المشهد اليمني الأول/
لم يعد خبر التمهيد للتطبيع العلني بين السعودية وإسرائيل مستغربا لأحد، إذ بات الجميع يعلم طبيعة العلاقة بين الطرفين، والتي بدأ التمهيد لها منذ مدة ليست قصيرة، لكن هذه العلاقة تبلورت أكثر في عهد ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، وما أن وصل إلى هذا المنصب حتى بدأنا نسمع عن وفود سعودية تزور الأراضي المحتلة ووفود إسرائيلية تزور بلاد الحرمين، وبالطبع كان الجانب الإسرائيلي يفاخر بهذه العلاقة، ويقتنص أي فرصة لإعلان خبر حول “التطبيع” مع السعودية، لأن الحكام الصهاينة يعتبرون أي خطوة في هذا الاتجاه هو نصر لإسرائيل وضغوط جديدة على الفلسطينيين، ولكن الحديث اليوم يجري حول موعد إعلان التطبيع العلني، خاصة وأن السعودية لم تعارض “صفقة القرن” بل على العكس تمهد الطريق لتنفيذ بنودها.
في الأمس تحدثت القناة الأولى الرسمية في التلفزيون الإسرائيلي في تقرير رسمي لها، عن إن وفدا يضم عددا من قادة المنظمات اليهودية الأمريكية، زار العاصمة السعودية الرياض مؤخرا، وحل ضيفا على القصر الملكي.
وقالت القناة : إن زيارة 55 من زعماء الجالية اليهودية الأعضاء في مؤتمر قادة المنظمات اليهودية الأميركية، بقيت سرية.
ونقلت القناة عن مصادر قولها إن الوفد بحث خلال زيارته للرياض، جملة من القضايا الإقليمية، على رأسها إيران، وإن المسؤولين السعوديين اهتموا ببحث سبل جسر الهُوة مع إسرائيل، لكن لم يجر التطرق إلى لقاء قمة إسرائيلي سعودي على مستوى القادة.
“الكيان الإسرائيلي” يبحث عن أي نقاط مشتركة مع الدول الخليجية لكي يجد نفوذا لنفسه في هذه الدول، ومن هنا بدأ العمل على “إيران فوبيا” وتم تضخيم هذا الأمر بمساعٍ أمريكية على أعلى المستويات لإيجاد خصم مشترك بين القادة الخليجيين والقادة الإسرائيليين، ولكون إيران تريد الخير لجيرانها، وطرحت مجموعة مشاريع لمنع الاعتداء بين الدول الجارة ولاقت هذه المشاريع صدى إيجابياً لدى معظم الدول الخليجية، لكن تحريض واشنطن وتل ابيب يدفع الأمور مجددا نحو التوتر، لاسيما وان كل من رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو والرئيس الأمريكي دونالد ترامب يواجهون استحقاقات انتخابية لذلك يعمدون لتسجيل نقاط لصالحهم قبل هذه الانتخابات.
وعلى سبيل المثال، عمل ترامب على تمرير صفقة القرن وإعلان بنودها تحت أي ظرف ليرفع رصيده لدى اللوبيات الصهيونية وكذلك لدى قاعدته الشعبية بأنه انجز خطوة إيجابية للصهاينة خلال فترته الرئاسية، وعلى الرغم من أن تنفيذ الخطة يعد أمرا شديد الصعوبة، إلا أن مجرد الإعلان عنها وإحداث ضجة إعلامية يعد بنظر ترامب أمرا إيجابيا له في الانتخابات المقبلة.
أما نتنياهو، فيبحث عن تحقيق أي خطوة في اتجاه التطبيع، ويعمل على إعداد لقاء مشترك مع أي زعيم عربي، لاسيما زعماء الخليج قبل بدء الانتخابات المقررة في 2 مارس 2020، وقبل أيام، نقلت صحيفة جيروزاليم بوست عن الحاخام الأميركي مارك شناير أن الولايات المتحدة تعمل على تنظيم قمة في العاصمة المصرية القاهرة، بين رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وقادة عدد من الدول العربية والخليجية.
وأفادت الصحيفة بأن دبلوماسيين عربا قالوا إن القمة تشمل قادة إسرائيل ومصر والسعودية والإمارات البحرين وعُمان والسودان.
وأضافت أن هدف عقد القمة بعد الانتخابات الإسرائيلية المقررة الشهر المقبل، هو خلق توازن للقوى بقيادة السعودية من خلال دعمها الخطة الأمريكية للسلام.
كما ذكرت الصحيفة أن شناير زار السعودية أخيرا كضيف على وزارة الخارجية السعودية، في زيارة التقى خلالها وزير الخارجية فيصل بن فرحان آل سعود، ووزير الدولة عادل الجبير.
وشناير هو رئيس رابطة التفاهم بين اليهودية والإسلام التي تتخذ من الولايات المتحدة مقرا لها، ويوصف بأن له علاقات مع قادة في الخليج.
وفي نهاية الشهر الماضي، أعلن وزير الداخلية الإسرائيلي أرييه درعي أنه وقع على مرسوم يقضي بالسماح لليهود ولكل من يحمل الجواز الإسرائيلي، بالسفر إلى السعودية لأغراض تجارية ودينية.
ويسمح مرسوم درعي بالمغادرة إلى المملكة العربية السعودية بشكل علني لأول مرة منذ قيام إسرائيل، علما بأن السلطات الإسرائيلية كانت تمنع السفر للسعودية بالجواز الإسرائيلي، حيث كانت تصنف السعودية “دولة عدوا”.
في سياق مواز، قالت صحيفة “هآرتس” الإسرائيلية إن نتنياهو يستعجل الكشف عن علاقات له مع دول عربية لخدمة مصالحه الانتخابية.
جاء هذا في تقرير نشرته الصحيفة تحت عنوان “مطلوب ملك أو أمير عربي من أجل صورة انتخابية مع نتنياهو”، وجاء فيه أن “رئيس جهاز الموساد يوسي كوهين، ورئيس مجلس الأمن القومي مئير بن شبات، ومساعدي رئيس الوزراء جميعهم، في الأيام الأخيرة لتنظيم رحلة لنتنياهو إلى دولة عربية قبل انتخابات 2 مارس المقبل”.
وتابعت “هآرتس” أن قائمة نتنياهو المفضلة يتصدرها “ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، في حال نجحت الجهود وعقد الاثنان اجتماعا عاما في أي مكان بالعالم، في أي وقت”.
وأشارت إلى أن نتنياهو يفضل أن يكون الاجتماع قبل الانتخابات، لأنه سيكون بمثابة إنجاز دبلوماسي وأمني له، كما سيكون إسهاما كبيرا في تعزيز العلاقات الخارجية لإسرائيل.
في الختام؛ قال تحقيق تلفزيوني إنه قد ثبت في النهاية أن نتنياهو كان محقاً، فالسعودية في عهد بن سلمان، لم تعد تطرح حل القضية الفلسطينية كشرط لتطوير العلاقة الثنائية مع تل أبيب. وأشار إلى أن السعودية لم تكن فقط تحثّ إسرائيل على ضرب إيران و”حزب الله”، بل كانت أيضاً مستعدة لتقديم مساعدات لها لتمكينها من تحقيق الهدف. وقال معد التحقيق إن إدارة أوباما بادرت إلى جسّ نبض نظام الحكم السعودي لمعرفة ما إذا كان مستعداً للسماح للطائرات الحربية الإسرائيلية بالتحليق في الأجواء السعودية في طريقها لضرب إيران، مشيراً إلى أن واشنطن فوجئت عندما اكتشفت أن السعوديين والإسرائيليين قد بحثوا هذه القضية في وقت مسبق.