اليدومي وكرمان ورحلة التخلي عن الإخوان .. لماذا وكيف ولصالح من !؟
بقلم الكاتب: جميل أنعم
تشرع النوبلية توكل كرمان وغلامها اليدومي لقيادة فيلق ما بعد المراجعات الفكرية للإخوان، برحلة تطليق الأديان وإلى العلمانية الإخوانية سِر، وبزي الواعظين لحنت توكل السمفونية بالحديث عن تحرير الدين من الاستغلال السياسي، بعد أن طالبت بتحرير صنعاء من الإحتلال الإيراني، وعجب العجب، إستغلال سياسي للدين!، وماذا يمكننا أن نُسمي ما قامت به إبنه المحافل النوبلية في جاهليتها صارخةً إيران إيران إيران، إن إيران إذا تمكنت من احتلال صنعاء فهي ستعمل على احتلال باقي العواصم الخليجية بعد ذلك، مطالبة العرب بالوقوف بجانب اليمن لحماية شعوب المنطقة، من الغزو الإيراني.
غزو إيراني مرة واحدة لمن تحذرنا اليوم من إستغلال الدين!، غزو إيراني وعلى أي وثيقة غير إستغلال الإستغلال نفسه بتهييج قطعان وجحافل التكفير (الوهابي الإخواني السلفي) لحرب تكفيرية طائفية بإمتياز.. وفجّرت صاحبة جوائز السلام حرب القنابل والمجازر في سبيل حماية عواصم الخليج من الغزو الإيراني وبتدمير اليمن!، حتى وصلت اليوم أمام أطلالنا ومقابرنا تُحذرنا من إستغلال الأديان!، حقاً ؟، كيف ولماذا وما الهدف.. ولنبدأ رحلتنا لتوضيح رحلة اليدومي وكرمان للتخلي عن الإخوان ..
في القرن العشرين رفع الإخوان شعار الوحدة الإسلامية كبديل للقومية العربية فكان التكفير والإغتيالات والتفجيرات والعنف والصدام المسلح خاصةً في مصر وسوريا، ومع تلقي الإخوان ضربات متتالية.. الخ، خرج الإخوان بشعار (المراجعات الفكرية) خاصة للأجنحة المسلحة وانتهت إلى ترك العنف والتخلي عن السلاح، فأختفى البعض ودخل الآخر في سبات شتوي طويل، والبعض الآخر انتهى إلى جبال “تورا بورا” أفغانستان “مجاهدين” ضد الروس “إرهابيين” ضد أمريكا والمصير جوانتانامو اللاأخلاقي بقواميس السماء وقوانين الأرض .
وفي القرن الواحد والعشرين أستيقظ الإخوان من البيات الشتوي وبشعار الخلافة الإسلامية كبديل للأنظمة الوطنية خاصة الجمهورية، الإخوان ظاهرياً أما باطنياً فهي للغرب والصهيونية .. ولأهداف 60 ملك من أصل يهودي تتزعمهم المملكة اليهودية الإسرائيلية.
عموماً عاد الإخوان وبعدة وعتاد غير مسبوق، وبظروف موضوعية خصبة في الوطن العربي تشتاق للتغير نحو الأفضل، وبغطاء إعلامي ومالي قطري وبالمليارات وبمرجعية دينية إخوانية، رئيس الإتحاد العالمي للمسلمين القرضاوي وبأجنحة تكفيرية وهابية مسلحة وبتناغم دولي واسع، هلم جرا .. والهدف “خلافة إسلامية” لدول حوض المتوسط من تونس وليبيا ومصر وسوريا حتى عقر دار الخلافة الإخوانية تركيا والخليفة المنتظر “أردوغان” ديكتاتور ديمقراطية الخوف، وخلافة إسلامية تمتد من باب المندب الساحل الغربي لتلتقي مع خلافة المتوسط .
وبالتزامن مع الانكسار ثم الاندحار والهزيمة العسكرية النكراء في كل الميادين، فإن الضوء الأخضر يصدر من غرف العمليات في تل أبيب والأب الروحي لندن الصهيونية، والراعي الرسمي أمريكا الإستعمارية لهذه الأدوات التكفيرية، لغسل ماء الوجه بعد هذا الجنون والإحراق اللا مسبوق في سبيل أوهام سرابية، وكان المتوقع تحت مسمى المراجعة الفكرية الثانية للإخوان ولبقية الأجنحة المسلحة التكفيرية .
وبحق انتظرناها مراجعة فكرية للإخوان بنبذ العنف والسلاح والتفجيرات والإغتيالات تماماً كما حدث في القرن العشرين، فكانت حقاً مفاجئة القرن الواحد والعشرين للإخوان لما بعد المراجعات والرحلة إلى العلمانية الماسونية بفصل العمل الدعوي الديني عن العمل السياسي، والبداية كانت من تونس، بإقرار حركة النهضة التونسية الإخوانية ذلك في ختام مؤتمرها في النصف التالي من مايو 2016م المنصرم، حيث صرح رئيس الحركة الإخوانية “راشد الغنوشي” بضرورة فصل الدين عن السياسة وعدم إستغلال الدين لأغراض سياسية وتوظيف الدين لأهداف سياسية واستغلال السياسة من أجل الدين، وهو بالضبط ما تُلحِّنه النوبلية الإخوانية كرمان هذه الأيام.
وبذلك كانت حركة النهضة الإخوانية أول فصيل إخواني عربي أعلن صراحة، ولو بطريقة باطنية التحول إلى العلمانية الماسونية، علمانية الثورة الفرنسية التي حمَّلت الدين ظلم وطغي الحكام ومحاربة رجال الكنيسة الكهنة للعلم والثقافة والأدب ..الخ، والمحصلة النهائية مجتمع مادي تتحكم فيه الشركات اليهودية التي تتحكم بالاقتصاد والسياسة، والدين مكانه الكنيسة للعبادة فقط وعظة يوم الأحد المسبوقة بأجراس الكنيسة الرنانة .
وكما كانت تونس بداية ربيع عربي إخواني صهيوني داعشي وتدمير الأنظمة الوطنية الجمهورية والجيوش والعدوان الخارجي والغزو والإحتلال الأمريكي وحتى الإماراتي، كانت أيضاً تونس نقطة بداية لتحول الإخوان للعلمانية الماسونية وبوظيفة ومهمة صهيونية إستعمارية جديدة، هي محاربة الإسلام الأصولي، والإسلام التقليدي، طبقاً لدراسة غربية حديثة نُشرت مؤخراً تفيد بأن الخطر القادم الإسلام الأصولي (القاعدة – داعش – السلفيين) وهم لواء الإسلام التكفيري السعودي الوهابي، والإسلام التقليدي يتمثل بـ (إيران – حزب الله – أنصار الله – الحشد العراقي) وهم لواء شيعة آل البيت الكرام، وتُوصي الدراسة بدعم الأحزاب العلمانية والليبرالية في الوطن العربي لمحاربة هذا الخطر على الغرب الإستعماري، كما تزعم الدراسة التي أوضحت بأن الأحزاب العلمانية العربية حسب المواصفات الغربية ضعيفة .
ولم نكن نظن بأن الإخوان الجدد على الطريقة الغنوشية واليدومية التوكلية هم حصان طروادة جديد للمهمة الجديدة بعد إنتهاء مهمة تدمير الأنظمة الجمهورية الوطنية، وانتشار الدواعش وحضور الإحتلال الأمريكي بل، الإحتلال الإسرائيلي الجديد بوصول المتطرف اليميني الإسرائيلي ليبرمان إلى وزارة الدفاع الصهيونية، حيث أعلن راديو “صوت إسرائيل” عن تسيير دوريات عسكرية بحرية صهيونية في البحر الأحمر بمبرر محاربة إرهاب داعش التي تنوي مهاجمة ميناء إيلات في فلسطين المحتلة، دوريات عسكرية صهيونية في البحر الأحمر وبالتأكيد جزر “صنافير وتيران” المصرية سابقاً السعودية لاحقاً الإسرائيلية تالياً، ستكون حتماً قواعد عسكرية صهيونية والمهمة الإستراتيجية “إسرائيل الكبرى” بعد أن تمكن الإسلام السعودي التكفيري والإستعمار والصهيونية من إظهار إسرائيل الصغرى 1948م وبسلاح التكفير تم القضاء على إمارة نجد وحائل والإحساء ومملكة الحجاز بجيش الإخوان المسلمين التكفيري الذي استفاق بعد فوات الأوان زعيمه فيصل الدويش وصحا ضميره فتم قتله شر قتلة كزعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن ..الخ.
ترى هل يستفيق إخوان هذا الزمان أم يستمرون كأحصنة طروادة للصهيونية واليهود والغرب، في الماضي كفروا المسلمين ودمروا الدول وحضر الإحتلال وقامت إسرائيل الصغرى وبأوهام وسراب الإسلام الحقيقي ثم الخلافة العربية ثم الإسلام السعودي هو الحل ثم الوحدة الإسلامية مكان القومية العربية ثم المراجعات الفكرية وبعد الربيع الدموي خلافة إسلامية وتدمير الأوطان واحتلال أمريكي ودوريات إسرائيلية ..الخ ثم فصل العمل الدعوي عن العمل السياسي وإلى العلمانية الماسونية سِر، خشبة الخلاص للإخوان من نقمة الشعوب العربية ومن تهمة الإرهاب الغربي وبوظيفة إستعمارية جديدة ثلاثة أهداف بحجر واحد .
وهكذا جغرافيا الوطن العربي من مرحلة دموية إلى مرحلة دموية أخرى من زمن ظهور قرن الشيطان 1745 حتى 2016 زمن العلمانية الماسونية الإخوانية والبداية من تونس ثم اليمن والنهاية أين وما بينهما من يكون العلماني الإخواني الجديد هل إخوان مصر أم غزة مشعل وهنية أم الأردن وسوريا، فمن يكون التالي بفصل الدعوة الإسلامية التكفيرية عن العمل السياسي بعد نهضة تونس الغنوشي وإصلاح اليدومي وتوكل كرمان .
منذ أشهر أعلن إعلام العدو الإسرائيلي بأن حركة حماس الإخوانية أبلغت إسرائيل عبر وسيط قطري بأنها ألقت القبض على مطلقي الصواريخ من غزة على جنوب فلسطين المحتلة، وما قبله شاهدنا عبر التلفاز وبالصورة سيارة تتبع حركة حماس في غزة تدهس مجاهدين من حركة الجهاد الإسلامي أثناء التحضير لإطلاق صواريخ على الكيان الصهيوني، بل انها حماس الإخوانية، لا حماس الخنادق القائد القسامي محمد الضيف، وحماس الأردوغانية تدمر الوطن المصري والسوري أثناء ربيع بني صهيون، وإعلام حماس الخيانة ينال من دمشق وصنعاء التي احتضنتهم إعلامياً وسياسياً وعسكرياً واجتماعياً ..الخ
إنهم إخوان الإنجليز واليهود والعلمانية الجديدة، العلمانية الماسونية الغربية إنتهت إلى الثورة الجنسية الإباحية والتي يروجها ويسوقها قنوات الخليج خاصة السعودية والإمارات قنوات الأفلام والأغاني والمساج واكثر من ذلك فتاوى مشائخ الإسلام السعودي، والتي بثت بالصوت من على أثير إذاعة صنعاء “برنامج يمن الصمود” فالشيخ القرضاوي أفتى بجواز لبس الفتاة المسلمة ملابس السباحة والمايوه في أوروبا ولا مانع لديه من ظهور اجزاء من صدرها، والشيخ السلفي الآخر يفتي بجواز أن يُقـبّـِل الموظف زميلته في العمل، والشيخ الزنداني يفتي بجواز زواج بوي فرند زواج المسيار، متناسياً بأن الزواج الإسلامي سكن وأسرة وأخلاق .
إخوان ومشائخ باعوا الأوطان والأعراض وبذلك لا نستغرب علمانية الغنوشي واليدومي وتوكل الجديدة والتي يشفق المتابع لمحاولاتها المتناقضة لإقناع قواعد حزب الإصلاح بترك الدين والانطلاق نحو السياسة بمغازلة عريضة للدين حتى يتم التنويم المغناطيسي تدريجياً لجمهورها التكفيري بالأفكار الوهابية، تنويم مغناطيسي لطالما أستخدمه إخوان اليمن عن طريق توكل كرمان، فهي التي عبّدت الطريق للعدوان قبل أسبوع من قيامه على اليمن، فكانت استطلاعات عن طريق توكل جس النبض وتهيئة الأدمغة لتقبل العدوان، وكانت أسئلتها من نوع “هل تؤيد قيام تحالف عربي لإستعادة الشرعية”، وكانت بحق قائدة فيلق مواجهة المد الإيراني والعاصمة محتلة وانتهى الإسلام وانتهت العروبة -هلم جرا- دغدغة مشاعر وتهييج الأثوار التكفيرية، ولعب على مفردات خطيرة لعبت دورها الأخطر فيما بعد .
علمانية بالتأكيد رفضها البعض من الإخوان ومصيره جنازة محترمة تليق بالفقيد الإخواني الذي إنتقل إلى جوار ربه بعد أزمة قلبية أو سكته دماغية أو وعكة صحية وحتى نزلة برد أنفلونزا شديد في حر الصيف القائظ، جنازة يُذكر فيها مناقب المجاهد الإخواني الكبير، الذي أقام شرع الله بتقطيع الأيدي والأرجل ومن خلاف للفقراء، فقراء الشعب السوداني الطيب، وترك الأغنياء ناهبي خيرات وثروات البلاد والعباد، مجاهد أعلن الجهاد ولسنين عدة على جنوب السودان، وفجأة يقبل بتقسيم السودان لصالح إسرائيل، مجاهد جاهد في أفغانستان وأقام إمارة أفغانستان تحت راية المخابرات الأمريكية، مجاهد دعم وشرعن ربيع بني صهيون وأرسل الجنجويد لليمن، مجاهد على الطريقة السعودية الوهابية، وبنهاية الجهاد الطويل جداً وفجأة تم وضع جهاد فصل الدعوة عن السياسة أمامه، ولربما صحا ضميره بنهاية المطاف فكانت أزمة قلبية وجنازة عظيمة للفقيد الإخواني الكبير الدكتور “حسن الترابي” زعيم الجبهة القومية الإسلامية الإخوانية، عرّاب ومُشرعن الانقلابات العسكرية الأمريكية على الطريقة الإسلامية السعودية في السودان، إنقلاب النميري ثم إنقلاب حسن عُمر البشير، ومات المجاهد عاش المجاهد الإخواني، وقد نشهد في الزمن القادم رحيل مجاهد إخواني آخر كبير بأزمة قلبية أخرى أو ما شاكل، على ذمة العلمانية الماسونية، أو الجنازة العظيمة.
والعلمانية الإخوانية لن تكون وحيدة في الميدان العربي فهناك علمانية أمريكا الصهيونية بالتقسيم المناطقي والطائفي، فيدرالية على نمط الدستور الأمريكي، فيدرالية أنور عشقي وخاشقجي وحتى محمد بن سلمان وشوقي هائل سعيد وضاحي خلفان، وما بعد فيدرالية الأستاذ والمناضل المخضرم علي سالم البيض فيدرالية اتحاد الجنوب العربي !
هكذا ثلاثة مشاريع وهمية الأول ولد ميتاً هو الخلافة الإخوانية والثاني العلمانية الماسونية والثالث العلمانية الفيدرالية، أحصنة طروادة للمشروع الصهيوني “إسرائيل الكبرى” ونهب النفط والغاز، ولميدان المقاومة كلام وفعل آخر، إن شاء الله .
بقلم الكاتب/ جميل أنعم