المشهد اليمني الأول/
اقترحت “إسرائيل” على إدارة ترامب عدة مرات في العام الماضي إبرام صفقة ثلاثية بينها وبين الولايات المتحدة والمغرب، يعترف الأمريكيون بموجبها بالسيادة المغربية في الصحراء الغربية مقابل خطوات تطبيعية مهمة من قِبل حكومة الرباط تجاه “تل أبيب“.
التفاصيل التي كشفت عنها مساء أمس القناة الـ 13 – وصلت من محادثات بين ثلاثة مصادر إسرائيلية وأمريكية مطلعة على القضية.
بداية القضية كانت قبل حوالي عام ونصف. في أيلول/سبتمبر 2018، عندما ألقى نتنياهو خطابه السنوي أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، حيث قال إنه “في أعقاب تزايد قوة إيران، الصفقة بين “إسرائيل” ودول عربية كثيرة أكثر قربًا من أي وقت آخر. قرب في الألفة والصداقة أكثر من أي وقت، والذي لم أشهده طوال حياتي ولم أكن أتخيّله قبل عدة سنوات“.
خلال فترة ولاية نتنياهو كرئيس للحكومة، تعزز التحالف السري بين “إسرائيل” وجزء من الدول العربية “السنية” بشكل كبير؛ لكنه بقيَ تحت الطاولة. الكلام الذي قاله نتنياهو في خطابه طُبّق بعد يوم من ذلك، حين التقى سرًا، على هامش الجمعية العامة في الأمم المتحدة بنيويورك مع وزير خارجية المغرب ناصر بوريطة.
اللقاء في نيويورك كان نتيجة لقناة اتصالات سرية أجراها مستشار نتنياهو للأمن القومي مائير بن شابات، ومساعده الملقّب بـ “ماعوز” مع وزير الخارجية المغربي.
هذه القناة السرية تشكّلت من وراء رئيس الموساد يوسي كوهن، وحين تم اكتشافها بدأت حروب اليهود. مسؤولون في الموساد ادعوا حينها بأن أفراد الأمن القومي في مكتب رئيس الحكومة يتجاهلونهم ويقيمون قنوات علاقات غير منسّقة مع دول عربية.
وبحسب مسؤولين إسرائيليين، حرب الصلاحيات بين الموساد وهيئة الأمن القومي حول مسألة الرباط وصلت إلى مكتب نتنياهو، الذي حسم الأمر لصالح مستشاره بن شابات.
وذكر مسؤولون إسرائيليون أن بن شابات وماعوز أرادا استغلال العلاقات القوية بين “إسرائيل” وإدارة ترامب من أجل التوصّل لتسوية في العلاقات مع الرباط، وقد توجها إلى مسؤولين في الإدارة الأمريكية وطلبا مساعدتهم.
اعتقد الاثنان بأن الولايات المتحدة تستطيع أن تقدم مساعدة في قضية سياسية حساسة موهمة جدًا للحكومة المغربية، ألا وهي الاحتلال المغربي للصحراء الغربية.
ووفق مسؤولين إسرائيليين، بن شابات اقترح على الأمريكيين إبرام صفقة ثلاثية بين “إسرائيل” والولايات المتحدة والمغرب. تفاصيل الاقتراح وصلت على ما يبدو أيضًا للمغربيين. في سياق الصفقة، ستُغير الولايات المتحدة سياسات وتعترف بالسيادة المغربية في الصحراء الغربية. في المقابل، ستعزز الرباط إجراءات التطبيع مع “إسرائيل“.
وأشار مسؤولون إسرائيليون إلى أن الجميع مفترض أن يستفيد من الصفقة الملك محمد السادس سيحقق إنجازًا سياسيًا تاريخيًا، ترامب الذي سيحصل على الثمن الأقل نسبيًا، يستطيع أن يلوح بإنجاز تعزيز العلاقات بين “إسرائيل” والدول العربية، ونتنياهو سيحظى بزيارة علنية مؤثرة في المغرب ولقاء إعلامي مع الملك، إذا أمكن قبل فترة قصيرة من الانتخابات ، وذلك لكسب أكبر عدد من الناخبين.
نتنياهو حاول تعزيز الصفقة المغربية أمام الإدارة الأمريكية قبل الانتخابات في نيسان/أبريل من العام الماضي، لكن تفاصيل زيارة بن شابات للمغرب تسربت للإعلام العربي وأُحبطت هذه الخطوة. هذا الإقتراح طُرح مجددًا قبل الانتخابات في أيلول/سبتمبر، لكن مستشار الأمن القومي لترامب في تلك الفترة جون بولتون عارضه بشدة وأفشله.
نتنياهو لا يزال يواصل محاولة إتمام الصفقة المغربية حتى الآن. حسب وسائل إعلام أجنبية، في الأسبوع الماضي أُبرمت صفقة بين “إسرائيل” والمغرب لتزويد الأخيرة بثلاث طائرات بدون طيار لجمع معلومات استخباراتية في الصحراء الغربية. “تل أبيب” لم تؤكد ذلك. الآن بقي أن نرى إذا كانوا في القصر الملكي سيردون على توسلات نتنياهو أو سينتظرون نتائج انتخابات الكنيست، وربما الحكومة الجديدة.