق 24, الجدول 24- 1- a, والجدول 24–1– b).
وأكد فريق الخبراء أن حجم هذة المعاملات الخاصة بالبنك المركزي اليمني أسفر عن أصول بالريال السعودي والدولار الأمريكي تعادل 185.213.526 مليون دولار وخصوم قدرها 107.313.306.400 مليار ريال يمني في 31 ديسمبر 2018م. (أنظر الشكل السادس).
ويشير التقرير إلى أنه لو قيمت باستخدام الصرف السائد في السوق بسعر 131 ريال يمني للريال السعودي، وبسعر 521 ريال يمني للدولار الأمريكي، لبلغت خصوم البنك المركزي 205.975.636 مليون دولار، ولخسر بالتالي 20.762.110 مليون دولار في تلك الحافظة مع تجنيب هذة الخسارة للصيارفة الّذين يتحملون خطر المضاربة وأجرى هذة المعاملات بهامش كبير بمقارنة باذلأسعار التي يستخدمها الصيارفة في أسواق عدن وصنعاء.
شرعية تصرفت كسماسرة
يضيف تقرير الخبراء أن المصارف الخاصة المعنية بررت ذلك للفريق الأممي بأنها تصرفت كسماسرة بالجملة إذ تنقل الأموال المستمدة من عمليات للصرف الأجنبي من صيارفة مختارين “حسب الإتفاق مع اللجنة الإقتصادية” إلى البنك اليمني المركزي لقاء تعويض أقصاه ريال يمني واحد عن كل ريال سعودي يتم تجهيزه، أي بأقل من 0,75% من القيمة، وكذلك بررت المصارف بأن الإختلاف عن السعر السائد بالسوق كان نتيجة مهلة تراوحت بين 2 – 3 أيام وامتد من تاريخ الإتفاق إلى تاريخ تسجيل المعاملة.
ويوضح تقرير فريق الخبراء أن ذلك لا يتماشى مع المعايير المعمول بها في القطاع لهذا النوع من الصرف المعروف بالصرف الناجز، إذ تسوى المعاملة المتفق عليها في العادة بعد يومي عمل.
وأشار التقرير إلى أنه كان من المقرر أن يصل فريق الخبراء إلى عدن لمسائلة موظفي البنك المركزي اليمني عن ذلك، إلّا أنه تلقى توجيهات من الأمم المتحدة بعدم السفر إلى عدن لدواعي أمنية كما ورد في صفحة ” 35 ” من التقرير، علماً بأن رئيس حكومة الفنادق معين عبد الملك رفض إجراء تحقيق بالموضوع وكذلك لم يتجاوب مع مخاطبات الفريق لذات الموضوع.
الكيل بمكيالين
الغريب أن الواقعة أثبتت أن المخالفين والمفسدين “أحرار وشرعية” وبغطاء من حكومة المنفى، وبغطاء غير مباشر من شرعية المجتمع الدولي بعدم السفر إلى عدن لدواعي أمنية، وبالعكس من ذلك في مناطق المجلس السياسي الأعلى وبرغم توفر الدولة والأمن والتحقيق الأممي، إلا أن تعاطي الخبراء كان مكثفاً بالإحتراف والتوسع في التحقيقات، وإيضاح بالوسائل والمخططات والأسماء والصفات الوظيفية والرتب العسكرية ودرجة القرابة، وتسقط ذلك بالتقرير وبصفحات أكثر عدداً وبوقائع لاترقى إلى الجرائم الجسيمة.
فيما الخيانات العظمى الواقعة في مناطق الشرعية وبرغم إختفاء كل رموز السيادة الوطنية اليمنية بالعسكر والسياسة والإدارة والمواطنة اليمنية، إلا أن تقرير الخبراء يصف جغرافيا الخيانة بالحكومة اليمنية ولا وجود لرموز السيادة الوطنية اليمنية، ويصف جغرافيا السيادة الوطنية بالحوثيين وكل الرموز الوطنية اليمنية ملموسة على أرض الواقع، وقد نتناول أجزاء أخرى وردت في تقرير الخبراء في الأيام القادمة.
المصدر – المشهد اليمني الأول